طالب الشحي

سنتناول اليوم سبباً من أسباب الغنى والسعادة يجلب الخير ويدفع الضر وما أجمل قول ابن رجب وهو يصف ما نريد بيانه “وأمَّا السمعُ والطاعةُ لوُلاة أمور المسلمين، ففيها سعادةُ الدنيا، وبها تنتظم مصالح العباد في معايشِهم، وبها يستعينون على إظهار طاعة ربِّهم”.

وقد جاءت النصوص الشرعية من الكتاب والسنة في وجوب طاعة ولاة الأمور لما يترتب عليه قيام المصالح للفرد والمجتمع من أمن واستقرار ورغد عيش وانتظام حال، والناظر في التاريخ ليرى ذلك واضحا جليا، كل شر وقع من قتل وسفك للدماء وضياع للديار والأموال والأعراض كان سببه الخروج على ولاة الأمر وعدم طاعتهم.

قال الله عزَّ وجلَّ: يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا ٱللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِى ٱلْأَمْرِ مِنكُمْ، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “عليك السمعَ والطاعةَ في عُسرِك ويُسرِك، ومَنشَطِك ومَكرَهِك، وأثرَةٍ عليك” رواه مسلم مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

 

وروى مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه قال: “إنَّ خليلي أوصاني أن أسمعَ وأُطيعَ، وإن كان عبداً مُجَدَّعَ الأطْرافِ”.

 

وقال صلى الله عليه وسلم: “مَن رأى مِن أميره شيئاً يكرهُه فليصبر عليه؛ فإنَّه مَن فارق الجماعةَ شِبراً فمات، إلاَّ مات مِيتةً جاهليَّة”.

وروى النَّسائي عن جرير رضي الله عنه قال: “بايعْتُ النَّبِيَّ رضي الله عنه على السَّمع والطَّاعة، وأن أنصح لكلِّ مسلمٍ”.

واخرج البخاري ومسلم واللفظُ له، عن أبي هريرة عن النَّبيِّ رضي الله عنه قال: “مَن أطاعني فقد أطاع اللهَ، ومَن يعصِني فقد عصى اللهَ، ومَن يُطع الأميرَ فقد أطاعني، ومَن يعصِ الأميرَ فقد عصاني”.

كما تضافرت أقوال العلماء الربانيين العارفين في بيان هذا الأصل العظيم فمن ذلك:

يقول سهل بن عبدالله التستري: “لا يزالُ النَّاسُ بخيرٍ ما عظَّموا السلطانَ والعلماءَ، فإذا عظَّموا هذين أصلح اللهُ دنياهم وأُخراهم، وإذا استخفُّوا بهذين أفسد دنياهم وأُخراهم”.

وقال الطحاوي في عقيدة أهل السنَّة والجماعة: “ولا نرى الخروجَ على أئمَّتِنا ووُلاة أمورنا وإن جاروا، ولا ندعو عليهم، ولا نَنْزِعُ يداً مِن طاعتهم، ونرى طاعتَهم مِن طاعة الله عزَّ وجلَّ فريضة، ما لم يأمروا بمعصيةٍ، وندعو لهم بالصّلاح والمعافاة”. العقيدة مع شرحها لابن أبي العزّ (ص 540).

وقال الإمام أحمد “ولا يحلُّ قتالُ السلطان ولا الخروجُ عليه لأحدٍ مِن النَّاس، فمن فعل ذلك فهو مبتدعٌ على غير السنَّة والطريق”.

ومن واجب الاعتراف بالفضل بيان ما نحن فيه من فضل الله علينا أن منَّ علينا بحكام نحبهم ويحبوننا وندعوا لهم ويدعون لنا ولا ينكره إلا جاحد مريد للشر والفتنة قد طمس الله على قلبه

قال صلى الله عليه وسلم “خِيَار أَئِمَّتكُمْ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ”، (رواه مسلم).

قال الفضيل بن عياض: “لو أنَّ لي دعوةً مستجابةً ما جعلتُها إلاَّ في السلطان، قيل له: يا أبا عليّ! فسِّرْ لنا هذا، قال: إذا جعلتُها في نفسي لم تعْدُنِي، وإذا جعلتُها في السلطان صلح، فصلح بصلاحه العبادُ والبلاد، فأُمرنا أن ندعوَ لهم بالصَّلاح، ولم نؤمر أن ندعو عليهم”.

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 53 مشاهدة
نشرت فى 28 يوليو 2012 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,306,289