الشيخ احمد احمد سلطان

امام وخطيب بوزارة الاوقاف المصريه

الحمد لله لم يزل عليّا ، ولم يزل في علاه سميّا ، قطرة من بحر جوده تملأ الأرض ريّا ، نظرة من
عين رضاه تجعل الكافر وليّا، الجنة لمن أطاعه ولو كان عبدًا حبشيًا والنار لمن
عصاه ولو شريفًا قرشيًا، أنزل على نبيه ومصطفاه قولاً بهيًا { تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي
نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنكَانَ تَقِيّاً[ [مريم : 63] 
وكم لله من لطف خفي **** يدق خفاه عن فهم الذكي 
وكم أملٌ تساق به صباحا **** فتأتيك المسرة ُبالعشي
وكم يسر أتي من بعد عسر**** ففرج كربة القلب الشجيإ
ذا ضاقتك الأحوال يوما **** فلذ بالواحد الفرد العلي
ونصلي ونسلم
على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ما جرا أثواب الحرير و ما مشى التاج من فوق الجبين مرصعًا ،
جاءت له الدنيا فأعرض زاهد ًا*** يبغي من الأُخرى المكان الأرفعًا ، 
من ألبس السعادة حلةً ***فضفاضة لبس القميص مرقعًا ،
و هو الذي لو شار نالت كفه *** كل الذي فوق البسيطة أجمعا .

