authentication required

الطيور المهاجرة 4

 

هلا حدثتني يا بني عن الدور العلوي ،،، الدور العلوي يا مولاي ،، في الحقيقة الدور العلوي ،،، الواقع أن الدور العلوي ،،، حك رأسه ونكسه ،،، وقف مولانا وكعادته ينظر إليه بحنان شديد 

يبدو أنك لا تعرف عنه شيء ،،، أخشى أن نجده مثل الجزء السابق

،،، لا اعتقد يا مولاي بناتي يعشن في هذا القسم لا شك أنهن يقمن بترتيبه ،،، تعلم يا مولاي البنات لسن مثل الأولاد ،،،

 في الماضي الآن اعتقد أنهن ينافسن الأولاد في الفوضى ،،،،

همس صديقنا الله يستر ،،، من هنا يا مولاي ،،،

بل من هنا ،،، لا يوجد مكان موصل من هنا ،،،

يجب أن يكون هنا ممر يوصل إلى الدور العلوي ،،، يبدو أنك لا تعلم !! ،،

لا أذكر أنني استخدمته ،،، دعنا نبحث ،،، انظر يبدو أنه هناك ،،،

 عندما وصلا الباب فتحا الباب ودلفا إلى ممر ضيق مظلم كأنه سرداب ،،، مليء بالأتربة ،،، اختارته العناكب مكانا لبيوتها ،، تتقافز فيه أشياء غريبة ،، تطارد بعضها بعضا ،،، حاولا أن يسيرا فيه ولكن هيهات ،،،

دعنا نرجع يا مولاي ،،، لا أريدك أن تتأذى أو تتسخ ملابسك ،،، ثم إني يا مولاي كما ترى أعاني من الحساسية في صدري ،،، وبيئة هذا الممر لا تناسبني ،،، أرجوك مولاي ،،،

حسنا نصل للدور العلوي من الطريق الذي تعرفه عسى أن يكون أفضل من هذا ،،، خرجا ينفضا الغبار عنهما ،،، وقفا قليلا يصلحا من هندامهما كان شكلهما كحفاري القبور ،،، وكانت علامات استفهام كثيرة قد ارتسمت على وجه صديقنا ،، أمسك بيده مولانا و سأله ،،

ما بك بني ؟  محرج يا مولاي منك ،، ووجل ،، وخجل ،،،

ولما كل هذا ؟! أرأيت سباق المارثون في السرداب ،، أعتقد أنهن بنياتي ،،،، أيعقل أنهن يعرفن الممر ولم يخبرنني به ،،، أتعتقد أنهن يخرجن من البيت وأنا لا أعلم ،،، هل سبق أن رأيت سيارة أمام بيتك ،،،

ربما يخرجن عندما أكون غائبا  ،،، أو أنهن يذهبن مشيا على الأقدام إلى الشارع المقابل ومن عند محل البيك يأخذن تاكسي ،،، أو يواعدنه في أي مكان ،،، يبدو أنك غير متأكد لا تظلمهن الظلم ظلمات ،،،،

سمعت أنهن يخرجن لحضور عيد ميلاد في بيت صديقاتهن ،،، ومنهن من يجتمعن في استراحة ،،، ومنهن من يكن بريئات يذهبن إلى ( ماك ) ليفطرن ،،، والتي تذهب إلى جدة ،، ومن تطلع الهدا ،،، والتي تتسوق وهناك صيادات ،،، يصطدن سمك ،،، لا السمك يصيدهن ،،،، ما علينا يا مولاي ،، إن تابعت في الحديث ياليل ما أطولك ( غير الهرجه ) ،،،

ألا تشرف عليهن يا بني،،، ألا تصعد إليهن تتفقد أحوالهن ،،،

 لا أصعد إلا في المناسبات ،،، وإذا صعدت  أبقى وقتا بسيطا ثم أنزل ،،، ولما ؟! لديك فوبيا الأماكن المرتفعة ،،، ليس الأمر هكذا ولكني أشعر بصداع وتعب شديد حين أصعد وأجلس مع بنياتي لأرى أحوالهن ،،، ثم رأيت أنهن يأتينني دوما ولا يتركنني أبدا ،،،

