حكم لبس النقاب العصري فتوي الشيخ بن عثيمين الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله... و بعد:
فإنني أتألم كثيرا كلما شاهدت فتاة تحمل في قلبها الخير، وتسعى لما فيه عز أمتها وصلاح أخواتها. أتألم كلما رأيتها وقد انساقت وراء موضة النقاب، فأصبحت ترتديه كغيرها دون أدنى تفكير منها بعواقبه أو محاذيره المستقبلية.
قد تقولين: إنني ما ارتديت النقاب إلا لغرض بريء، ويعلم الله أنني لم أسرف ولم أتجاوز. وقد ترتاحين أنت فعلا مع النقاب فترين الطريق وتبصرين البضاعة، لكن ماذا لو تحول لبس النقاب بصوره المختلفة إلى ظاهرة؟ أتستطيعين بعدها. إيقاف موج فتنته الهادر؟!
ألم تستمعي - وأنت الملتزمة - إلى القاعدة الفقهية التي تنص على أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح؟
ربما ترددت زميلتك في لبس النقاب، وحينما رأتك تلبسينه هان عليها أمره، بل ربما قلدتك جارتك ولم تكن نيتها حسنة كنواياك... ألا تتحملين ذنبها؟! ألا تعلمين أن من سن سنة سيئة في الناس فعليه وزرها؟! أيرضيك أن تكوني ممن سن سنة لبس النقاب في مجتمعنا الذي التزمت نساؤه تغطية وجوههن كاملة؟!
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين: بعض الفتيات تشجع وتحرض قريباتها وزميلاتها على لبس النقاب العصري الذي هو أقرب إلى النافذة الصغيرة منه إلى النقاب الذي كان معروفا؟ فهل تعتبر هذه ممن يسن سنة سيئة عليها وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة؟
فأجاب فضيلته: ( نعم، إذا كانت تدعو إلى نقاب تكون به الفتنة فإنها تكون ممن سن سنة سيئة عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ).
فأقول: يا معشر المنتقبات والمبرقعات، اتقين الله في الرجال، فكم من فتاة منتقبة أفسدت على بعض الأزواج زوجاتهم!! وكم من فتاة مبرقعة أفسدت على بعض الشباب حياتهم!! وكم من فتاة منتقبة أو مبرقعة أفسدت على بعض الرجال دينهم!!
فاحذري يا أختي المنتقبة أن يفسد الله عليك زوجك، أو يفسد عليك حياتك، أو يفسد عليك دينك.
وفي هذه الرسالة المتواضعة أحببت إلقاء الضوء على النقاب الذي انتشر بكثرة، وإليك فتاوى علمائنا، وكذلك توجيهات لأولياء أمور المنتقبات والمبرقعات.
لم لا يغض الرجال أبصارهم؟
من أعجب ما سمعت عن لابسات النقاب عندما نصحت إحداهن في السوق وقد أخرجت نصف وجهها من خلال فتحة تسميها نقابا، فنصحت بلبس الخمار الذي يغطي وجهها وترك ما تسميه نقابا؟ قالت: ! لا يغض الرجال أبصارهم؟ وهذا من الحق الذي أريد به باطل، فالواجب على الرجال غض أبصارهم في كل حال، ويجب على المرأة أن تعينهم على ذلك بإخفاء محاسنها عنهم وعدم إبداء شيء من زينتها ومفاتنها، أما أن تتعمد إظهار ذلك بلبس النقاب أو البرقع فهذا مما لا يجوز، كما أن فيه تعاونا على الإثم والعدوان.
وقد سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين: ما نصيحتك لمن إذا نصحت بترك لبس النقاب لأن عيني المرأة فتنة للرجال قالت: لم لا تغضون أبصاركم عنا؟
فأجاب فضيلته: ( الجواب أن يقال: إن الله تعالى قال في كتابه العزيز: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً [الأحزاب:33]، ومن المعلوم أن المرأة محط أنظار الرجال، فإذا خرجت إلى الرجال في حال تؤدي إلى الفتنة فإن الناس سوف ينظرون إليها، وتكون قد عرضت هؤلاء الرجال للفتنة.
لذا قال الله تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53]، فاحتجاب المرأة عن الرجال طهارة لقلبها ولقلوبهم. وإظهارها لمفاتنها - لا سيما محاسن وجهها - سبب لمرض قلوب الرجال وافتتانهم بها ).
حكم لبس النقاب وبيعه
لقد تفننت بعض النساء - هداهن الله - بلبس أشكال من النقاب والبرقع لا يشك مسلم فضلا عن عالم بأنها فتنة، وحيث إن هناك من اتخذ بيعها تجارة ومهنة له خاصة النساء؟
فقد سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين:
فأجاب فضيلته: ( هذه لا تجوز، لأنه قد ظهر الحاجب من فوق العين وجزء من الجبهة أيضا، وهذا لا يجوز؟ لأن النقاب إنما هو بقدر ما ترى المرأة ما وراء الستار، ونصيحتنا لمن يتاجر بها ألا يتاجر بها لأنه حرام ).
النقاب العصري مبدأ فتنة
سئل فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: ما نصيحتكم للفتيات اللاتي تركن غطاء الوجه الكامل - الذي عرفت وتميزت به نساء هذه البلاد - ولبسن النقاب العصري؟
فأجاب فضيلته: ( نصيحتي لنساء المسلمين عموما ونساء هذا البلد خصوصا: أن يتقين الله، ويحافظن على الحجاب الساتر للوجه وسائر الجسم؟ عملا بقوله تعالى: وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى [الأحزاب:33]، وألا يتحولن من الحجاب الكامل إلى الحجاب الناقص أو ما يسمى بالحجاب الخادع، ولا يكن من الكاسيات العاريات المائلات المميلات، اللاتي أخبر النبي أنهن من أهل النار، وأنهن لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها. وما يسمى بالنقاب العصري لا شك أنه مبدأ فتنة وشر وتحول مخيف ).
نقاب اليوم نوع من السفور
سئل فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: كثر الحديث حول النقاب ومدى حله أو حرمته، بماذا تنصحني فضيلة الشيخ حول هذا الموضوع؟
فأجاب فضيلته: ( الواجب على المرأة المسلمة التزام الحجاب الساتر لوجهها وسائر بدنها، درءا للفتنة عنها وعن غيرها. والنقاب الذي تعمله كثير من النساء اليوم نوع من السفور، بل هو تدرج إلى ترك الحجاب. فالواجب على المرأة المسلمة أن تبقي على حجابها الشرعي الساتر، وتترك هذا العبث الذي تفعله بعض السفيهات من النساء اللاتي تضايقن من الحجاب الشرعي، فأخذن يتحايلن على التخلص منه ).
أما فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله فبعد أن بين الأصل في النقاب قال: ( في وقتنا هذا لا نفتي بجوازه، بل نرى منعه، وذلك لأنه ذريعة إلى التوسع فيما لا يجوز... ) إلى أن قال: ( ولهذا لم نفت امرأة من النساء لا قريبة ولا بعيدة بجواز النقاب أو البرقع في أوقاتنا هذه، بل نرى أنه يمنع منعا باتا، وأن على المرأة أن تتقي ربها في هذا الأمر، وألا تنتقب؟ لأن ذلك يفتح باب شر لا يمكن إغلاقه فيما بعد ).
لماذا يمنع النقاب ويفتى بعدم جوازه؟
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين: ما دام الأصل في النقاب الإباحة؟ فلماذا يمنع ويفتى بعدم جوازه؟
فقال فضيلته في إجابة مفصلة نقتطف منها قوله: ( ... الشيء إذا كان مباحا ويوصل إلى محذور شرعي فإن الحكمة تقتضي منعه، وهذه قاعدة معروفة عند أهل العلم؟ فالشيء المباح: إذا كان وسيلة أو ذريعة إلى شيء محرم صار ممنوعا ).
أيتها المبرقعة! ضعي فوق البرقع غطاء
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين: ما حكم البرقع إذا لم يتخذ للزينة وإنما للستر، ومع ذلك يوضع غطاء عليه؟
فأجاب فضيلته: ( البرقع الذي للزينة ولكن تغطي المرأة وجهها لا بأس به؟ لأنه لا يشاهد، فستغطيه غطوة فوقه، لكن البرقع الذي يظهر ولا يغطى لا نفتي بجوازه؟ لأنه فتنة، ولأن النساء لا يقتصرن على هذا... ).
وعلى هذا فيجب منع تلك البراقع التي تتخذ للفتنة باتساعها وأشكالها، ويجب على من اعتدن لبس البرقع من نساء البادية أن يضعن فوقه خمارا يستر أعينهن، كما لا يجوز لهن لبس البراقع الواسعة ولو غطي بخمار شفاف؟ فهو أقرب للحجاب الكاذب منه للخمار الساتر، ويجب على أولياء أمور المبرقعات منعهن منه؟ غيرة عليهن، ومنعا لفتنتهن للرجال.
قصص في الغيرة لأولياء المبرقعات والمنتقبات
قال سعد بن عبادة رضي الله عنه: لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح، فقال النبي : { أتعجبون من غيرة سعد؟ والذي نفسي بيده، لأنا أغير منه، والله أغير مني }.
فما الذي دهى بعض المسلمين؟! يسمحون لنسائهم بكشف وجوههن أو ترقيق الخمار لأسباب تافهة وبحجج واهية ؟! وماذا دهى بعض شبابنا؟ حيث يرضون لنسائهم بلبس البرقع الذي يجمل المرأة ويظهر زينتها، أو النقاب الذي يظهر جمال عينيها، وقد لا يرضى ولكنه لا يمنعها من ذلك؟ فهل زالت الغيرة من قلوبهم على أعراضهم؟!
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين: بعض الرجال يسمح لزوجته أو أخته بلبس النقاب، وينكر على من ينصحها بتغطية وجهها كاملا؟ فهل يأثم بذلك؟ وبماذا تنصحونه؟
فأجاب فضيلته: ( نظرا لما اعتاد النساء عندنا من تغطية الوجه كاملا وترك النقاب، ونظرا لما حدث من السماح لهن بالنقاب من التوسع فيه حتى صرن يخرجن الحاجب والوجنة، ويحصل بذلك شر وبلاء، فإننا نرى أن ينظر الإنسان إلى المصالح والمفاسد، ويتجنب ما فيه المفسدة ).
الغيرة الغيرة يا معشر الأزواج
فأرونا معاشر الأزواج الغيرة على نسائكم، وامنعوهن من لبس ما فيه فتنة؟ فأنتم مسئولون عنهن أمام ربكم يوم القيامة، يوم تسألون عن الأمانات هل حفظتموها؟ وعن الرعية هل رعيتموها؟ فماذا أعددتم للسؤال؟
هل يجب على ولي المرأة منعها من لبس النقاب؟
سئل فضيلة الشيخ عبدالله الجبرين: ما نصيحتكم للرجال الذين يسمحون أو يأمرون نساءهم بلبس النقاب الذي أصبح موضة تتجمل به بعض النساء، وترك غطاء الوجه الكامل؟
فأجاب فضيلته: ( نصيحتنا للذين سمحوا لنسائهم بلبس هذا النقاب أو أمروهن بلبسه أن يتفكروا في أثره عليهن، فإنه مجلبة للشر، وجاذب لهن إلى المعاكسة، وسبب في ميل الرجال إليهن،فعاقبته سيئة، والرجل الغيور لا يرضى لنسائه بكونهن محل ميل الرجال الأجانب (غير المحارم). ومتى رأى أو علم من امرأته المعاكسة أو مخاطبة الرجال اشمأز ونفر من ذلك؟ فكيف يقر أسبابه مثل هذا اللباس الذي هو أقوى سبب لهذه الفتنة؟! ).
وسئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين: هل يجب على ولي أمر المرأة أن يمنعها من لبس النقاب، لا سيما وهو يراها مجملة لعينيها وما حولهما، لافتة للأنظار في السيارة وعند الإشارات وفي الأسواق؟
فأجاب فضيلته: ( نعم، يجب على ولي أمر المرأة إذا اتخذت نقابا يلفت النظر أن يمنعها من ذلك؟ لأن الله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6] ).
عليكم بالنصيحة!
إن المسلم! ليعجب من بعض الرجال الذين تلبس نساؤهم نقابا يظهر نصف وجهها أو ربعه، فإذا نصحه ناصح بأن يأمر زوجته بلبس الخمار الذي يغطي وجهها كاملا أحمر وجهه، وانتفخت أوداجه، وقال: ما دمت معها فلن يضرها ذلك، ولا علاقة لأحد بزوجتي!!
وقد سئل فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: بم توجهون الدعاة والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر الذين يواجهون أعددا كبيرة من المنتقبات في الأسواق والشوارع والحدائق ونحوها؟
فأجاب فضيلته: ( ننصح للمسلمين عموما وللقائمين على أمور الحسبة خصوصا، أن يحذروا النساء من التساهل بالحجاب وما يجر إلى السفور، لما في ذلك من الفتنة والشرور العظيمة على المجتمع، وألا يتبعوا خطوات الشيطان الذي يتدرج بهم إلى الباطل؟ فأولا يأمر بلبس النقاب، ثم يأمر بكشف الوجه كله، ثم لسفور والعري كما فعل بالمجتمعات الأخرى، والله أعلم ).
دمعة غدير
كم بكيت لأن فستاني لا يعجب الحاضرات! كم بكيت لأن فريقي المفضل خسر المباراة! كم بكيت لضياع النسخ الأصلية لأشرطة غناء فناني المفضل! كم بكيت لأن تجعيد شعري لم يعجب الحاضرات، كم بكيت وبكيت.. كدت أنتهي وبكائي لا ينتهي، كنت أبكي بحثا عن السعادة، وبينما أنا في دياجير الظلام وصحاري التيه هداني ربي إلى بصيص من النور ساقه إلي عبر شريط إسلامي كان بالنسبة لي نقطة تحول وعلامة بارزة، أسأل الله أن يحرم اليد التي قدمته لي على النار.
بفضل الله عدت وما أجملها من عودة! وبفضله حييت وما أجملها من حياة! وبفضله بكيت وما أجمله من بكاء! بكيت حسرة وندما على الماضي أيام الغفلة والضياع.
دمعه الماضي دمعة، ودمعة الحاضر دمعة، لكن شتان بينهما، دمعة الماضي عذاب وإحباط وحسرة أخشى أن تكون حجة علي في الآخرة، ودمعة الحاضر خشية وسعادة وسمو وأنس أرجو أن تكون سببا في أن يظلني الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
ويا أسفاه
ويا أسفاه على من عرضن مفاتنهن للرجال في الأسواق وغيرها بحجة الحرية! ووضعن العباءة على الكتف بحجة الأناقة! ولبسن البنطال والثياب المفضحة مسايرة للموضة! ولبسن النقاب الفاتن بحجة ضعف النظر! ولبسن المطرز والمزركش من العباءات والخمر الشفافة بحجة وجودها في الأسواق! واستحسن القيطان في أكمام العباءة بحجة أنه أسود... فإلى الله المشتكى.
حفظ الله نساءنا بحفظه، وأحاطهن برعايته، وسترهن في الدنيا والآخرة، وهداهن للتمسك بكتاب الله وسنة رسوله ففيهما الحفظ والعفاف في الدنيا، والسعادة والفوز في الآخرة.
وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
بكل شجاعة صوت معنا
- هل النقاب(الحجاب) حرام أم حلال ؟ ولماذا ؟
حلال
حرام
في تونس علي حد علمي الوضع صعب , الدولة علمانية تحارب الدين جهاراً نهاراً بكل قوة والنقاب (الحجاب) ممنوع وتقريبأً غطاء الشعر ممنوع أيضاً .
في مصر يسعوا بكل قوة لفعل ما حدث في تونس .
النقاب=الحجاب ((أمر الله عز وجل)) , ثم أنه (( عفاف - طهارة - صيانة - حفظ - إحترام - وقار - هيبة ))
فليفعل الكفار والمنافقين والعلمانيين ما في وسعهم ولكن عليهم أن يعلموا (( أن دين الله عز وجل غالب )) .
