بسم الله الرحمن الرحيم
الصـالح العــام Public Interest
المفاهيم
جميع محاولات تعريف الصالح العام خاصةً فى مجال العلوم السياسية ، تأثرت بالمواقف الفلسفية المتمايزة للمفكرين السياسيين ، فهناك ثلاثة مواقف فى هذا الصدد تتمثل فى موقف المثاليون ، موقف الواقعيون ، وموقف العقلانيون .
1. موقف المثاليون ( Idealists ) : يؤيدون المصلحة الحقيقية للشعب والتى تختلف ( فى رأيهم ) عن تلك التى يدركها أفراد الشعب و يعتقدون أن المصلحة العامة لا تجد سندها القانوني الوضعى ، ونجدهم يعارضون أن تكون مصلحة الحزب السياسي الحاكم أو المعارض بالضرورة أن تكون هى المصلحة العامة للشعب . المثاليون يروا بأن المصلحة العامة هى شئ معنوي مستقل لا يمكن ربطه بعملية اتخاذ القرارات الرسمية فى المجتمع و يطالبون من متخذي القرارات أن يدركوا الصالح العام عقلياً وبواعز من القيم العليا التى تحرك ضمائرهم .
2. موقف الواقعيون ( Realists ) : يؤيدون مصالح الجماعات غير المنظمة المكونة للمجتمع ، ولكنهم ليسوا ضد المصالح الحزبية أو الشعب وينظرون إلى الأحزاب على أنها نوعية خاصة من جماعات المصلحة المنظمة ، وإلى الشعب على أنه جماعة مصلحة تضم عدداً كبيراً من أفراد يفوق حدود الجماعة المتعارف عليها ، يتم تركيزهم على جماعات المصلحة غير المنظمة ، يعنى اعتقادهم بأن الصالح العام ينشأ من عملية التسوية أو التوازن بين المصالح المتعارضة لهذه الجماعات ، و هذا يعنى أن المصلحة العامة هى عبارة عن صلة توازن لمصالح الجماعات غير المنظمة فى المجتمع .
3. موقف العقلانيون ( Rationalists ) : يؤيدون مفهوم الشعب والأحزاب ، وهم ضد جماعات المصلحة غير المنظمة ، ويروا بأن النفع العام هو مصلحة الغالبية التى تعكسها الإرادة العامة ، وينقسمون إلى مجموعتين ، المجموعة الأولى : العقلانيين الحزبيين ، وهم يدافعون عن نظام الأحزاب المتعددة ، ويروا بأنها الطريق الأفضل للتعبير عن الإرادة العامة والتى تقود إلى تحديد الصالح العام . والمجموعة الثانية : العقلانيين الشعبيين ، يروا ضرورة استفتاء الشعب للتعرف على الرأى العام للغالبية ، والذى يعبر عن الإرادة العامة فى المجتمع .
مفاهيـــم عامة
مثل التى توجد فى الدساتير ، وتقارير السياسة العامة ، الخطط الوطنية للدولة ، وينحصر جوهر تلك المفاهيم فى أن الصالح العام هو الأداء التى تتحكم فى مباشرة الحقوق الخاصة فى المجتمع ، والذى تعبر عنه الطبقة الحاكمة بواعز من ضميرها ووجهة نظرها لحاضر ومستقبل الدولة التى تنتمى إليها ، وإدراكهم للقيم العامة كالعدالة الاجتماعية والحرية وسيادة القانون ، فهى مفاهيم وطنية ومحدودة فى إطار الدولة الواحدة ، وهى تعبر عن وجهة نظر وضمير الطبقة الحاكمة .
مكونات مفهوم الصالح العام
مصطلح العام تعنى التميز عن الخاص ، بمعنى ذلك الشئ الذى ليست له علاقة بشخص معين أو أشخاص معينين ، إن كل التصرفات الأصلية أو الآثار أو القيم التى ترتبط مباشرةً بعدد غير محدود من أفراد المجتمع ، يمكن وصفها بصفة العمومية ، ولفظ العامة يفيد التمام والشمول في مفهوم المصلحة من جهة موضوع الصلاح والمصلحة .