فقررت عدم الصعود إلا حينما أضطر ،،، مثلما أنا الآن ،،،

ولكنك تعلم أنك تحتاج إلى أن تشرف عليه ترتبه وتنظمه ،،

ترى أحوال بناتك وتتعرف عليهن أكثر وتعتني بهن ،،،

فالأبوة ليست كلاما بل هي فعل ،،، صف لي بناتك  ،،،

بناتي ،،، بناتي من كل بحر قطرة ،،،يبدو أنك مزواج ،،،

ماذا أفعل يا مولاي ،، ترى وسامتي هي سبب نكبتي ،،، كل من تراني تحبني ،،، وابتسامتي الجذابة ،،، وصف أسناني اللولو لا يقاوم ،،،  فهمت ،،، فكيف دار بناتك ،،، لا أعلم تركت لهن ترتيب حياتهن فيها ،،، ولكنهن يحتجن إلى موجه ،، و ضابط ومشرف ،،، ففيهن العليلة والصحيحة، والضعيفة والقوية ،، والسمينة والهزيلة ،، والسعيدة والحزينة ،، والطيبة والشريرة ،،، صحيح كلامك  والحقيقة حاولت أكثر من مرة أن أقوم المعوجة منهن ولكن ،،، ولكن .... أكمل ،،، أقول لك سرا ،، لا تفضحه ،،، قل ،،، في الدار من تقويهن ،،، إحدى زوجاتك ،،، كلا ،،، إحدى بناتك ،،،

 نـــــو ،،بناتي يوجد منهن قويات ،،، ولكنها شريكتي ،،، إنها أقوى مني ،،،، تخافها ،،، أخافها ،،، ربما فهي طول وعرض ،،، وأيضا كما قلت لك أنا ملول وكسول وهي تساعدني على هذا ،،، كيف !؟ ،،، كلما رأتني فرشت لي فراشا ناعما كالحرير ،، وجلست تحدثني عن جمال الدنيا

 وأن الله متعنا ويجب أن نستمتع بها كما يحلو لنا ،،، وتذكرني  دائما أنها تبحث عن سعادتي وراحتي  ولا تزال بي حتى أسمع كلامها ،،،

وهكذا  ترسل بنياتي ليقطفن لي من أزهار متع الحياة يعصرنها ويقدمنها لي في كأس بلوري جميل ،،، وتشربها أنت وتحلق في سماء المتعة ،،، نعم وأرى هناك كناري الحب يفرش جناحية ليطير ،، وزهور السوسن تتفتح أكمامها ليعبق شذاها ،،، وترانيم البلابل يشق عنان السماء ،،، وقوس المطر بألوانه الجذابة يدعوني لأمتطيه ،، أدور معه يريني جمال الكون فيسعدني منظره البديع ،،، ولأن عمر قوس المطر قصير تعود مجددا إلى أرض الواقع ،،، هل سبق أن جربت يا مولاي ،،،، ترى أمزح !! أعود متعبا مهموما ،، أتخاصم مع ذباب وجهي كما يقولون ،،، فتقرر أن .... ،، لا وقت لقرار أتخذه أنا ،،،، ما أن أصل حتى أجدها قد أعدت لي فراشا أخر وهكذا ......... ،،،، أما قاومت يوما ،،، بل قاومت أياما ولكن ،،،تظل هي وبناتي ورائي بلا كلل ولا سأم ،،، وإن صممت جندن من حولي من الأصدقاء ،،، وغلبنني في النهاية ويعود الأمر إلى سلطانهن مرة أخرى ،،، لذلك سلمت الراية ،،، ها قد وصلنا يا مولاي ،،، هذا الدور أبوابه كثيرة وجميلة ،، نقوشها بديعة ،، لماذا أغلقتها بالسلاسل والأقفال  ،،، لا شك أنك أغلقتها كي تتأكد أن بناتك لا يخرجن دون علمك ،،،  بعضها يحتاج إلى مجهود حتى أدخل منه وأنا كما تعلم ،،، ملول كسول حفظتها مستر ملول ،،، تستهزئ بي يا مولاي ،،، خذ راحتك فأنا أحبك ولن أغضب منك مهما قلت ،،، شكرا يا أخلاق ،،،