(( النقاب عبادة وليس عادة ))
مراجع وفتاوي هامة خاصة بحكم النقاب (إقرأها جميعها) :
حكم تغطية الوجه بالأدلة التفصيلية
http://www.islam-qa.com/ar/ref/11774
آيات وأحاديث في الحجاب
http://www.islam-qa.com/ar/ref/13998
صفات الحجاب الصحيح
http://www.islam-qa.com/ar/ref/6991
متى يجوز للمرأة كشف وجهها
http://www.islam-qa.com/ar/ref/2198
هل الحجاب فرض على الجميلات فقط أم على جميع النساء ؟
http://www.islam-qa.com/ar/ref/47569
معترض على مسألة تغطية وجه المرأة
http://www.islam-qa.com/ar/ref/12525
هل لبس النقاب من شروط الزي الإسلامي للمرأة ؟
http://www.islam-qa.com/ar/ref/21134
الراجح في حكم تغطية الوجه
http://www.islam-qa.com/ar/ref/21536
إشكال حول تغطية الوجه
http://www.islam-qa.com/ar/ref/13646
حديث (لا يصح) في كشف المرأة وجهها
http://www.islam-qa.com/ar/ref/23496
لماذا لا يجوز أن أضع الكحل داخل العين عندما أخرج من المنزل ؟
http://www.islam-qa.com/ar/ref/67897
شروط نقاب المرأة
http://www.islam-qa.com/ar/ref/1496
حكم لبس النقاب الأفغاني للمحرمة
http://www.islam-qa.com/ar/ref/97204
موقع (( النقاب عبادة وليس عادة ))
http://www.alhigab.110mb.com
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
الإســلام
الحمد لله والصلاة والسلام على رسل الله، وبعد
فإن دين الأنبياء جميعاً واحد، حيث أرسل الله رسله وأنزل كتبه بدعوة جوهرها واحد، وهي الدعوة إلى توحيده وعبادته والتمسك بطيب الاخلاق وحسن السلوك.
ولما بعث الله محمداً أمره بما أمر به إخوانه من الانبياء، وأرسله إلى الناس أجمعين، وارتضى دينه للعالمين ديناً، فكمل به الدين، وتم ببعثته الفضل العميم.
ولأن الإسلام دين الله الخاتم، فقد امتاز بخصائص ذاتية جعلته في الماضي وتجعله اليوم أسرع الأديان انتشاراً على وجه الأرض، فقد غطى الإسلام نصف الأرض بحضارته، وتسابقت الأمم إلى الدخول فيه لما قرأت فيه من توافق مع الفطرة ومواءمة مع العقول، وسماحة في المعاملة، ويسر في المعتقد.
لكن هذا النجاح الذي حققه المسلمون بإسلامهم دفع البعض للإساءة إلى الإسلام ، فما من دين ولا نحلة أصيب بما تعرض له الإسلام العظيم من تشويه أسهمت به جيوش من المفكرين الذين تعمدوا أحياناً الإساءة إليه بطمس حقائقه وإلصاق النقائص به زوراً وبهتاناً، بينما أخطأوا في أحيان أخر في فهمه، فانحرفوا بعيداً عن حقائقه وأصوله.
ولسنا نبرئ أنفسنا نحن المسلمين من الإساءة إلى ديننا بتصرفات بعضنا التي يبرأ منها الإسلام الذي أضحى أسيراً بين مطرقة أعدائه وسندان جهل محيط ببعض أبنائه.
والواجب على العاقل الحصيف إذا ما أراد التعرف على دين ما؛ النظر في أصوله بعيداً عن تصرفات أبنائه واتهامات أعدائه، فما من دين ولا فكر إلا ويوجد خطأ وجنوح في بعض المنتسبين إليه، من غير أن يجنح أحد إلى تعميم الأحكام، فالحكم على الهيئات فضلاً عن الأديان إنما يرجع فيه إلى الأصول، لا إلى السلوك الأرعن أو الخاطئ من بعض الأتباع، لذا كان من الواجب أن نفهم الإسلام كما هو، كما أنزله الله بعيداً عن الأحكام المسبقة المثقلة بأوهام الاستشراق وإفكه.
وإذا أردنا التعرف على الإسلام عن طريق أصوله؛ فإنا لن نجد مدخلاً أفضل من تدبر الحوار الذي جرى بين جبريل عليه السلام أمين الوحي من أهل السماء، والنبي محمدأمين الوحي من أهل الأرض، حيث أتى جبريل النبي فسأله عن مراتب الدين، ليُسمع الصحابة إجابته، فيفقهوا دينهم، قال جبريل: يا محمد أخبرني عن الإسلام؟ فقال رسول الله : ((الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله ، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً)). قال: صدقت. قال عمر: فعجبنا له يسأله ويصدقه!.
قال جبريل: فأخبرني عن الإيمان؟ فأجابه : ((أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره)) قال: صدقت.
قال جبريل: فأخبرني عن الإحسان؟ فقال : أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)).([1])
فهذه أصول الإسلام بإجمال، فأي شيء يعاب منها؟
ولسوف نشرع في التعريف والتفصيل في شرح هذه الأصول ، لنقف على الأبعاد الأخلاقية والحكم الإلهية في تأسيس الإسلام والإيمان على هذه القواعد.
كما سنعرض بالشرح والبيان لكشف حقيقة ما يردده البعض عن اتهام الإسلام بالإرهاب والحض على الكراهية، وبأنه ظلم المرأة وعطل طاقتها، فنجيب في هذا الصدد عن بعض ما يثار عن الإسلام، ونهديه لمن أراد التعرف على الإسلام عن طريق أصوله ومبادئه.
ونتقدم بهذه الرسالة التي تبتغي منها التعريف بالحق الذي انشرحت به صدورنا، وارتضته عقولنا، فهي دعوة للتامل في تعاليم الإسلام ثم اللحاق برهط المؤمنين الفائزين عند الله ﴿إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ^ جزاؤهم عند ربهم جنات عدنٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه ﴾(البينة: 7-8).
والله نسأل أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
([1]) أخرجه البخاري ح (50)، ومسلم ح (9).
الإســـــــــــــلام
وقبل الشروع في تبيان حقائق الإسلام وأركانه؛ فإن من الواجب أن نتحدث عن اسم (الإسلام).
لفظة الإسلام في اللغة مصدره أسلم يسلم، ومنه السلامة والسلام.
وحين نتحدث في هذه الدراسة عن الإسلام، فإنا نعني الدين الذي أنزله على نبيه محمد ، وسماه بذلك لما تضمنه من الدعوة إلى الاستسلام لله وحده والانقياد والخضوع بالطاعة .
وهذا الاسم لا يستمد اسمه من اسم نبي أو وطن، بل مشتق من خصيصته الأساس التي لم تفارقه في طور من أطواره طوال تاريخ الإنسانية، فهو الاستسلام لله تبارك وتعالى وحده دون سواه.
والإسلام هو دين الله الذي أنزله على جميع الأنبياء، فقد دعوا جميعاً إلى أصول واحدة، تقوم على توحيد الله وتعظيمه وعبادته والاستسلام لأوامره والخضوع لأحكامه والدعوة إلى حراسة فضائل الأخلاق والارتقاء بالسلوك الإنساني.
وأما ما نجده اليوم من تباعد واختلاف بين أتباع الأديان؛ فسببه اندراس الحق وما مرج في رسالات الله السابقة من الباطل.
وقد أطلق الله هذا الاسم الشريف (الإسلام) على المؤمنين في كل حين، كما قال تعالى: ﴿هو سماكم المسلمين من قبل﴾(الحج: 78)، لأن المسلم - المؤمن بأي نبي من أنبياء الله - يمتثل حقيقة الإسلام، فيستسلم لله، وينقاد له بالطاعة، ويقف عند حدوده وشرائعه.
فأبو الأنبياء نوح عليه السلام يقول لقومه: ﴿وأمرت أن أكون من المسلمين﴾(يونس: 72).
وما فتئ إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام يدعوان الله أن يجعلهما من المسلمين:﴿ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمةً مسلمةً لك﴾(البقرة: 128).
وقبيل وفاة يعقوب عليه السلام جمع أبناءه، وأوصاهم بالاستمساك بملة إبراهيم الحنيف المسلم ﴿إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين ^ ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون ^ أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحق إلهاً واحداً ونحن له مسلمون﴾ (البقرة:131- 133).
كما طلب موسى عليه السلام من قومه الإذعان لمقتضيات الإسلام الذي دخلوا فيه، فقال: ﴿يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين﴾ (يونس : 84)، فاستجاب لندائه سحرة فرعون وقالوا: ﴿ربنا أفرغ علينا صبراً وتوفنا مسلمين﴾(الأعراف: 126).
وبمثل هذا دعا يوسف عليه السلام ربه حين طلب من الله أن يميته ويحشره مع المسلمين الصالحين: ﴿توفني مسلماً وألحقني بالصالحين﴾ (يوسف: 101).
ولما دخلت ملكة سبأ بلاط سليمان، ورأت علامات نبوته؛ نادت بنداء الإيمان فقالت: ﴿رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين﴾(النمل: 44).
وقد أوضح خاتم النبيين محمدوحدة دين الأنبياء فقال: ((أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة، والأنبياء إخوة لعَلات، أمهاتهم شتى، ودينهم واحد)).([1])
وهكذا فإن دين الأنبياء جميعاً واحد، بني على أساس واحد يدعو إلى توحيد الله وإفراده وحده بالعبادة، والاستسلام لأوامره، فهو الإسلام دين الله تعالى: ﴿ إن الدين عند الله الإسلام ﴾(آل عمران: 19)، وهو الدين الذي لا يقبل الله من الناس ديناً سواه ﴿ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين﴾ (آل عمران: 85).
وقد صدق الله إذ قال لنبيه ﴿قل ما كنت بدعاً من الرسل﴾(الأحقاف: 9) فأصول جميع ما أتى به النبي قد سبقه إلى الإتيان بها إخوانه من الأنبياء ﴿إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوحٍ والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داوود زبوراً﴾(النساء: 163).
والإخوة لعَلات هم الإخوة من أب واحد، وأمهاتهم مختلفات.
أركان الإسلام
إن الإسلام بنيان كبير يشمل الحياة الإنسانية برُمتِّها، وهو يقوم على أركان خمسة، ويوضحها النبي بقوله: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان)).([1])
وسوف نمضي سراعاً مع هذه الأركان ومقاصدها، ونتجاوز تفصيلاتها وأحكامها التي يمكن للقارئ أن يطلع عليها في مظانها من كتب التوحيد والفقه.
الركن الأول
الشهادة لله بالتوحيد، ولرسوله محمدبالرسالة
أولاً : الشهادة لله بالتوحيد
إن أهم مسألة توافق الأنبياء على الدعوة إليها وتعريف الناس بها؛ هي الشهادة لله رب العالمين بالوحدانية، والتعريف بصفات الإله العظيم الذي أبدع الكون وخلقه على هذا النسق المذهل العجيب، ومن ثم التأكيد على استحقاقه وحده للعبادة دون سواه.
وبداية؛ فإن مسألة إثبات وجود الله لم تشغل حيزاً كبيراً في القرآن الكريم، ذلك أنها قضية بدهية وحقيقة يجدها المسلم وغيره في أعماق كيانه، فكل شيء في هذا الكون المحيط بنا يدعونا – ضرورة - للاعتقاد الجازم بوجود خالق حكيم مدبر متصف بصفات الكمال، فكل مخلوق حولنا هو في حقيقته شهادة لله على وجوده، بل على عظمته وكماله.
إن البشرية لم تنكر يوماً وجود هذا الإله -وإن اختلفت في تسميته ووصفه - ، فقد اتفقت معتقداتها على وجود خالق مبدع للكون، سماه البعض بواجب الوجود الذي أوجد هذه الممكنات جميعاً.
وحتى ما يسمى بالمذاهب المادية الإلحادية هي في حقيقتها لا تنكر وجود هذه القوة الإلهية التي نسجت الكون وفق قوانين محكمة، بيد أنها هربت من الاسم الذي تدعيه الكنيسة لهذه القوة العظيمة (الله)، ونسبتها إلى تسمية مبتدعة تفتقر إلى الوضوح (الطبيعة وقوانينها)، فاسم الطبيعة لا يدل على شيء محدد، إذ لا يمكن أن يفهم منه أن الإنسان الأول خلق نفسه وهو أحد مكونات الطبيعة، ولا أن ما نراه من بحار زاخرة قد أبدعت نفسها في زمن ما، بينما عمدت الطيور والحيوانات إلى إنتاج الأجناس الحيوانية الأولى، بل وحتى المخلوقات الأبسط كالبكتيريا لا تستطيع أن تهب نفسها وقود الحياة الذي يدبُّ فيها.
إن أحداً لا يخالف في أن هذا الكون من خلق وإبداع خالق عظيم حكيم، هو ربنا ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى{1} الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى{2} وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى{3}﴾ (الأعلى: 1-3)، ولو صدقوا في تسميته لأسموه خالق الطبيعة ومدبر شؤونها ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ{35} أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ{36} أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ{37}﴾ (الطور: 35-37).
ولما سمع الصحابي جبير بن مطعم هذه الآية قال: (كاد قلبي أن يطير).([2])
إن الإلحاد المتمثل في إنكار الخالق شذوذ يستبشعه العقل البشري وتأباه الفطرة السوية، فما الإنسان بخالق نفسه، وإذا كان الإنسان الذي يتميز عن كل الموجودات بما يمتاز به من العقل والإرادة والتسخير عاجزاً عن خلق نفسه؛ فغيره من المخلوقات أعجز، لذا فلا مناص من التسليم بوجود الإله العظيم ، ففي كل زاوية من زوايا الكون آية تدل على وجوده، لا بل تشهد له بالكمال والجلال والعظمة.
وأهم ما توافق الأنبياء على الدعوة إليه؛ وحدانية الله وإفراده بالعباده دون سواه، فهو جوهر رسالاتهم جميعاً ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ{25}﴾(الأنبياء: 25).
وسجل القرآن الكريم مضمون هذه الدعوة على لسان عدد من الأنبياء، فهاهم رسل الله - نوح وهود وصالح وشعيب وغيرهم - يقولون بلسان واحد:﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ{23}( المؤمنون: 23)،
﴿وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ{50}﴿ (هود: 50،،﴿وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ{85} (الأعراف: 85).
وكما دعا الأنبياء إلى توحيد الله الواحد؛ فإنهم حذروا أقوامهم من الشرك - سواء أكان المعبود مع الله بشراً أم حجراً أم حيواناً أم ملاكاً - لأن الله أوحى إليهم جميعاً بذلك ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ{65} بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ{66} ﴾(الزمر: 65-66).
وكان المسيح عليه السلام من هؤلاء الأنبياء الذين حذروا أقوامهم من الشرك: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ{72} لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ{73}﴾(المائدة: 72-73).
ولما كانت معرفة أسماء الله وصفاته تعجز عن التنبؤ بها العقول وتحار في إدراكها الأفهام وتختلف؛ فإن الله تبارك وتعالى - بمنِّه وفضله - خلّص البشرية من حيرتها، فعرّفها بأسمائه وصفاته حين بعث بوحيه أنبياءه وأنزل على العالمين كتبه، فكان أهم ما حملته النبوات إلى الإنسانية تعريفها بخالقها.
وقد ذكر الله في كتابه الأخير، القرآن الكريم، أن له تبارك وتعالى أسماء حسنى، غاية في الحسن والجلال والكمال ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى{8﴾ (طه: 8)، وهي تدل جميعها على ذات واحدة يدعوها المسلم في صلاته ودعائه ﴿وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ{180}﴾ (الأعراف: 180).
ومن أسماء الله الحسنى ما جاء في قوله تعالى: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ{22} هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ{23} هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ{24}﴾ (الحشر: 22-24).
وهذه الأسماء الإلهية مع دلالتها على الذات الإلهية فإنها تثبت لله تبارك وتعالى غاية ما تدل عليه من أوصاف الكمال والتنزيه ، فهو الملِك الذي لا نِدَّ له في ملكه، وهو الحكيم الذي لا يُدانى في حكمته، إنه الله العظيم الذي جلَّ عن النظير والمثيل والشبيه ﴿فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ{11}﴾ (الشورى: 11)، وهو الله الواحد الأحد ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ{1} اللَّهُ الصَّمَدُ{2} لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ{3} وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ{4} ﴾ (سورة الإخلاص)، ﴿فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ{74}﴾ (النحل: 74).
