❊❊❊ بسم الله الرحمن الرحيم ❊❊❊
اهلا ومرحبا بكم احبتي مع البرنامج الاسبوعي (قطوف من حدائق الادب)
وموضوع هذا الاسبوع عن ((( الـغـزل العـفـيـف.. فـي عصـور الشعـر )))..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اعداد الشاعر / سيد غيث...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
** المـقــــــدمــــــــــــة :-
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ** ما الحب إلا للحبيب الأول
كم منزل في الأرض يألفه الفتى ** وحنــــينه أبدا لأول مــــنزل
يعد الغزل احبتـــي الكــرام ..من اقدم الفنون الشعرية عند العرب
واكثرها شيوعا وذلك لانه متصل بطبيـــعة الانسان وبتجـاربه الذاتية
خاصـة وان الحب يحرك كل القـلوب في اقفـــــاص الصـدور وكان دور
الشعراء دون غيرهم يصورون هذا الحب بعاطفة صـادقة فكان يتدفق
على السنتهم كمجرى الدمـاء في العروق وبـــما ان الحب احساس
مشترك بين كافة الناس ..فانهم يجدون لذة جميـلة في سماع اشعار
الحب والغزل وفي ادبنا العـربي الجليل فقد احتل الغزل العفيف حيزا
كبيرا في الشعر في مختـلف العصور وعليه استعرض لكم احبتي الكرام
فن الغزل في الشعـر العربي على مر العصور..كي نشحن فينا الوجدان
بشعر الغزل العربي العفيف
...................................
** (( الغزل في العصر الجاهلي )) **
تربع الغزل علـى عـرش الشـعر في العصـر الجاهلي وتكاد لا تخلو قصيدة
من الغزل حتى وإن لم يكن هو الغرض الأساس فيـهـا فلا بد للشاعر ان
يذكر الغزل في قصيدته، واقتصرت أغلب القصائد الغـزلية على وصــــف
الجمال الخارجي للمرأة كجمال الوجه والجسم وكان الشعراء يتفننون
بوصف هذا الجمال لكــنهم قلــــما تطرقوا إلى وصف ما ترك هذا الجمال
من اثر في عواطفهم ونفوسهم ..
**يقول (( عــــنـــتــــــرة )) ..
اذا كان دمعي شاهدي كيف اجحد**ونار اشتياقي في الحشا تتوقد
وهيهات يجفي ما اكن من الهـوى ** وثــــوب سقامي كل يوم يجدد
اقاتل اشواقــــــي بصبـــري تجلدا ** وقلبــــي في قيد الغرام مقيد
ولقد ذكرتـــك والرمـاح نواهـــــل ** مني وبيض الهند تقطر من دمي
فوددت تقـــبيل الســــيوف لانها ** لمــــعت كبارق ثغـرك المتبسم
**ويقول (( عمر بن ابي ربيعة )) ...
حنّ قلبي من بعد ما قد أنابا،** ودعــــا الهــــمَّ شجوهُ فأجابا
فاستثارَ المَنْسيَّ مِنْ لوعة ِ**الحُـبِّ، وأبدى الهمومَ والأوصابا
ذَاك مِنْ مَنْزِلٍ لِسَلْمَى خَلاءٍ** لابِــسٍ مِن عَفــــائِهِ جِلْبَــــــابَا
أعقبتهُ ريحُ الدبورِ فما تنــفك ** منــــه اخرى تســـوقُ سحابا
ظلتُ فيه والركبُ حولي وقوف**طَمَــــعاً أَنْ يَـــــرُدَّ رَبْــعٌ جَوَابا
**ويقول (( النابغة الذبياني ))...
نظرت بمقلة شادن متربــب ** احوى احــم المقلتين مقلد
لوانها عرضت لاشمط راهب ** يخشى الاله صــرورة متعبد
لرنا لبهجتها وحسن حديثها ** ولخالها رشدا وان لم يرشد
===================
===================
** (( الغزل في عصـر صـدر الإسلام )) **
هذب الإسلام الغــــزل في هذا العصر فجاء الغزل أكثر تعفـفا لكــن بالرغـم من هذا ضلت طائفة من الشعراء تعاقر الخمرفي اشعـارها وتشبب بالنساء وتتغزل بهن غـزلا فاحشا لكن عموم الشعراء اتسم شعرهم بالـغزل العفـيف الـذي لم يقف الإسلام بوجهه والدليل على ذلك ان كعب بن زهير عنـدما مـدح الرسول محمد صلوات الله وسلامه عليه. وعمـوما لم يحرم الاسلام الحب ولكنه اراد ان يجعل منه قــوة دافـعة نحو الخير .