هذا صدئ لأنه لم يستخدم ،،، وتلك أغلقتها شريكتي ،، ومنها ما أغلقه أصدقائي ،، وهذا الباب أغلقه المدرسون ،،

وذاك الباب أغلقته الحكومة ،، وأول باب تراه في الدور أغلقه أبي ،، والذي بقربه أغلقته أمي ،،، وهذا الباب رأيت بطل فيلم يغلقه فأغلقته مثله ،،، وكيف تدخل أنت ،،، حينما يأتيني ضيوف مثلك ويجبرونني على الصعود أدخل من هذا الباب ،،، و تخرج منه بناتك ،،، ليس دائما ،،،  أعتقد أن لهن أبوابهن السرية ،،، كيف عرفت ،،، حينما أحاول أن أمنعهن من الخروج وأقف حارسا لهذا الباب  ،،، فجأة أجدهن أمامي ،،، أعانك الله يا بني ،،، ها قد وصلنا يا مولاي ،،، انتظر أخبر بناتي كي يتهيأن لمقابلتك ،،،

لا تفعل أريد أن أراهن على طبيعتهن ،،،

 عادي تكشف عليهن ؟! مطوع كول ،،،أمزح  مولاي ،،، تفضل ،،،

بسم الله الرحمن الرحيم ،،، لا تنسى أريد أن تخبرني عن كل شيء في هذا القسم ،،، الله يستر ،،، بدأنا ،،، لم ندخل بعد ،،،،

ما هذا الشيء الذي يسد المدخل ،،، أول ورطه ،،،  قالها صديقنا بهمس ،،، هذه يا مولاي مرآة تزين المدخل وتقف أمامها بناتي ليصلحن من هندامهن ،،،

الذي أعرفه أن المرآة قطعة زجاج صلبة ثابتة سطحها لامع ليعكس صورة الواقف أمامها ،،، وهذه مليئة بالألوان ،،، زئبقية الحركة  ،،،

 ربما كانت تحفه سأسأل عنها بناتي ،،،، الغريب أن هذا الدور لونين فقط عكس السابق ،،،   الأبيض والأسود ألا تحب الألوان الأخرى ،،،

يا مولاي أنا إنسان حاسم إما ابيض أو أسود ،،، هاه كأنك نسيت مستر ملول ،،،

استعد مولاي للمفاجأة’ الكبرى سندخل حيث ترى بناتي ،،،

 رفع الستر عن مكان يموج ،، هرج ومرج ،،، يمشين كأنهن سيل هادر بلا نظام ،،، أصوات عالية ،،، وجوه متعبة ومرهقة ،،، لا تشابه بينهن ،، طويلة زاد طولها ،،، وقصيرة لا تكاد تراها ،،، سمينة أخفت أخواتها خلفها ،،، وهزيلة برزت عظامها ،،، بيضاء وسمراء وسوداء ،، الجميلة والقبيحة ،،،

 أي عالم هذا يا بني ،،، أعجبتك بناتي ،،،

وهل استطيع أن أركز حتى يعجبنني ،،، أوقفهن وأسكتهن يكاد رأسي ينفجر  كيف تتحمل هذا ،،،

يا بناتي اسكتن مولاي متعب جدا ،، أرجوكن أصمتن ،، اهدأن ،، هس ،، هش ،، بشويش أي لغة تفهمن يا بنياتي،،،  ليس هكذا يا بني ،،، كيف إذا يا مولاي أنا خجل منك ،،، بناتي ولا أستطيع السيطرة عليهن ،،، لن يسكتن إلا إذا خاطبتهن عقليا بلغتهن ،،، حقا كيف يا مولاي لا أعرف علمني ،،، ركزت في أمر واحد ،،، ركز ،،، أسرع أرجوك ،،، حسنا ،،، يا مولاي فقط لا تغضب ،،، أنا لا أحب أن أراك غاضبا ،،،،