هجرت الخلق طراً في هواك * وأيتمت العيال لكي أراكا
ولو قطـعتني في الحب إرباً * لما حن الفؤاد إلى سـواكا
تجاوز عـن ضعيف قد أتاك * وجاء راجيا يرجوا نـداكا
وإن يك يا مهيمن قد عصاكا * مقراً بالذنوب وقد دعاكا
وإن تغفر فأنت لـذاك أهل * وان تطرد فمن يرحم سواكا
العنصر الأول : النفحات الربانية لأمة خير البرية 
أمة الحبيب الأعظم محمد – صلى الله عليه وسلم – إن من نعم الله تعالى على المسلمين توالي مواسم الخيرات؛ فمن فاته موسم عوضه بآخر، ومن أحسن في موسم زاد إليه إحسانًا في موسم آخر؛ باغتنام الخيرات، والإكثار من فعل الطاعات، واكتساب الحسنات، لنيل الرفعة في الدرجات، وتكفير الخطايا والسيئات، عن محمد بن مسلمة أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ لِلَّهِ فِي أَيَّامِ الدَّهْرِ نَفَحَاتٍ فَتَعَرَّضُوا لَهَا، فَلَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ نَفْحَةٌ فَلاَ يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا) أخرجه الطّبراني.
إن أعمار هذه الأمة هي أقصر أعمارا من الأمم السابقة، قال صلى الله عليه وسلم : " أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين " [رواه الترمذي وابن ماجة].
ولكن الله بمنه وكرمه عوضها بأن جعل لها كثيرا من الأعمال الصالحة التي تبارك في العمر، فكأن من عملها رزق عمرا طويلا، ومن ذلك ليلة القدر التي قال الله فيها: { لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ } [القدر:3].
قال الرازي : " اعلم أن من أحياها فكأنما عبد الله نيفا وثمانين سنة، ومن أحياها كل سنة فكأنما رزق أعمارا كثيرة ".
ومن الأوقات المباركة أيضاً هذه العشر التي ورد في فضلها آيات أحاديث منها قول الله تعالى: { وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ } [الفجر:2،1].
قال ابن كثير رحمه الله: المراد بها عشر ذي الحجة.
وقال عز وجل: { وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ } [الحج: 28]
قال ابن عباس : "أيام العشر".
وقال ابن رجب- رحمه الله- في لطائف المعارف: "لما كان الله سبحانه قد وضع في نفوس عباده المؤمنين حنينا إلى مشاهدة بيته الحرام، وليس كل أحد قادرا على مشاهدته كل عام، فرض على المستطيع الحج مرة واحدة في عمره، وجعل موسم العشر مشتركا بين السائرين والقاعدين ".
العنصر الثاني فضائل عشر ذي الحجة:
============================
اعلم علمني الله و إياك : أن لهذه الأيام المبارك فضائل ليست لغيرها من سائر الأيام حيت فضلها رب الأنام و نبينا الهمام – صلى الله عليه وسلم – و هاك بيانها من محكم القران و من سنة النبي العدنان – صلى الله عليه وسلم –
1- أن الله تعالى أقسم بها:
وإذا أقسم الله بشيء دل هذا على عظم مكانته وفضله، إذ العظيم لا يقسم إلا بالعظيم، قال تعالى )والفجر، وليال العشر) . والليالي العشر هي عشر ذي الحجة، وهذا ما عليه جمهور المفسرين والخلف، وقال ابن كثير في تفسيره: وهو الصحيح.
2- أنها الأيام المعلومات التي شرع فيها ذكره:
قال تعالى: (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) [الحج:28] وجمهور العلماء على أن الأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة، منهم ابن عمر وابن عباس.
3- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد لها بأنها افضل أيام الدنيا:
فعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(فضل أيام الدنيا أيام العشر ـ يعني عشر ذي الحجة ـ قيل: ولا مثلهن في سبيل الله؟ قال : ولا مثلهن في سبيل الله إلا رجل عفر وجهه بالتراب( [ رواه البزار وابن حبان وصححه الألباني]
4- أن فيها يوم عرفة :
ويوم عرفة يوم الحج الأكبر، ويوم مغفرة الذنوب، ويوم العتق من النيران، ولو لم يكن في عشر ذي الحجة إلا يوم عرفة لكفاها ذلك فضلاً، وقد تكلمنا عن فضل يوم عرفة وهدي النبي صلى الله عليه وسلم فيه في رسالة (الحج عرفة(0
5- أن فيها يوم النحر :
وهو أفضل أيام السنة عند بعض العلماء، قال صلى الله عليه وسلم (أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر)[رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني].
6- اجتماع أمهات العبادة فيها : قال الحافظ ابن حجر في الفتح: (والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره).
