أحمد محمد ـ “المهيمن” اسم من أسماء الله الحسنى ومعناه المسيطر، ويجمع هذا الاسم بين علمه التام وقدرته الشاملة ورحمته الواسعة فالحق سبحانه وتعالى مهيمن على كونه منذ لحظة خلقه وهيمنته مستمرة إلى أن تقوم الساعة، فينال كل عامل جزاء عمله وهذه الهيمنة الإلهية لها صور وآثار لا تحصى منها أن كل شيء يحدث في الكون بأمره ومشيئته، وأمر الله لا يقف دونه حائل، وهذا من مقتضيات الهيمنة كما قال عز وجل: “والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون” “يوسف ـ 21”.

واسم الله المهيمن يدل على ذات الله وعلى صفة الهيمنة أي الإحاطة والحفظ والعلو مع العلم والقدرة والقهر كما يدل باللزوم على الحياة والقيومية والسمع والبصر والقدرة والصمدية والكبرياء والعظمة والغنى والعزة وكل ما يلزم لمعنى الهيمنة.

وورد اسم الله “المهيمن” في القرآن الكريم في موضع واحد وهو في قوله تعالي: “هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون” “الحشر:23”.

ملك العرش

المهيمن في اللغة اسم فاعل للموصوف بالهيمنة والهيمنة على الشيء السيطرة عليه وحفظه والتمكن منه، والله هو المهيمن على عباده فهو فوقهم بذاته له علو القهر والشأن، وهو ملك على عرشه لا يخفى عليه شيء في مملكته يعلم جميع الأحوال ولا يعزب عنه شيء من أعمالهم وهو القاهر فوقهم وإن تركهم أو ترك بعضهم مع ظلمهم وكفرهم فذلك لحكمته فيما هم فيه مبتلون وهو عز وجل محيط بالعالمين مهيمن بقدرته على الخلائق أجمعين.

وقال آخرون إن المهيمن هو الشهيد على خلقه بما يكون منهم من قول أو عمل والهيمنة هي القيام على الشيء والرعاية له، وهو الرقيب أو الشاهد، الحافظ لكل شيء، المبالغ في الرقابة والحفظ، أو المشاهد العالم بجميع الأشياء، بالسر والنجوى، السامع للشكر والشكوى، الدافع للضر والبلوى، وهو الشاهد المطلع على أفعال مخلوقاته، الذي يشهد الخواطر، ويعلم السرائر، ويبصر الظواهر، وهو المشرف على أعمال العباد، القائم على الوجود بالحفظ والاستيلاء هو القائم على خلقه بأعمالهم وآجالهم وأرزاقهم.

ودلل العلماء على إن المهيمن هو الشاهد، استنادا لقوله تعالي: “ومهيمنا عليه” أي شاهدا، فهو تعالى الشاهد على خلقه بما يكون منهم من قول أو فعل، وقيل هو الرقيب على الشيء والحافظ له، وقيل هو الأمين القائم على كل نفس بما كسبت يقدرها على الكسب، ويخلقها ويرزقها ويحفظها ويجازيها على عملها وهو حافظ لا يغفل.

القدرة التامة

والمهيمن أيضا هو الذي أحاط بكل شيء من كل وجه مثل حديث البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: “إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن ثم قل اللهم أسلمت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت، فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة واجعلهن آخر ما تتكلم به”.

ومن آثار هيمنته في الكون أن كل شيء يحدث بأمره ومشيئته، وأمره لا يقف دونه حائل، يعلم كل صغيرة وكبيرة فيه ويتولى كونه بالرعاية والحفظ حتى يظل على ما هو عليه من ثبات ونظام محكم دقيق.

ومن لوازم اسم الله المهيمن القدرة التامة على تحقيق كل المصالح علما وقدرة، وصفة المواظبة والاستمرار وأنه يعلم ولا نهاية لعلمه ولا يخفى عليه شيء، فالله يعلم ما كان وما يكون وما سيكون، يعلم السر وما يخفى، والجهر والعلن.

ودعاء العبادة باسم الله المهيمن أن يتقي المسلم ربه في قوله وفعله لعلمه أن الله مهيمن رقيب مطلع على سره، وأنه سبحانه لا يمنعه حجاب ولا ستر أن يرى عبده حال ذنبه ويجازيه على صنعه، وأنه سيعاقب كل ظالم على ظلمه في العاجل قبل الآجل وربما رأى العاصي سلامة ماله وبدنه فظن أنه لا عقوبة لكن الله يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته.

ومن ثم فإن الموحد لله في اسمه المهيمن يصدع بالحق ولا يخاف في الله لومة لائم فيدفعه ذلك إلى أن يتعزز بعزة الله ويعمل على مرضاته ويستعين به دون غيره.

ومن دعاء العبادة أيضاً أن المسلم الذي رفعه الله بالسلطان على العباد وتولى أمورهم فهيمن عليهم يجب عليه أن يتقي المهيمن ويخافه فيهم وأن يرفق بهم ولا يشق عليهم.

سبحانه لا يعجزه شيء

يرى العلماء والمفسرون أن من معانيه القائم على خلقه والذي يحكم سيطرته بشكل تام على ما نراه وما لا نراه، وعلى ما ندركه وما لا ندركه، وعلى ما نعلمه وما لا نعلمه، ومعناه أيضاً المحيط بالعالمين، مهيمن بقدرته على الخلائق أجمعين، وهو على كل شيء قدير، وكل شيء إليه فقير، وكل أمر عليه يسير، ولا يعجزه شيء، ولا يفتقر إلى شيء. وقد ورد هذا المعنى في موضع آخر في قوله تعالي: “الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما” “الطلاق:12”.

 

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 318 مشاهدة
نشرت فى 25 يوليو 2012 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,277,383