نكس صديقنا رأسه ،،، وهو لا يصدق ما آلت إليه بناته ،،، كيف غفل عن تربيتهن ،،، بل كيف أنه بالكاد يعرفهن ،،، صورتهن مختلفة عندما يأتينني ،،، وشيئا فشيئا بدأت تخفت الأصوات ،،، وتضعف الحركة ،،، كل بنت أخذت مجموعة من أخواتها ودخلت حجرتها ،،، سكون عم المكان ،،، كأنها صحراء كنُ سكانها وناموا ،، فلا تسمع إلا صوت أنفاس تناغم مع صوت السكون  ،،، رفع صديقنا رأسه ونظر في وجه مولانا تحمل عينيه تساؤلاته وحيرته ،،،

 كيف فقدت السيطرة عليهن يا مولاي !!؟؟ كنت أظن أنني من أفضل الناس ،،، ليس هذا بل كنت  أرى أنني الأفضل وكم عبت على الآخرين إهمالهم لأبنائهم  ،،، هدئ من روعك بني ،،، ستعالج الأمر ،،، أيمكنني هذا ؟؟ إذا رغبت ،،، من السهل إصلاح الأمر أليس كذلك؟؟،،،

لا طبعا ،،، لا شك أن الأمر يحتاج  إلى بذل جهد فيه شيء من المشقة ،،، أنا مستعد فلم تعطني الراحة سوى بنات سيئات،،، نعم ليس هناك تغيير دون عناء ومشقة حتى وإن كان هذا التغيير من الأفضل للأسوأ ،،، إن قررت أن تغير فسيتحقق فيك قول الله ،،،

 ۝  إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ  ۝

متى أبدأ ؟؟ الآن ،، الآن دعني أستعد ؟؟ لماذا ؟ للتغيير  ،،، تحتاج فقط إلى نية وهدف ،، فإني قد نويت ،، انتبه أقول نية وليس أمنية أو رغبة ،،، وهل هناك فرق ،،، أكيد ،، النية قانون قلبي وفكري تجتمع سويا لتشكل طاقة تدفعك إلى الاستمرار  والسير في طريقك مهما وجدت من معوقات ،،، والأمنية والرغبة ،،، تستطيع أن تشبهها بالحلم الذي لا يحتاج إلا لإغماض عينيك ،،، فما حاجتي إلى هدف ؟ عمل دون هدف شقاء ،، وهدف دون نية مجرد حلم ، أما العمل بهدف ونية فذلك نصر مبين ،، فهمت ،،، لقد نويت فعلا ،،، حسنا الآن أنت تحتاج إلى هدف ،،، هدفي أن انهي دراستي ،،، فإن أنهيتها ،،، ينتهي هدفك وتحتاج إلى هدف جديد ،،، وإن لم تنهها تحبط وتضيع حياتك ،،، أغير هدفي إذا  ؟ يستحسن ،،، ما رأيك أن أصلح الناس ،،، أصبح مصلحا هدف ونية ،،، أعظم مبدأ في التغيير أن تبدأ بإصلاح نفسك قبل إصلاح الآخرين قال الله تعالى

۝فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَاللّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً ۝

وقال تعالى

۝مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ۝

جيد إذا هدفي أن أغير نفسي ،،، هذا ليس هدف من أجل ماذا تغير نفسك ؟ حتى أكون ناجحا ،، فكيف تقيس نجاحك ؟ أصبح ناجحا أن صرت صاحب منصب ،، رئيس المافيا صاحب منصب فهل هو ناجح ؟؟ لا طبعا أكبر خائب ،،، مطارد ،، مكروه ،، خائف يشك فيمن حوله وليس لديه وقت للاستمتاع بالأموال التي يجنيها يفقد الآمن وهذا منتهى الشقاء ؟؟؟ آوه يبدو أنك كنت رئيس للمافيا في يوم من الأيام ؟؟؟

