مجلة موسيقى الشعر العربى للشاعر/أحمد الشبراوى محمد

16 hrs

أسوار العناد لسعاد الزامك‎ with ‎فوزي اسماعيل‎ and 45 others

16 hrs

إحدى قصص مجموعتي ( قرار أخير لأسوار العناد )
===========================

فوق دوائر الشوق
*************
تعمدت التأخير في تلك الليلة كي تُذيقه من كأس مرارة الانتظار ، وجدته يجلس بالقرب من النافذة ، يبدو عليه الغضب الشديد . دخلت مبتسمة و هي في كامل جلوتها كغانية عتيدة ، بدأ حواره الحاد و التوبيخ كعادته بسؤاله عن سبب تأخيرها . نظرت إليه بعينين أسكرهما السهر ، يتراقص بين أجفانها اللامبالاة ، رفع يديه ليصفعها عاجلته بلكمة قوية بيدها اليمنى بينما قبضت باليسرى على يده المرفوعة .
فارت ثورته كتنور يغلي ، توالى سبابه بين ضحكاتها الساخرة التي زلزلت جنبات المنزل ، ثم عاجلته بالصفعة الكبرى حين أخبرته بخياناتها المتكررة مع رجال أدنأ ما يكونون ، و أنها إمعاناً في إذلاله كانت تُخبرهم بمكانته الرفيعة التي طالما جاهد من أجل الوصول إليها بشتى السُبل الرخيصة من دسائس و رشوة و غيرها .
انهار على أقرب مقعد لا تحمله قدماه بعد أن مادت به الأرض .. لا يدري هل ما سمعه صدق أم كذب ؟ فهو يعلم جيداً كم أحبته ، و كم أفنت زهرة شبابها في سبيل راحته و إسعاده . حاول أبناؤهما تهدئة الأب ، تلجيم صهيل الأم الذي فاق كل التوقعات ، و إخماد كلماتها التي هطلت بحمم بركان غضب ظل خامداً طويلاً . نكس رأسه برهة ثم ألقى عليها يمين الطلاق ، لاحقت ناظريه أعاصير علاقاته الآثمة حيث سقط في بئر الخيانة السحيق الذي إغترفت منه زوجته مؤخراً .
توالت صفعاتها له بإخباره .. كم تألمت نهاراً حين تتخيله مخموراً برحيق خليلاته ، كم تأوهت من تكرار أحاديثه لعشيقاته على مسامعها ، يداعب خصلات جدائلهن فينقُضها ، و ينثر الشعر على أكتافه . أخبرته كم أشفقت من بلوغ الليل مرقدها حتى لا يغتصبها السُهد في مضجعها ، ذلك المخدع الذي طالما زرعته بحنانها من أجله وحده ، فأزهرت فيه سنبلات شوق و حنين لم تتفتح بسبب إهماله لرعايتها . فقد كان مخدعاً من رمال ، كلما أراقت فوقه العشق تغلغل في بحار رماله المتحركة و ذهب سُدى . غادر المنزل بعد أن شعر بانكسار رجولته على سلم خياناته و أنانيته ، و إحساسه بمذلته أمام مجتمع لن يرحم أم أبنائه بعد طلاقهما .
جلست بين أفراد عائلتها الساخطين عليها مرفوعة الجبين برغم ما تُحاكم به من أبشع تهم ، فهي على يقين تام بأنها لم تطأ و لو بمجرد تفكيرها عتبة الخيانة ، و لكنهم يجهلون ذلك أو يتجاهلون . كانت ترنو إليهم بنظرات مِلؤها الفخر و الكبرياء .. فها هي أخيراً تخلصت من عبئ زواج فشل كلاهما في الحفاظ عليه ، فشلت هي بخنوعها لجبروته و أنانيته ، و فشل هو بخياناته المتكررة .

سعاد الزامك

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 21 مشاهدة
نشرت فى 12 أكتوبر 2015 بواسطة ah-shabrawy

أ/أحمد الشبراوى محمد

ah-shabrawy
نريد أن نرتقى بالشعر العربى وموسيقاه ونحمى لغتنا العربية من التردى فى متاهات عولمة اللغة تحياتي الشاعر والاديب / أ.أحمد الشبراوي »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

401,926