العنصر الثالث: فضل العمل في عشر ذي الحجة:
===========================
أما إن سألت أخي الحبيب عن فضل العمل فيها فالعمل فيها له أجر عظيم و مكانة كبيرة 
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام ـ يعني أيام العشر ـ قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء) [رواه البخاري].
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكرت له الأعمال فقال: ما من أيام العلم فيهن أفضل من هذه العشرـ قالوا: يا رسول الله، الجهاد في سبيل الله؟ فأكبره. فقال: ولا الجهاد إلا أن يخرج رجل بنفسه وماله في سبيل الله، ثم تكون مهجة نفسه فيه) [رواه أحمد وحسن إسناده الألباني].
فدل هذان الحديثان وغيرهما على أن كل عمل صالح يقع في أيام عشر ذي الحجة أحب إلى الله تعالى من نفسه إذا وقع في غيرها، وإذا كان العمل فيهن أحب إلى الله فهو أفضل عنده. ودل الحديثان أيضاً على أن العامل في هذه العشر أفضل من المجاهد في سبيل الله الذي رجع بنفسه وماله، وأن الأعمال الصالحة في عشر ذي الحجة تضاعف من غير استثناء شيء منها.
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : كان يقال في أيام العشر : بكل يوم ألف يوم ، ويوم عرفة عشرة آلاف يوم قال - يعني في الفضل - (شعب الايمان ، وتاريخ مدينة دمشق لابن عساكر .).
وعن الأوزاعي قال : بلغني أن العمل في اليوم من أيام العشر كقدر غزوة في سبيل الله يصام نهارها ، ويحرس ليلها، إلا أن يختص امرؤ بشهادة(شعب الإيمان .).
الجمع بين فضل العمل الصالح في عشر ذي الحجة وجود النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- عن عشر ذي الحجة، والعشر الأواخر من رمضان، أيهما أفضل؟
فأجاب: "أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة".
قال المحققون من أهل العلم: أيام عشر ذي الحجة أفضل الأيام، وليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل الليالي.
العنصر الرابع: الأعمال و الطاعات المشروعة في عشر ذي الحجة 
=========================================
ومن الأعمال التي يستحب للمسلم أن يحرص عليها ويكثر منها في هذه الأيام ما يلي:
أ- أداء مناسك الحج والعمرة.
وهما افضل ما يعمل في عشر ذي الحجة، ومن يسر الله له حج بيته أو أداء العمرة على الوجه المطلوب فجزاؤه الجنة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) [متفق عليه].
والحج المبرور هو الحج الموافق لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، الذي لم يخالطه إثم من رياء أو سمعة أو رفث أو فسوق، المحفوف بالصالحات والخيرات.
ب- الصيام :
وهو يدخل في جنس الأعمال الصالحة، بل هو من أفضلها، وقد أضافه الله إلى نفسه لعظم شأنه وعلو قدره، فقال سبحانه في الحديث القدسي هريرة يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قال الله : "كل عمل ابن آدم له إلا الصيام ، هو لي ، وأنا أجزي به" [متفق عليه].
وقد خص النبي صلى الله عليه وسلم صيام يوم عرفة من بين أيام عشر ذي الحجة بمزيد عناية، وبين فضل عن أَبي قتادة - رضي الله عنه - قَالَ : سُئِلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صَومِ يَوْمِ عَرَفَةَ ، قَالَ : « يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالبَاقِيَةَ » [رواه مسلم].
عن الحسن البصري أنه قال : صيام يوم من العشر يعدل شهرين(الدر المنثور ).
فقد روى أحمد، وأبو داود وهذا لفظه ، والنسائي، وغيرهم عن هنيدة بن خالد ، عن امرأته ، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ، ويوم عاشوراء ، وثلاثة أيام من كل شهر أول اثنين من الشهر والخميس . وصحح الألباني الحديث ، ينظر صحيح النسائي للألباني )
وقال عبد الله بن عون : كان محمد بن سيرين يصوم العشر - عشر ذي الحجة كلها- فإذا مضى العشر ومضت أيام التشريق أفطر تسعة أيام مثل ما صام(مصنف ابن أبي). 
* وقال ليث بن أبي سليم : كان مجاهد يصوم العشر ، قال : وكان عطاء يتكلفها(مصنف ابن أبي شيبة .)
وعليه فيسن للمسلم أن يصوم تسع ذي الحجة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حث على العمل الصالح فيها. وقد ذهب إلى استحباب صيام العشر الإمام النووي وقال: صيامها مستحب استحباباً شديداً.