 أصبحت تحب المزاح مثلي ،،، تعبت يا مولاي اختر لي هدف  أعدك أن أسعى لتحقيقه ،،، أقرب لك الأمر ،،، اختر هدفا يعطيك شعورا بأن لك وجهه وغاية في الحياة ،،، بدأت تتضح لدي الصورة حدثني أكثر ،، هدفا يجعل التغيير لديك أكثر سهولة ،، ويخلق لك مستقبلا واضحا مؤكدا  مشرقا وابدي ،،، مولاي قرأت مرة أنه يجب أن لا نفكر بالماضي لأن التفكير به يأتي بالهم ، ولا نفكر بالمستقبل لأنه يأتي بالقلق ونفكر فقط في الحاضر ،،، بني أقصد فكر بالمستقبل الذي ستقضي حياتك الثانية والحقيقية فيه  ،،، عرفت يا مولاي أن يكون هدفي الوصول للجنة ،،، أحسنت بني ولكن ما رأيك أن نصيغه بشكل أخر ،،، أن يكون الهدف رضا الله

۝وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ۝

وستكون الجنة حتما منة وكرما وهدية منه تعالى لك قال تعالى

۝وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِـلاًّ ظَلِيلاً ۝

عرفت هدفي فكيف أصل إليه يا مولاي ،،، تحتاج إلى قانون الحركة ،،، وهل للحركة قانون ،، نعم فسعادتك تتحقق إن التقت حركتك مع هدفك ،،، فإن لم تلتق الحركة مع الهدف ،،، تجد القلق والاضطراب والشقاء ،، فصل لي أكثر ،،، هناك شخص يسعى لرضا الله ،،، وجد أيتام  ترك لهم والدهم بعض المدخرات ، كلم القيم عليهم أن يعطيه إياها لينميها لهم ، يرجو بهذا رضا الله في رعايته للأيتام ، جمع المدخرات وشغلها في تجارة قوامها الغش والتدليس ، والحلف الكاذب لإنفاق البضاعة ،، ربحت تجارته وصار لدى الأيتام دخل شهري ثابت ،،، هل أحسن هذا الإنسان ، لا ،،، لأن حركته لا تلتقي مع هدفه ،، هدفه صحيح وطريقه خطأ والنتيجة سيئة ،،،

فكيف أحقق هدفي بحركة متوافقة معه ،،، أن تحقق الحركة الهدف تحقيقا يقينيا ،،، لم أفهم ،،، أعني بتحقيقه يقينيا أن يخرج عن أشياء ،،، وما هي هذه الأشياء ،،، أن يخرج عن أن يكون شكا ،، أو أن يكون جهلا أو أن يكون ظنا ، أو تقليدا ، أو وهما

۝قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَـمًّى قَالُواْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ۝

مولاي ،،، الحمد ليس عندي شك في الله سبحانه ،،، كل خلية من خلايا جسدي تؤمن به وتعرف أنه رب العالمين ،،،، وتحبه ،،، نعم يا مولاي ،،، فما دليل حبك له ،،، أيحتاج حبي لدليل ،،، نعم ،،، فما دليل حب الله ،،، تجده في قوله تعالى

۝ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ۝

فهل أنت متبع للرسول صلى الله عليه وسلم ،،،، هذا دليل المحبة ،،، ليس في جميع أمري يا مولاي ،،

 إذا لا تدعي حب الله ،،، أقسم به أني أحبه ،،، كما تريد لا كما يريد،،، فكيف أحبه كما يريد يا مولاي ،،، تحتاج إلى أربعة منازل : المنزلة الأولى اليقظة ،،، فإني استيقظ بسرعة فأنا قليل النوم يا مولاي ،، أقصد بها يقظة العقل والقلب ،،، فكيف أكون يقظ العقل والقلب ؟ بأن تلاحظ نعم الله عليك الباطنة والظاهرة وتعدها ،،، وكيف لي أن أعدها ولن أحصيها لكثرتها قال تعالى