مصطلح الصالح يرى أبو حامد الغزالي في كتابه المستصفى أن ( المصلحة عبارة في الأصل عن جلب منفعة أو دفع مضرة ، ولسنا نعني به ذلك ، فإن جلب المنفعة ودفع المضرة مقاصد الخلق ، وصلاح الخلق في تحصيل مقاصدهم…) .
أقسام المصلحة وفقا لمدى الحاجة إليها
1. المصالـح الضروريـة .
2. المصالـح الحاجية .
3. المصالـح التحسينيـة .
مفهوم الصالح العام هو كل تصرف أو قيمة أو أثر عام رشيد يؤدى إلى زيادة تحقيق الأهداف النهائية لعدد غير محدود من أفراد المجتمع أو جماعاته دون تمييز .
شروط الصالح العام
1. أن يكون هذا الشئ ( تصرف، قيمة، نتيجة / أثر ) إيحابي أو سلبي ، مقبولاً قبولاً عاماً بواسطة الرشد العام فى المجتمع ، ولا يؤدى إلى الأضرار بغالبية أفراد المجتمع وجماعاته .
2. أن يكون بمثابة وسيلة لتحقيق الرغبات أو الأهداف النهائية لغالبية أفراد المجتمع دون تمييز.
3. أن يؤدى إلى زيادة فرص تحقيق هذه الرغبات أو الأهداف النهائية فى المستقبل القريب أو البعيد .
4. أن تكون نتائج الآثار المترتبة علية إيجابية لعدد غير محدود من أفراد وجماعات المجتمع .
تحقيق قيمة المصلحة العامة
إن سلوك وتصرفات القائمين على الأجهزة والمنظمات الحاكمة إذا كان رشيداً وفى اتجاه ترجمة تلك التشريعات إلى واقع ملموس...تكون النتيجة سلوكاً من المصلحة العامة ، وبالتالى إذا كانت الآثار أو النتائج المترتبة على تلك التصرفات تؤكد تحقيق تلك التشريعات والقيم ، فإنها تكون أيضاً من المصلحة العامة .
الأركان الأساسية ( عناصر ) المصلحة العامة
1. القيم العليا المجردة .
2. التصرفات التشريعية .
3. التصرفات الإدارية العامة
4. الآثار والنتائج المترتبة على التصرفات التشريعية والإدارية العامة .
وسائل تحقيق الصالح العام
1. النموذج الأول . تقوم الأجهزة الحاكمة فى الدولة بتحديد وإعلان المصالح العامة ، ويتم ذلك عن طريق التفاكر بين السلطات العامة الثلاثة ، و تتم العملية هنا بطريقة مركزية ، أى عن طريق الصفوة الحاكمة ، ويتوقف ذلك على نظام الحكم فى الدولة . فى النظام السياسي الدكتاتوري تتمثل الصفوة الحاكمة فى القلة التى تتمتع بقوة النفوذ المطلقة والسيطرة الكاملة ، وهى منفصلة اجتماعيا و سياسياً عن القاعدة الشعبية . أما فى النظام السياسي الديمقراطي البرلماني ، تتشكل الصفوة الحاكمة من ممثلين الشعب ، يفترض فيهم الفاعلية فى التعبير الصادق عن مطالب القاعدة الشعبية ، وهم الذين يمثلون السلطة التشريعية .
2. النموذج الثانى : الديمقراطية شبة المباشرة . تقترح الصفوة الحاكمة ( التى تضم ممثلو القاعدة الشعبية ) مجموعة من المصالح العامة ، يتم عرضها على الشعب للاستفتاء ، نتيجة الاستفتاء هو الإعلان الرسمي عن المصالح العامة .
3. النموذج الثالث : الديمقراطية المباشرة . يعبر الشعب عن مصالحة العامة بطريقة مباشرة ، ثم تقوم الصفوة الحاكمة بعد ذلك بعملية استخلاص المصالح التى تمثل مطالب الغالبية وتطلعاتها .
ساحة النقاش