إن الإيمان بالله الموصوف بصفات العظمة والكمال يهذب السلوك الإنساني، حين يستحضر معية الرب له، فيعلم باطلاع الرب عليه، وهو العليم المحيط القادر على كل شيء، فيستحي المؤمن به أن يراه ربه ومولاه على حال المعصية؛ وهو القوي ذو البأس والبطش الشديد، وأولى منه أن نعبده ونسعى في مراضيه، لنفوز بجنته وعظيم جزاء الرب العفو الغفور الكريم الودود.
وهكذا فالمؤمن يستقيم سلوكه خوفاً من الله وعقابه، وطمعاً في ثوابه وجزائه، وهذا هو حال المؤمنين الذين امتدحهم ربهم ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ{90}﴾ (الأنبياء: 90).
إن المسلم حين يؤمن بالله الواحد الخالق الرازق الذي بيده مقادير الأمور؛ فإنه يلجأ إليه وحده في السراء والضراء، في الصغير من أموره والكبير، ليقينه بمعية الله تعالى للمؤمنين وقربه منهم وإطلاعه على سرائرهم وأعمالهم، وأنه تعالى وحده القدير الذي بيده مقاليد الأمور﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ{82} فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ{83}﴾ (يس: 82-83)، وهو تبارك وتعالى الذي ﴿لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ{12}﴾ (الشورى: 12).
فإذا نظر المرء إلى ما أولاه الله من نعمه وآلائه التي لا تحصى؛ فإنه يفيض قلبه بمحبته ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ{165} ﴾ (البقرة: 165)، وكيف لا يحبه، والله العظيم قد سبق فأحب عباده المؤمنين الطائعين ﴿وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ (البقرة: 195)، ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ (البقرة: 222) ﴿وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ{146}﴾ (آل عمران: 146) ﴿ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ{13} وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ{14} ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ{15}﴾ (البروج: 13-14-15).
وهذه المحبة لله تجعل المسلم معلق القلب بالله، يرجو رضاه، ومن أعظم ما يتطلع إليه المؤمن نوال الجنة دار الخلود التي أعدها الله لمن أحبه من عباده ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{17}﴾ (السجدة: 17).
ومحبة المسلم لربه تجعله يمتنع عن كل يغضب الرب الذي يحبه ، فيكره ما كرهه محبوبه، والله لا يكره ولا يمقت إلا السيء من القول والعمل والخلق ﴿وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً{107}﴾ (النساء: 107) ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ (المائدة: 64) ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ{87}﴾ (المائدة: 87).
----------------------
([2]) أخرجه البخاري ح (4854).
ثانياً: الشهادة بأن محمداً رسول الله
وحتى تقوم حجة الله على خلقه أرسل الله الرسل، وختمهم بمحمد ، وجعله رسوله إلى العالمين ﴿ وما أرسلناك إلا كافةً للناس بشيراً ونذيراً ﴾ (سبأ: 28)، فهي مزيته على سائر إخوانه من الأنبياء ((كان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس كافة)).([1])
والنبي هومحمد بن عبد الله بن عبد المطلب القرشي، ولد يتيماً بمكة المكرمة عام 571م، ونشأ فيها، وحين بلغ الأربعين من العمر آتاه الله النبوة، حين نزل عليه الملاك جبريل بالوحي وهو في غار حراء شرق مكة المكرمة، فدعا قومه إلى الإسلام، فآمن به رهط قليل، وامتنع عن الإيمان به سادة قبيلته (قريش) الذين خافوا من ذهاب زعامتهم وزوال امتيازاتهم، فكذبوه وآذوه، وقتلوا بعضاً من أصحابه وعذبوهم بأشد أنواع النكال والعذاب.
فهاجر النبي والمؤمنون معه إلى يثرب (المدينة المنورة)، وأقام فيها المجتمع الإسلامي الممتثل بهدي الله، وكان أول ما صنعه النبي فيها أن بنى مسجده فيها وآخى بين المسلمين بآصرة العقيدة على اختلاف أجناسهم وأوطانهم، ثم عقد مع يهود المدينة معاهدة للتعايشِ المشترك الآمن فيها والتعاضد على حماية المدينة.
وفي المدينة المنورة دعا النبي العرب والعجم إلى الإيمان به، فأرسل الرسل إلى ملوك الأرض وحكامها يشرح لهم مبادئ دينهم، فآمن به بعضهم، وناوأه غيرهم، وأرسلوا إليه الجيوش، فقاتل من عاداه وأعاق دعوته، حتى نصره الله بنصره، ولم يغادر النبي الدنيا عام 633م حتى أقر الله عينيه بانتشار الإسلام في سائر الجزيرة العربية.
وقد أيد الله النبيَّ بما يشهد على نبوته من دلائل وبراهين، كما أُيد بذلك من سبقه من إخوانه من الأنبياء والمرسلين، وخصه الله عنهم بدليل ساطع يدوم بدوام رسالته ، فلا تنقضي دلالته بتقادم الأزمان، ولا تبلى بتصرم الأيام، وهو القرآن العظيم، الكتاب المعجِز الذي بهر العالمين، وعجز عن الإتيان بمثله الأولون، ولن يأتي بسورة من مثله الآخرون ﴿قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعضٍ ظهيراً﴾ (الإسراء: 88) ، يقول : ((ما من الأنبياء من نبي، إلا قد أُعطي من الآيات، ما مثلٌه آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أُوتيتُ وحياً أَوحى اللهُ إليّ، فأرجو أن أكون أكثرَهم تابعاً يوم القيامة)).([2])
فقد حوى القرآن من العلوم ما حير بأسبقيته وعمقه العلماء، كيف لا وقد أنزله الله العليم بكل شيء ﴿ لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيداً﴾ (النساء: 166).
فقد سبق القرآن العلم الحديث إلى وصف نشأة الخلق في الماضي السحيق، حين أشار إلى ما يسميه العلماء اليوم بنظرية الانفجار الكبير ( bangBig)، فقال تعالى: ﴿ثم استوى إلى السماء وهي دخانٌ فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين ﴾ (فصلت: 11)، وقال تعالى: ﴿أولم يرَ الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيءٍ حي أفلا يؤمنون﴾ (الأنبياء: 30).
كما تحدث القرآن عن اتساع الكون وتمدده في قوله تعالى: ﴿ والسماء بنيناها بأييدٍ وإنا لموسعون﴾ (الذاريات: 47)، وذكر دوران الشمس والقمر والأرض في أفلاك مستديرة ﴿والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم ^ والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم ^ لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلكٍ يسبحون﴾ (سورة يس: 38-40)، فهذه الأخبار وغيرها علوم دقيقة لم تعرفها البشرية قبل ولا بعد إلا في أواسط القرن المنصرم.
ومما يبهر العقول من أخبار القرآن التي سبق فيها العلم الحديث؛ إخباره بمراحل تطور الجنين في بطن أمه وصور تخلقه:﴿ يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من ترابٍ ثم من نطفةٍ ثم من علقةٍ ثم من مضغة مخلقةٍ وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجلٍ مسمى ثم نخرجكم طفلاً ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئاً وترى الأرض هامدةً فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوجٍ بهيج﴾(الحج: 5).
إن هذا الوصف الدقيق لمراحل الجنين أذهل البرفسور مارشال جونسون رئيس قسم التشريح ومدير معهد دانيال بجامعة توماس جيفرسون بفلادلفيا بالولايات المتحدة الأمريكية، فقال: "إنني كعالم أستطيع فقط أن أتعامل مع أشياء أستطيع أن أراها بالتحديد، أستطيع أن أفهم علم الأجنة وتطور علم الأحياء، أستطيع أن أفهم الكلمات التي تترجم لي من القرآن .. إنني لا أرى شيئاً، لا أرى سبباً، لا أرى دليلاً على حقيقة تفند مفهوم هذا الفرد محمد [ ] الذي لابُد وأنه يتلقى هذه المعلومات من مكان ما، ولذلك إنني لا أرى شيئاً يتضارب مع مفهوم: أن التدخل الإلهي كان مشمولاً فيما كان باستطاعته أن يبلغه".
ويضيف البرفسور كيـث ل مور مؤلف الكتاب الشهير "أطوار خلق الإنسان" ( The Developing Human) الذي يعتبر مرجعاً معتمداً في كليات الطب العالمية: "يتضح لي أن هذه الأدلة حتماً جاءت لمحمد من عند الله، لأن كل هذه المعلومات لم تكشف إلا حديثاً وبعد قرون عدة، وهذا يثبت لي أن محمداً رسول الله".([3])
﴿ قل أنزله الذي يعلم السر في السموات والأرض إنه كان غفوراً رحيماً﴾ (الفرقان: 6).
وهكذا فإن هذه الأخبار الغيبية العلمية - وغيرها مما يطول الحديث بذكره - دليل الله الساطع على نبوة النبي ، فمثل هذه العلوم يستحيل تحصيلها في تلك الأزمنة ، وخاصة من رجل أميّ نشأ في بيئة جاهلة﴿ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد﴾(سبأ: 6).
ومما يشهد له بالنبوة ما أوتيه من حسن سيرة وخلق عظيم ، فقد وصفه ربه تبارك وتعالى: ﴿وإنك لعلى خلقٍ عظيمٍ﴾ (القلم: 4)، وقد غلب لقبه (الصادق الأمين) على اسمه، فصار علماً عليه بين أهل مكة، لذا قال ملكُ الروم هرقل لأبي سفيان عدو النبي حينذاك: "أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله .. يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، وينهاكم عن عبادة الأوثان، ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف .. فإن كان ما تقول حقاً فسيملك موضع قدميَّ هاتين، وقد كنت أعلم أنه خارج، لم أكن أظن أنه منكم، فلو أني أعلم أني أخلُص إليه لتجشمتُ لقاءه، ولو كنتُ عنده لغسلتُ عن قدمه".([4])
إن مدعيي النبوة إنما ينتحلونها سعياً وراء الكسب الدنيوي الرخيص، سواء أكان هذا الكسب مالاً يسابقون إلى جمعه ليستمتعوا به أو ليورثوه إلى أهليهم من بعدهم، أم كان جاهاً بين الناس يرفع من قدرهم، فيشار لهم بالبنان، ويوسع لهم في المجالس....
فهل كان النبي من هذا الصنف أو ذاك؟
إن نظرة سريعة على سمته تكشف لنا ما كان عليه النبي محمد من تواضع وزهد في الدنيا جمعهما النبي ، فأوضح خلالهما نبل أخلاقه وطهر سلوكه، بل ودلل على نبوته ورسالته.
ومن زهده أنه: (ما ترك عند موته درهماً ولا ديناراً ولا عبداً ولا أمَة ولا شيئاً؛ إلا بغلتَه البيضاء وسلاحَه، وأرضاً جعلها صدقة).([5])
وهذه الأرض هي أرض فدك التي منعها خليفة النبي أبو بكر الصديق من ورثته، وقال لهم: إن رسول الله قال: ((لا نورث، ما تركنا صدقة))، وأضاف الصديق: "لست تاركاً شيئاً كان رسول الله يعمل به إلا عملت به، فإني أخشى إن تركت شيئاً من أمره أن أزيغ".([6])
إن الذي تركه النبي ليس ميراثاً يغتنون به من بعده، بل دَيْناً يؤدونه من بعده، فقد مات ، ودرعه مرهونة عند يهودي على ثلاثين صاعاً من شعير.([7])
لقد كان يحذر أن يغادر الدنيا وقد أخذ منها مغنماً ، إذ تذكر زوجته عائشة رضي الله عنها أنه كان في بيتها بعضُ قطعٍ من ذهب، فقال لها رسول الله : ((ما فعلتْ الذهبُ .. ما ظن محمد بالله لو لقي الله عز وجل وهذه عنده؟ أنفقيها)).([8])
وليس تعففه عن شهوة الجاه بأقل من تعففه عن شهوة المال، فقد قال له رجل: يا سيدَنا وابنَ سيدِنا، ويا خيرَنا وابنَ خيرِنا. فقال عليه الصلاة والسلام: ((يا أيها الناس عليكم بتقواكم، ولا يستهوينكم الشيطان، أنا محمد بنُ عبدِ الله، عبدُ الله ورسولُه، والله ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل)).([9])
وكان يمقت كل مظاهر الكِبْر والترفع على الناس، ومنه كراهيته أن يقوم له أصحابُه إذا دخل المجلس، يقول صاحبه أنس بن مالك: (ما كان شخصٌ أحبَّ إليهم من رسول الله ، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا؛ لِما يعلمون من كراهيته لذلك).([10])
إنه رسول تتلألأ عليه صفات الكمال الإنساني، أتاه رجل فجعلت فرائصُه ترْعَد، فقال له : ((هون عليك فانى لست بملِكٍ، إنما أنا ابن امرأةٍ تأكل القديد)). ([11])
وتحكي زوجه عائشة رضي الله عنها عن حاله داخل بيته، فتكشف لنا أن تواضعه ليس خلقاً يتزين به أمام الناس، بل خَلَّة شريفة لم تفارقه، فقد سُئلت : ما كان يصنع في بيته؟ فقالت: (كان يكون في مهنة أهله - تعني: خدمة أهله - فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة)، وفي رواية: (كان بشراً من البشر، يَفْلي ثوبه، ويحلِب شاته، ويخدِمُ نفسَه).([12])
وأما صاحبه ابن مسعود، فيحكي عن تناوب النبي على الراحلة - وهو منطلق إلى بدر – مع اثنين من أصحابه، وكانا يودان لو بقي النبي على الراحلة، وأنهما يمشيان عنه، لكنه كان يقول لهما: ((ما أنتما بأقوى مني، وما أنا بأغنى عن الأجر منكُما)). ([13])
وهنا نسأل: ماذا أفاده دعواه النبوة من متاع الدنيا؟ أفهكذا يصنع الأدعياء؟!
وإن من دلائل نبوته ما آتاه الله من المعجزات الحسية التي خرق الله فيها لنبيه نواميس الكون إظهاراً لنبوته، وقد فاقت هذه المعجزات في عددها الألف، منها أن الله أطعم ببركته يوم الخندق زهاء ألف رجل من بهيمة واحدة وجِراب فيه صاعٌ من شعير لا يربو وزنه على ثلاث كيلوات.([14])
كما تفجر الماء من بين أصابعه، حتى سقى الله من يديه الجموع الكثيرة من أصحابه.([15])
وشفى الله على يديه المرضى، ومنهم محمد بن حاطب، فقد انكفأ على ذراعه قدر ماء يغلي، فتفل النبي في فيه، ومسح على رأسه، ودعا له، فقام صحيحاً ما به بأس ولا علة([16]) ، وكذلك مسح على رجل عبد الله بن عتيك الأنصاري لما كُسرت، فقام من بين يديه وقد شفيت.([17])
ومما يشهد بالنبوة لمحمد بشارة الكتب السابقة به، فهذه الكتب رغم ما تعرضت له من تغيير وتبديل؛ فإنها ما تزال تحمل شهادات صادقة تدل على نبوة النبي محمد ، ومن ذلك بشارة النبيين موسى وحبقوق به حين بشرا بنبي قدوس طاهر يخرج من بلاد فاران، ففي سفر التثنية المنسوب إلى موسى عليه السلام أنه قال لبني إسرائيل قبيل وفاته: "جاء الرب من سيناء، وأشرق لهم من سعير، وتلألأ من جبل فاران" (التثنية 33/2)، فقد أخبرهم عليه السلام بأنه كما جاءت رسالة الله إليه على جبل الطور في سيناء، فإن النبوة ستشرق من جبل سعير في وسط فلسطين، وذلك بنبوة عيسى عليه السلام، ثم ستتلألأ النبوة من فوق جبل فاران بنبي عظيم يخرج فيها.