كما اراد ان يحصن هذا الحب ويرفعه وان يسمو بهـذه العاطـفة فلا تنطـلق
الى المعـصية..
**يقول (( يزيــــد بن معــــــاوية )) ...
سالتها الوصل قالت انت تعرفها ** من رام منا وصالا مات بالكمد
فكم قتيل لنا في الحب مات جوى ** من الغـرام فلم يبد ولم يعد
فقلت استغفر الرحمن من زلل ** ان المـــحب قتيل الصبر والجلد
قالت لطيف خيــــال زارنـي ** ومضى بالله صفه ولا تنقص ولا تزد
**ويقول (( حســــان بن ثابــــت )) ...
عفتْ ذاتُ الأصــــــابعِ فالجواءُ ** إلى عـــذراءَ منزلها خلاءُ
دِيَارٌ مِنْ بَني الحَسْحَاسِ قَفْرٌ ** تعفيها الروامسُ والسماءُ
وكانَتْ لا يَزَالُ بِهَـــــا أنِيــــسٌ ** خِلالَ مُرُوجِهَا نَعَمٌ وَشَـاءُ
فدعْ هذا، ولكـــن منْ لطــيفٍ ** يُؤرّقُني إذا ذَهَبَ العِشـاءُ
لشعثاءَ التي قــــــدْ تيمتــــهُ ** فليسَ لقلبــهِ منـها شفاءُ
كَأنّ سَبِيئَـــــةً مِنْ بَيْتِ رَأسٍ ** يَكُونُ مِزَاجَهَا عَــسَلٌ وَمَاءُ
**ويقول (( قيـــس بن الملـــــوح )) ..
اراني اذا صليت يممت نحوها ** بوجهي وان كان المصلي ورائيا
وما بي اشراك ولكــــن حبها ** كعود الشجا اعيا الطبيب المداويا
احب من الاسماء ما وافق اسمها ** واشبـــهه او كان منه مدانيا
===================
===================
**(( الغزل في العصر الأموي ))**
ازدهر الغزل في هذا العصر ازدهارا لا مثيل له وذلك لأسباب منها
التسامح الديني الذي كان سائد في ذلك العصر.والهدوء والاستقرار
الأمني والغزل البدوي أو الغزل العذري: وهو الغزل العفيــف نجد فيه
مشاعر الحـبالصادقة لأنه يقتصر على حبيبة واحدة وسمي كذلك لان
قبــيلة ( العذرة ) اشتهرت به.
** يقول (( أبي إسحاق بن موسى ))..
غرتني بجيش من محاسن وجهها * فعبى لها طرفي ليدفع عن قلبي
ولما تجارحنا بأسياف لحظـــــنا * جعلت فؤادي في يديها على العضب
وناديت من وقع الأسنة والقــــنا* على كبــدي يا صاح مالــــي وللحب
فصرت صريعا للهوى وسط عسكر * قتـــيل عيون الغانيـــات بــــلا ذنب
**ويقول (( العباس ابن الاحــــنف ))...
فلقد خصصتك بالهوى وصرفته **عمن يحدث عنهم فيغار
هل تذكرين بدار بكرة لهــــــونا **ولنا بذاك مخــافة وحذار
فـــوددت أن اللــــيل دام وأنه **ذهب النهار فلا يكون نهار
ويقول (( جمـــــــــيل بثيـــنـــــــة )) ...
الا ليتنا نحيا جميعا وان نمت ** يحاور في الموتى ضريحي ضريحها
فما انا في طول الحياة براغب ** اذ قيــــل قد سـوى عليها صفيحها
اظل نهاري مستهاما ويلتقي ** مع الليل روحي في المنام وروحها
===================
===================
** (( الغزل في العصر العباسي )) **
خفت صــوت المدرسة العــذرية في الغزل فــــي العصر العباسي وكثر
الغزل الفاحش ولعل الخطر في هذا ظهور نوع من الغزل يعد أكثر الأنـواع
انحطاطا وهو الغزل الغلماني، ولكن بالرغم من ذلك ظـل الشعراء يتركون
هذا النوع في قصائدهم الرسمية ويتجـهون الى الغزل العزري العفيف..
