وِقْفَةُ ألم
سال المدادُ وجفّت الأقلامُ
وترنّحت من سكرها الأيّامُ
جاوزتُ في حبّي حدود مشاعري
واهتاجَ من شوقي إليكَ ضِرامُ
أمعذّبي إنّي أقاسي لوعةً
في القلب والجسمُ اعتراهُ سقامُ
كم لامني العذّال إثرَ تهيّمي
واستهزأت من لهفتي أقوامُ
لم يعلموا أنّي صريعٌ في الهوى
جسمٌ هزولٌ هيكلٌ وعظامُ
واحرَّ قلبي كم يؤرّقني النوى
حِبٌّ بعيدٌ والحبيبُ يرامُ
عانيتُ نيران الفِراقِ سعارَها
والفكرُ لوّحه جوًى وغرامُ
أشكوك يا قلبي لقاضٍ في الهوى
في ظلّهِ العشّاقُ ليس تضامُ
أذبلتَ زهري والرياضُ بهيّةٌ
والشوقَ تشعلُهُ وذاك حرامُ
يا ويحَ ذاكَ الصَّبِّ كم يلقى أسًى
يجفوه شِربٌ باردٌ وطعامُ
فإذا استفاق تحرّقت وجناته
من حَرِّ دمعٍ والدموعُ سجامُ
وإذا سعى نحو الهجيعِ مكابرًا
قضّت مضاجعَ قلبه الآلامُ
فيفيقُ مذعورا ونارُ فؤادِهِ
فاضت لظًى قلْ لي فكيف ينامُ
إنّي العشيقُ وليس في أثوابه
صبرٌ وبَوْحي يزدريه لجامُ
وجوادُ شِعري تمتطيهِ قيودُهُ
والروح ثكلى خانها الإلهامُ
إنّ الحروفَ تموت في وكناتِها
لا حبرَ ينعشها ولا أقلامُ
فلتسعفيني يا تباريح الهوى
فالجسمُ بالٍ والفؤادُ حطامُ
لو كنتُ أعشقُ كائنا لأتيتُهُ
ورويتُ شوقي والمشوقُ يُرامُ
ولَرفرفتْ أطيارُ سعدي حولهُ
ما صدّني عن مُقلتيه زِحامُ
لكنَّ معشوقي ترابٌ ضائعٌ
خلفَ التلالِ هناكَ فيهِ كرامُ
قد دنّست أركانَهُ همجيّةٌ
صنعت جراحا جُلُّها إيلامُ
حالت فيافيه التي أحببتُها
سودَ الليالي والضياءُ قَتامُ
والأرضُ في أنحائِهِ مجبولةٌ
بدم الشبيبةِ والقضاةُ لئامُ
أطلقْتُ نحو سمائها من خافقي
نبضًا شجيًّا روحُهُ الإقدامُ
نشرَ العهودَ وصان عِرضَ أحبةٍ
ورعى الكرامةَ والحقوقُ ذِمامُ
ريما الدغرة (عاشقة الضاد) 1/ آذار / 2016م