طالب الشحي
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “تصدق على مولاة لميمونة بشاة، فماتت، فمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: هلا أخذتم إهابها، فدبغتموه، فانتفعتم به؟ فقالوا: إنها ميتة، فقال: إنما حرم أكلها “رواه مسلم
يبين صلى الله عليه وسلم هنا أمراً عظيماً في حياتنا، وهو أن الإنسان عليه أن يسعى في جلب المنافع بكل السبل المتاحة واستغلال ما يمكن الانتفاع به.
ويشير لنا إلى أهمية استعمال الفكر الصحيح في جلب المصالح وهذا ما أشارت إليه الآية القرآنية قال تعالى -: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} ويقول سبحانه {هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا}. فديننا العظيم يوجه الإنسان إلى أن يبدع في حياته لجلب منافعه مع الاستعانة بالله سواء ما كان متعلقا بآخرته أو دنياه ولذا جاءت النصوص الدالة على أهمية العمل إذ بالعمل يبدع الإنسان. ولو بقي حبيس نفسه وبيته فلن يصل إلى تحقيق الاستخلاف في الكون.
ومن الإبداع ما وجه الرسول صلى الله عليه وسلم إليه من أهمية الغرس والزراعة مع الإشارة إلى إعمال الذهن إلى الأجر المترتب من الغرس يقول صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يزرع زرعًا، أو يغرس غرسًا، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة، إلا كان له به صدقة) ، ويوجه إلى السعي في أنواع الحرف: (ما أكل أحد طعامًا قطُّ خيرًا من أن يأكل من عمل يده)، كل ذلك ليفتح باب الإبداع في الكسب.
ومما ينبغي التنبيه إليه ما يظنه البعض أن الإبداع أمر عظيم لا يقوم به إلا فئة قليلة تميزوا بذكاء خارق.
ولو نظرنا إلى تعريف الإبداع لرأينا أنه استنباط فكرة جديدة مهما كان نوعها أو حجمها وما أجمل من قال عن المبدعين: (هم الأشخاص الذين لا يعيقون طاقة الإبداع الفكرية ويوجهون قدراتهم في مختلف جوانب الحياة). فكل شخص يمكنه أن يكون مبدعًا طالما تهيأت له أسباب الإبداع والجو المناسب للإبداع .
وقد تتكون بعض العوائق أمام طريق من أراد الإبداع فمن ذلك:
الخوف من الفشل، فالبعض يضع أمامه كل احتمالات الفشل عند أي مشروع أو عمل أو يحكم على بالفشل وعدم المقدرة قبل الشروع في العمل.
ومن ذلك، اتباع قواعد غير صحيحة أو يستشير من لا علم ولا خبرة لديه بعمله أو مشروعه وربنا يقول (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).
الشعور بالإحباط عند أول خطأ أو إخفاق فيقف المريد للخير مستسلما معلنا فشله. فهنا نقول له ليست المشكلة في الخطأ ولكن المشكلة الاستمرار في الخطأ أو عدم الاستفادة من الإخفاق أو أخذ العبرة والعظة من السبب المؤدي إلى الخطأ.
اعلم أخيرا أنك إن توكلت على الله تعالى وأخذت بالأسباب فستوفق لما ترنو إليه بإذن الله تعالى.
طالب الشحي
ساحة النقاش