جامعة الإبداع الأدبي والنقد المعاصر

معمدانية .

لأنّ جسدي مليء بالمسامير
وضيّق جدّا
كحذاء قديم
يلبسه الأصمّ 
فترتطم روحه بنتوءات الوجيعة
أحيانا أضطرّ لأهديه الى( فان غوغ)
ليصنع منه ما يشاء من الأشكال..
حذاء جميلا لتمثال يسحب الغيم
من عيون المارّة النائمين.
غلافا جلديّا فاخرا لمصنّف الفراغ 
الموغل في التجريد...
تابوتا صغيرا لقدم متفحّمة جدّا.

ا************************

لأنّ جسدي
يتدلّى مشنوقا مكتظّا بغباره الكثيف
لم يجرؤ غاسل الأموات
بنظرته المتدلّية كثدي أرملة مسنّة
وزيّه الشبيه بمنفّذي جرائم القتل الجماعي
لم يجرؤ على التحديق في ذيله الطويل
كما لو أنّه ذيل سعدان في غابة مهجورة.

ا*************************

لأنّ جسدي
في قمم الصقيع
يتبدّى كالاه أتعبه الليل والنهار
كثورين يقتتلان
(لا تعزّيه غير شجرة عمياء
تغرّد في عزلتها المريرة)...
أحيانا تأوي اليه غيمة مزدحمة 
بزئير الحتميّات
تكسو جلدها بثور
وهالات غامقة السواد..
يشرب الرّاحلون من دمع جبهتها العميقة..
أحيانا أهديه الى قبّار مبتدىء
ليجرّب دفن الأشياء العظيمة
والمشعّةجدّا..
لا يحكم منطقها الرخو غير فقمة الهذيان.

ا**************************

لانّ جسدي
مفتوح على مصراعيه
وغير قابل لقراءة واحدة
أو تأويل هادىء دون مجذافين..
لأنّ جسدي غابة مليئة بالدببة والأسود
يلاحقه قنّاصة كثر
في المرتفعات القطبيّة..
لذلك لم يزل ساكنه يخطّط لاعتزاله
وكسر طواطم الأخرين
ويهيّء لانقلاب مجازيّ.

ا**************************

لأنّ جسدي
حائط متداع يعجّ بالتخاريم
يعاني من وطء جثث قديمة
في خلوته ...
تلبسه الريح بأسمالها الخلقة
اذ ترتقص مفاصله..
هكذا لم يزل معلولا بميلان أشقى
نحو هشاشة الأشياء..
تتهافت على نقصان ماهيته
عيون القتلى.

ا**************************

لأنّ جسدي مرفوع
على صلبان الهامش..
وفي الرقعة عميان كثر..
وللضباب قبضته الحجريّة
سأدفنه بنفسي
وأمنح كلّ قبّار قطعة طازجة 
من فضائحه المكرورة
ليواصل ابتكار حفر عميقة تليق
بالموتى الجدد.

ا*************************

بقلم فتحي مهذب.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 58 مشاهدة
نشرت فى 18 أغسطس 2018 بواسطة akilameradji

أَبو فروة الظريف

akilameradji
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,907