العواصف الشمسية ظاهرة طبيعية يسببها اصطدام جسيمات عالية الطاقة بالأرض.
وتنطلق الجسيمات في صورة سحب جراء حالات فوران متفجرة على الشمس.
وفيما تمر الشمس حاليا بجزء نشط من دورتها، تثور مخاوف من حدوث عواصف شمسية تلحق اضطرابات بالتكنولوجيا المستخدمة بكوكب الأرض، ومنها إشارات الملاحة الخاصة بالأقمار الصناعية واتصالات الطائرات.
كيف يسبب انفجار بالشمس عاصفة على الأرض؟
من موقع رؤيتنا على الأرض، قد يبدو تغير الشمس ضئيلا. لكن باستخدام المعدات المناسبة، من الممكن رؤية مناطق سوداء تسمى البقع الشمسية. لكن عن قرب فإن شمسنا تبدو أشبه بوحش عنيف ونشيط.
وتتخذ حلقات مضيئة من المادة شكل أقواس وتلف في ما يشبه نوافير نارية على سطح هذا المفاعل النووي الطبيعي العملاق. وبين الحين والآخر، تظهر دفقات كثيفة من إشعاع يسمى "الوهج الشمسي"، وهو ما يحدث عندما تنطلق فجأة الطاقة المغناطيسية المخزنة في الغلاف الجوي للشمس.
وأحيانا ترتبط التوهجات الشمسية بانطلاق جسيمات عالية الطاقة في الفضاء، وهي توهجات تعرف باسم القذف التاجي الضخم. غير أن هذه الظاهرة يمكن أن تحدث من تلقاء نفسها.
ويمكن أن يحتوي القذف التاجي الضخم على مليارات الأطنان من الغاز ومواد أخرى تنطلق في الفضاء بسرعة تبلغ عدة ملايين الكيلومترات في الساعة. وتتحرك الجسيمات المشحونة في هذه السحب باتجاه أي كوكب أو مركبة فضائية في مسارها.
وعندما تصطدم هذه الجسيمات بالأرض، فإنها تسبب عاصفة جيومغناطسية، وهي عبارة عن اضطراب بالغلاف المغناطيسي المحيط بكوكبنا والذي يحمي الكائنات الحية عليه من أسوأ تأثيرات الأشعة الكونية.
ما هي أهمية العواصف الشمسية؟
العديد من تأثيرات اصطدام الجسيمات المشحونة بالمجال المغناطيسي للأرض تكون حميدة، مثل الأضواء القطبية.
وتجعل العواصف الجيومغناطيسية، التي يشار إليها غالبا بالعواصف الشمسية، هذه الأضواء الشمالية أو الجنوبية مرئية عند خطوط العرض الأدنى.
ومع هذا فهي تشوش على التكنولوجيا على الأرض، مثل أنظمة الاتصالات بما في ذلك الأنظمة التي تستخدمها الطائرات، والإشارات الملاحية للأقمار الصناعية، وشبكات الطاقة الكهربائية.
وعلى هذا النحو، يمكن أن تلحق أضرارا طويلة الأمد بالبنية التحتية للاتصالات والطاقة في أنحاء الكوكب.
الأضواء القطبية من الآثار الحميدة للعواصف الشمسية
وكان تقرير للأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم قد خلص في 2008 إلى أن عاصفة مشابهة شديدة يمكن أن تتسبب في أضرار مبدئية تصل قيمتها إلى تريليوني دولار، وذلك جراء تعطيلها للاتصالات على الأرض وتسببها في فوضى حول العالم.
وعلى هذا النحو، تعمل العديد من الوكالات حول العالم في محاولة للوصول إلى فهم أفضل للظروف المتغيرة بالقرب من كوكبنا، وهو ما يعرف إجمالا باسم الطقس الفضائي.
ويقوم خبراء بمركز التنبؤ بالطقس الفضائي - التابع للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي بالولايات المتحدة - برصد هذه الأنشطة باستخدام بيانات توفرها شبكة من المجسات، بما في ذلك مجسات الأقمار الصناعية، وكذلك معدات الهيئة الأمريكية للمسح الجيولوجي التي ترصد الحقول المغناطيسية.
لماذا تزايد الحديث عن العواصف الشمسية أخيرا؟
تمر الشمس بدورات من ارتفاع وانخفاض النشاط، تكرر نفسها كل 11 عاما تقريبا. وهي تستجمع نشاطها حاليا، ومن المتوقع أن تبلغ ذروتها في العام الجاري أو المقبل. غير أنه ليس بوسع أحد التأكد من هذا.
ويعني هذا أن بوسعنا توقع حدوث المزيد من التوهجات الشمسية والقذف التاجي الضخم خلال السنوات القليلة القادمة. وتعد الدورة الشمسية التي نمر بها حاليا أهدأ نسبيا مقارنة بسابقاتها.
لكن هذا لا يعني أنه لن يكون هناك حدث كبير في الفترة المتبقية حتى بلوغ الطاقة الشمسية حدها الأقصى في الدورة.
هل كان للعواصف الشمسية آثارا كبيرة في الماضي؟
نعم. في عام 1994، تسببت عاصفة شمسية في إحداث أعطال ضخمة باثنين من الأقمار الصناعية الخاصة بالاتصالات، مما أدى لتعطل خدمات التلفزيون والراديو في أنحاء كندا.
وفي مارس/آذار 1989، تسببت عاصفة أخرى في تعطيل شبكة طاقة رئيسية في كندا لأكثر من تسع ساعات. وقدرت الأضرار والخسائر في الأرباح بمئات الملايين من الدولارات.
ولكن أبرز الأحداث التاريخية سببته العاصفة الشمسية الكبيرة التي وقعت في الأول والثاني من سبتمبر/ ايلول عام 1859. وقد تسببت في قطع أسلاك التلغراف مما تسبب في حرائق في أمريكا الشمالية وأوروبا، وتسببت في سطوع لضوء الشفق القطبي بما سمح برؤيته في كوبا وهاواي.
وفي ذلك العام، كانت البنية التحيتية للتكنولوجيا في بدايتها، لكن عاصفة في حجم ما يطلق عليه حدث كارينغتون يمكن أن تسبب الكثير من الدمار في يومنا هذا.
ساحة النقاش