عالم السياسة الإخباري .. منال العبادي
أباطرة الحسبة وملوك البسطات
لا ولن يعدو مستوى مجلس النواب ولا الأعيان ولا حتى السياسة الأردنية بشكل عام مستوى سوق الحسبة أو سوق البسطات ، والذي برع فيه معظم النواب سواءً المخضرم المتمرس أو الجديد ( المتغطرس ) ، وما التشكيل الوزاري الحالي إلا طريقة لحجز مكان داخل السوق بطريقة ( الترغيب والترهيب ) ، وأسلوب جديد ( لفرد ) بسطة كبيرة بين باقي البسطات ومن ثم بدء المنافسة ( الشريفة أحياناً ) والغير شريفة في معظم الأحيان ، وبالنهاية فالزبون (الشعب ) هو الحكم "المفترض" ، ومعظم التجار لن يوفر (أسفل وأدنى) الطرق لإقناع ذلك الزبون ببضاعته .
لمّا ننظر إلى التركيبة السياسية الحالية ، سوف نجد أن معظم النواب هم فعلا (جزء أو ذنب) لملوك وأباطرة المال أو الإعلام أو السياسة أو الأجندات أو حتى (البسطات) !!!! والأعيان الذين هم عبارة عن (ديناصورات التوازن بالأجرة ) للسياسة الأردنية ، فلن يرضوا لا بالفتات ( كالنواب ) ولا بالبائت من الواجبات ، فأسنانهم قد (تكّت) ولا يقدرون إلا على (البلع) ، أما أشخاص الحكومة فإما (بياع قديم) وإما مستحدث (طمّاع) ذو صوت جميل .
وعندما يجتمعوا ويبدأ كل منهم ( بالغناء على ليلاه ) وينادي على سلعته ، أو يروج لأجندته ، فلن يفرّق أحد حالهم عن حال أصحاب البسطات بسوق الحسبة .. والذي يغلب إرتفاع الأصوات والصراخ على معظم مشاهده ، إما للفت إنتباه الناس اليه أو لصرف أنظار الناس عن غيره ، والذي لا يخلوا من ( المزاودات والمناكفات والطوشات ) بين أصحاب البسطات .
الجديد في سوق الحسبة هو محاولة مدير السوق ( بعدما ضمن التمديد له لولاية ثانية ) وبحجّة التجهيز للمرحلة القادمة الدخول على الخط ، ومحاولة فتح بسطة جديدة بين البسطات والدكاكين الموجودة فعلا ، غير مكتفي بإدارة السوق وتحصيل الضرائب والإيجارات والإستمرار برفع الأسعار ، بل ومتحمسا للدخول على خط البيع المباشر بعدما إكتشف أن كل البضائع التي يُروج لها داخل السوق ما هي إلا ( ستوكّات أو بالة بالية ) وأن كان "الكذب" ملح الرجال فهو يمتلك أكبر مخزون إستراتيجي منه أصبح يصنعه ويورده..... ولكن من يتعّظ ؟
فبعد جولات من المشاورات مع الكتل النيابية لتشكيل الحكومة القادمة صرح الرئيس : بأن لا نية لتوزير النواب في الوقت الحالي !!! وأن الحكومة يجب أن تكون رشيقة ومصغرة ، لكنه في الوقت نفسه يقدم عروضا خاصة للنواب ( أصحاب البسطات ) ..!!!
فيؤكد لهم بأن توزيرهم قادم على الطريق .. ومع أول تعديل وزاري وبشكل تدريجي !!! ولكن// إصبروا فإن الله مع الصابرين//، وسياتي اليوم الذي تجدون فيه فرصتكم للحصول على لقب "المعالي" ؛ وبالطبع فان هذه العروض تجد رواجا عند البعض ممن دخل المجلس وهمه الحصول على المنصب فقط لا غير ، ولا يعلمون بأن التجهيز لمرحلة ما بعد الأسد هو الذي يأخذ جُلّ الإهتمام ، ووجودهم لا يعدوا مجرد الإبقاء على بعض الإكسسوارات .
حكومة "طاهرة ونظيفة" "حكومة رشيقة" "حكومة برلمانية" ، يتحفنا الرئيس بمصطلحات يروج فيها لشخوص حكومته فالرئيس لا يبحث عن ثقة الشعب أو تحقيق رخائهم ، فهمّه الوحيد الأوحد هو حفاظه على منصبه وتنفيذ ما هو مطلوب منه في رفع الأسعار وتضييق النفس والإستعداد لما هو قادم محاولاً إثبات بأنه ليس مجرد "إقتصادي مرّ" يجمع الوزارات جمعاً ويضمهم ضما ، إستعدادا "لرشّهم" على المطيع من النواب وبأسلوب ( تعزيز السلوك لمرحلة الكي جي) ، بل وأيضا بإمكانه كوزير دفاع العبور بالبلد الى شاطئ الأمان خلف تركيا و "إسرائيل " ، بعدما "توسط" اوباما للموافقة على المضي قدماً بسيناريوا التغيير بسوريا ، ولتوطين فلسطينيي سوريا ولمرحلة ما بعد الأسد !!معتقداً بأن الخليج بيدنا ولسنا بجيبه ، وأن حسني مبارك لا بد وأن يعود يوماً !!! .
إن سوقنا السياسي وكأي سوق يتكون من أصحاب الدكاكين ( الدينو-أعيان ) وأصحاب البسطات ( الدينو-نواب ) وأدارة السوق ( الدينو-شخوص ) ولمّا تتداخل المصالح الخاصة وتبادل المنافع بتحديد شروط المنفعة (والتخلص ممن ثبت حرصه على المصلحة العامة) سيكون الخاسر الأكبر هو الشعب والذي كان من المفترض أصلا أن يوجد الجميع لخدمته ولراحته وليس للتآمر والإتفاق عليه وتسليم مفاتيحه "لحيته" لأباطرة الفساد وللشركات الأجنبية التي تحكم مصائر وجيوب العباد ! .
فالجديد بالسياسة الحالية ما هو إلا خلط (للحابل بالنابل وللغث بالسمين) فلن يهتدي المرئ منا .. لمن معه ومن عليه ! ، ولكن المضمون والثابت بأن جميع أصحاب البسطات والدكاكين والإدارة، سيكونون راضين وكسبانين بمجرد إنتهاء حقبتهم والتي لا يملك الفرد فيها الشكوى لغير الله .. فلمن أشكوا حالي وقاضي الغرام هو الذي سرق أحلامي ...؟؟؟