محمود سلطان
09
يونيو
2012
07:54 PM


لا شك فى أن انتخابات الرئاسة، محطة بالغة الأهمية، فى مسيرة التحول الديمقراطى، ولكنها مع ذلك تظل إجراء رمزيًا، فى دلالته.. فإذا فاز "مرسى" فإنه يعنى انتصار الثورة، وطى عصر مبارك والتكبير عليه أربع تكبيرات.. وإذا حدث ـ لا قدر الله ـ العكس، فإنها تعتبر انتكاسة للثورة، وإحياءً لنظام الرئيس السابق.

هذه مسألة رمزية فى فحواها ومضمونها الأساسى.. غير أن المعركة الأهم على الإطلاق هى كتابة الدستور.. فالناس مشغولة بـ"الرئاسة" عن "الدستور" رغم أن الأخير هو الذى سيحدد ما إذا كانت مصر ستحكم لاحقًا بـ" الفرعون ـ الإله".. أم بـ"الرئيس ـ الخادم" للشعب، والخاضع لرقابته، ويظل مستقبله رهن رضا الرأى العام عليه أو سخطه.

البعض يتهم الإخوان، بأنهم وراء عرقلة تشكيل "التأسيسية" إلى أن ينتهى الماراثون الرئاسى، ومعرفة الأصول السياسية للرئيس المنتخب.. ووضع الدستور على "هدى" تلك الأصول.. فإذا جاء شفيق، "فصل" الدستور على النحو الذى تنقل فيه غالبية السلطات للبرلمان وللحكومة.. وإذا جاء "مرسى" فإنه يفصل على النحو الذى يمنح الأخير سلطات واسعة، والإبقاء على النظام الرئاسى امتدادًا لنظام حكم مبارك.

غير أن الجماعة، يوم أمس الأول، أنهت هذا الجدل، واستردت وعيها بدقة اللحظة وخطورتها، ويوم غد، ستنتخب اللجنة التأسيسية، هو إنجاز، يحسب للأغلبية البرلمانية وعلى رأسها "الحرية والعدالة".. وحزب "البناء والتنمية" الذى تنازل عن حصته لصالح القوى المدنية، للخروج من الأزمة، وإنهاء هذا التكلس الذى أصاب المشهد السياسى على النحو الذى يهدد مستقبل الاستقرار فى مصر.

الدستور لا بد أن يكتب، وبدقة شديدة، ولا يأخذ فى الاعتبار، نوع "القبيلة السياسية" التى تنحدر إليها السيرة الذاتية والخبرات السياسية للرئيس المنتخب.. بل إن بعض المواد المتعلقة بحقوق المواطنة والحريات العامة، والحقوق المدنية، وتوزيع السلطات بين البرلمان والحكومة والرئاسة، ينبغى أن يتصدر لها الدستور تفصيلاً ولا تترك لـ"المشرع".. فترك تلك المواد على صورتها الدارجة، كـ"عناوين" فقط مع ترك تفاصيلها فى يد "البرلمان" كأن يكتب مثلاً "وفقًا للقانون".. يجعل مفهوم ومعنى الحريات، رهن "رؤية سياسية" متغيرة ومتبدلة.. فالبرلمانات تتعاقب عليها قوى سياسية متباينة ومختلفة فى رؤيتها وفلسفتها، فاليوم البرلمان "إخوانى" أو "سلفى" وبعد سنوات قليلة قد يكون "وفدى" أو "يسارى" أو ليبرالى".. ولكل "شرعته" و"وجهته" وهى مسألة بالغة الخطورة، حال ترك لها التلاعب بتلك المواد المتعلقة بالحريات والحقوق وتوزيع السلطات بين مؤسسات الدولة الدستورية والقانونية.

إنها مسألة تذكرنا بآيات "الميراث" فى القرآن الكريم ـ ولله المثل الأعلى ـ حين تكفل الله تعالى بذاته فى تفصيلها على اتساعها وتنوعها، ولم يتركها لـ"المجتهدين" أيًا كانت منزلتهم لأنها تتعلق بحقوق خاصة عرضة للتلاعب وللانقياد لشهوة التملك وحب المال.. من قبل الأطراف ذات المصلحة.

فالدستور.. هو المعركة الأهم.. وعدم ترك بعض مواده الخاصة بالحقوق، لـ"المشرع".. هى الخطوة الأكثر أهمية.. فلننتبه إلى خطورة اليوم التالى من اختيار رئيس مصر القادم.

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 53 مشاهدة
نشرت فى 10 يونيو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

309,505