الرئيسية مقالات اليوم

النخبة والإسلاميون وثورة يوليو

1 Share on print فراج إسماعيل 24 يوليو 2012 06:25 PM

 

يشعرني الحوار الجدلي والاحتفاء المبالغ فيه للبعض بثورة 23 يوليو بحجم التناقض والنفاق السياسي لدى فئة النخبة لأنهم في الأربعين سنة الأخيرة أهملوها تماما، نسوها، أو رموها في سلة مهملاتهم، لدرجة أننا في العشر سنوات التي حكم فيها السادات، كانت الأجواء الاحتفالية بما سمي ثورة 15 مايو تتقدم 23 يوليو بمراحل. الخطاب الأساسي للرئيس يلقيه في الذكرى التي قضى فيها عام 1971 على مراكز القوى التي حاولت انتزاع سلطاته وصلاحياته والانقلاب عليه.

كان 15 مايو إجازة رسمية، اعتبرته النخبة الإعلامية والسياسية ذكرى الثورة الحقيقية التي انتشلت مصر من العصور الوسطى وأعادت لها سيادتها، وأطلقت على السادات وصف مفجر الثورة وقائدها. أما 23 يوليو فقد صار في تلك الأيام نسيا منسيا، لا نقرأ عنها إلا خبر صغير أسفل الصفحة الأولى من جريدة الأهرام، حتى جاءت سنوات نسيناها تماما ولا نذكرها إلا بيوم الإجازة!

وفي الثلاثين سنة التي حكم فيها مبارك لم يمر عليها أحد إلا قليلا، لدرجة أنني لا أتذكر أن عمرو موسى - على سبيل المثال - تحدث عنها مرة واحدة. أضف إلى ذلك أبو العز الحريري الذي يريد أن يوهمنا اليوم أنه مناضل من نبت يوليو ورجاله الأوفياء، كأن ذاكرته عادت إليه فجأة. لا استثني هنا أي شخصية من اليسار أو حتى من التيار الناصري.

كلهم نسوا 23 يوليو 1952 ومفجريها من الضباط الأحرار. حسني مبارك بالنسبة لهم صار الضابط الحر الأول والأخير، بطل الضربة الجوية في اكتوبر كما كانوا يزعمون، وباني مصر الحديثة كما كانوا ينافقون!

لم تكن خطبة ذكرى 23 يوليو ضمن أجندة مبارك، فإذا ألقى خطبة فهي نص برتوكولي لا أهمية له ولا يتضمن شيئا مهما لافتا ولا يتناولها الإعلام إلا سطورا عابرة.

هذه السنة انطلقت حملة النفاق السياسي والتربص قبل أيام من ذكرى 23 يوليو.. هل سيلقي مرسي خطابا أم لا؟ّ!.. هل سيحتفل بها أم لا.. ماذا ستفعل جماعة الإخوان التي ينتمي إليها؟!

انطلقت النخبة في حملة مجهزة ضد الرئيس محمد مرسي، لكنها فوجئت بخطابه الذي كان أكثر الخطب الرئاسية تذكيرا بقيمة ثورة يوليو وأهميتها في التاريخ المصري من كل خطب السادات ومبارك طوال الأربعين السنة الماضية.

ولما خاب تمني النخبة راحتتوجه هجومها وتربصها ناحية فصائل الإسلام السياسي. على سبيل المثال أشاد الباحث عماد جاد لأول مرة بثورة 23 يوليو واعتبرها مفرزة الطبقة الوسطى وأشاد بجمال عبدالناصر الذي حماها من الاختطاف والقرصنة على حد قوله، وهو يرمي بذلك الإسلاميين معتبرا أنهم اختطفوا ثورة يناير.

لعمري كان عماد جاد أكثر الكارهين لعبدالناصر ولثورة يوليو، يحنق عليها بشدة ويعتبرها سبب انفصال الأقباط عن السياسة والمشاركة في الحكم، وسبب ابعادهم عن الوظائف العليا في الجيش والدولة والجامعات.

من حق الإسلاميين أن تكون لهم نظرتهم المضادة لثورة يوليو وهم أكثر من عانوا واضهدوا على أيدي قادتها، ولا ينبغي تعقبهم وترصدهم لأنهم لا يريدون الاحتفال بها، فهم لم يمنعوا الدولة من الاحتفال، وأحدهم الذي يجلس على رأس الدولة لم ينكر دورها الكبير في صناعة التاريخ المصري المعاصر، وألقى خطابا مشهودا في ذكراها.

الذين لم يحتفوا يعبرون عن شعور نفسي قلبي طبيعي وتلقائي. أما النخبة التي احتفت بشكل ترصدي هاجمت فيه الآخرين الذين استعادوا ذكرياتهم المريرة، فقد فعلوا ذلك من نفاق وترصد و دهاء وخبث سياسي.

[email protected]

 

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 224 مشاهدة
نشرت فى 25 يوليو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

304,281