عالم السياسة الإخباري .. الكاتب صالح الذنيبات
الى أيّ حضيض وصلنا
إشكاليتنا الأساسية مع العقل العربي الذي أدمن التعاطي مع الحياة بشتى مناحيها بذات أدوات تفكير الجاهلية الأولى --ألا لا يجهلن أحد علينا .. فنجهل فوق جهل الجاهلينا -- وهذا العقل وللأسف الشديد اغتال المشروع الرباني الذي أكرم الله به العرب ، ليكونوا خير أمة ، وينشروا النور في أرجاء المعمورة ، اغتالوا روح ذلك المشروع بعد خمسة وعشرين سنة (25 سنة ) من وفاة رسول الله عليه الصلاة والسلام .. ومن هنا فالمحلل المحايد يرى تاريخ الأمة السياسي بعد عصر الراشدين ، وللحقيقة بعد مقتل سيدنا عثمان رضي الله عنه (سيدنا علي كرم الله وجهه في الواقع لم يحكم ولم يبايع من عامة الأمة) قد كتبته الدماء ونسجت خيوطه الفتن ورسم لوحاته الإستبداد ، والحكم الفردي والأستئثار بالسلطة. فما كانت شورى ولا تداول سلطة ، ولا استيعاب لمخالف ، وبقيت كذلك إلى يومنا هذا ، وكانت الغلبة لمن غلب .
نعم توارثنا ذلك وأصبحت دماء الناس عند حكامهم ثمنا لكراسييهم ، وإن كانت تلك الكراسي فعليا ملكا للأخر وإن كان عدوا مبينا .. ومن هنا لا بد من إعادة تشكيل العقل العربي على أسس صحيحة ، أسس الوحي المعصوم (القران الكريم) ونهج رسول الله عليه الصلاة والسلام ، بعيدا عن الروايات التاريخية التي شوهت ذلك النهج ، وصاغت للناس دينا سياسيا واجتماعيا غير دين الله عز وجل. حيث اغتالت الروايات العقل بداية ، فحصنت تحالف الحاكم مع ما عرف بالعالم ، فورثنا كل ما نرى من تشوهات.
ومن هنا سيقف عليه الصلاة والسلام بين يدي ربه عز وجل شاكيا تعاطي الأمة مع دينه (وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القران مهجورا) فأصبحت الأمة وفي العصور الحديثة التي ملكت كل شعوب الارض فيها حرياتها ، وحكمت شعوبها بمناهجها الذاتية ، ومن ذات مكوناتها الشعبية , وبقينا نحن دون سائر البشرية يحكمنا الإستبداد ، وبغير فلسفتنا الخاصة ، ومنهاجنا الذاتي ،وغير مكوننا الشعبي . حتى ألأمم التي لا زالت تعبد صنما أو بقرة أنتجت مشروعا سياسيا يحكم فيه الشعب ذاته ، فأنتج ذلك عندهم مدنية ، وقوة ومنعة ، وعيشا رغيدا , بينما نحن نجتر عذاباتنا ، ونبلع ظلمنا ، ونصفق لمن يغتالنا كل يوم الف مرة ، ونضفي عليه قدسية المرسلين.
صالح الذنيبات