من الخطب المعروفة خطبة ألقاها زياد بن أبيه الذي يعد من بلغاء العرب المعروفين، وقد سميت هذه الخطبة بالبتراء لأن زياد بن أبيه لم يبدأ بها بحمد الله والثناء عليه، بل دخل في الوعيد فقال:
أما بعد: فإن الجهالة الجهلاء والضلالة العمياء والغيّ الموفى بأهله على النار ما فيه سفهاِؤكم، ويشتمل عليه حلماؤكم من الأمور العظام ينبت فيه الصغير ولا ينحاش عنها الكبير كأنكم لم تقرْوا كتاب الله ولم تسمعوا ما أعد الله من ثواب الكريم لأهل طاعته والعذاب الأليم لأهل معصيته في الزمن السرمدي الذي لا يزول، أتكونون كمن طرفت عينه الدنيا وسددت مسامعه الشهوات واختار الفانية على الباقية ولا تذكرون إنكم أحدثتم في الإسلام الحدث الذي لم تسبقوا إليه من ترككم الضعيف يقهر ويؤخذ ماله، ما هذه المواخير المنصوبة والضعيفة المسلوبة في النهار المبصر والعدد غير قليل ألم تكن منكم نهاة تمنع الغواة عن دلج الليل وغاره النهار؟! قربتم القرابة، وباعدتم الدين تعتذرون بغير العذر، وتغضون على المختلس النكر أليس كل امرئ منكم يذب عن سفيهه ؟! صنيع من لا يخاف عاقبه من لا يرجو معادا .. حرام علي الطعام والشراب أسويها بالأرض هدماً وإحراقاً، أنى رأيت أنا هذا الأمر لا يصلح إلا بما صلح به أوله لين في غير ضعف وشده في غير عنف وإني لأقسم بالله لآخذن الوالي بالمولى والقيم بالظاعن والمقبل بالمدبر والمطيع بالعاصي والصحيح منكم في نفسه بالسقيم حتى يلقى الرجل أخاه فيقول: انج سعداً فقد هلك سعيد أو تستقيم قناتكم، وقد أحدثتم إحداثاً وأحدثنا لكل ذنب عقوبة فمن غرق قوماً أغرقناه ومن أحرق قوماً أحرقناه ومن نقب نقبنا عن قلبه، ومن نبش قبراً دفناه فيه حياً، فكفوا عني أيديكم أكفف عنكم يدي ولساني ولا تظهر على أحد منكم ريبة بخلاف ما عليه عامتكم إلا ضربت عنقه.
جبران خليل جبران:
هل ذاد عن أم اللغات ابـــن لها
كذيادك الحــــــر البليغ المفحم
أو هــل أذاب سواك من تدقيقه
فيها سويــــــــداء الفؤاد المغرم
ليس المتيم فاتــــــه دون المنى
جهــــــــد يبلغـــــه المنى بمتيم
صدق الحكيم ولـــو تراءى لفظه
للحس أبصرتم نظافـــــا من دم
أفمـــا شعرتــم أنـــــه متكلــــم
بلســـان مفطور الفؤاد مكلــــم
يا أمتي إن الهدى كـــــل الهدى
في ذلك الصوت البعيد المهـــم
ساحة النقاش