ج- الصلاة : وهي من أجل الأعمال وأعظمها وأكثرها فضلاً، ولهذا يجب على المسلم المحافظة عليها في أوقاتها مع الجماعة، وعليه أن يكثر من النوافل في هذه الأيام، فإنها من أفضل القربات، عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إنَّ الله تَعَالَى قَالَ : مَنْ عَادَى ليَ وَلِيّاً ، فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيهِ ، وَمَا يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أحْبَبْتُهُ ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ ، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بِهَا ، وَرجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإنْ سَألَنِي أعْطَيْتُهُ ، وَلَئِن اسْتَعَاذَنِي لأعِيذَنَّهُ ))) [رواه البخاري].
د- التكبير والتحميد والتهليل والذكر: : و اعلم- زاداك الله علما و فهما- أن من شعائر تلك الأيام المباركات الإكثار من ذكر رب الأرض و السماوات 
فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) [رواه أحمد]. 
أحوال السلف: فقد قال مجاهد: كان أبو هريرة ، وابن عمر - رضي الله عنهما- يخرجان أيام العشر إلى السوق فيكبران ؛ فيكبر الناس معهما، لا يأتيان السوق إلا لذلك(أخبار مكة للفاكهي).
* وعن ثابت البناني قال : كان الناس يكبرون أيام العشر حتى نهاهم الحجاج ، والأمر بمكة على ذلك إلى اليوم يكبر الناس في الأسواق في العشر(أخبار مكة للفاكهي).
* وعن مجاهد أنه كره القراءة في الطواف أيام العشر، وكان يستحب فيه التسبيح ، والتهليل ، والتكبير ، ولم يكن يرى بها بأساً قبل العشر ولا بعدها(أخبار مكة للفاكهي).
* وقال مسكين أبي هريرة : سمعت مجاهداً ، وكَبّر رجل أيام العشر فقال مجاهد : أفلا رفع صوته ؛ فلقد أدركتهم وإن الرجل ليكبر في المسجد فيرتج بها أهل المسجد ، ثم يخرج الصوت إلى أهل الوادي حتى يبلغ الأبطح فيرتج بها أهل الأبطح، وإنما أصلها من رجل واحد(مصنف ابن أبي شيبة).
* التكبير المطلق والمقيد في عشر ذي الحجة 
العلماء رحمهم الله تكلموا في هذه المسألة في المقيد والمطلق بكلام كثير، لكن ليس فيه شيء مأثور عن النبي عليه الصلاة والسلام، والمشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله أن التكبير المطلق أي: الذي في كل وقت من دخول شهر ذي الحجة إلى صلاة يوم العيد، وأما المقيد فهو من صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر يوم من أيام التشريق، وعلى هذا فتكون الأيام الثلاثة عشر بالنسبة للتكبير منقسمة إلى ثلاثة أقسام: قسم ليس فيه إلا مطلق، وقسم ليس فيه إلا مقيد، وقسم فيه مطلق ومقيد: 
* القسم الأول: الذي ليس فيه إلا مطلق: من دخول شهر ذي الحجة إلى فجر يوم عرفة هذا مطلق، ومعنى (مطلق) أنه لا يشرع أدبار الصلوات بل تقدم أذكار الصلاة عليه.
* القسم الثاني: المقيد وهو: الذي ليس فيه مطلق من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة العصر من آخر يوم من أيام التشريق، وهذه الأيام الأربعة فيها تكبير مقيد أي: يكون دبر الصلاة ولا يكون في بقية الأوقات.
* القسم الثالث: الجمع بين المطلق والمقيد من متى إلى متى؟ من صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العيد، أي: أربعاً وعشرين ساعة تقريباً، ولكن الصحيح أن التكبير المطلق من هلال شهر ذي الحجة إلى غروب شمس آخر يوم من أيام التشريق. كل الأيام الثلاثة عشرة فيها تكبير مطلق، لكن من يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق فيها مقيد أيضاً، يذكر دبر الصلاة مع أذكار الصلوات، والمسألة هذه أمرها واسع، يعني لو أن الإنسان لم يكبر التكبير المقيد واكتفى بأذكار الصلوات لكفى، ولو كبر حتى في أيام المطلق دبر الصلوات لجاز ذلك،الأمر في هذا واسع، لأن الله تعالى قال في أدبار الصلوات: فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ [النساء:103]، وقال: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ [الحج:34]، وقال تعالى: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى [البقرة:203] فكلها ذكر والأمر في هذا واسع، والمهم أن نعمر أوقات هذه العشر وأيام التشريق بالذكر.
هـ- الصدقة : ثم اعلموا يا رعاكم الله أن من الأعمال الطيبة المقربة إلى الله تعالى أن يتفقد المسلم و المسلمة الفقراء و المساكين و أن يكثر من الصدقة عليهم 
