طالب الشحي
يبني الإسلام في نفوس متبعيه أخلاقا عالية وصفات جميلة حتى يكون في مجتمعه أنموذجا للإنسانية تحب الخير وتسعى إليه وتكره الشر وتبتعد عنه، ومن أهم ما يبني الإنسان في نفسه من المثل والقيم علاقته بأسرته ورحمه من والدين وزوجة وأبناء ومن اتصل به من نسب، ولذا جاءت آيات وأحاديث مرغبة بصلة الأرحام وبأهمية الأسرة وكيفية اتصالها وتماسكها، فمن ذلك قوله تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ.
وعن أبي هريرة عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال إنّ اللّه خلق الخلق حتّى إذا فرغ من خلقه قالت الرّحم: هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال نعم أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك قالت بلى يا ربّ قال فهو لك قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فاقرؤوا إن شئتم “فهل عسيتم إن تولّيتم أن تفسدوا في الأرض وتقطّعوا أرحامكم”.
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن صلة الرحم شعار الإيمان بالله واليوم الآخر: فعن أبى هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه”. كما أن الإساءة إلى الرحم جريمة وفاعلها موصوف أنه من الخاسرين قال الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ. وعن أبي بكر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه بالعقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم”.
وحتى يكون المؤمن قائما بحق الرحم جاءت النصوص الشرعية مرغبة بصلة الأرحام فمن ذلك: أن واصل الرحم يكفيه شرفه ونعمة أن الله يصله كما سبق في حديث البخاري، وأنه مشهود له بالإيمان. ومبرأ من صفة الخاسرين. ومحفوظ من العقوبة والطرد من رحمة الله. وأن الله يبارك له في عمره وأهله وماله فعن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول من سرّه أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه.
وفي صحيح ابن حبان عن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أعجل الطاعة ثوابا صلة الرحم حتى إن أهل البيت ليكونوا فجرة فتنمو أموالهم ويكثر عددهم إذا تواصلوا وما من أهل بيت يتواصلون فيحتاجون. وروى البزار عن علي رضي الله عنه قال: من سرّه أن يمدّ له في عمره ويوسّع له في رزقه ويدفع عنه ميتة السّوء فليتّق اللّه وليصل رحمه. فهذه النصوص تبين أن من أسباب الغنى والرزق صلة الرحم وأنها جالبة لكل خير فلربما البعض يخشى من صلة الرحم تحمل عبأ الوصال من بذل المعروف وتحمله ماليا وجسديا. فكانت هذه النصوص الشرعية مبينة أن صلة الرحم جالبة للبركة في العمر والمال ونامية لهما.
وللحديث بقية
ساحة النقاش