**يقول (( الشــــــريف الرضي )) ...
يا ظبية البان ترعى في خمائله ** ليهنك اليوم ان القلب مـرعاك
الماء عندك مبـــــذول لشـاربه ** وليس يرويك الا مدمعي الباكي
انت النعيم لقلبــي والعذاب له ** فمـــــا امرك في قلبي واحلاك
**ويقول (( ابـــــــو نـــــــــواس )) ...
رايت الحـــــــــــب نيرانا تلظــــى ** قلوب العاشقين لها وقود
فلـــــــيت لها اذا احترقت تفــانت ** ولكـن كلما احترقت تعود
كاهــــل النار ان نضــــجت جـــلود** اعيدت للشقاء لهم جلود
**ويقول (( المتنــــــــــبــــــــــي )) ...
ابلى الهوى اسفا يوم النوى بدني**وفرق الهجر بين الجفن والوسن
روح تردد في مثــــل الخـــــلا اذا ** اطارت الريـح عنه الثوب لم يبن
===================
===================
** (( الغزل في العصر الأندلسي )) **
ازدهر فن الغزل في الشعر العربي في هذا العصر ..ومن أسباب ذلك جمال الطبيعة
التي وصفها ابن خفاجة فيقول :
يا اهل أندلــس لله دركم ** ماء وظل وأنهار وأشجار
ما جنة الخلد الا في دياركم **فلو تخيرتها كنت أختار
و ظهرت في هذا العصر الموشحات ومن خصائص هذا النوع اتباع الشعراء
فـي الأندلس نهج المشرقيين في كثير من القصائد فعرفوا الغزل التقليدي
والوقوف على الاطلال والغزل ..
** يقول (( ابـــــــــن حــــــــــزم )) ...
وددت بان القلب شـــــق بمـدية ** وادخلت فيه ثم اطبق في صدري
تعيشين فيه ما حييت فان مت* سكنت شغاف القلب في ظلمة القبر
**ويقول (( ابــــــــن حمــــديــــــس )) ...
صب يذوب الى لـــــقاء مذيــــــــــبه ** يستعذب الآلام من تعذيبه
ملك القلوب هوى الحسان فقل لنا ** كيف انتفاع جسومنا بقلوبه
**ويقول (( ابــــــــن عبــــــد ربـــــــه )) ...
وبدت لي فاشرق الصبح منها ** بيــــن تلك القلوب والاطواق
يا سقيم الجفون من غير سقم ** بين عينيك مصرع العشاق
ان يوم الــــفراق افظع يـــــــوم ** ليتني مت قبل يوم الفراق
===================
===================
**(( الغزل في العصر الحديث ))**
اصبح الغــزل في العصـر الحديث تعبــيرا عن التجربة النفسية الكاملة وجاء في اسلوب (رومنطيقــي) ورمـزي كما جـاء ايضا واقعيا منسجما مـع التقدم الحضاري وعليه ادخلت صور جديـدة في الغـزل فــي هذا العصر حيث ازدادت العـــواطف والوجدانيات فـي الغزل وابتعد عن ايراد الغريب من الالفاض وكان للغـزل حصة الاسد في دواوين عدد كبير من الشعراء وذلك بسبب خفوت الكثير من الأغراض الشعرية مثل الهجاء والفـخر والمدح والوقوف على الاطلال.
**يقول (( احمـــــد رامـــي )) ...
هجرتك يمكن انسى هواك ** واودع قــــلبك القاســــي
وقلت اقدر في يوم اسـلاك ** وافضي من الهوى كاسي
لقيت روحي في عز جفاك ** بافـــــكر فيــــك وانا ناسي
**ويقول (( اسماعيل صبري )) ...
يا ظبية من ظباء الانس رائعة ** بين القصور تعالى الله باريك
هل النعيم سوى يوم اراك به ** او ساعة بت اقضـيها بناديك
**ويقول (( ابراهــــيم ناجـي )) ...
هل رآي الحب سكارى مثلنا ** كم بنينا من خيال حولنا
ومشــــينا في طريق مقــــمر** تثـــب الفرحة فيـه قبلنا
وضحكـــــنا ضحك طفلين معا ** وعــدونا فسبقــنا ظلنــا
....................................
والي لقاء جديد احبتي الكرام مع برنامج (( قطوف من حدائق الادب ))
حقوق الاعداد والنشر محفوظة للشاعر / سيد غيث...