فهي من جملة الأعمال الصالحة التي يستحب للمسلم الإكثار منها في هذه الأيام، وقد حث الله عليها فقال: (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون) [البقرة:254]، وقال صلى الله عليه وسلم (ما نقصت صدقة من مال) [رواه مسلم].
حيث أن هذه الأيام يستحب فيها إدخال الفرح و السرور على المحتاجين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (أحب الناس إلى الله أنفعهم ، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجةٍ؛ أحبُ إليَّ من أن أعتكف في المسجد شهرا، ومن كفَّ غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيضا ولو شاء أن يُمضيه أمضاه؛ ملأ الله قلبه رضا يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزلُ الأقدام، وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسدُ الخلُ العسل) رواه ابن أبي الدنيا، والطبراني، وحسنه الألباني في صحيح الجامع
و _ الأضحية: و من أكد السنن عند جمهور العلماء الأضحية فعن عائشةَ _رضيَ اللهُ عنها_ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَا عَمِلَ آدميٌ مِن عَمَلٍ يومَ النَّحرِ أحبَّ إلى اللهِ مِن إِهراقِ الدَّم، إنَّها لتأتي يومَ القيامةِ بِقرونِها وأشعارِها وأظلافِها، وإنَّ الدَّمَ لَيَقعُ مِنَ الله بمكانٍ قَبلَ أن يَقَعَ منَ الأرض، فَطِيبوا بها نفسًا) رواه الترمذي.
* عدم الأخْذ مِن الأظافر والشَّعْر لمَن أراد أن يذبَح: 
يجب على مَن كان له ذبح يذبحه ألا يأخُذ مِن شَعرِه ولا مِن أظافِره شيئًا إذا دخَل شهر ذي الحجَّة؛ فقد روى مسلم بن الحجاج مِن طريق أمِّ سلمة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن كان له ذبْح يذبحه، فإذا أهلَّ هلال ذي الحجَّة، فلا يأخذ من شَعره ولا مِن أظافِره شيئًا حتى يُضحِّي))؛ رواه مسلم.
"والأصل في نهْي النبي - صلى الله عليه وسلم -التحريم، حتى يَرِد دليل يَصرفه إلى الكَراهة أو غيرها، وعلى هذا فيَحرُم على مَن أراد أن يُضحِّي أن يأخُذ في العَشر مِن شَعرِه أو بَشرتِه أو ظُفرِه شيئًا حتى يُضحِّي
* هل يشمَل هذا الحكْم مَن يُضحَّى عنه أيضًا:
"هذا الحكْم إنما يختصُّ بمَن أراد أن يُضحِّي فقط، أما مَن يُضحَّى عنه فلا حرج عليه أن يأخذ؛ وذلك لأن الحديث إنما ورد: ((وأراد أحدكم أن يُضحِّي)) فقط، فيقتصر على ما جاء به النص"
وإن أخَذ شيئًا مِن ذلك ناسيًا أو جاهِلاً أو سقَط الشَّعر بلا قصْد فلا إثم عليه؛ 
ز- الدعاء: كلُّنا نلتَمِس ممَّن نُودِّعهم من الحجَّاج الدُّعاء عن الكعبة أو عند زمزم أو غيرها من النُّسُك؛ لأنَّ الدُّعاء عند الكعبة مُستجابٌ، وكذا عند الشُّرب من ماء زمزم، وعند السعي، وعند الوقوف بعرفة، وكذا عند كلِّ نسك، ولك هذا وأنت في بيتك، بل إنَّ الله هو الذي يَسأَلُك: ما حاجتك؟ ماذا تريد؟ بِمَ تدعو؟ ما الذي ينقصك؟ 
عن أبى هُرَيرة عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((يَنزِل الله إلى السَّماء الدُّنيا كلَّ ليلةٍ حين يمضى ثلث الليل الأوَّل فيقول: أنا الملك، أنا الملك، مَن ذا الذي يَدعُوني فأستَجِيب له؟ مَن ذا الذي يسألني فأُعطِيَه؟ مَن ذا الذي يستَغفِرني فأغفِرَ له؟ فلا يَزال كذلك حتى يُضيء الفجرُ)). رواه البخاري 
وفي روايةٍ لمسلم: ((إذا مَضَى شطرُ اللَّيل أو ثُلثاه يَنزِل الله - تبارَك وتعالَى - إلى السَّماء الدُّنيا فيَقول: هل من سائلٍ يُعطَى؟ هل مِن داع يُستَجاب له؟ هل من مُستَغفِر يُغفَر له؟ حتى ينفَجِر الصبح)).
ح -كما يستحب القيام بالأعمال الصالحة المشروعة في كل وقت، من بر الوالدين، وصلة الرحم، والإصلاح بين الناس، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحفظ اللسان والفرج، وغض البصر عن محارم الله ونحو ذلك.
قال البهوتي _رحمه الله_ في "كشاف القناع" : "ويستحب الاجتهاد في عمل الخير أيام عشر ذي الحجة من الذكر والصيام والصدقة وسائر أعمال البر؛ لأنها أفضل الأيام، لحديث ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من عشر ذي الحجة".

ahmedeldfar

اخوكم/ أحمد الدفار احبكم في الله

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 150 مشاهدة
نشرت فى 8 سبتمبر 2015 بواسطة ahmedeldfar

الشيخ احمد احمد سلطان

ahmedeldfar
إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

6,487