لم أكن قد تجاوزت السابعة من العمر عندما أجلسنى عمى على زكيبة القمح وأمسكنى العصا وسار هو خلفى يرقبنى وأنا أتولى القيادة بعناية خشية ان اسقط أنا أو أن تميل الزكيبة فأقع بها على الأرض.. خطوات تفصلنى عن النزول بسلامة الله .. كلما اقتربنا زادت السرعة .. وكلما زادت السرعة ارتفع صوت عمى وهو ينادى ويأمر وأحيانا يسب دونما تغير فى سرعتها المتناغمة الإيقاع .. لم أكن أدرك أن هذه المزهوة العالية التى تشبه الفرس تعرف هذا المكان جيدا .. تزداد السرعة وأنا انظر إلى الأرض منتظرا لحظة ارتطامى المتوقعة .. وأرتعد خوفا من تأنيب عمى لى .
أمال ماسك عصاية ليه ؟
قالها عم سليمان الذى أمسك بقلادتها متحكما فيها وهو يجرها ناحية الميزان .. عندما أنزلنى عمى انهمكت فى إحكام القيد حول ساقيها بينما أخذ الزكيبة بين ساعديه ووضعها على الميزان .. لم يخلو المشهد من مجادلة لعم سليمان على وضع السنجة وأنا اراقبها وهى تدخل البغالة -* بينما تستقبلها نظيراتها بترحاب غريب وكأنها تشدو بأحاديث اللقاء الغامر بعد طول فراق فاتحة فمها وصوت اصطكاك أسنانها يعكس مدى الحرقة والشوق .. سرعان ما انتبه لى عمى طالبا بحزم ان آخذ الطبقة من على ظهرها واذهب عند الحجر .. حاضر .. خرجت أسرع من الطلب وكان التنفيذ اسرع من الإجابه .. لم اكد اصل إلى الحجر حتى ارتفع الغبار لم استطع ان أدارى ابتسامتى .. عملتها فى الرماد ..!
تبدو حرة صغيرة فى المنتصف سرعان ما تتساقط الحواشى حتى ينقص الحجر اراقب المشهد وأبدأ معه من جديد عندما وقف بجانبى عم سليمان قال لى ما تبصش ع الغلة وهى نازلة الحجر كل دول كانوا بيعملوا كده .. تابعت عينيه حتى استقرتا على جدران بابور الطحين لم يكن الجدار سوى سبورة كتب عليها أسماء أناس منهم من أعرف ومنهم مجهولى الهوية .. توقفت فجأة وأنا أرفع عيناى عن الغلة فى الحجر لتقعا على اسم أعرفه جيدا بل هو الأسهل على لسانى وعلى يدى فى الكتابة لم يكن بعيدا أبدا,, تسلقت فوق الزكائب الملقاة فوق بعضها وانا ممسك بقطعة فحم وجدتها بجوار اللمبة العويل عندما توقف البابور فذهبت لأمسك باللمبة بينما يشعلون منها سطبة النار .. عاد البابور يطحن الغلال المنسابة داخل الحجر وانا أكتب إسمى أمامه ليكتمل ثلاثيا .
ساحة النقاش