وأكد سفر النبي حبقوق البشارةَ بالنبي المبعوث في فاران، فقال: "والقدوس من جبل فاران، جلاله غطى السماوات، والأرض امتلأت من تسبيحه" (حبقوق 3/3)، فمن هو هذا العبد الطاهر ذو الهيبة الذي يخرج من فاران، وتمتلئ الأرض من تسبيحه وتسبيح أتباعه؟ وأين هي فاران التي تلألأت النبوة على جبلها؟
وحتى لا نتيه بعيداً نذكر أن اسم فاران تستخدمه التوراة في حديثها عن مكة المكرمة، فقد جاء في سفر التكوين أن إسماعيل عليه السلام نشأ وتربى في برية فاران، يقول السِّفر عن إسماعيل: " كان الله مع الغلام فكبر .. وسكن في برية فاران " (التكوين 21/21)، ففاران هي الحجاز التي لا تختلف المصادر التاريخية على نشأة إسماعيل في ربوعها.
وبهذا وأمثاله قامت حجة الله على خلقه في نبوة محمد .
والإقرار بنبوته يستلزم من المسلم الاعتراف باطناً وظاهراً أنه عبد الله ورسوله إلى الناس كافة، والعمل بمقتضى ذلك، بطاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وألا يُعبد الله إلا بما شرع، ﴿وأرسلناك للناس رسولاً وكفى بالله شهيداً ^ من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظاً﴾ (النساء: 79-80)، وقال تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيءٍ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خيرٌ وأحسن تأويلاً﴾ (النساء: 59).
ومن مقتضيات الإيمان به التأسي بهديه وسلوكه وأخلاقه ﴿لقد كان لكم في رسول الله أسوةٌ حسنةٌ لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً﴾ (الأحزاب: 21).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
([2]) أخرجه البخاري ح (4981)، ومسلم ح (152) واللفظ له.
([3])إنه الحق، هيئة الإعجاز العلمي للقرآن والسنة برابطة العالم الإسلامي (ص 49، 51-52، 81، 116-120).
([4])أخرجه البخاري ح (7)، ومسلم ح (1773).
([5])أخرجه البخاري ح (2739).
([6]) أخرجه البخاري ح (3093)، ومسلم ح (1757).
([7]) أخرجه أحمد ح (2719).
([8]) أخرجه أحمد ح (24964).
([9])أخرجه أحمد ح (12141).
([10])أخرجه أحمد ح (11936)، والترمذي ح (2754)، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
([11])أخرجه ابن ماجه ح (3312)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه ح (2677)
([12]) أخرجه البخاري ح (676)، وأحمد ح (25662)
([13])أخرجه أحمد ح (3769).
([14]) انظره في البخاري ح (4102)، ومسلم ح (2039).
([15])انظره البخاري ح (169)، ومسلم ح (2279).
([16])انظره في مسند أحمد ح (15027).
([17])انظره في البخاري ح (4039).
والقديد هو اللحم المجفف.
الركن الثاني: إقام الصلاة
الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام، وهي عمود الدين وركنه الركين.
وقد فرضها الله عز وجل على المسلمين، ومنها ما شرع وجوباً، وهو الصلوات الخمس، فهي أول حق الله على عباده، ومنها ما يؤديه المسلم تطوعاً وتحبباً إلى الله الذي خلقه وأنعم عليه بآلائه التي لا تحصى.
والصلاة لما لها من الأثر العظيم البالغ في تهذيب النفوس وتقويم السلوك وفي تقوية الإيمان؛ فرضها الله على الأنبياء والأمم السابقة، فلم تخل منها شريعة من الشرائع، وقد حكى القرآن وصاة الله بها لأنبيائه وأقوامهم، فقد دعا إبراهيم أبو الأنبياء ربه فقال:﴿ربّ اجعلني مقيم الصّلاة ومن ذرّيتي﴾ (إبراهيم:40)، فاستجاب الله دعاءه فكان ابنه إسماعيل من المصلين ﴿وكان يأمر أهله بالصّلاة والزّكاة وكان عند ربّه مرضيّاً﴾ (مريم: 55).
ومن بعدهما خاطب الله نبيه موسى عليه السلام فقال:﴿إنّني أنا اللّه لا إلـه إلا أنا فاعبدني وأقم الصّلاة لذكري﴾ (طه: 14)، وأوصى العذراء البتول بالصلاة فقال: ﴿يا مريم اقنتي لربّك واسجدي واركعي مع الركعين﴾ (آل عمران: 42)، وبيَّن المسيح عليه السلام أمر الله تعالى له بالصلاة، فقال وهو في المهد:﴿إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً ^ وجعلني مباركاً أين ما كنت وأوصاني بالصّلاة والزّكاة ما دمت حيّاً﴾ (مريم: 30-31).
وأخذ الله الميثاق على بني إسرائيل أن يحافظوا على الصلاة﴿وإذ أخذنا ميثـاق بني إسرائيل لا تعبدون إلاّ اللّه وبالوالدين إحساناً وذي القربى واليتـامى والمساكين وقولوا للنّاس حسناً وأقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة﴾ (البقرة: 83).
ومن بعدهم جاء نبينا يدعو إلى ما دعا إليه إخوانه الأنبياء من تعظيم الله وعبادته والصلاة له، وقد أمره الله بها، فقال:﴿وأمُر أهلك بالصّلاة واصطبر عليها﴾ (طه: 132)، وامتدح الله في وحيه إليه عباده المصلين فقال:﴿الّذين يقيمون الصّلاة ويؤتون الزّكاة وهم بالآخرة هم يوقنون ^ أولئك على هدًى من ربهم وأولئك هم المفلحون﴾ (لقمان: 4-5)، ووعدهم بالجنة جزاء عليها: ﴿والذين هم على صلواتهم يحافظون ^ أولئك هم الوارثون ^ الّذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون﴾ (المؤمنون: 9-11).
وما زال النبييوصي بالصلاة لله وعبادته حتى فاضت روحه إلى باريها، يقول خادمه وصاحبه أنس: كان آخر وصية رسول الله وهو يُغرغر بها في صدره، وما كان يفيض بها لسانه: ((الصلاة الصلاة، اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم)). ([1])
وحين شرع الله الصلاة وغيرها من العبادات؛ فإنه تبارك وتعالى لم يكن يستكثر بها من قلة، ولا يستقوِ بها من ضعف، فهو عز وجلّ لا تزيده طاعة الطائعين، ولا تنقصه معصية العاصين، وإنما شرعها لمنفعة العباد وتزكية أنفسهم وتهذيب ضمائرهم وتقويم سلوكهم وصلاح دنياهم وأخراهم.
وأول ما تحققه الصلاة في المؤمن أنها تنير حياته وتؤنسها بذكر الله، فقد وصفها النبي بأنها نور، فقال: ((من حافظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاةً يوم القيامة)). ([2])
وقال: ((والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء)). ([3])
وقوله : ((والصلاة نور)) معناه: أنها تمنع المصلي من المعاصي، وتنهاه عن الفحشاء والمنكر، وتهديه إلى الصواب كما النور الذي يستضاء به.
فأما اجتناب المسلم للكبائر من الذنوب والفواحش، فسببه أن الصلاة تذكره - فينة بعد فينة -بحق الله عليه وبمراقبته له، فيرعوي وينزجر عن محارمه، قال تعالى: ﴿اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون﴾ (العنكبوت: 45).
ولما أُخبر النبيعن رجل يصلي بالليل، فإذا أصبح سرق؛ قال عليه الصلاة والسلام: ((إنه سينهاه ما يقول)). ([4]) أي في صلاته ما سيزجره ويقوِّم سلوكه.
وكما تبعد الصلاة المؤمن عن الكبائر والفواحش؛ فإنها سبب في مغفرة الله للصغائر من الذنوب التي يلم بها المرء عامداً أو جاهلاً، فيعود بصلاته قريباً من الله العفو الكريم، لأن الصلاة صلة بين العبد وربه، فقد كان يقول: ((الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفراتٌ ما بينهنَّ؛ إذا اجتنب الكبائر)). ([5])
وفي حديث آخر سأل النبي أصحابه: ((أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يومٍ خمس �
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]--><!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
الحمد لله الذى أحاط بكل شى علما ، والصلاة والسلام على رسوله الكريم الذى أنار لنا طريق الهداية ، وأوصد من دوننا باب الغواية ، وبعد ...
فإننى أقدم هذه المناظرة إلى شباب المسلمين ، راجيا من الله أن تحظى لديهم بقبول حسن.
فقد تضمنتها ما أعتقد أنه يهم المسلم من أسس تؤهله لتلقــى دروسا وخطب أكثر فى الأسلام .
وإننى أعتذر سلفا إن كان الصواب قد جانبنى هنا أو هناك ، فالخطأ فى الإدراك من سمات البشر والكمال لله وحده ، وله القصد أولا و أخيرا .
وأجدنى مسرورا أن أسجل شكرى لكل من أعاننى على إخراج هذه المناظرة وأخص بالثناء أصحاب المصادر الذين غرفــت من علمـهـم ، لهم منى جميعا خالص الشكر ولهم عند الله موفور الجزاء .
نحن الان فى مدينة البصرة العارف بالله أبو اليزيد البسامى نائما ذات ليله فسمع فى المنام بعد صلاة الفجر هاتفا ينادى عليه ويقول له يا أبى اليزيد إن الليلة هى عيد النصارى فتؤضأ وأذهب إليهم فى ديرهم وسوف تجدوا من حكمة الله عجبا ، فتؤضأ أبو اليزيد ودخل دير النصارى فى مدينة البصرة ، ولما قام أبوهم ليلقى الكلمة عليهم قال لهم أنا لا أستطيع أن أتحدث وبيننا رجل محمديا دخل الدير علينا فقالوا له يا أبانا وما أدراك أنه محمدى فقال لهم إن أصحاب محمدا سيماهم فى وجوههم من أثر السجود فلما أشار إلى أبى اليزيد وقال له أخرج قال أبو اليزيد والله لا أخرج حتى يحكم الله بينى وبينكم وهو خير الحاكمين ، فقال أبوهم سنوجه إليك أسئلة إن أجبتنا عنها أمنا بنبيك وإن عجزت عن سؤالا واحدا لن تخرج إلا محمولا على أكتافنا قتيلا ، فقال أبو اليزيد سئل ما شئت ، فقال البابا ...
- ما هو الواحد الذى لا ثانى له ؟
- وما هما لثنان اللاذان لا ثالث لهما ؟
- وما هى الثلاثة التى لا رابع لها ؟
- وما الأربعة التى لا خامس لها ؟
- وما الخمسة التى لا سادس لها ؟
- وما الستة التى لا سابع لها ؟
- وما السبعة التى لا ثامن لها ؟
- وما الثمانية التى لا تاسع لها ؟
- وما التسعة التى لا عاشر لها ؟
- وما هى العشرة التى تقبل الزيادة ؟
- ومن هم الأحد عشر أخا ؟
- وما هى المعجزة المكونة من أثنى عشر شيئا ؟
- وما هى الأسرة التى أخبر أحد أفرادها بأنهم ثلاثة عشر ؟
- وما هى الأربعة عشر شيئا التى كلمت الله ؟
- وما هو الشى الذى تنفس ولا روح فيه ؟
- وما هو القبر الذى مشى بصاحبه ؟
- وما هو الشئ الذى خلقه الله وأستعظمه ؟
- وما هو الشئ الذى خلقه الله وأستنكره ؟
- وما هى الأشياء التى خلقت من غير أبا ولا أم ؟
- ثم ما هى { الذاريات ذروا - والحاملات وقرا - والجاريات يسرا - والمقسمات أمرا } ؟
- وما هى الشجرة المكونة من أثنى عشر غصنا ، فى كل غصنا ثلاثون ورقة ، فى كل ورقة خمس ثمرات { ثلاثة فى الظل ، وإثنان فى الشمس } ؟
أجب يا أبى اليزيد ...
وقاما أبو اليزيد وقد ألقى الله برد السكينة فى قلبه ، فقال له ...
- أما الواحد الذى لا ثانى له
فـ .. { قل هو الله أحد } .
- وأما لثنان اللاذان لا ثالث لهما
فهما الليل والنهار { وجعلنا الليل والنهار أيتين } .
- وأما الثلاثة التى لا رابع لها
فـ .. أعذار موسى عليه السلام للخضر رضى الله عنه { إذا ركب بالسفينة غرقها ، إذا لقى غلاما فقتله ، إذا أتى يا آل قريتا أستطعما أهلها قال هذا فرق بينى وبينك } .
- الأربعة التى لا خامس لها
{ التوراة و الزبور و الإنجيل و القرآن } .
- الخمسة التى لا سادس لها
{ خمس صلوات كتبهن الله فى اليوم والليلة } .
- الستة التى لا سابع لها
{ ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما فى ستة أيام } قال له القسيس فلماذا قال فى أخر الأية وما مسنا من لغوب ، فقال أبواليزيد لان اليهود قالوا إن الله خلق السماوات والأرض فى ستة أيام ثم أصابه التعب فاستراح يوم السبتِ فقال لهم الله وما مسنا من لغوب يعنى ما تعبنا حتى نستريح.
- أما السبعة التى لا ثامن لها
{ الذى خلق سبع سماوات طباقا .
- الثمانية التى لا تاسع لها
{ ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانيه } .
- التسعة التى لا عاشر لها
هى معجزات موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام ، قال له البابا أذكرها ، قال له .. { اليد ، العصا ، الطمث ، السنين ، الطوفان ، الجراد ، القمل ، الضفادع ، الدم } .
- ما العشرة التى تقبل الزيادة
{من جاء بالحسنة فلـه عشـر أمثالها والله يضاعف لمن يشاء } .
- من هم الأحد عشر أخا
{ إنى رأيت أحد عشر كوكبا } أخوة يوسف .
- ما المعجزة المكونة من أثنى عشر شيئا
{ وإذِ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا } .
- ماهى الأسرة الثلاثة عشر
{ والشمس والقمر رأيتهم لى ساجدين } ، فأحد عشر أخا وشمسا وقمرا أى أبا وأما هولاء ثلاثة عشر .
- ما الأربعة عشر شيئا التى كلمت الله .. قال له ..
{ السماوات السبع والأراضون السبع فقضاهن سبع سماوات فى يومى ثم قال الله للسماوات السبع والأراضين السبع اءتيا طوعا أو كرها قالتا فاتينا طائعين } .
- ماهو القبر الذى صار بصاحبه
حوت يونس .. { فألتقمه الحوت وهو ملين } .
- ماهو الشئ الذى تنفس ولا روح فيه
{ والصبح إذا تنفس } .
- ماهو الشئ الذى خلقه الله وأستعظمه
كيد النساء .. { إن كيدهن عظيم } .
- ماهو الشئ الذى خلقه الله وأستنكره
صوت الحمار .. { إن أنكر الأصوات لصوت الحمير } .
- ماهى الأشياء التى خلقت من غير أبا ولا أم
أدم عليه السلام والملائكة الكرام وكبش إسماعيل وناقة صالح
- من هم الذين كذبوا ودخلوا الجنه
أخوة يوسف .. { جاءوا أباهم عشاءا يبكون وقالوا لأبيهم أكله الذئب } .. ومع ذلك قال لهم يوسف يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين .
- من الذين صدقوا ودخلوا النار
قال له إقرا قوله تعالى .. { وقالت اليهود ليست النصارى على شئ وقالت النصارى ليست اليهود على شئ } .
قال له .. ما هى الشجرة المكونة من أثنى عشر غصنا فى كل غصنا ثلاثون ورقة فى كل ورقة خمس ثمرات ؟
وقبل أن أجيب على هذا السؤال .. قال له أجيبك على
- الذاريات ذروا .. وهى الرياح .
- الحاملات وقرا .. وهى السحب التى تحمل الأمطار .
- الجاريات يسرا .. وهى السفن التى تجرى على سطح البحر.
- المقسمات أمرا .. وهم الملائكه الذين أمرهم الله بتقسيم الأرزاق والحسنات والسيئات وكتابتها .
أما هذة الشجرة فهى السنة فيها أثنى عشر غصنا أى أثنى عشر شهرا فى كل غصنا ثلاثون ورقة أى ثلاثون يوما فى كل ورقة خمس ثمرات أى خمس صلوات ثلاثة فى الظل { المغرب ، العشاء ، الفجر } وأثنان فى الشمس { الظهر ، العصر } .
