لقد انتشر موت الفجأة بصورة مخيفة هذه الأيام وبالأخص بين الشباب .. حوادث سيارت .. سكتات قلبية .. أو من يدخل لينام وهو في أتم صحة وعافية، ثم لا يستيقظ مرة أخرى لإنه قد مــــات ..
وهذا مصداقًا لقول النبي "من اقتراب الساعة أن يرى الهلال قبلا فيقال لليلتين وأن تتخذ المساجد طرقا وأن يظهر موت الفجأة" [رواه الطبراني وحسنه الألباني] ..
وقد كان من دعائه "اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجأة نقمتك وجميع سخطك" [صحيح الجامع رقم (1291)]
يا ترى كيف ستكون خاتمتى وخاتمتك؟ ..
هل ستوفق لقول لا إله إلا الله
أم ستظل الدنيا في قلبك وتشغِل تفكيرك حتى عند الموت؟
لابد أن نتدارك أنفسنا قبل أن يفوت الآوان ..
فالله سبحانه وتعالى يرسل لك الرسائل وإن لم تستجيب ويتحرك قلبك لهذه الرسائل ولذكر الموت، ستبتلى بعقوبة ما أشدها وأصعبها وهي انتكاسة القلب فيصير قلبك قاسي وغافل .. عفانا الله وإياكم من فتنة المحيا والممات،،
تأمل عتاب ربك لك، حين قال جل فى علاه .. {أَلَم يَأنِ لِلَّذِينَ آمَنوا أَن تَخشَعَ قلوبهم لِذِكرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الحَقِّ وَلا يَكونوا كَالَّذِينَ أوتوا الكِتَابَ مِن قَبل فَطَالَ عَلَيهِم الأَمَد فَقَسَت قلوبهم وَكَثِيرٌ مِّنهم فَاسِقونَ} [الحديد: 16]
ما أصعبه من عتاب على القلوب .. ألم يأن الآوان؟؟ لماذا لا تريد أن ترجع إلى ربك؟؟ ألم تأتك النذر بعد النذر؟؟ ألا تخاف من الوقوف بين يدي ربك وليس بينك وبينه حجاب؟؟ .. ووقتها لن ينفعك شيء سوى عملك الصالح ..
بلـى، قد آن الأوان يـــا رب . فوالله الذى لا إله إلا هو، سعادتك لن تكون إلا فى طريق ربك .. ولتكن لك وقفة بينك وبين نفسك، تعترف فيها بكل تقصيرك لربك .. وربك غفور تواب رحيم، لن يردك أبدًا مادمت صادقًا .. وترجم هذه الرغبة بداخلك إلى أفعال، لأنه لو دخل قلبك الإيمان حقاً سيصدقه عمل ..
وابدأ خطوة تلو الأخرى حتى تصل .. فقد قال الرسول "إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق" [صحيح الجامع رقم (2246)]
وأبشرك أن الطريق مفتوح لن يُغلق أمامك، إلا إذا كنت لا تريد التغيير ..
وعليك فى بداية الطريق بهذه الخطوات ..
1) غيّر صُحبتك .. فقد قال النبي "مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا خبيثة" [متفق عليه] .. ابدأ فى تغيير الصُحبة وابحث عمن يُذكرك بالله، الذي حين تتكلم معه لا يجعلك تقع فى ذنوب ومعاصي بل يحثُك على الخير دائمًا.
2) حي على الصلاة .. ابدأ من اليوم بالحفاظ على الصلوات الخمس في أول وقتها .. فالصلاة هي عماد دينك، وهي الصلة التي بينك وبين الله ... وحافظ على صلاة الفجر وسنتها، لأن الرسول قال فيها "ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها" [رواه مسلم] .. ثم تدرج في السُنن والنوافل.
3) تجديــد التوبــة .. مهما بلغت ذنوبك، جدد التوبة .. فإن الله لا يمل حتى تملوا.
4) كثرة الاستغفار والذكر .. قال النبي "من قال أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر له وإن كان فر من الزحف" [رواه الترمذي وصححه الألباني] ..
والفرار من الزحف من الكبائر .. فاحرص على هذه الصيغة من الاستغفار لتكون سببًا إن شاء الله فى غفران الذنوب الثقيلة، واكثِر من الاستغفار ليكون سببًا فى بناء العلاقة بينك وبين الله.
5) جلسة الشروق .. قال "من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة" [السلسلة الصحيحة رقم (3403)] .. اجلس من الفجر حتى الشروق فى المسجد، تقرأ أثنائها في المُصحف وتقول أذكار الصباح .. وبعد الشروق بثلث الساعة صلّ ركعتين، فتكون سببًا في تثبيت دينك.
6) عوّد عينك على المصحف .. عينك التى أدمنت النظر إلى الحرام ولسانك الذى لا يفتر عن الغيبة والنميمة والسباب والقيل والقال، استبدل كل هذا بالأذكار وقراءة القرآن .. والنبى يقول "من سره أن يحب الله ورسوله فليقرأ في المصحف " [حسنه الألباني، صحيح الجامع (6289)]
7) عليكم بالصدقة .. إذا كنت قد أسرفت على نفسك بالذنوب والمعاصي، استدفع غضب ربك عليك بالصدقة وخاصة صدقات السر .. فإن "صدقة السر تطفئ غضب الرب" [صحيح الجامع رقم (3759)]
8) ركعتان فى جوف الليل .. لأن النبى قال "عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وقربة إلى ربكم ومكفرة للسيئات ومنهاة عن الإثم" [رواه الترمذي وحسنه الألباني] ... فيكون سببًا في إقلاعك عن الذنوب.
9) الدعـــــــــاء .. اخل بربِّك واسجد واقترب .. "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء" [رواه مسلم] .. وأقرب مايكون العبد من الله فى جوف الليل الآخر، فاسجد لله في هذا الوقت وادعوه وصرح له بكل ما صدرك واستغفره واطلب العفو والعون منه.
10) الصيـــام .. ابدأ بصيام الإثنين والخميس وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، لأن النبى قال "ألا أخبركم بما يذهب وحر الصدر" قال "صوم ثلاثة أيام من كل شهر"[رواه النسائي وصححه الألباني] .. ووحر الصدر أي الوساوس وهى مشكلة المشاكل، فقد قال الرسول "إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم" [متفق عليه] .. فعندما تصوم تُغلِق عليه هذه المنافذ.
وهكذا أمام كل سيئة فعلتها، قدِم حسنة لتمحُها ..
صيـــام، قيــــام، أذكــــار، دعـــــاء واستغفــار فى الأسحــــار .. يُمهد طريقك إلى الله تعالى ..
فمن سوف يُلبى نداء الله ؟ .. { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ ..} [ الحديد: 16]
هذه هي لحظة التغيير فى حياتنا كلها .. اغرس هذه المعاني في قلبك وتعايشها واصرخ من داخلك وقل: آن الأوان يـــــــا رب ..
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يُثبتنا على طريقه وأن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال،،