مجلة موسيقى الشعر العربى للشاعر/أحمد الشبراوى محمد

« من ينكر اصله لا اصل له »

مِن شمال لبنان
طرابس...
مَنْطَقَة البداوي
قريتي ذكرى طفولتي
فيه أول نَفس تَنفستُه
شُعاع النور فيها أبْصَرتُه
في بيت جداً متواضع
كنا نسكن فيه بالإيجار
مَسْقَط رأسي و أفتخر
جُمعت حِجارَته و رُصت
صالة إستقبال للضيوف
مِن ضِمنِها غرفة نوم
فيها سرير واحد للأبوين
بجانبه خِزانة بأربعة دَرَفَات
وضِعَت فَوقَها أكواب
في كل منها مَحْرَمة
كأنها وضِعت في جَيْب جاكيت
و بضع فراش صوف للمنامة
مع الأَغْطِيَة و مَخدات
الِلِحاف قماش الأَطْلَس
نفرش على الأرض لنَنَام
الفرشات متلاصقة
توضع فوقها شماعات
في حال بَلَلْنا الفِراش ليلا
تتوالى الإتهامات
أنت مَن فعلها ... لا بل أنت!
أنت.. أنت..أنت مَن فعلها
يعلو الصراخ فيما بيننا
والوالدة تضحك في سِرِّها
كل شئ مَفْضوح بِخِبْرَتِها
تُنزع المَلابِس و تُستبدل
وينتهي الجِدال
فَحْوى الحال في هذا المكان
فَخامَة طقم الكَنَبات
يُحفظ بتفصيل ثوب يَلْبَسَه
يُجِدَد كل بِضع سنوات
هذا للضيوف
والأولاد تجلس أرضاً
على حصير
فوقها طَرَاريح
و مَسانِد مِن قَش
تَسْند الظهر
هذا مركز البيت
بجنبه المطبخ
أَسَاسُه بضعة طناجر
تختلف المقاسات
للسفرة صحون مِن النحاس
توضع على رَف ثُبِت بالحائط
وبَابُور كَاز مُتَعَدد الأستعمال
عليه نَطَبُخ
و بِه نُسَخِن الماء
نستحم في وسط المطبخ
ونبقى على اللِباس الداخلي
حتى ننتهي...
لنلبس الثياب يرد الباب
لِباسُنا وراءه معلقة
تعليقها بمسامير دُقتْ
مطبخنا متواضع صغير
على جنبه الحمام
لا يَتَسِع لباب
بابه قطعة قماش...
لقضاء الحَاجَة
نحتاج لعملية جراحية
مكانها حفرة صناعة بدائية
في أسفلها قطعة خشب...
تُفتح و تُسد خشية دخول الجرذان
لِنَنَام في أمان
كم من مرة نسيناها
فتشتعل الحرب ويُجر الاثاث
بحثا عن الدَخِيل
والكُل يصرخ...
دخل هنا... خرج من هنا
ها هو.. هو هناك...
وتنتهي بفخر الوالد
ونحتفل بالانتصار
ونترك السلاح
عصى، حذاء، مكنسة
أي شيء للكِفاح
ويعاد الإنتشار في الدار
ويعود الهدوء
لنعود لغرفة الجلوس
فسحة عند المدخل
لا تَتَسِعْ إلا ثلاث أو أربعة نفوس
يُستضاف مَن كُنا معه( خاش باش )
يجلس بين الرجال رجل كبير
ينام من وصوله
وتنتهي الجلسة عندما يصحو
تُصبح على خير أحمد كحيل
تصبحون على ألف خير
نلقاكم في الغد
جيران أخوة لُطفاء أحِباء
هكذا كان الحال
والجميع سُعداء...
أمي سعيدة مُبتهجة
و أبي إبتسامته لا تفارقه
و أنا وأخوتي اللاعبون طوال النهار
يأخذنا التَعَب وننام بإطمئان
و تَمِرُ الأيام والسنين
لتتغير الأحوال
سبحان مُغَير الأحوال
العُمْر غمضة عَيْن
مابين غمضة عين وإنتباهِها
يغير الله مِن حال إلى حال
بالمناصب و المال
تتغير النفوس
سبحان مُغير الأحوال
أُنوف أصبحت في السماء
تتعالى على الناس خيلاء
حمار بجيبه ذهب
وبالجيب الاخر اسفار
تتناسى أصلها و فَصْلِها
فتصدق النفس
وينسى الأصل
سبحان الله مالك الملك
ان كل مَن عليها فَان
ويبقى وجه ربك
ذو الجلال والإكرام
قال سيد الخلق محمد
عليه افضل الصلاة والتسليم
"أيها الناس
والله ما الفَقر أخشى عليكم
ولكني أخشى عليكم الدنيا
أن تُنافِسوها
كما تنافسها مَن كان قبلكم
فتُهْلِككم كما أهلَكَتهم
مَن تواضع لله رفعه
إنما مرجعكم
إلى الله الواحد القَهَار
إن كُنت غنياً أو فقير
اللهم إجعلنا مِن المتواضعين
اللهم أحْيِنا مع المساكين
وأُمتنا مع المساكين

عبد العظيم كحيل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 45 مشاهدة
نشرت فى 28 أغسطس 2016 بواسطة ah-shabrawy

أ/أحمد الشبراوى محمد

ah-shabrawy
نريد أن نرتقى بالشعر العربى وموسيقاه ونحمى لغتنا العربية من التردى فى متاهات عولمة اللغة تحياتي الشاعر والاديب / أ.أحمد الشبراوي »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

400,414