عالم السياسة الإخباري .. صالح البطوش
الأردن ما بين الأمس واليوم
الأردن السّياسيُّ بالأمسِ ،، كان له حضورَهُ القويُّ في المحافلِ الدوليّةِ وعلى السّاحةِ العالميّة ومؤثرٌ في السّياسةِ الدوليّة وصوته مجلجلاً في القممِ العربيةِ ,لا ينُسى ولا يُستثنى من القضايا الإقليميّةِ ينفعّل ضمن مصالحه الوطنيّة بالقليلِ من الإملاءات وبالكثير من فرض إرادته السياسيّة , لم يُغلق مكاتب حماس , ولم يُغزى بلدٌ عربيٌ لا من برّهِ ولا من ماءهِ ولا من سماءهِ , لم يقف مع دول العالم مجتمعةً ضد العراق في حربٍ جاءت بقرارٍ دولي وتوافقٍ مجتمعيٍّ , ولطالما جلّى أبكار المعاني وتفنّنَ في المقاصد في رسائله المحليّة والدوليّة .
والأردنّ الإقتصادي بالأمس لم يكن يرضي الطموحَ المطلوب لكنّه لم يكن مقلِق أو مخيف , فالمدونيّة لم تتجاوز المليارات السّته وموارده لم تسرق أو تُسلب أو تُباع بأرخص الأثمان وابخسها ,كان العيش فيه يُحتمل ويُطاق وقابل للتطّور والإستحسان والإراده السياسيّة حاضرةُ في الإدارة الإقتصاديّة ولم يترك الحبل على الغارب للعابثين والمارقين ليعبثوا في خيرات البلاد وينهبوا أرزاق العباد .
والأردن الإجتماعيّ بالأمس كان مثالاً يُحتذى في لُحمة أبناءه وترابط أواصرهم وتقارب عشائرهم رغم تعدد مشاربهم , ولقد سطّر أروع الأمثلة في التواصل المحمود بين القيادة والشعب والتي كانت حاضرةً في كل تفاصيل قضاياه الاجتماعيّة فلم يكن للعنف الجامعيّ المسلّح وجودٌ ولا للسّطو المسلّح ظهورٌ ولا للتنّازع العشائريّ حضور .
بالأمس كان الأردن آمناً إجتماعيّاً ومستقراً اقتصادياً وقوياً سياسيّاً .
وأين الأردن اليوم من الأمسِ بعدما خفتَ ضوءه السياسيُّ وتراجع دوره المحوريُّ وتقلّصَ تواصله العربيّ وقلّل من تأثيره الاقليميّ , لم يبقي على مكاتب حماس ,ولم يمنع بطاريّات الباتريوت الامريكية من التواجد على الأراضي الأردنيّة لحمايةالأجواء الإسرائيليّة من الصواريخ العراقيّة , والكونفندراليّة تطاردنا والوطن البديل يؤرقنا .
وأين أردن اليوم من الأمسِ بعدما خسر كل موارده الاقتصاديّة ... الطبيعيّة منها والإصطناعيّة ما بين نهبٍ وسلبٍ وبيع وخصخصةٍ, وبدلاً من أن يسّدد مديونيتّه تضاعفت إلى أربعةِ أضعاف وبدلاً من ان يعالج العجز المزمن في ميزانيتة تضاعف إلى ما يقارب خمسة أضعافٍ وبدلاً من أن يقلّل من معاناة شعبه زادت إلى حدٍ لا يحتمل وأخشى أن لا يُطاق . إنها لمفارقة عجيبة تستعصي على الفهم والاستيعاب .
وأين أردن اليوم من الأمس ونحن نشاهد أبناءه الطلبة يحملون الأسلحة النارية في المعاهد العلميّة في عدوى متنقلة من جامعةٍ إلى اخرى , ونشاهد هذا الهيجان والغليان تارة في الشارع وأخرى بين القبائل , وكثرة السرقات وقلة الملاحقات في غياب ملحوظ للدور الأمني والحكومي والسياسي .وكأنما ارادوها هكذا وعن قصد .
لم نعد آمنين اجتماعياً ولا مستقرين اقتصادياً وأخشى أنّنا لا نسير على جادّة الصواب وحسبي أننا ضللنا الطريق.