من الأسباب الجالبة للرزق أن يعرف الإنسان قدر مقام المنعم عليه فيقوم بشكره والثناء عليه بما هو أهله مع تصور النعمة وإظهارها، فالشكر مكافأة النعمة بقدر الاستحقاق.

والعبد مع نعم الله عليه الكثيرة المتواترة (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ) ما علم منها وما لا يعلم وإن تعدوا... كان لزاما عليه أن يتعرف بقدر نعمة الله عليه باللسان والجوارح.

فمن شكر الله مظهرا لنعمه ومقرا بفضله خاضعا بلسانه وجوارحه فتح الله له أسباب الرزق وزاده من الخير والفضل قال سبحانه: “وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ”، فالشكر هو الحافظ والجالب، هو الحافظ للنعم الحالية، والجالب للنعم المستقبلية. قال جل وعلا: “ وَرَزَقَكُم مّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ”.

 

والناظر في مقام الشكر يدرك عظمة مقامه فقد قرن سبحانه الشكرَ بالإيمان به فقال: “مَّا يَفْعَلُ ٱللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَءامَنْتُمْ”. وأبان سبحانه أن رضاه في شكره:”وَإِن تَشْكُرُواْ يَرْضَهُ لَكُمْ “. وأن الشاكر عابد لله قائم بحقه قال سبحانه” ٱشْكُرُواْ للَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ” فكان الانبياء والمرسلون أكثر الناس شكرا لله وأعرفهم به قال الله عن نبيه نوح:” ذُرّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا”، وقال إبراهيم عليه السلام لقومه: فَٱبْتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرّزْقَ وَٱعْبُدُوهُ وَٱشْكُرُواْ لَهُ “

 

وأمر الله به داود فقال: “ٱعْمَلُواْ ءالَ دَاوُودَ شُكْرًا”، وأمر الله رسوله محمدًا بالشكر فقال: بَلِ ٱللَّهَ فَٱعْبُدْ وَكُن مّنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ “.

ويوصي النبي صلى الله عليه وسلم معاذا رضي الله عنه: “يا معاذ، أني أحبُّك، فلا تدعنّ أن تقول دبرَ كلّ صلاة: اللهم أعنِّي على ذكرك وشُكرك وحسن عبادتك”، رواه أحمد.

ويقول الفضيل بن عياض رحمه الله: “عليكم بملازمة الشكر على النعم، فقلَّ نعمةٌ زالت عن قوم فعادت إليهم”.

ولمقام الشكر وفضله جعل إبليس مرامه إبعاد الناس عنه قال الله عنه: “ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَـٰنِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَـٰكِرِينَ”.

ولذا كان أكثر الناس لا يشكرون قال سبحانه :”إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ”.

فمن أراد السعادة في الدنيا والآخرة وأن يهنأ في عيشه ويزيد ماله ويبارك له في أهله وعقبه فليشكر الله قولا وعملا، فقولا أن يلهج اللسان بالحمد والشكر إذعانا وخضوعا واعترافا وأن تقوم الجوارح بالانقياد لأمر الله تعالى في فعل الطاعة واجتناب المعصية. فمن صلى وصام وزكى وذكر الله وباع واشترى بما أباح الله له وعامل الناس بالحسنى فقد شكر. ومن ترك طاعة الله أو قصر وتغافل ولم يراقب الله في بيعه وسرائه وفي كسب ماله وأساء وظلم في تعامله مع الناس فما عرف الشكر لله ولم يقم بحقه.

فالشكر هو الحافظ للنعم الموجودة، والجالبُ للنعم المفقودة، يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: “ النعمة موصولةٌ بالشكر، والشكر يتعلّق بالمزيد، ولا ينقطع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر”.

طالب الشحي

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 59 مشاهدة
نشرت فى 9 أغسطس 2012 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,191,244