أحمد محمد - الملك اسم من أسماء الله الحسنى الله، ومن الأسماء الجامعة لكل صفات الكمال ونعوت الجلال والأفعال المشرفة فالله سبحانه ملك الملوك، له الملك، ومالك يوم الدين، ومليك الخلق المالك المطلق.

والملك هو المتصرف بالأمر والنهي في المأمورين، الذي يستغني في ذاته وصفاته عن كل موجود، ويحتاج إليه كل موجود وهو كريم يعطي الكل من دون مقابل دائم الملك بلا نهاية، له غاية الجلالة والمهابة، والملكوت ملك الله، الذي يملك الحياة والموت والبعث والنشور، ينفذ أمره فيه.

وهذا الاسم يأتي متبوعاً في كتاب الله ولا يأتي تابعاً، أي لا يسبقه اسم من الأسماء الحسنى إلا لفظ الجلالة الله، كما ورد في القرآن “الملك القدوس السلام” يقول ابن منظور الملك هو الله تعالى مالك الملوك له الملك، وهو مليك الخلق أي ربهم ومالكهم المتصرف بالأمر والنهى الظاهر بعز سلطانه، الغني بذاته، المتصرف في كونه بصفاته وفي ملكه كيف يشاء ولا راد لحكمه ولا معقب لأمره القائم على تدبير خلقه المنزه عن الظلم يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، هو وحده المالك الحقيقي يعلم ما خفى وما ظهر، وما بدا وما استتر.

ويقول ابن القيم: ومعنى “الملك” الحقيقي ثابت له سبحانه بكل وجه وهذه الصفة تستلزم سائر صفات الكمال وتأمل خطاب القرآن تجد ملكاً مستوياً على سرير مُلكه لا تخفى عليه خافية في أقطار مملكته عالماً بما في نفوس عبيده مطلعاً على أسرارهم وعلى نيتهم منفرداً بتدبير المملكة يسمع ويرى، ويعطي ويمنع، ويثيب ويعاقب، ويكرم ويهين، ويخلق ويرزق، ويحيي ويميت ما اتخذ من ولد ولا صاحبة وليس له شريك في الملك والحكم.

قال تعالى: (الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديرا)، “الفرقان: الآية 2”.

يقول ابن كثير: يخبر تعالى أنه خالقُ السماوات والأرض والمتصرف فيهما، وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن وأنه يعطي من يشاء ويمنع من يشاء ولا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع وأنه يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور.

وذكر اسم الله “الملك” في القرآن خمس مرات كما قال تعالى: “هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر” وورد اسم مالك مرتين ومرة مالك يوم الدين ومالك الملك وبصيغة المبالغة في سورة القمر “في مقعد صدق عند مليك مقتدر”.

والله جل وعلا ليس مالكاً فحسب، بل هو الملك الذي يملك الأشياء ومن ملكها يملك مخلوقاته ولا يشاركه في هذه الملكية أحد وفي ذلك يقول سبحانه وتعالى: (ولله ملك السماوات والأرض وما فيهن)، “المائدة الآية 120”

وكلَّف الله نبينا عليه الصلاة والسلام بأن يخبر الناس بأنه جل وعلا هو الملك الذي له ملك السماوات والأرض، فقال سبحانه: (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون)، “الأعراف، الآية 158”.

والله الملك يملك استبدال هذا الكون أو بعضاً منه بخلق جديد ويملك أن يضيف إليه، كما قال عز جل: (الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير)، “سورة فاطر، الآية 1”.

والملك الحق هو الذي أنشأ الملك وأقامه بغير معونة أحد من الخلق، وصرف أموره بالحكمة والعدل، له الغلبة وعلو القهر على من نازعه في شيء من الملك، يتصرف في خلقه بأمره وفعله، ولذلك قال: (قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير)، “سبأ: الآيتان 22 - 23”.

وعلى العباد أن يمجدوا ربهم بما علمهم به: (تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير)، “الملك، الآية 1”.

وعن ابن عمر أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: “يطوي الله عز وجل السموات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى، ثم يقول أنا الملك، أين الجبارون أين المتكبرون، ثم يطوي الأرضين بشماله، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون أين المتكبرون”.

ولأنه الآمر الناهي في ملكه المعز المذل الذي يقلب شؤون عباده ويصرفها كيف يشاء فقد كان صلى الله عليه وسلم يقول: “أمسينا وأمسى الملك لله”، وفي الصباح يقول “أصبحنا وأصبح الملك لله”، وإذا قام إلى الصلاة يدعو: “اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت”، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ينزل الله إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يمضي ثلث الليل الأول، فيقول: أنا الملك، أنا الملك، من ذا الذي يدعوني فأستجيب له”.

وملك الله لا يمكن أن يزول أو ينقص مهما أعطى ولا يعتريه عيب ولا ينازعه فيه أحد، أما ملك ملوك الدنيا فهو قليل جداً يحصى بسهوله ويزول وإن لم يزل صاحبه ويموت وينقص بقدر ما يعطي وقد ينازعه فيه آخر وهو مُلك مؤقت يعود لله في نهاية الأمر وفي يوم البعث تجد ملوك الدنيا حفاة عراة.

الملك الحقيقي هو الذي يملك كل شيء ويعطي الجميع من دون مقابل، هو الله سبحانه وتعالى، الذي له ملك السماوات والأرض وما بينهما وهو على كل شيء قدير فلا حدود لملكه ولا زمن وكلنا وما حولنا ملك لله.

 

 

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 199 مشاهدة
نشرت فى 22 يوليو 2012 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,305,911