2
جمال سلطان
12
مايو
2012
08:23 PM


كانت التقارير التى وصلتنا أمس والاتصالات الخارجية تتحدث عن زحام مثير للمصريين أمام السفارات المصرية فى دول عديدة، وخاصة فى الخليج العربى، أحدهم قال لى إن طابور سيارات الذاهبين للإدلاء بأصواتهم فى الانتخابات أمام إحدى السفارات وصل إلى أكثر من كيلو متر، حتى أن رجال المرور ومواطنى الدولة المضيفة كانوا مندهشين من المشهد، الناس تشعر أنها تكتب تاريخًا جديدًا لبلادها ولوطنيتها أيضًا، وهم يشاركون فى انتخاب الرئيس، ولن تترك هذه الآلاف من المغتربين أشغالها وراحتها وتتجشم هذا العناء إلا إذا كانت قد أدركت أنها تشارك فعلاً فى صنع مستقبل الوطن، وأنها ذهبت لكى تقرر مَن يكون رئيس مصر المقبل، لم يحدث ذلك من قبل، لا على الصعيد العملى ولا على صعيد المشاعر، ولا يمكن أن يحدث ذلك إلا إذا كانت هناك قناعة تامة بين المصريين فى الداخل والخارج بأن ثورتهم قد نجحت، وأنهم الآن يجنون فعليًا بعض ثمار تلك الثورة المباركة.

هذا الحضور الكبير والحماسة التى حدثت فى الخارج مؤشر على الحشود الهائلة التى سوف تشارك فى الانتخابات فى الداخل، ولن تقل عن حشود انتخابات مجلس الشعب، بل المؤكد أنها ستزيد؛ لأن التحدى أمام كل المرشحين كبير، وهذه الحشود هى الضمانة الحقيقية والأولى لنزاهة الانتخابات، ولن تجرؤ قوة فى مصر أيًا كانت على العبث فى الانتخابات أو محاولة التلاعب بنتائجها؛ لأن هناك ملايين قادرة على عقاب مَن يحاول ذلك، وهناك ملايين قادرة على تجديد وهج الثورة لو فكر أحدهم فى الالتفاف على إرادة هذا الشعب؛ ولذلك أنا أثق تمامًا بجدية ما أعلنه المجلس العسكرى من أن الانتخابات ستكون نزيهة وشفافة، وأنهم سينجزون انتخابات تليق بمصر وثورتها، أثق بذلك؛ لأن المجلس العسكرى ـ رغم المخاوف ـ التزم بذلك فى الانتخابات النيابية، وكان أمينًا على الوطن فيها، كما أنه ليس من مصلحته أن يتحمل مسؤولية عواقب أى تلاعُب بالانتخابات، كما أن البديل لإنجاز الانتخابات والتحول الديمقراطى السلمى فى مصر خطير جدًا، وسيُدخل الدولة والوطن والمجتمع فى دوامة أشمل من العنف والفوضى والانهيار الاقتصادى والسياسى والأمنى لا يوجد فى مصر مَن يتحمل تبعاته، لا المؤسسة العسكرية ولا الأحزاب ولا البرلمان ولا أى قوة أو سلطة، كما أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة من صالحه أن يُنهى المرحلة الانتقالية فى أقرب وقت ملتزمًا بما قطعه على نفسه من وعود وعهود متكررة؛ ولأنه ليس لديه ـ عمليًا ـ ما يخسره أو يخشاه عندما يسلم السلطة للمدنيين، بل هو سيخرج منتصرًا بدون أى شك إذا أنجز المهمة بسلام، والعكس صحيح إذا حدث أى نكوص؛ لأنه سيتحمل ـ وحده ـ مسؤلية مواجهة شاملة ومروِّعة مع القوى السياسية وملايين المصريين، كما أن هناك إجماعًا فى خطاب المرشحين والقوى الداعمة لهم على أن المرحلة المقبلة مرحلة بناء وإصلاح، ولا وقت فيها لتصفية الحسابات بين مؤسسات الدولة ولا القوى الوطنية المختلفة؛ لأنها ليست فى صالح أحد، والجميع خاسرون إذا انسحبوا إلى مثل هذا السلوك السياسى البُدائى، كما أن الجميع مدرك أن الوطن كله سيخسر أيضًا إذا انشغلت القيادة الجديدة أو الأحزاب بذلك فى المرحلة المقبلة.

المصريون يميلون بطبعهم إلى التشاؤم، من فرط ما فعله بهم الفراعين والطغاة، حتى أنهم إذا ضحكوا من عمق قلوبهم عقبوا قائلين: اللهم اجعله خيرًا !!، ولكن انطلاقة الانتخابات على هذا النحو تعطى الثقة بأن مصر على أعتاب تاريخ جديد، تكتبه لنفسها وللعالم العربى معها.

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 32 مشاهدة
نشرت فى 12 مايو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

305,752