28
محمود سلطان
20
إبريل
2012
07:43 PM


لا يمكن بحال أن يكون المفتى د. على جمعة، قد اتخذ قرار زيارة القدس، دون الرجوع إلى المجلس العسكرى.. فالأخير ـ بلا شك ـ شريك فى صناعة هذا "القرار".

 هذه العلاقة مهمة وربما تفك لنا شفرة هذا اللغز المحير.. فالمفتى فجأة وبدون مقدمات وبدون الرجوع أو مشاورة شركائه فى المؤسسة الدينية الرسمية، وعلى رأسه مؤسسة الأزهر، وجدناه على منبر المسجد الأقصى، ولم يُعلن عن الزيارة إلا بعدما وصل إلى القدس.

اللافت أن الزيارة جاءت فى توقيت كان جدل الرئاسة مشتعلا، فى مصر، وكان المجلس العسكرى واللجنة العليا للانتخابات فى بؤرة الاستهداف، والانتهاكات التى ارتكبت فى حق عدد من المرشحين فجة إلى حد أثار القلق من عودة أسلوب مبارك مجددا، بكل حمولته من كذب وتضليل وتدليس وتزوير إلى إدارة المشهد السياسى المصري.. فيما كانت ردود الأفعال تتجه نحو استعادة وهج الثورة من جديد، والاقتداء بالأيام التى سبقت سقوط مبارك، ويُممت الوجوه كلها شطر ميدان التحرير، مع تنامى نزعة الاعتصام فيه، وعدم تركه إلى أن يرحل نظام ما بُعيد الثورة، باعتباره امتدادًا لنظام مبارك.

زيارة المفتى جاءت فى هذا السياق، الذى انعطف فيه المشهد السياسى صوب ما يشبه "الثورة الثانية" مع عودة روح "التوافق" واستدعاء القوى الوطنية لـ"هويتها الثورية" بكامل طاقتها التوافقية، وهو المنحى الذى رسُمت لوحته الجميلة فى ميدان التحرير يوم أمس الجمعة 20/4/2012.

زيارة المفتى لـ "الكيان الصهيونى".. جاءت لتقطع على "الثوار" الطريق إلى "الميدان".. وشغل الرأى العام بالزيارة، وإجهاض حماسه والدخول فى جدل "التطبيع" وصرف طاقة الطبقة السياسية فى موضوع آخر، ولعل ذلك ما توقعه البعض.. إذ ينقل الناس والصحفيون وكتاب الرأى وبرامج لـ"توك شو" معاركهم من جبهة انتخابات الرئاسة إلى جبهة المفتى.. وليلتقط المجلس العسكرى أنفاسه، وتأخذ اللجنة العليا للانتخابات استراحة وتتستر خلف ما أثارته زيارة المفتى من "شوشرة" وصخب إعلامى، توارت خلفه صورة أبو إسماعيل بكل معانيها ودلالاتها لتظهر مكانه صورة د. على جمعة، وهو فى حماية وزارة الدفاع الإسرائيلية.

غير أن المشهد يوم أمس فى ميدان التحرير، أعاد إلينا الثقة فى وعى العقل الجمعى المصري، وهى من المرات القليلة التى يثبت فيها أنه بات يستعصى على ألاعيب "الحواة".. أنه أقلع عن عادة "القابلية للاستخفاف" ولن يشغله شاغل عن حسم معركة السلطة لصالحه.. وأنه إذا خذله "العسكر" و"البرلمان" فإن "الميدان" أقرب إليه من شراك نعله.

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 38 مشاهدة
نشرت فى 21 إبريل 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

304,502