لقد دلت أدلة الشرع من نصوص الكتاب والسنة على وقوع التفاضل بين الصحابة رضوان الله عليهم. فمن أدلة الكتاب: قوله تعالى: {وَمَا لَكُمْ أَلا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [الحديد: 10]. ففي الآية تفضيل طائفة من الصحابة وهم الذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا على طائفة من الصحابة وهم الذين أنفقوا من بعد الفتح وقاتلوا مع إثبات الفضل للجميع والتنبيه على أن تفضيل بعضهم على بعض لا يفضي إلى تنقيص المفضول إذ {وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى}. ومن السنة: ما اتفق عليه البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه» (متفقٌ عليه). وجاء في رواية لمسلم بيان سبب ورود الحديث: أنه كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف شيء فسبه خالد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك. وفيه دليل على تفضيل بعض الصحابة على بعض إذ فيه تفضيل عبد الرحمن وطبقته ممن أسلم قبل الفتح وقاتل على خالد وطبقته ممن أسلم بعد الحديبية وقاتل. أوجه التفاضل بين الصحابة لقد دل الكتاب والسنة على أوجه حكما بها في المفاضلة بين الصحابة، وجماع هذه الأوجه هو ما سلف من كل واحد منهم من أعمال البر والطاعات التي تتفاضل منزلتها عند الله. فمن أوجه التفاضل بينهم: السبق إلى الإسلام فالسابق إلى الإسلام أفضل من المسبوق، أفاده قوله سبحانه: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ} [التوبة: 100]. ومن أوجه التفاضل بينهم: الإنفاق والجهاد قبل الفتح فمن أنفق من قبل الفتح وقاتل أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا، أفادته آية (سورة الحديد). ومن أوجه التفاضل بينهم: شهود بدر كما أفاده قول النبي صلى الله عليه وسلم: ل «عل الله أن يكون اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» (متفقٌ عليه). ومن أوجه التفاضل بينهم: شهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة فمن شهد له بها أفضل. ومن أوجه التفاضل: شهود بيعة الرضوان فمن شهدها أفضل. ومن أوجه التفاضل بينهم: تخصيص الرسول صلى الله عليه وسلم أحدهم بمنقبة. وغير ذلك من وجوه التفاضل بينهم رضوان الله عليهم، وكون المفضول قد يختص بفضيلة لا توجد في الفاضل إلا أن ذلك لا يقتضي تفضيله بها مطلقاً، فعثمان بن عفان رضي الله عنه لم يحضر بدرًا. ولكنه أفضل بعد أبي بكر وعمر من جميع الصحابة ممن حضر بدراً ومن لم يحضر. وفي عقيدة الإمام أحمد أنه كان يقول: "أفضل الصحابة أهل بيعة الرضوان وخيرهم وأفضلهم أهل بدر، والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار وأعيانهم الأربعون أهل الدار، وخيرهم عشرة شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة وهو عنهم راض، وأعيانهم أهل الشورى الذين اختارهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه للمسلمين، وأفضلهم الخلفاء الأربعة" (طبقات الحنابلة). أفضل الصحابة (أحاد) أبو بكر الصديق، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان، ثم علي بن أبي طالب ثم باقي العشرة المبشرون بالجنة. أفضل الصحابة (جماعات) مذهب أهل السنة يرى أن أفضل جماعات الصحابة رضي الله عنهم: الخلفاء الأربعة، ثم الستة الباقون بعدهم إلى تمام العشرة المبشرين بالجنة، ثم البدريون، ثم أصحاب أحد، ثم أهل بيعة الرضوان بالحديبية. أفضل الصحابيات لا ريب أن التفاضل كما أنه واقع بين الصحابة واقع بين الصحابيات أيضاً، ولقد ثبت في الكتاب والسنة تفضيل نساء النبي صلى الله عليه وسلم عامة، وخديجة وعائشة خاصة وابنته فاطمة رضي الله عنهن على جميع الصحابيات.

 

alayman

اللهم ما اجعله خالصا لوجهك يا كريم وانفعنا به واجعله فى ميزان حسناتنا

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 110 مشاهدة
نشرت فى 13 يناير 2020 بواسطة alayman
alayman
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

114,419