ثم قال أبواليزيد للبابا إنى سائلك سؤالا واحدا فأجبنى عليه ، قال له سئل يا أبى اليزيد ، قال له مـــــا هــــــــو مفتــــاح الجنـــــة ؟؟؟
فوقف البابا صامتا ، فقال الجالسون تسئله كل هذة الأسئلة فيوجيبك ، ويسألك سؤالا واحدا فتعجز عن الأجابة ، فقال لهم والله إنى أعلم الأجابة تمام العلم ولكنى أخاف منكم ، قالوا له قل ولا تخف ونحن ورائك ، فوقف البابا وقال مفتاح الجنة ..
لا إله إلا الله محمد رسول الله
فقال الجميع وراءه لا اله الا الله محمدا رسول الله ، فقاموا على الدير فحوله إلى مسجدا يعبد فيه الواحد الديان .
أيها الأخوة الاعزاء أعود من مدينة البصرة إلى هنا وما أدراك ما هنا ، هنا مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم .
أصطلحوا مع الله وأرجعوا إلى الله وتوبوا إلى الله وأستغفروا الله
والله الذى لا اله غيره لقد علمت بمؤتمر عقد بجامعة أسيوط برئاسة الأساتذة المتخصصين فى العلوم الكونية فى الكمياء والطبيعة والأحياء ، أتدرون لماذا عقد هذا المؤتمر الذى نشرته الصحف بتاريخ { 17 نوفمبر } أجتمعوا ليضعوا الخطة اللازمه التى يستقبلون بها الخطر الداهم قلت سبحان الله أى خطر !!!!
هل الأسطول السابع سيتحرك ؟
هل روسيا ستحرك قواتها إلى مصــــر ؟
إذن فما هو الخطر الداهم ، أتدرون ما الخطر الداهم ...
خطرا يسمى .. { النمل الأبيض } .
قال المؤتمرون إن بلاد الصعيد مهددة بزحفا خطيرا من النمل الأبيض الذى أتخذ قواعده فى أعماق الأرض { 5 أمتار } ، يستعد للهجوم على قرى الصعيد وقد سبق أن هدم مئات البيوت قبل ذلك ولكنه سيجد المرتعه خصيبا بعد السيول التى أجتاحت { مدن أسوان ، قنا ، سوهاج ، البحر الأحمر } أستعداد للنمل !!!
النمل يهدد ، النمل يهدد { 40 مليونا } النمل ، النمل ...
إن لم نتوب إلى الله يحاربنا الله بالنمل بعد أن حاربتنا السيول .
لا ملجأ من الله إلا إليه ليس لها من دون الله كاشفه أزفت الأزفه ، ليس لها من دون الله كاشفه { النمل } - وكيف نحارب النمل ؟؟؟
أنحاربه بالدبابات – أنرسل إليه القوات الخاصه – نرسل إليه رجال الصاعقه لينزلوا معه فى صراع – أنحاربه بالمدافع – كيف نحارب النمل يا عباد الله نحاربه بشيئا واحدا هو .. { الصلح مع خالق النمل } أصطلحوا مع خالق النمل سيصدر الله أمره إلى النمل قائلا { يا أيها النمل أدخلوا مساكنكم } أصطلحوا مع الله وعودوا إلى الله وأستغفروا الله .
اللهم أنصر الأسلام وأعز المسلمين
اللهم أعلى بفضلك كلمتى الحق والدين
اللهم وسع على عبادك المخلصين
اللهم أشفى مرض المسلمين
اللهم أرحم موتنا وأهلك أعداءنا
أكثروا من الصلاة والسلام على سيدى وحبيبى ونور قلبى محمدا طب القلوب ودوائها وعافية الأبدان وشفائها ونور الأبصار وضيائها .
وأستودعكم الله الذى لا تضيع ودائعه ، وأقم الصلاة ...
شكرا
عبدالله على حسـن
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
- أما الواحد الذى لا ثانى له
فـ .. { قل هو الله أحد } .
- وأما لثنان اللاذان لا ثالث لهما
فهما الليل والنهار { وجعلنا الليل والنهار أيتين } .
- وأما الثلاثة التى لا رابع لها
فـ .. أعذار موسى عليه السلام للخضر رضى الله عنه { إذا ركب بالسفينة غرقها ، إذا لقى غلاما فقتله ، إذا أتى يا آل قريتا أستطعما أهلها قال هذا فرق بينى وبينك } .
- الأربعة التى لا خامس لها
{ التوراة و الزبور و الإنجيل و القرآن } .
- الخمسة التى لا سادس لها
{ خمس صلوات كتبهن الله فى اليوم والليلة } .
- الستة التى لا سابع لها
{ ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما فى ستة أيام } قال له القسيس فلماذا قال فى أخر الأية وما مسنا من لغوب ، فقال أبواليزيد لان اليهود قالوا إن الله خلق السماوات والأرض فى ستة أيام ثم أصابه التعب فاستراح يوم السبتِ فقال لهم الله وما مسنا من لغوب يعنى ما تعبنا حتى نستريح.
- أما السبعة التى لا ثامن لها
{ الذى خلق سبع سماوات طباقا .
- الثمانية التى لا تاسع لها
{ ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانيه } .
- التسعة التى لا عاشر لها
هى معجزات موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام ، قال له البابا أذكرها ، قال له .. { اليد ، العصا ، الطمث ، السنين ، الطوفان ، الجراد ، القمل ، الضفادع ، الدم } .
- ما العشرة التى تقبل الزيادة
{من جاء بالحسنة فلـه عشـر أمثالها والله يضاعف لمن يشاء } .
- من هم الأحد عشر أخا
{ إنى رأيت أحد عشر كوكبا } أخوة يوسف .
- ما المعجزة المكونة من أثنى عشر شيئا
{ وإذِ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا } .
- ماهى الأسرة الثلاثة عشر
{ والشمس والقمر رأيتهم لى ساجدين } ، فأحد عشر أخا وشمسا وقمرا أى أبا وأما هولاء ثلاثة عشر .
- ما الأربعة عشر شيئا التى كلمت الله .. قال له ..
{ السماوات السبع والأراضون السبع فقضاهن سبع سماوات فى يومى ثم قال الله للسماوات السبع والأراضين السبع اءتيا طوعا أو كرها قالتا فاتينا طائعين } .
- ماهو القبر الذى صار بصاحبه
حوت يونس .. { فألتقمه الحوت وهو ملين } .
- ماهو الشئ الذى تنفس ولا روح فيه
{ والصبح إذا تنفس } .
- ماهو الشئ الذى خلقه الله وأستعظمه
كيد النساء .. { إن كيدهن عظيم } .
- ماهو الشئ الذى خلقه الله وأستنكره
صوت الحمار .. { إن أنكر الأصوات لصوت الحمير } .
- ماهى الأشياء التى خلقت من غير أبا ولا أم
أدم عليه السلام والملائكة الكرام وكبش إسماعيل وناقة صالح
- من هم الذين كذبوا ودخلوا الجنه
أخوة يوسف .. { جاءوا أباهم عشاءا يبكون وقالوا لأبيهم أكله الذئب } .. ومع ذلك قال لهم يوسف يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين .
- من الذين صدقوا ودخلوا النار
قال له إقرا قوله تعالى .. { وقالت اليهود ليست النصارى على شئ وقالت النصارى ليست اليهود على شئ } .
قال له .. ما هى الشجرة المكونة من أثنى عشر غصنا فى كل غصنا ثلاثون ورقة فى كل ورقة خمس ثمرات ؟
وقبل أن أجيب على هذا السؤال .. قال له أجيبك على
- الذاريات ذروا .. وهى الرياح .
- الحاملات وقرا .. وهى السحب التى تحمل الأمطار .
- الجاريات يسرا .. وهى السفن التى تجرى على سطح البحر.
- المقسمات أمرا .. وهم الملائكه الذين أمرهم الله بتقسيم الأرزاق والحسنات والسيئات وكتابتها .
أما هذة الشجرة فهى السنة فيها أثنى عشر غصنا أى أثنى عشر شهرا فى كل غصنا ثلاثون ورقة أى ثلاثون يوما فى كل ورقة خمس ثمرات أى خمس صلوات ثلاثة فى الظل { المغرب ، العشاء ، الفجر } وأثنان فى الشمس { الظهر ، العصر } .
- ما هو الواحد الذى لا ثانى له ؟
- وما هما لثنان اللاذان لا ثالث لهما ؟
- وما هى الثلاثة التى لا رابع لها ؟
- وما الأربعة التى لا خامس لها ؟
- وما الخمسة التى لا سادس لها ؟
- وما الستة التى لا سابع لها ؟
- وما السبعة التى لا ثامن لها ؟
- وما الثمانية التى لا تاسع لها ؟
- وما التسعة التى لا عاشر لها ؟
- وما هى العشرة التى تقبل الزيادة ؟
- ومن هم الأحد عشر أخا ؟
- وما هى المعجزة المكونة من أثنى عشر شيئا ؟
- وما هى الأسرة التى أخبر أحد أفرادها بأنهم ثلاثة عشر ؟
- وما هى الأربعة عشر شيئا التى كلمت الله ؟
- وما هو الشى الذى تنفس ولا روح فيه ؟
- وما هو القبر الذى مشى بصاحبه ؟
- وما هو الشئ الذى خلقه الله وأستعظمه ؟
- وما هو الشئ الذى خلقه الله وأستنكره ؟
- وما هى الأشياء التى خلقت من غير أبا ولا أم ؟
- ثم ما هى { الذاريات ذروا - والحاملات وقرا - والجاريات يسرا - والمقسمات أمرا } ؟
- وما هى الشجرة المكونة من أثنى عشر غصنا ، فى كل غصنا ثلاثون ورقة ، فى كل ورقة خمس ثمرات { ثلاثة فى الظل ، وإثنان فى الشمس } ؟
جلس على الرصيف ورصّف امامه صناديقه ورتّب فيها البرتقال والتفّاح
وعدّل ميزانه وعزم أن يفي الميزان حقّه ,أن يكرم كلّ زبون يشتري من عنده وحرص ألاّ تبقى أيّة ثمرة فاسدة في بضاعته فقد عاهد الله ألاّ يغشّ النّاس في الثمرة التي يبيعها و هويعلم أنّ زبائنه أناس دخلهم قليل و ضعيف وعندما يشترون من عنده غلالا قليلة لعيالهم فإنّما يقدّمون لأبنائهم بعض الحلاوة تعويضا عن عجزهم في توفير لحم الخرفان والعجول والسمك الطري
فبعض التفّاح قد يطلق سعادة طفل لسويعات وقد يبعث عصير برتقالات قليلة نشاطا وحيويّة في ذهنه ومن يدري لعلّه يكون منعرجا في حياة ذلك الصّغير
لم يطلب ربحا يعجز معه حرفاؤه عن الشّراء ويهربون منه الى الّرزق على الله ....
ربّما تكون هذه الّصناديق فاتحة الخير ومنبعا يكفيه شرّ الفقر فيدفنه إلى جوار جدّه وتكبر تجارته ويصير أكبر تاجر غلال في الجهة أوالبلد أو القارّة وربّما فكّر في توسيع نشاطه إلى مجالات أخرى كالألكترونيك والملابس ووسائل النقل وربما حتّى تجارة أسلحة الدّمار الشامل ....
وربّما صار شريكا لأحد المستثمرين الأجانب الطيّبين ويصير شريكا أو مساهما في شركة متعددة الجنسيّات ......
حدّد الثمن سبعمائة ملّيم للتفّاح وسبعمائة ملّيم للبرتقال لن أخرج عن الرّقم سبعة حتى لايشكّ أحد في وطنيّتي فالسّبعة مقاسي و مؤشراتي ودوافعي وغاياتي .... حتى أنّه تمنّى لو أن أمّه ولدته في اليوم السّابع من الاسبوع السّابع من العام السّابع في القرن السّابع فقط سيتغاضى عن الشهر السّابع فإنّ حرارته تفوق السّبع والأربعين درجة في الظل ّ.... وهو يكره الحرارة والنّار ويمقتهما ويدعو الله أن لا يدخله النّار ...يقول دائما حرارة الجنوب وحرارة الصّيف تصهر جلدي وتجعل منى غازا يتبخّر لذلك هويعشق الخريف وغلاله و غيومه وسحبه وغباره وتقّلّباته .....
مدّ يده تحسّس فنجان قهوة أحضره من مقهى العهد الجميل ترشّف منه جرعة واحدة وبصقها كانت مرّة مرارة الحنظل ...سبّ النادل لأنّه نسي أن يضع ثلاث قطع سكّر في الفنجان ربّما لأنّ السكّر يرتفع ثمنه كما ثمن البترول.... ولايتراجع ولو كسد السكّر في كل بلاد العالم فمن يصعد لايجب أن ينزل ....
...غمغم وتمتم وتأفف :يالينني كنت تاجر بترول ... طبعا البترول المهرّب الذي طالما أحرق مهرّبيه في شويحناتهم ولذلك صار الأمر ممكنا للمتنفذين فقط....
وصل أوّل زبائنه وسأل عن السّعر
- سبعمائة ملّيم فقط.... التفّاح والبرتقال .
اختار الرّجل سبع برتقالات ووزنها له وانصرف بعد أن نقده ما تيسّر ...
-إن شاء الله نهارك مبروك ...
وترشّف من القهوة المرّة وتمضمض وتمضمض وابتلعها غصبا عنه ....
وأقبل رجلان أحدهما يعلّق أشراطا على كتفه .. نزلا من شاحنة البلديّة وأمره أحدهما أن يحمل سلعته وينطلق الى داره وإلا فإنّه سيضطرّ لمصادرتها وأعلمه أنّه لايحق له الانتصاب في هذا المكان ولافي أي ّ مكان آخر وتوسّله وتوسّله ولكن دون جدوى فجرّب العصيان وكان ذلك سببا في مصادرة سلعته الغالية و مصادرة طيف أحلامه الخاوية ...
وارتمى على الأرض مولولا ولولة الملتاع وهو يرى سلعته ترمى في الشاحنة ويتبعها الميزان العادل ويسمع توجّعه والكفّتان تصطدمان بصفيح العربة ...وتخرّان صامتتين ولاتقدران حتّى على توديعه .. وانطلقت العربة وبقي المسكين يتضوّر ألما ويتجرّع ندما و......هو يرى حلما آخر قد سقط على قارعة الطريق .... وجرّ أذياله وعاد كسيرا حزينا عاد والصّدر يمتلئ أنينا واندلف إلى غرفة أمّه وانساب في نشيج يدمي القلوب وعندما بدأت أوجاعه تخفّ حدّث نفسه واندسّ في صدره وسواسه .:
ترى أتعرف ماذا فعلت البلديّة بصناديق غلالك التي صادرتها منك ؟ترى هل باعوها في سوق الجملة ووضعوا نقودها في الخزينة العامّة وعندئذ ربّما تصير برتقالاتك حجرا في رصيف يسير عليه من لايريد لنعله أن يتّسخ وربّما تصير حجرا في مدرسة تنير عقول الصّغار أو مصباحا في شارع الحرّيّة يضيء على نساء قريتك أوحقنا تشفي مريضا شارف على الموت والحق ّ أنك تفسد اقتصاد بلدك وتدمره وتسببّ مشاكل مع شركاء البلاد من المجموعة الاقتصادية الاروبية ...هم أعدّوا السوق لسلعم وأنت جئت تنافسهم وتقطع رزقهم تصوّر أنه يوجد مئات الآلف من امثالك يبيعون سلعهم على الرّصيف وينقصون من رزق الشّركاء الطيبين أتعلم نتيجة عملك هذا ...سيفرّون الى بلاد أخرى وعندئذ ماذا سيحدث ؟
....ترى هل ألقت البلديّة بسلعتك لقلّة جودتها في مصب النفايات أو تم تحويلها إلى أسمدة تستفيد منها حقول بلادك ومزارعها ومهما فعلت البلديّة بسلعتك فإنّها فعلت ذلك وهي تخاف الإلاه وكل البلديات تفعل مافعلت بلديّتك مساهمة منها في حماية اقتصاد البلد وتوفيرالمناخ السليم للمستثمرين بإزاحة أمثالك من طريقهم .... فكّر وفكر وتناوبته الهواجس وراجعته الآمال وانحسرت وانقضت عليه الآلام وانتصرت وقرّر الشكوى وجاءه صوت أّمّه : لاأحد يغضب البلديّة والله وحده أقوى منها ...لم ييأس وجرّب واختار مايكره ...اختار النّار كما اختار غيره ماء البحار وقرّر الهروب إلى الله الواحد الغفاّر .....
