تميزت اللغة العربية وعرفت بظاهرة (الأضداد) في ألفاظها، وهي الكلمات التي يدل كل منها على معنيين متباينين، أو متعاكسين متناقضين، مثل لفظة (جون) التي تدل على الأسود والأبيض، و(المولى) التي تطلق على العبد والسيد، و(السليم) التي تطلق على الصحيح وعلى الملدوغ و(البصير) التي تطلق على المبصر وعلى الأعمى، و(الحميم) التي تطلق على الحار وعلى البارد، و(الجلل) التي تطلق على الكبير والصغير، و(الزوج) التي تطلق على الرجل وعلى المرأة، فيقال: (الرجل زوج المرأة والمرأة زوج الرجل).
الضد كما تحدث عنه بعض اللغويين العرب لا يعني النقيض أو العكس بصفة مطلقة، فهناك أصناف عدت من الأضداد، مع أنها لا تفيد معنى التناقض أو العكس، وإنما يدل كل لفظ منها على معنيين متباينين يربط بينهما رابط معين من قريب أو بعيد، كما يحصل لكثير من بقية الألفاظ المشتركة المعاني، مثل كلمة (الظعينة) التي تدل على الهودج وعلى المرأة في الهودج، وكلمة (الكأس) التي تطلق على الإناء ذاته وعلى ما فيه من الشراب، وكلمة (الغريم) التي تدل على الدائن وعلى المدين وعلى الخصم أيضاً، وربما تندرج تحت ذلك كل الصيغ الصرفية المماثلة التي تستعمل للفاعل والمفعول مثل: سميع وعليم وقدير وكحيل وقتيل ودهين وجريح وطريد.
أورد الأنباري في كتابه "الأضداد" ما يزيد على (300 ضد) تدل على معنيين متعاكسين، أو متناقضين.
وتضمن كتاب "المنجد فيما اتفق لفظه واختلف معناه" لمؤلفه المعروف بكراع النمل (900 كلمة)، وجمع "أوغست هفنر" ما ورد في أربعة كتب في الأضداد لكل من الأصمعي وأبي حاتم السجستاني ويعقوب بن إسحق بن السكيت والصغاني (706 كلمات) من الأضداد.
ابن نباتة المصري:
تــــــجمع في علياك كــــــــلّ مفرق
من الوصف حتى الضد يظهره الضدُّ
فقربــــــــك والعليا وحلمك والسطا
وحزمك والجـــــدوى وملكك والزهدُ
عبد الجبار بن حمديس:
زنــــــدي ولدتــــــــك، وقد عقمتْ
عــــــن حمل السِّقْطِ، فلــــــــم تلد
أحييتِ بــــــــذكري مَيْتَ صــبـــــاً
أبـــــكيه مسايَـــــــــرة الأبَـــــــــدِ
وطلبـــــــــــتِ الضدّ لأوجـــــــــِدَهُ
وجموحـــــــــي في الصدّ فلم أجــــد
ولـــــــــو أنَّ كريمــــــــــاً تَفْقَــــدُهُ
يُفدى بـــــــالنفس إذنْ لَفُـــــــدي
أذهبتُ الحــــــــــزن بمُذهَبَـــــــــةٍ
وبهــــــــــا ذهـبتُ لجينَ يـــــــدي
ساحة النقاش