عالم السياسة الإخباري .. صالح البطوش
وقفة مع الحياة النيابية في الأردن
عادت الحياة النيابية في عام 1989م بعد صدور قانون فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية في عام 1988م ، والذي بموجبه تم حل المجلس الإستشاري والمكوّن أعضاءه من الضفتين ، ليسار الى تشكيل مجلس نيابي أردني بإعضاء أردنيين . ومما ساعد على إخراجه الى حيز الوجود ماعرف بإحداث الجنوب والتي جاءت نتيجة التبعات الإفتصادية الناجمة عن صدور قانون فك الإرتباط ذات التأثير السلبي على المواطن في ذلك الوقت .
واستمرت بوتيرة متباينة من حيث قانون الإنتخاب ، وعدد النواب وتقسيم المناطق ، وتغيير الدوائر وزيادة العدد ، وإضافة الكوتة النسائية حتى شملت كل المناطق والأطياف والفئات الأردنية .
فكان أول مجلس نيابي أردني بعد الإنقطاع وفك الإرتباط عام 1989بعدد 80 نائب ، وكان إسمه المجلس الحادي عشر وبقانون انتخاب شمولي يسمح بتعدد الأصوات على الأساس الحزبي (الكتل) والمستقل ، وهو القانون الذي لم يستمر إلا لدورة واحدة ثم تراجع الى قانون الصوت الواحد ، وهو ما عرف بين الناس بقانون المخرجات العشائرية ، حتى تم تعديله وبشكل جزئي في عام 2012م حيث إضيف اليه 27 مقعد للقوائم الوطنية ، ليصبح عدد النواب مع الكوتة النسائية 150 نائب.
فيما سبق كان نبذة مختصرة جدا عن تتطور الحياة البرلمانية الاردنية .حيث مرت بعدة ظروف وأحوال ، وكان الثابت الوحيد فيها هو تعاطيها السلبي مع الأحداث السياسية والإقتصادية الداخلية منها والخارجية .
ففي عام 1991م إبان حرب الخليج الأولى إلتقى الرأي السياسي مع الرأي الشعبي والنيابي في عدم دخول الحرب الى جانب أمريكيا وحلفائها ، علما بإن الحرب جاءت بقرار دولي ، وفي ذات السياق عام 2003 جاءت ما عرف بحرب الخليج الثانية ، فتغير الموقف السياسي بتقديم الدعم اللوجستي لإمريكيا وحلفائها ، ولم يتغير الموقف الشعبي في حين أن الموقف النيابي لاذ بالصمت ثم انحاز الى الموقف السياسي .
هنا موقفين مختلفين والتعاطي النيابي واحد.
في شهر اكتوبر من عام 1994م وقِعت إتافقية وادي عربه في ظل وجود مجلس نيابي آنذاك المجلس الثاني عشر ، وهي مرفوضة شعبياً ولكنها نوقشت في البرلمان بعد أن تم توقيعها وحازت على الموافقة النيابية .
وهذا موقف آخر في السياسه الخارجية يأتي بموافقة نيابية على شيء معد أصلا ، وهو مخالف لرأي الشعبي .وغير ذلك وليس أقلها العلاقات السياسية ، التي كانت تقطع وتوصل دون إطلاع المجلس على الأسباب والمسبّبات.
وأما على الصعيد المحلي وهنا المقتل الحقيقي للبرلمانات الأردنية.
1- عجزت المجالس النيابية عن وقف عجز الميزانية وازدياد المديونية من خلال التشريع الصحيح ومراقبة التنفيذ .
2- لم تستطيع إخراج قانون انتخابي توافقي يجمع علية الجميع من أحزاب ومستقلين وليس أقله إلغاء قانون الصوت الواحد .
3- تم بيع وخصخصة ونهب موارد الدولة الطبيعية والإصطناعية وكله في ظل الحياة البرلمانية.
4- عمّ الفساد وكثر الفاسدين ولم تسنطيع المجالس النيابية من تقديم فاسد واحد فقط للعدالة .
5- لم تبلور موقف موحد يكون فيه القول الفصل .. لفصل السلطات الثلاثه .
6- عدم قدرتها على تشكيل حكومات برلمانية ذات استقلالية وولاية عامة.
7- لم تستطيع إيقاف جنون الأسعار المتصاعد يوما بعد يوم والذي أثقل كاهل المواطن لحد لا يطاق .
8- بنى تحتية مهترئة صدئة في كل مناطق المملكة وما زال الحال يتردى دون إشارة سابقة أو حاضرة ذات نتائج إيجابية من النواب المتعاقبين .
9- لم يحصل ولو لمرّة واحدة أن حجبت الثقة عن أي حكومة وهذا يعني أن تصويتهم على الحكومات تصويت شكلي لا قيمة له .
10- في تاريخنا السياسي أو الإقتصادي لم يحدث أن أبطل البرلمان قرار واحد ورده على مقرّره .
خلاصة القول أن المركزية المطلقة لا تتفق ولا تلتقي ولا تجتمع مع الحياة النيابية الحقيقية, فلماذا ضياع الوقت وعناء الجهد وخسارة المزيد من أموال الخزينة ، تارة بتحسين أوضاعهم ، وأخرى بزيادة رواتبهم غير حلهم وترحالهم , ولماذا المزيد من الفرقة الشعبية طالما أن النتيجة واحدة.