الإسلام في إفريقيا .. منطلقات و قيم |
إن قصة دخول الإسلام وانتشاره في القارة الإفريقية من أقصى شمالها (مصر الكنانة) إلى أقصى جنوبها (جنوب إفريقيا)، وتغلغله شرقا وغربا، لجديرة بالدراسة والتمعن وأخذ العبر والعظات، فإفريقيا السمراء ثاني أكبر قارة في العالم بعد آسيا من حيث تعداد السكان، ففيها يعيش اليوم 950 مليون نسمة يمثلون 14.2 في المائة من سكان العالم، ومساحتها تقدر بـ 30.2 مليون كم2 تمثل 6 في المائة من مساحة الكرة الأرضية و20.4 في المائة من إجمالي مساحة يابس المعمورة، وهي تعادل ثلاثة أضعاف مساحة أوروبا، وتمتد إفريقيا طولا قرابة 8 آلاف كم، وعرضا 7.4 آلاف كم، تضم 53 دولة، وتحوي جميع معالم الجغرافيا من السهول والوديان إلى الهضاب والجبال، ومن الصحراوات القاحلة إلى الأراضي الفيضية والغابات الكثيفة، فكيف انتشر الإسلام في هذه المساحات الشاسعة، ومازال يشكل أكثر الديانات انتشارا، ليس في إفريقيا فحسب، بل في جميع أركان المعمورة، وخاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م؟ وصدق الحق حين يقول {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوكَرِهَ الْكَافِرُونَ. هُو الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوكَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}(التوبة- 32،33)، وتذكر أصح الإحصاءات، أن المسلمين يشكلون قرابة 45 في المائة من سكان القارة، وتمثل نيجيريا أكبر دولة مسلمة فيها بملايينها الـ133، وبتطبيق حكم الشريعة الإسلامية في بعض ولاياتها. نور الإسلام يشرق في الشرق والشمال أولا
ولكن الدخول الحقيقي للإسلام في إفريقيا بدأ من كنانة الله في أرضه، حيث استقبلت مصر المحروسة عام 20 هـ (641م) العرب المسلمين في عهد عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، وكانت مصر بعد أن انتشر فيها الإسلام قاعدة الفتح لإفريقيا الشمالية، وأما بلاد المغرب العربي فبدأ فتحها في عهد عثمان بن عفان (رضي الله عنه)، وذلك سنة 27هـ (648م) على يد عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وتبعه الأمويون حتى وصل عقبة بن نافع لأقصى الغرب وغمس سيقان حصانه في مياه الأطلسي، حيث كَمل انتشار الإسلام بشمال إفريقيا جميعها في القرن الأول الهجري (السابع الميلادي) وبلغ منها إسبانيا وقتها.
وتجدر الإشارة إلى أن التجار المسلمين قد قاموا بدور بارز في نشر الإسلام في إفريقيا السوداء على العموم، فقد كانت الطرق التجارية الموصلة بين المراكز الإسلامية في شمال القارة والبلاد الواقعة فيما وراء الصحراء هي المسالك الحقيقية التي تسرب الإسلام عبرها إلى قلب إفريقيا، وكذا الأمر بالنسبة للطرق التجارية على طول ساحل المحيط الأطلسي، فقد قامت هذه الطرق بدور جليل الشأن في نشر الإسلام في بلاد السنغال وأعالي النيجر ومنطقة بحيرة تشاد، كذلك كان شأن الطرق التجارية التي تصل وادي النيل ببلاد السودان وشرق إفريقيا، وصدق الرسول الكريم حين قال «التاجر الأمين الصادق المسلم مع الشهداء يوم القيامة» (رواه الترمذي).
ويذكر التاريخ بدهشة رحلة الحج لإمبراطورها مانسا موسى (أعظم زعماء إمبراطورية مالي، ومن أشهر زعماء إفريقيا والإسلام في القرون الوسطى) فقد حج لمكة عام 632هـ (1324م) عبر القاهرة، واستقبله المماليك في القاهرة بحفاوة بالغة، وقد انخفض سعر الذهب بالعالم إثر رحلة الحج تلك لكثرة ما وزع من ذهب على طول الرحلة، ودخل اقتصاد العالم أجمع في حالة تضخم سريع (ارتفاع أسعار) لعشرين سنة تالية بسبب ذهب تلك الرحلة، وفي هذه السنة أصبحت العاصمة تمبكتو على شمال غرب نهر النيجر مركزا لتجارة الذهب وتعليم الإسلام، وفي أواخر القرن الثامن الهجري (الـ14م) استقلت الأقاليم الخارجية، ومن جنوب منحنى نهر النيجر هاجمت قبائل موسي (Mossi) قلب الإمبراطورية، واستولى الطوارق، وهم بدو جنوب الصحراء الكبرى، على تمبكتو العاصمة، وقامت إمبراطورية سونجهاي في الجانب الشرقي لمنحنى نهر النيجر، وعاصمتها جاو وكانت تمتد من ساحل المحيط الأطلنطي حتى وسط النيجر، وفي أواخر القرن العاشر الهجري (الـ16م) عانت الإمبراطورية من الصراعات والنزاعات مما أضعف السلطة المركزية حيث نشأت دول بالشرق عدة كبورنو ودول مدن الهوسا وسلطنة الطوارق، واستولت عليها مراكش عام 1000هـ (1591 م).
أما وصول الإسلام إلى دولة اتحاد جنوب إفريقيا، فهو قصة تجسد استعباد الاستعمار الأوروبي للشعوب فعندما أخذ الهولنديون يفرضون سيطرتهم على جزر اندونيسيا، وشبه جزيرة الملايو قاوم المسلمون في هذه المناطق الاحتلال، مما دفع المستعمر إلى نفي قادة الثورة إلى جنوب إفريقيا في عام 1062هـ (1652م)، وكان من بينهم الشيخ يوسف، شقيق ملك جاوا وزعيم المقاومة ضد الاحتلال الهولندي، وجاء ومعه 49 من الثوار المسلمين كسجناء، هكذا كان أول قدوم للإسلام إلى جنوب إفريقيا حيث بدأت الدعوة، كما استقدم البريطانيون (المستعمرون أيضا) العمال من شبه القارة الهندية في أواخر القرن الـ 19 وأوائل القرن العشرين للعمل بزراعة قصب السكر، وكان بين العمال عدد كبير من المسلمين، وبعد استقرار الجالية المسلمة بالبلاد قام المسلمون بنشر الدعوة الإسلامية بين الجماعات المستضعفة التي تعاني من التفرقة العنصرية، ثم أخذ الإسلام ينتشر بين المواطنين الأفارقة، وهكذا غزا الإسلام أقوى قلاع التفرقة العنصرية، واليوم يشكل المسلمون هناك 1.5 في المائة من سكان الدولة البالغ تعدادها 44 مليونا، واليوم يشكل المسلمون غالبية السكان في 29 دولة إفريقية (من إجمالي 53 دولة) ويتمركزون في شمال وغرب القارة، وهم أعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، هذا على الرغم من محاولات المستعمر الأوروبي للقارة تغيير ديانات شعوبها بعمليات التنصير المستمرة التي لم تنجح في تغيير معتنقي الدين الإسلامي، مقارنة بالديانات والمعتقدات الأخرى، وهذا حسب شهاداتهم الموثقة. |
المواطنة حصن الأمة
مقدمة
الحمد لله الذى أحاط بكل شئ علما ، والصلاة والسلام على رسوله الكريم الذى أنار لنا طريق الهداية ، وأوصد من دوننا باب الغواية ، وبعد ...
فإنني أقدم هذا البحث إليكم بعنوان ( المواطنة حصن الأمـة )، راجيا من الله أن يحظى لديكم بقبول حسن .
وإننى أعتذر سلفا إن كان الصواب قد جانبنى هنا أو هناك ، فالخطأ فى الإدراك من سمات البشر والكمال لله وحده ، وله القصد أولا و أخيرا .
وأجدنى مسرورا أن أسجل شكرى لكل من أعاننى على إخراج هذا البحث وأخص بالثناء أصحاب المصادر الذين غرفــت من علمـهـم ، لهم منى جميعا خالص الشكر ولهم عند الله موفور الجزاء .
<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]--><!--<!--<!--[if !mso]> <object classid="clsid:38481807-CA0E-42D2-BF39-B33AF135CC4D" id=ieooui> </object> <style> st1\:*{behavior:url(#ieooui) } </style> <![endif]--><!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]--><!--<!--
موضوع البحث
1- مفهوم المواطنة
2- الحقوق ( المدنية ، السياسية ، الأقتصادية ، الأجتماعية ، الثقافية )
3- حرية العقيدة
4- المواطنة أم الأمة
5- المواطنة لغة
6- المواطنة اصطلاحا
7- المواطنة فى الموسوعات
8- المتحدثون بالمواطنة
9- عناصر المواطنة
10- المواطنة عبر التاريخ
11- لا دينية مفهوم المواطنة
12- ضيق المواطنة ومحدوديتها
13- الأمة وليست المواطنة
14- المواطنة فى تصورات بعض الأسلاميين
15- أخطار إدماج مفهوم المواطنة فى النسيج الثقافي للأمة
16- مبدأ المواطنة في استحقاق الدستور الدائم
17- مفهوم المواطنة الدستورية لدى هابر ماس
18- المراجــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع
ما هي المواطنة ؟ هل نستطيع أن نطبق هذا المفهوم في مجتمعاتنا التي ما زالت ولاءتها متبلورة حول العرق والجنس والقومي والديني ،مبتعدين كل البعد عن مفهوم المواطنة والتي تنطوي تحت مفهوم الانتماء للدولة وليس لشيء آخر.على الرغم من أن هذا المفهوم ليس حديثاً بل أنه قديم يرجع إلى عصور قديمة مثل اليونانية والرمانية ،وقد تطور مفهوم المواطنة بشكل مستمر إلا إنه تراجع بعد سقوط الإمبراطورية الرمانية ،وفي فترة الإقطاع وحتى نهاية العصور الوسطى والتي امتدت مابين 300حتى 1300 م ،وتطور مفهوم المواطنة بعد ذلك لتأثره بحدثين هامين هما إعلان استقلال الولايات المتحدة في عام 1786 ،والمبادئ التي آتت بتا الثورة الفرنسية في عام 1789 فكانا نقطة تحول تاريخية في مفهوم المواطنة .
فما هي المواطنة كتعريف .
المواطنة بشكل بسيط وبدون تعقيد هي انتماء الإنسان إلى بقعة أرض ،أي الإنسان الذي يستقر بشكل ثابت داخل الدولة أو يحمل جنسيتها ويكون مشاركاً في الحكم ويخضع للقوانين الصادرة عنها ويتمتع بشكل متساوي مع بقية المواطنين بمجموعة من الحقوق ويلتزم بأداء مجموعة من الواجبات تجاه الدولة التي ينتمي لها ، ومن هذا المنطلق نستطيع أن نتعمق في مفهوم المواطنة وما يترتب عليها من أسس و كيفية منح المواطنة وغير ذلك من مفاهيم لم نمارسها في حياتنا اليومية ،فالمواطن هو الإنسان الذي يستقر في بقعة أرض معينة وينتسب إليها ،أي المكان الإقامة أو الاستقرار أو الولادة أو التربية ،أي علاقة بين الأفراد والدولة كما يحددها قانون تلك الدولة وبما تتضمنه تلك العلاقة من واجبات وحقوق في تلك الدولة ,ولكن هل يولد الإنسان مواطناً ومتى يصبح الفرد مواطناً حقيقياً .
إذا العنصر الأساسي في مفهوم المواطنة هو الانتماء الذي لا يمكن أن يتحقق بدون تربية المواطنة فهي ضرورية لتحقيق المواطنة ،من هنا نستنتج بأنه روح الديمقراطية هي المواطنة فلذلك قبل أن نتكلم عن الديمقراطية يجب أن نعي حقيقة المواطنة التي هي قلب النابض لمفهوم الديمقراطية ،من هنا ضرورة التطرق إلى حقوق وواجبات المواطن في الدولة التي ينتمي إليها ،فما هي الحقوق الأساسية لمفهوم المواطنة في دولة ديمقراطية ، فيترتب على المواطنة الديمقراطية ثلاثة أنواع رئيسية من حقوق وحريات التي يجب أن يتمتع بتا جميع المواطنين في الدولة دونما تميز من أي نوع ولا صيما التميز بسبب العنصر أو اللون أو اللغة أو أي وضع آخر وهذه الحقوق كما يلي :-
وهي مجموعة من الحقوق تتمثل في حق المواطن في الحياة وعدم إخضاعه للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاانسانية أو الإحاطة بالكرامة وعدم إجراء أية تجربة طبية أو علمية على أي مواطن دون رضاه ، وعدم استرقاق أحد والاعتراف بحرية كل مواطن طالما لا تخالف القوانين ولا تتعارض مع حرية آخرين ، وحق كل مواطن في الأمان على شخصه وعدم اعتقاله أو توقيفه تعسفياً ، وحق كل مواطن في الملكية الخاصة ، وحقه فسي حرية التنقل وحرية اختيار مكان إقامته داخل حدود الدولة ومغادرتها والعودة إليها وحق كل مواطن في المساواة أمام القانون ، وحقه في أن يعترف له بالشخصية القانونية وعدم التدخل في خصوصية المواطن أو في شؤون أسرته أو بيته أو مراسلاته ولا لأي حملات غير قانونية تمس شرفه أو سمعته وحق كل مواطن في حماية القانون له ، وحقه في حرية الفكر ، والوجدان والدين واعتناق الآراء وحرية التعبير وفق النظام والقانون وحق كل طفل في اكتساب جنسيته .
وتتمثل هذه الحقوق بحق الانتخابات في السلطة التشريعية والسلطات المحلية والبلديات والترشيح ، وحق كل مواطن بالعضوية في الأحزاب وتنظيم حركات وجمعيات ومحاولة التأثير على القرار السياسي وشكل اتخاذه من خلال الحصول على المعلومات ضمن القانون والحق في تقلد الوظائف العامة في الدولة والحق في التجمع السلمي .
وتتمثل الحقوق الاقتصادية أساسا بحق كل مواطن في العمل والحق في العمل في ظروف منصفة والحرية النقابية من حيث النقابات والانضمام إليها والحق في الإضراب ، وتتمثل الحقوق الاجتماعية بحق كل مواطن بحد أدنى من الرفاهة الاجتماعي والاقتصادي وتوفير الحماية الاجتماعية والحق في الرعاية الصحية والحق في الغداء الكافي والحق في التامين الاجتماعي والحق في المسكن والحق في المساعدة والحق في التنمية والحق في بيئة نظيفة والحق في الخدمات كافية لكل مواطن ، وتتمثل الحقوق الثقافية بحق كل مواطن بالتعليم والثقافة هذه بالنسبة إلى الحقوق أم الواجبات التي تقع على عاتق المواطن فهيا كالآتي :-
1- واجب دفع الضرائب للدولة .
2- واجب إطاعة القوانين .
3- واجب الدفاع عن الدولة .
حيث تعتبر الواجبات المترتبة على المواطن نتيجة منطقية وامرأ مقبولاً في ضل نظام ديمقراطي حقيقي يوفر الحقوق والحريات للمواطن وبشكل متساوي وبدون تميز.
وأيضا ، يقصد بالمواطنة العضوية الكاملة والمتساوية في المجتمع بما يترتب عليها من حقوق وواجبات، وهو ما يعني أن كافة أبناء الشعب الذين يعيشون فوق تراب الوطن سواسية بدون أدنى تمييز قائم على أي معايير تحكمية مثل الدين أو الجنس أو اللون أو المستوى الاقتصادي أو الانتماء السياسي والموقف الفكري، ويرتب التمتع بالمواطنة سلسلة من الحقوق والواجبات ترتكز على أربع قيم محورية هي:-
أولا- قيمة المساواة:-
التي تنعكس في العديد من الحقوق مثل حق التعليم، والعمل، والجنسية، والمعاملة المتساوية أمام القانون والقضاء، واللجوء إلى الأساليب والأدوات القانونية لمواجهة موظفي الحكومة بما في هذا اللجوء إلى القضاء، والمعرفة والإلمام بتاريخ الوطن ومشاكله، والحصول على المعلومات التي تساعد على هذا.
