هشام أحناش (أبوظبي) - يقول خبير الغذاء والتغذية الدكتور محمد الفايد إن شهر رمضان من المنظور الكوني هو فرصة ذهبية لكل إنسان ليتخلص مما تراكم في جسمه من زوائد وسموم طيلة أحد عشر شهراً، وإن الأصل فيه هو الإقلال من الشراب والطعام، وليس التهافت عليهما كما يفعل الكثير من الناس. وصيام ثلاثين يوماً من هذا المنطلق هو فرصة لا تعوض كل سنة لإنقاص الوزن، ولذلك يحبذ لكل شخص أن يقيس وزنه قبل رمضان وبعده حتى يعرف كم من الكيلوجرامات استطاع إنقاصها. أما إن زاد وزنه في رمضان، فليعلم أن صيامه لم يكن صياماً كونياً، بل إنه قام فقط بتغيير توقيت وجباته الغذائية من نهارية إلى ليلية.

تقليل الوجبات

يوضح الفايد “عند التحدث مع بعض الناس حول إنقاص الوزن، فإنك تجد غالبيتهم يتصورون أن السبيل لتحقيق ذلك هو تجويع النفس وتقليل الوجبات قدر المستطاع، ومن يستطيع اختزال ثلاث وجبات إلى وجبتين، فقد حقق المراد، وهذا الأمر متاح تماماً في رمضان من خلال وجبتي الفطور والسحور. ومن المعروف لدى خبراء التغذية أن الجسم يكون مستعداً طوال النهار لبذل أي طاقة يتطلبها هضم الأكل بفضل الأنزيمات التي يفرزها تناسباً مع شروق الشمس وضوء النهار، لكنه يتوقف عن إفراز هذه الأنزيمات ليلاً فيكون مستعداً فقط لتناول الأطعمة التي لا يتطلب هضمها جهداً كبيراً مثل الفواكه والخضراوات والماء”. ويقول إن اغتنام وجود الأنزيمات المساعدة على الهضم أكثر هي السبب الكامن وراء الحديث الشريف “ما زالت أمتي على خير ما عجلوا الفطور وأخروا السحور”. فهو يرى أن الجسم يستفيد أكثر من وجبة الإفطار إن عجل بتناولها، ومن وجبة السحور إن أخرت إلى لُحيظات قليلة قُبيل شروق الشمس حيث تكون أنزيمات الهضم بدأت في العمل. ويضيف الفايد أن الحلويات والمقليات والمعلبات من أكثر الأطعمة التي تضر بمعدة الصائم، في حين أن المأكولات الطبيعية من تمر وتين وشوربات مطبوخة بالمنزل وماء وفواكه وخضراوات نيئة أو مسلوقة أو مبخرة هي الأفضل للمعدة.

 

وقام باحثون من جامعة كورنيل بدراسة شملت مجموعةً من الطلبة الأميركيين لمعرفة آثار الصوم على اختياراتهم الغذائية وأي الأطعمة أكثر شعبيةً لديهم. فطلبوا منهم أن يصوموا مدة 18 ساعة. وبعد إتمامهم هذه المدة صوماً عن الطعام والشراب، قدموا لهم “بوفيهاً” شمل خبزاً وأصابع بطاطس مقلية، ودجاجا، وجبنا، وجزرا، وفاصوليا خضراء ومشروبات.

 

وعند محاولة الباحثين معرفة أي من الأطعمة أكثر شعبيةً في صفوف الطلبة، وجدوا أنهم يُقبلون أكثر على الأغذية الغنية بالنشويات، مثل الخبز وأصابع البطاطس المقلية، ولاحظوا أنهم اكتسبوا معظم سعراتهم الحرارية عبر تناول مثل هذه الأطعمة النشوية، بينما بقيت الخضراوات دون أن تطالها الأيدي، وتبين أنها الأقل شعبيةً لدى الطلبة. وسجل الباحثون أن الطلبة المشاركين كانوا يلتهمون كل ما يضعونه في طبق الأكل.

أطعمة سيئة

قبل أن ينتقل الباحثون إلى التذكير باللازمة الشهيرة “الأغذية الغنية بالكربوهيدرات هي أطعمة سيئة”، قرروا أن يلجؤوا إلى المقارنة بين الواقع والنظرية. فالجميع يعلم أن الأطعمة النشوية تحتوي على كثافة طاقية عالية، ما يعني أن محتوى السعرات الحرارية فيها يكون عالياً قياساً إلى كمية الطعام.

وعندما يشعر جسمك بالجوع على سبيل المثال، فذلك يرجع لكونك حرمته من الأكل مدةً معينةً، ومن ثم فإن الاختيارات التي قام بها هؤلاء الطلبة بمجرد الإذن لهم بالأكل هي اختيارات مبررة. فكل واحد منهم تناول سعرات حرارية كثيرةً بدافع من دماغه وجسمه اللذين يقولان له “كُل إلى حد الشبع وخزن ما استطعت استعداداً لصوم اليوم التالي”.

ومن جهة أخرى، فإن الخضراوات تحتوي على كثافة طاقية أقل. إذ يمكنك أن تتناول الطبق تلو الطبق دون أن تشعر بالامتلاء نظراً لأن السعرات الحرارية التي تحويها الخضراوات منخفضة نسبياً. ولكن ماذا عن الدجاج والجبن؟ وما هو الدور الذي يلعبه البروتين؟ لاحظ الباحثون أن الدجاج والجبن حلا في المركز الثاني من حيث الأطعمة المختارة بعد الأغذية النشوية. وتتميز البروتينات غير الدهنية من قبيل الدجاج منزوع الجلد بكثافتها الطاقية المعتدلة.

ويقول الباحثون إنه حينما ينتابك الشعور بالجوع عندما تكون صائماً، ففكر أكثر في الخضراوات والفواكه واجعلها مركز اهتمام شهوة بطنك. ولا تتبع ما يُمليه عليك دماغك المحروم من الكربوهيدرات وتجعله يوجه قرارك ويؤثر عليه، فهو يرغب دوماً في أسرع الحلول، وسيُفضل طبعاً الكربوهيدرات باعتبارها مصدر الوقود والطاقة بالنسبة له، وليكن قرارك الوحيد هو اختيار طعام صحي لا غير.

ولا شك أن جميع المأكولات والمشروبات بمختلف أنواعها تلعب دوراً في إشباع الجوع وإرواء العطش. ولذلك فإن قيام الإنسان باختيارات ذكية هو أحد مفاتيح التمتع بصحة أفضل. فعندما تُغير قراراتك الغذائية وتخص الخضراوات والفواكه بمعاملة تفضيلية في شهر الصيام، فلا ريب أنك ستلحظ فرقاً كبيراً بين كمية الأكل التي تتناولها ونوعية الامتلاء الذي تشعر به ومدى شعورك بالرضا عن لياقة بدنك. كما أنك تسمح لبدنك بالتخلص من كل السموم والزوائد التي راكمها في الأيام الخالية، وتجعل خلاياه أكثر قابليةً للتجدد.

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 69 مشاهدة
نشرت فى 4 أغسطس 2012 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,305,876