۝ وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ۝

صدقت لذلك فرغ عقلك وقلبك لمشاهدة منة الله عليك بها من غير استحقاق فكم من نعمة لديك لا تستحقها لمعصيتك لواهبها ومع ذلك حفظها لك ،،، وكل ما ترفل به من نعم أتتك بلا ثمن فأنت لا تدفع لله قيمتها حتى شكرا ،،، صدقت يا مولاي لم أفكر بهذا من قبل ،،، والآن بعد أن تيقظت ما الذي تعتقد أنك ستقوم به ،،، محبة المنعم ،،، ودوام ذكره ،،، صحيح أليس هذا ما تقوم به إن أحسن لك عبد ،،، نعم يا مولاي فإنه إن أحسن لي إنسان أو  أهداني  هدية فإني أحبه ثم إني دائما أذكره حتى أن جميع من حولي يعرفونه وإن لم يروه ،،، رغم أن ما أعطاك إنما هو في الحقيقة رزقك من الله وضعه عند هذا الشخص ،،، أتقصد يا مولاي أن من يعطيني من البشر بعد اليوم لا يستحق مني حبا ولا شكرا ،،، كلا يا بني لم أقصد هذا ،،، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال " تهادوا تحابوا " وقال " من لا يشكر الناس لا يشكر الله " ،،، سمعت وأطعت يا رسول الله ،، والمنزلة الثانية منزلة الفكرة ،،، نستطيع أن نقسمها إلى ثلاثة أقسام ليسهل عليك الأمر الأولى فكرة تتعلق بالعلم والمعرفة ،،، أعرفها يا مولاي فهي كما قال الله تعالى

۝وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ ۝

نعم فهي فكرة تميز بين الحق والباطل والثابت والمنفي ،،،وقال تعالى

۝وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بالبيانات قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ ۝

وهنا تأتي فكرة تتعلق بالطلب والإرادة ( العمل ) ،،، فقد تعلم أن الأمر حق ولكن ليس لديك رغبة في الحق ومقدرة على إتباعه ،،، مثلما كنت أنا حينما طلبت مني تنظيف دار الضيافة ،،، كانت لدي فكرة العلم ولكن الإرادة ضعيفة،،، و الأخيرة هي فكرة الطريق  إلى حصول ما ينفع فيسلكها والطريق إلى ما يضرها فيجتنبها ،،،

هذه واضحة يا سيدي هل لي لأن أضرب مثلا ،،، تفضل ،،، ترى الحجاب عند البعض ،، هن يدركن أن الحجاب حق ،،، ولديهن الإرادة للتحجب ولكنهن لا يعرفن الطريق إلى ما يحقق الحجاب الشرعي المطلوب ،،، والمنزلة الثالثة البصيرة وهي نور يقذفه الله في القلب والعقل ،، يرى به حقيقة ما أخبرت به الرسل كأنه يشاهده رأي العين ،،، تذكرت يا سيدي قصة عن أحد التابعين عندما يقوم ليصلي فإنه يستشعر أن الله أمامه وأن الجنة عن يمينه ، والنار عن شماله ثم يبدأ يصلي فيجيد صلاته ،،، صدقت كذلك لو صليت صلاة مودع واستشعرت أنها آخر صلاة فكيف ستؤديها ،، قس ذلك على كل عمل تقوم به خيرا أو شرا ،،، سأتقن الخير ،، وحتما سأبتعد عن الشر ،،، والمنزلة الرابعة هي العزم وهو القوة والوقود المحرك للمنازل التي قبلها ،،،، ومن أين آتي بالعزم ،،،، من حبك لله والخوف منه ورجاء عفوه،،، نعود دائما إلى الحب محرك لهذا الكون ،،

إن القلب في سيره إلى الله تعالى بمنزلة الطائر المحبة رأسه والخوف والرجاء جناحاه ، فمتى ما سلم الرأس والجناحان فالطائر جيد الطيران ،، ومتى قطع الرأس ،، مات الطائر ،، ومتى فقد احد الجناحان ،،، فهو عرضة لكل صائد وكاسر ،، وإن فقدت الجناحان سويا ،،، هوى الطائر ،،، فهذه المنازل يا سيدي كل منها تبني قواعد الأخرى ،،، أرى أنك تلميذ نجيب يا بني ،،، الحمد لله فهمت الدرس يا سيدي وسأبدأ أرتب دار بناتي ،،،

 حقا !! أرني كيف تفعل ذلك

 

 

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 186 مشاهدة
نشرت فى 26 أغسطس 2011 بواسطة aishasaleem

ساحة النقاش

عائشة سليم الذبياني

aishasaleem
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

199,930