ثانيا- قيمة الحرية:-
التي تنعكس في العديد من الحقوق مثل حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية، وحرية التنقل داخل الوطن، وحق الحديث والمناقشة بحرية مع الآخرين حول مشكلات المجتمع ومستقبله، وحرية تأييد أو الاحتجاج على قضية أو موقف أو سياسة ما، حتى لو كان هذا الاحتجاج موجها ضد الحكومة، وحرية المشاركة في المؤتمرات أو اللقاءات ذات الطابع الاجتماعي أو السياسي .
ثالثا- قيمة المشاركة:-
التي تتضمن العديد من الحقوق مثل الحق في تنظيم حملات الضغط السلمي على الحكومة أو بعض المسئولين لتغير سياستها أو برامجها أو بعض قراراتها، وممارسة كل أشكال الاحتجاج السلمي المنظم مثل التظاهر والإضراب كما ينظمها القانون، والتصويت في الانتخابات العامة بكافة أشكالها، وتأسيس أو الاشتراك في الأحزاب السياسية أو الجمعيات أو أي تنظيمات أخرى تعمل لخدمة المجتمع أو لخدمة بعض أفراده، والترشيح في الانتخابات العامة بكافة أشكالها .
رابعا - المسئولية الاجتماعية:-
التي تتضمن العديد من الواجبات مثل واجب دفع الضرائب، وتأدية الخدمة العسكرية للوطن، واحترام القانون، واحترم حرية وخصوصية الآخرين .
المواطنة ليست كلمة نسطرها في مقالات ولا أنشودة نتغنى بها في مناسبات.. بل هي حياة نحياها وواقع نعيش فيه.
المواطنة هي حصن فيه كيان الأمة يتحصن وقلعة بها وحدة الوطن تتمنع.. أساسها الدين لله والوطن للجميع حيث يتعايش الجميع معًا ساعين وراء الرزق تاركين أمر العقيدة والدين لصاحبه يكافئ ويجازي كيفما شاء.. نادى بها الرئيس مبارك مرارًا وأخرها في تهنئته للأقباط المسيحيين بمناسبة عيد القيامة المجيد 2009 حيث أكد أن لا أحد يستطيع المساس بوحدة الشعب الوطنية وأن الشعب القبطي مسيحييه ومسلميه يحيا تحت راية المواطنة حقوقًا وواجبات ومن قبله جسّد الزعيم مصطفى كامل هذه الحقيقة بفكره المستنير واضعًا قانون المواطنة وكان نصه "الدين لله والوطن للجميع"، وبحلول عام 1919 صك الشعب المصري عملة مواطنيه يعلو وجهها الصليب وكان الهلال على وجهها الآخر فكانت درعًا واقيًا أمام مطامع المستعمر.
وجاءت نكسة 67 السوداء طارحة راية الأمة أرضًا فقام الشعب المصري ونسج رايته من خيوط (مسلمسيحية) مشهرًا إياها سلاحًا فتاكًا عام 73 في وجه العدو طارحًا إياه بكل قوته وخطوطه المنيعة أرضا حيث تلى المشير أحمد إسماعيل وزير الدفاع وقتها آيات إنجيلية وأخرى قرآنية تحث الجنود كل حسب ديانته على الجهاد والتضحية.
هذا التاريخ المضيء قد سطر المواطنة بمداد الفكر المستنير فوق سطور حرية العقيدة الذهبية، لم تكن حرية العقيدة أساسًا للمواطنة في مصر فقط بل في كل بلدان العالم، فالفرد له مطلق الحرية فيما يعتقد وبما يدين وثمة تدخل من الحكومات في هذا الشأن يكون قهرًا يتنافى مع حقوق المواطنة.
ومن هنا كان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة 216 أد/ ن في 10 ديسمبر 1948 – المادة 18 الذي أعطى الفرد حرية الفكر والوجدان والدين والمعتقد وكان قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 55 / 36 في 25 نوفمبر 1981 يمنع فيه قهر الفرد على عقيدة وأيضًا يمنع التمييز بين الأفراد على أساس المعتقد والدين.
كما جاء الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان في الدورة المنعقدة لمجلس الرؤساء الأفارقة في نيروبي في 18 يونيو 1981 حيث أقرت المادة 8 حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية دون قيد على أي فرد.. كما ذخر القانون المصري بالنصوص التي تكفل للفرد حرية معتقده ودينه، ففي الدستور المصري لحماية حقوق الإنسان الباب الثاني الخاص بالحريات والحقوق والواجبات العامة نصّت المادة 40 أن المواطنين لدى القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والواجبات ولا تمييز بينهم بسبب اللغة أو الأصل أو الدين أو العقيدة أو الجنس.
كما جاءت المادة 46 من الدستور نفسه بأن الدولة تكفل حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية وبلغت استنارة الفكر المصري في المادة 47 من القانون 143 لعام 1994 فقرة 2 حيث نصّ على تغيير العقيدة دون قيود، وهكذا اجتمع العالم كله واتفقت سائر الجهات في المسكونة على حقيقة واحدة تؤكد أن حرية العقيدة هي أحد أساسات هذه القلعة وواحدة من ركائز هذا الحصن وأن التمييز بين الأفراد بسببها يرجع إلى فكر الإرهاب المظلم الذي يمزق المواطنة محطمًا القلعة والحصن ويصبح المواطن عبدًا في وطنه، فلم ينظر الشعب الأمريكي لعقيدة أوباما الدينية الذي كان مسلمًا ثم تحوّل إلى المسيحية لأن هذا أمر خاص بين الفرد وربه بل نظر إلى كونه مواطنًا يصلح رئيسًا للبلاد، كما لم يهتم أوباما بكون داليا مجاهد المصرية الأصل مسلمة ومحجبة بل إلى كونها مواطنة أمريكية تصلح مستشارة في مجلس مستشاريه.
وفي مصر ومنذ أيام مضت ألغى المستشار فتحي هلال نائب رئيس مجلس الدولة قرارًا لوزير التعليم د. حسين الجمل بإيقاف معلمات في الإسماعيلية لأنهن منقبات وجاءت حيثيات الحُكم أن قرار الوزير مخالف لمبادئ حرية العقيدة والحرية الشخصية وأضاف المستشار هلال أن قرار الوزير جاء مفتقدًا للمبرر القانوني كما أنه يدل على الانحراف بالسلطة والابتعاد عن الصالح العام وهنا انتهى ما قاله نائب رئيس مجلس الدولة.
وأيضًا أكد لنا فضيلة د. علي جمعة مفتي الديار المصرية أن حرية الاعتقاد لا سلطان عليها فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، كما أكد أن أحكام الإسلام جعلته ينتشر بالحسنة وليس بالسيف.
كل في وطنه يتمتع بمواطنته الممتزجة بحرية الدين والعقيدة ولكني أتساءل عن أحداث غريبة دخيلة على المواطنة المصرية، فشاهدنا ما حدث للأقباط البهائيين في سوهاج من ضرب وحرق وأخيرًا طُردوا من ديارهم، وما حدث لإخوتهم الأقباط المسيحيين ولا زال يحدث (بداية من الخانكة ومرورًا بالزاوية الحمراء فالكشح الأولى وبعدها الثانية ثم أحداث الإسكندرية إلى دير أبو فانا وما حدث في القليوبية) وننتقل إلى عين شمس والمنيا وغيرها من بقاع مصر حيث ضُربوا وجُرحوا وقُتلوا.. تهدمت كنائسهم وممتلكاتهم.. خُطفت بناتهم وأُجبرن على تغيير ديانتهن قهرًا.. كلها أحداث همجية بربرية دسها الإرهاب اللعين ليُعد مصر فريسة شهية على مائدة من يريد النيل منها ومن شعبها الواحد.
ومما آثار دهشتي وقلقي في الأيام القليلة الماضية ما حدث بعزبة دبوس – سمالوط في 4 أبريل 2009 حيث هوجم32 مسيحي كانوا يقيمون صلوات تبريك في منزل بنيامين عطية وكان السبب هو إقامة شعائر دينية دون تصريح.
إن مصر تقدست أرضها ببركة أديانها وشعبها المبارك المتدين، الكل يدعو الله من أجل سلامها وطمأنينتها وأمنها.. الأديان فيها تحث على التوبة والسلوك القويم وتنهي عن الخطية والجريمة فيعيش المواطن حياة آمنة كريمة... الكل يعبد الله الخالق دون إذن أو تصريح.. فهل من المعقول أن تُؤخذ موافقة المخلوق على الصلاة للخالق؟! هل من اللائق أن يُستأذن المخلوق لإقامة صلاة للخالق؟! هل مفروض على كل مَن يريد دعوة ربه ليرحمه ويحفظ بلاده أن يستصدر تصريحًا؟!
إن الإرهاب مد ألسنته المتقدة نارًا ليحرق المواطنة المصرية ليترك مصر رمادًا تدوسها أقدام الطامعين الطامحين للنيل منها.. إن التاريخ عامر حافل على مدى أيامه بسلوك المستعمر على اختلاف أجناسه منتهجًا سياسة "فرق تسد "وكان الإرهاب وسيلته والقضاء على مواطنة ووحدة الشعوب غايته ظافرًا بالبلاد بين أنيابه.. إن مصر الآن في حرب ضروس تواجه قنبلة إرهابية أبشع من قنبلة هيروشيما ونجازاكي.. هذه القنبلة موجهة لهدم أقوى أعمدة المواطنة.. حرية العقيدة.. موجهة لإيجاد التمييز بين أبناء الشعب في إقامة الشعائر ودور العبادة.. في الكيل بمكيالين بين عناصره.. في تبرئة المعتدي وإدانة المظلوم.. في قصر الوظائف القيادية على جانب دون الآخر حينئذ تنفتح الثغرات للفتك بالأمة مجتمعة بكل فئاتها ولن يملك أحد إلا الندم على انهيار حصن المواطنة.
أحبائي إن ثروة مصر الحقيقية في أبنائها الساكنين في منجم مواطنتها المرتكزة على أعمدتها الرصينة، هذه هي مصر وهذا هو فكرها المستنير وما خالفه من أفكار وتيارات إرهابية سوداء هو دخيل وغريب على شخصية مصر ومواطنتها الرصينة ومواطنيها الأوفياء.
أدعو كل مصري مثقف أن يتسلح بالفكر المستنير وأن يجاهد مدافعًا عن المواطنة في وطننا وعن مسيرته نحو الفكر المستنير... أدعو كل مصري أمين لرفض الإرهاب ونبذ كل من يريد إضرام نار التمييز بين أبناء الأمة مثل المغلول ابن النجار زغلول عندما انبرى مشوشًا كعادته في برنامج "على الهوا" مع جمال عنايت قائلاً "أن النصارى في مصر رفعوا رؤوسهم وأن الحكومة ضعيفة أمامهم ولابد أن يلزموا حدودهم ولازم يتعلموا الأدب"!! كلام غريب ودخيل على وطننا لا يخرج من بين شفتي أحد يخلص لهذا الوطن... كلام ملئ بالحقد والكراهية للوطن ومواطنيه جميعًا.. كلام من قلب سكن داخله الإرهاب وسجن وراء قضبانه المحبة والإخاء فأطاح بالمواطنة ومصيرها إلى الفناء.
أدعو كل مَن يحب هذا الوطن العظيم إلى الاحتماء بذلك الحصن المنيع وأعمدته الرصينة
( المواطنة ) .
وقبل أن أختم لا يفوتني أن أبعث وإخواني في المهجر فائق الاحترام والتقدير إلى فخامة الرئيس محمد حسني مبارك مؤكدا لفخامته حُبنا الصادق لمصرنا في شخصه الكريم.. مؤكدًا لسيادته أن أبناءه في المهجر لم ولن ينسوا مصرهم المباركة من الله... معلنًا ولائنا لوطننا الغالي واعتزازنا بمواطنتنا فيه مهما بلغت المسافات بيننا.. مجددين الثقة في قيادته الرشيدة العادلة والتي تعطي كل ذي حق حقه.. ولا تسمح لأنياب الإرهاب اللعين أن تلتهم مواطنًا . واحدًا من شعبه.. فأنت قائد مسيرتنا وحامي وطننا وداعم أعمدة المواطنة .
تمر كثير من النخب المثقفة في عالمنا الإسلامي بشقيه العربي والعجمي منذ عقود بأزمة فكرية حادة، وحالة انهزامية واضحة، أمام كثير من المصطلحات الوافدة من العالم الغربي (المتقدم تقنيا)، ويتمثل ذلك في قبول تلك المصطلحات، والترويج لها، والدعوة إلى تعميمها؛ لتسود مناخنا الفكري والثقافي، ومهاجمة من يقف في الاتجاه المعاكس، بل والساكت الذي لا يظهر موافقة ومشايعة، ويشاركهم في هذا فئة تنتسب إلى العلم الشرعي ويزيدون عليهم بمحاولة إضفاء مسحة أو شكل إسلامي على تلك المصطلحات بأساليب غريبة وبعيدة عن أساليب أهل العلم ومجافية لأصول الاستدلال المستقرة لدي العلماء، فيتسولون الدلالات ويستنطقون النصوص باستكراهها ليزرعوا هذه المصطلحات ويستنبتونها في بنية المنظومة الثقافية الإسلامية، يفعلون ذلك مع أكثر المصطلحات القادمة من وراء البحار وكأن دور الإسلام مع هذه المصطلحات الشهادة لها بالسبق والتصديق عليها بالإصابة.
منذ عقود طويلة استقدمت كثير من المصطلحات كالاشتراكية والعلمانية وتحرير المرأة والرأسمالية والديمقراطية والمعارضة والأحزاب السياسية والليبرالية والدولة المدنية، وغير ذلك، وقد تبين فساد مدلولات بعض تلك المصطلحات بعد فترة من الزمن رغم الوهج الذي كانت تتمتع به عند ظهورها، وما زالت هناك مصطلحات لها وجود وحضور وتأثير في الواقع رغم عدم صلاحيتها ومخالفتها للشرع المنيف، وقد تعرضتُ في مرات سابقة لمدلولات بعض هذه المصطلحات كالديمقراطية والعلمانية والمعارضة والدولة المدنية، والمشاركة في البرلمان وغير ذلك وبينت بعض مخالفاتها للشريعة، وفي هذا المقال نتعرض لمصطلح المواطنة الذي كثر تداوله هذه الأيام وأصبح له وجود فاعل وتأثير واضح في القوانين والفكر والثقافة والمجتمع، وإن كان هذا المصطلح بدأ في التعرض للاهتزاز فيما يشبه الأزمة، وذلك بفعل تأثيرات العولمة الملغية لتأثيرات الحدود (الجغرافيا) ولخصوصيات المجتمعات )الثقافة والفكر والعادات) والتي تستهدف إلغاء أو كسر الحاجز الوطني .
لفظ المواطنة لغة مأخوذ من مادة "و ط ن" لكن ليس على المعنى المصطلح عليه، وفي لسان العرب: "الوطن المنزل تقيم به وهو موطن الإنسان ومحله والجمع أوطان، وأوطان الغنم والبقر: مرابضها وأماكنها التي تأوي إليها... وطن بالمكان وأوطن: أقام، وأوطنه: اتخذه وطنا، يقال أوطن فلان أرض كذا وكذا: أي اتخذها محلا ومسكنا يقيم فيها، والميطان: الموضع الذي يوطن لترسل منه الخيل في السباق، وفي صفته صلى الله عليه وسلم: "كان لا يوطن الأماكن"[1]، أي لا يتخذ لنفسه مجلسا يعرف به، والموطن: مفعل منه، ويسمى به المشهد من مشاهد الحرب وجمعه مواطن، والموطن: المشهد من مشاهد الحرب، وفي التنزيل العزيز :"لقد نصركم الله في مواطن كثيرة""[2]، وفي المصباح المنير في غريب الشرح الكبير: "الوطن: مكان الإنسان ومقره، ومنه قيل لمربض الغنم: وطن، والجمع أوطان مثل سبب وأسباب، وأوطن الرجل البلد واستوطنه وتوطنه: اتخذه وطنا، والموطن مثل الوطن والجمع مواطن مثل مسجد ومساجد، والموطن أيضا: المشهد من مشاهد الحرب، ووطن نفسه على الأمر توطينا: مهدها لفعله وذللها، وواطنه مواطنة مثل وافقه موافقة وزنا ومعنى"، فالكلمة تدور حول المكان والإقامة فيه، وليست تحمل مدلولا اصطلاحيا يحمل قيمة تزيد عن معناها اللغوي، ومن هنا يتبين أنه لا دلالة لغوية في كلمة هذه المادة "وطن" على المعاني والدلالات التي أريد لها أن تحملها والتي نعرض لها لاحقا، وقد حاول البعض[3] أن يستخرج عن طريق القياس دلالة لغوية على جواز استعمال لفظ المواطنة بمعنى المعايشة، ورغم أن هذا الاستعمال لا وجود له في لغة العرب، بل هو محدث، فإنه بفرض وجوده أو صوابه فإنه لا يدل على المعنى الاصطلاحي الذي يراد أن يدل عليه لفظ المواطنة .
لكن هذا اللفظ أريد له أن يحمل بعدا فكريا وأيدلوجيا تبنى على أساسه التصورات والتصرفات في الوطن الذي يحمل اسم "دولة" ليحل محل الدين في صياغة التصورات والأفكار وإقامة العلاقات، خاصة أن هذا المصطلح ارتبطت بدايات ظهوره بتنحية الدين في العالم الغربي النصراني الذي ظهر فيه، وتغليب مفاهيم بديلة تتنكر للدين وتعلي من قيمة الجنسية والتراب الوطني والاعتزاز به أكثر من غيره، والانتماء إلى تراثه التاريخي وعاداته وثقافته ولغته، والتي شكلت نسيجا يحيط بالوطن حتى حولته إلى رمز يُوالى فيه ويُعادى عليه ومنه تستنبط القيم والسلوك و العادات؛ وعلى أساسه تحدد الحقوق والواجبات بعيدا عن الدين أو أي موروث فكري أو ثقافي يعارض هذه الفكرة، حيث يعمل على إذابة كل الأفكار والانتماءات العقدية والعرقية
ورغم أن مصطلح المواطنة لم يوجد على هذه الصورة أول أمره بل أخذ يتطور وينتقل من مفهوم إلى مفهوم، بحيث لا يمكن الوقوف على تعريف جامع له، إلا أنه ينظر للمواطنة بوجه عام على أنها علاقة قانونية بين الفرد (المواطن)[4] وبين الوطن الذي تمثله الدولة بسلطاتها الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، حيث تنظم القوانين السائدة هذه العلاقة، والتي تقوم على أساس الانتماء لوطن واحد خاضع لنظام سياسي واحد بعيدا عن الارتباط بشيء خارج إطار الوطن سواء كان الدين أو الثقافة أو غير ذلك، ، وهي علاقة اصطناعية ليست علاقة طبيعية، فهي ليست صفة لصيقة للإنسان بمقتضى إنسانيته بل هناك طرق لاكتسابها كما أن الإنسان يمكن أن بفقدها وفق شروط وضوابط معينة.
كما أن الأحكام المنظمة لهذه العلاقة قابلة للتغيير انطلاقا من إمكانية تغيير القوانين التي تضبط حدود تلك العلاقة وتبين الحقوق والواجبات المترتبة عليها.
وقد نصت كثير من الموسوعات كدائرة المعارف البريطانية والموسوعة السياسية لعبد الوهاب الكيالي، وقاموس علم الاجتماع لمحمد عاطف غيث على أن المواطنة علاقة بين فرد ودولة كما يحددها قانون تلك الدولة، وبما تتضمنه تلك العلاقة من حقوق يتمتع بها وواجبات يلتزم بها، انطلاقا من انتمائه إلى الوطن الذي يفرض عليه ذلك، ومن هنا يتبين أن المواطنة أضحت فكرة وتصورا تنبثق منها الحقوق والواجبات وتتحدد على أساسها الالتزامات، وتحولت بذلك إلى أيديولوجيا يلتف حولها الأفراد في الوطن الواحد على اختلاف لغاتهم ومللهم ونحلهم.
وانطلاقا من مبدأ المواطنة يصير جميع الأفراد (المواطنين) في مركز قانوني واحد، فما يجوز لفرد يجوز لجميع الأفراد، وما يمنع منه فرد يمنع منه جميع الأفراد، ومع إيمان المسلمين بوجوب العدل مع الجميع حتى لو كانوا كفارا محاربين كما نصت على ذلك النصوص الشرعية، لكن النصوص أيضا اختصت الكفار ساكني دار الإسلام (أهل الذمة) ببعض الأحكام التي يختلفون فيها عن المسلمين، والأخذ بمبدأ المواطنة على النحو المتقدم يعني إهدار تلك الأحكام، وبمقتضى ذلك يجوز لليهودي أو النصراني من ساكني دار الإسلام أن يكون وليا لأمر المسلمين، وبمثل ذلك يقول كل الذين ينادون بمبدأ المواطنة، وهذا مما يتبين به تعارض مفهوم المواطنة مع الأحكام الشرعية في هذا الباب وأبواب أخر، ولا شك أن التقيد بالأحكام الشرعية يعني عدم القبول بمبدأ المواطنة أو التقيد به.
والكلام المنقول عن المحتفين بمبدأ المواطنة أو الآخذين به والداعين إليه يؤيد ذلك الكلام المتقدم ويؤكده.
يقول د/يحيى الجمل: "بوضوح وبإيجاز شديد، يعني مبدأ المواطنة أن كل مواطن يتساوى مع كل مواطن آخر في الحقوق والواجبات، ماداموا في مراكز قانونية واحدة... إذا صدرت قاعدة قانونية تقول إنه لا يجوز للمصري غير المسلم أن يتولى منصبًا معينًا أو ألا يباشر حقًا سياسيا معينًا فإن هذه القاعدة تكون غير دستورية لمخالفتها مبدأ المواطنة... إن حق المواطن بصفته مواطنًا أن يدخل أي حزب شاء، أو أن يلي أي منصب عام تنطبق عليه شروطه لا يرتبط بكونه منتميا إلي دين معين، أو أنه بغير دين أصلاً. فمن حق المواطن أن يكون مواطنًا حتى ولو لم يكن صاحب دين سماوي من الأديان الثلاثة المعروفة"[5].
فهذا القائل يرى أن المواطنة تتيح لكل أحد حتى لو كان ملحدا أو وثنيا أو من عباد الوثن أو عبيد الشيطان أن يكون وليا للأمر في بلاد المسلمين ما دام هو من سكان ذلك الوطن، ومن ثم فله الحق في التمسك بما يراه بل ويدعو إليه.
ويعدد علي خليفة الكواري مقومات الحكم الديمقراطي فيقول : "ثانيتها: مبدأ المواطنة الكاملة المتساوية الفاعلة, واعتبار المواطنة -ولا شيء غيرها- مصدر الحقوق ومناط الواجبات دون تمييز، وأبرز مظاهر المواطنة الكاملة هي تساوي الفرص من حيث المنافسة على تولي السلطة وتفويض من يتولاها، وكذلك الحق المتساوي في الثروة العامة التي لا يجوز لأي أحد أن يدعي فيها حقا خاصا "[6].
فالمواطنة ولا شيء غير المواطنة- عند الكواري-(دينا كان أو غيره) مصدر الحقوق ومناط الواجبات.
وعلى الدرب نفسه تسير د/ منى مكرم عبيد، فبعد أن نقلت عدة تعريفات للمواطنة عقبت على ذلك برأيها في معنى هذه الكلمة وما يترتب على الأخذ بها فقالت: "وبوجه عام يمكن القول أن المواطنة تعني "العضوية الكاملة والمتساوية في المجتمع بما يترتب عليها من حقوق وواجبات، وهو ما يعني أن كافة أبناء الشعب الذين يعيشون فوق تراب الوطن سواسية بدون أدنى تمييز قائم على أي معايير تحكمية مثل الدين أو الجنس أو اللون أو المستوى الاقتصادي أو الانتماء السياسي أو الموقف الفكري"[7].
فهي ترى أن المعايير القائمة على أساس الدين معايير تحكمية، أي معايير لا تعتمد على المنطق السليم والتفكير الرشيد، بل هي معايير لا تستند إلا لمنطق القهر والقوة وفرض الرأي على الآخرين.
من هذه المقولات وما يشبهها نجد أن المواطنة عند الآخذين بها تشتمل على عدة عناصر:-
1- علاقة قانونية بين فرد (مواطن) ودولة .
2- أساسها الاشتراك في وطن واحد .
3- وجود حقوق وواجبات متبادلة بين الفرد والدولة.
4- الوطن مصدر الحقوق والواجبات ولا شيء غيره .
5- المساواة بين الأفراد (المواطنين)جميعهم على قاعدة الاشتراك في الوطن .
6- خضوع الفرد (المواطن) لأنطمة المجتمع والتقيد بها .
7- استبعاد الدين من هذه العلاقة القانونية استبعادا مقصودا .
ويتبين من ذلك أن الدعوة إلى المواطنة هي في حقيقتها دعوة إلى العلمانية ولكن بمصلح جديد.
يرجع بعض الباحثين فكرة المواطنة إلى تاريخ متأخر جدا حيث يربطونها بدولة المدينة عند الإغريق في مدينة أثينا القديمة[8]، ومن اللافت للنظر أن كثيرا من الباحثين الغربيين يرجعون بدايات كل فكرة سياسية أو اجتماعية ذات قيمة لديهم إلى تلك المدينة، وكأنهم يريدون أن يبينوا أن لهم تاريخا يستندون إليه ويعتمدون عليه، ومن الصعب جدا-في ظل المعلومات المتوفرة عن مدينة أثينا- الحديث عن فكرة المواطنة فيها بمفهومها الحالي أو حتى قريبا منه، وإرجاع فكرة المواطنة إلى هذا التاريخ فيه تجاوز كبير إن لم يكن خطأ فادحا، مع العلم أن إرجاع هذه الفكرة لذلك التاريخ لا يعني صوابها، لكن من الممكن إرجاع البدايات المؤثرة والتي نتج عنها تطور هذا المفهوم للثورة الفرنسية العلمانية عام 1789 م وما تلاها، وقد ارتبط مفهوم المواطنة بالتطور السياسي في المجتمع الغربي النصراني حيث انتقل النظام من السلطة المطلقة الممنوحة للحكام بغير ضوابط إلى فكرة العقد الاجتماعي الذي قضى على سلطان الكنيسة، والذي انبنت عليه الدولة الحديثة في ثوبها العلماني القومي، وخاصة بعد تهميش الدين في نفوسهم وتحويله إلى مجرد شكليات وطقوس تؤدى في زمن محدد ومكان معين، ثم لا يكون لها خارج الوجدان الذاتي أدنى تأثير، والتي انتهت بكثير منهم إلى الإلحاد، وقد كان ابتداع فكرة المواطنة بمثابة حل للصراع القائم بين أصحاب التعددية العقدية والتعددية العرقية في المجتمع الغربي.
والآن تتعرض فكرة المواطنة لتحد كبير ناتج من التحديات التي أوجدتها العولمة المتغولة، حيث يراد إضعاف الهوية الوطنية، وإذابة المجتمعات في النسق الثقافي الغربي (فكرا-اقتصادا-سياسة)، وخاصة أمريكا، لتكون الدول المستهدفة بمثابة الحقل أو المنجم الذي يصب مواده الأولية في مصانع الغرب، بينما تباع مصنوعات الغرب في أسواقهم .
المواطنة-بالنسبة لمن يقولون بها-فكرة إنسانية بحتة، ليس لها أية مرجعية خارج نطاق الإنسان نفسه، يمكن أن تقاس عليها أو تحاكم من خلالها، ليس لها تعلق بالدين، ومن ثم فإن عقول البشر وأهواءهم هي التي تحكم هذه الفكرة وتضع لها المقاييس، وانطلاقا من هذا فإن الأفكار والعلاقات والقوانين المتعلقة بها تنتقل من وضع إلى وضع آخر ومن طور إلى طور ثان تبعا لزيادة علم الإنسان أو نقصانه وتبعا لحسن خلقه أو سوئه، وتبعا لما يراه محققا لمصالحه، فالمواطنة ليس لها أي مرجعية دينية، وإن حاول بعض من الناس إلصاقها بالدين، وقد بينت النقولات السابقة وغيرها تعارض فكرة المواطنة مع الدين، كما ظهر هذا التعارض عمليا عند إرادة تعديل الدستور المصري حيث رأى فريق من الناس أن المادة الثانية في الدستور التي تنص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيس للتشريع تتعارض تماما مع مفهوم المواطنة.
إن عد التمسك بالشريعة الإسلامية معارضا تماما لمبدأ المواطنة يبين أن المراد بالمواطنة ليس ما يزعمه المروجون لها وهو حسن التعامل مع المخالف أو البر به والعدل معه ونحو ذلك من المقولات التي تملها الأسماع، بل المراد منها تنحية الشريعة وإبطال العمل بها، وأن يحتكم الناس إلى ما يرونه ويتفقون عليه.
المواطنة انطلاقا من تقيدها بالوطن وانحصارها في الأفراد الذين يسكنونه فإن معانيها ودلالاتها تختلف من بلد لآخر، وتنحصر في الحدود الجغرافية لكل وطن، فليس لها صفة العموم والشيوع، فالإنسان لا يعامل معاملة (المواطن) ولا يتمتع بحقوق المواطنة إلا داخل حدود دولة يحمل جنسيتها حتى لو عاش أغلب حياته خارج حدود الوطن، بينما الإنسان الذي لا يحمل جنسية دولة ما لا يتمتع بحقوق المواطنة فيها وإن جلس عشرات السنين، أو قضى عمره كله فيها يعطيها من فكره وعقله وجهده.
وأصحاب الفكر الديمقراطي لا يرون معنى حقيقيا للمواطنة إلا في دولة ديمقراطية ليبرالية، كما أن أصحاب الفكر الاشتراكي لا يرون معنى حقيقيا للمواطنة إلا في دولة ديمقراطية اشتراكية.
والمواطنة بالنسبة للمسلمين تمثل دعوى للتفرق والتشتت والتقوقع، فيكون هناك ولاء من الفرد (المواطن) لوطنه يلتزم بقوانينه ويدافع عنه، ولا يتعدى ذلك إلى محيطه الأوسع وأمته المترامية الأطراف، لأن المواطنة مرتبطة بأبعاد جغرافية محدودة لتحقيق منافع دنيوية.
وبتبني المواطنة والدعوة إليها تزداد عوامل الانعزال بين أوطان الأمة الواحدة، وانطلاقا من هذه المواطنة المحشورة في الوطن أفتى بعض المنسوبين للعلم، المسلمين في الجيش الأمريكي-عندما اعتدت أمريكا على أفغانستان-بجواز الاشتراك في مقاتلة المسلمين في أفغانستان، ومن قبل ذلك بعقود في بداية القرن العشرين الميلادي قامت في مصر دعوات مناهضة لاشتراك المصريين في مساعدة إخوانهم الليبيين ضد الاحتلال الإيطالي، فالمواطنة تفرق بين أبناء الأمة الواحدة وتجعل للمشاركين في الوطن المسلم-من أهل الديانات المباينة له-حقوقا ليست للمسلم من وطن آخر، مما يمثل إعلاء لرابطة المواطنة (الوطن) على رابطة الدين (الأمة)، وفي هذا مخالفة صريحة للنصوص الشرعية التي تعلي رابطة الإيمان وتجعلها فوق الروابط جميعها، فهناك روابط كثيرة تربط بين الأفراد كرابطة الأبوة والبنوة والأخوة والزوجية، والعشيرة والمال والتجارة والمساكن والأوطان، لكن لا ينبغي أن تقدم رابطة من تلك الروابط على رابطة الدين وحب الله ورسوله والجهاد في سبيله قال الله تعالى: "قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآ�
تسجيل الدخول
ابحث
عدد زيارات الموقع