ل هى مؤامرة فعلا.. أم نحن المتآمرون؟!

طه خليفة | 18-02-2012 13:59

بعد 18 يومًا أعود، وأسأل: هل ما حصل فى بورسعيد مؤامرة؟،

ذلك أنه منذ اللحظة الأولى للمجزرة تم ربطها بنظرية المؤامرة الرائجة جدًا فى مصر منذ الثورة.

لكن اليوم.. وبعد لجنة تقصى حقائق برلمانية، وتحقيقات من النيابة، وسيل من التحليلات، والتعليقات، واللقاءات فى الإعلام وخارجه.. لا أرى حتى الآن فيما قيل مؤشرات دامغة وقاطعة مقنعة لى على الأقل بوجود مؤامرة فعلاً ؟.

ومع ذلك، مازلت أريد التيقن من أنها مؤامرة.

وهل كانت من الداخل، أم من الخارج؟.

مؤامرة "دولة طره"، أم فلولهم خارج السجن؟.

مؤامرة ضباط بالداخلية ضد الوزير الجديد، أم ضباط مرتبطين بوزيرهم المسجون العادلى؟.

هل مؤامرة خططت لها سوزان، مع رجال أعمال، يدينون بالولاء لمبارك؟.

هذه المؤامرة، هل نفذها أيضًا الطرف الثالث، أو اللهو الخفى، بهدف استمرار الفوضى، وإسقاط الأمن، والدولة، ومحاصرة المجلس العسكرى، وإجهاض الثورة؟.

أريد الاطمئنان إلى وجود عنصر المؤامرة بشكل حاسم، لأنه لو ثبتت المؤامرة فإنها ستجعلنى أطمئن إلى أن كل ما يحصل فى مصر طوال عام كامل بعد الثورة من أحداث دموية، وفوضوية، هو مؤامرة على مصر الثورة، كما هو شائع، حيث صرنا نفكر، ونتكلم، ونكتب، وننام، ونصحو، على أن مصر تتعرض لمؤامرة كبيرة داخلية، كأنها مركز الكون، والقوة الأعظم فى العالم، علمًا بأن الحكومة عاجزة عن سد الخلل بالموازنة، وبعد أشهر سيكون الاحتياطى النقدى صفر، وهى تفاوض البنك الدولى لاستدانة مليار دولار، وكلنا يتحدث عن انهيار وضياع الدولة، فإذا كانت دولتنا المركزية العتيدة، والأقدم فى التاريخ تضيع بهذه السهولة، فأين الخطورة منها حتى يظل المتآمرون يلاحقونها.

رغم متابعتى لكل ما يقال، ويكتب عن أحداث بورسعيد، فإن أحدًا لم يجزم بشكل نهائى وحاسم أن هناك مؤامرة مدبرة بليل أطرافها فلان، وعلان من الداخل، أو فلان، وعلان من الخارج، حتى لجنة تقصى الحقائق البرلمانيةلم تقل ذلك.

وما يوجه من اتهامات للأمن فى بورسعيد، وللمحافظة، ولإدارة الاستاد، ولمجلس إدارة المصرى، وللجمهور، وللإعلام،كلها تندرج فى إطار التقصير، والإهمال، والغفلة، واللامبالاة، وسوء التقدير للموقف ومستوى خطورته، وإلى آخر تلك الأمراض المصرية المستعصية سواء قبل الثورة، أو بعدها، والتى تترك "السايب فى السايب"، وتعمل بمنطق "وأنا مالى"، ولا تعرف التخطيط، والتفكير الممنهج، والاعتبار لكل صغيرة، وكبيرة، وترك كل شىء يسير باتكالية، وفوضوية، وفهلوة، وكل هذا لا أجد فيه مؤامرة بالمعنى السياسى، أى أن هناك أناسًا، أو جهات، أو دولًا جلسوا مع بعضهم البعض، وخططوا، ورسموا، وحرضوا، ودفعوا من ينفذ المجزرة بهدف الإضرار بالبلد، وبالثورة، وبالأمن، وبالاستقرار، وبالسلام الاجتماعى.

كل ما حصل فى الاستاد قد لا يكون له علاقة بمؤامرة محددة مخططة، إنما تم وفق اللحظة، أو بتأثير الشحن الإعلامى، أو انقياد للتعصب والعصبية الرياضية المقيتة، وبورسعيد مثل غيرها من محافظات مصر فيها من هو مستعد للضرب، أو الإيذاء، أو حتى القتل سواء بمقابل، أو بدون مقابل، وهناك خناقات تنشب بين الناس بسبب، أو بدون سبب، ويقع فيها قتلى، وجرحى دون أن يكون ذلك وفقًا لمؤامرة، أو أن يكون فى نية المشتبكين القتل العمدى.

وحتى لو كان هناك من الجمهور من دخل بكل أدوات الإيذاء البدنى، رغم وجود الأمن المتراخى فى الاستاد كما فى خارجه، حيث لا يعتبر نفسه مسئولاً عن أمن أى أحد فى مصر، وهذا لا يمنع أن تحدث الكارثة كما حصل بالفعل، فيما الأمن كان متفرجًا، كما شاهدنا، فإن ذلك قد لا يصنف فى إطار المؤامرة السياسية التى أتحدث عنها، إنما هو يأتى فى إطار الفوضى العامة والداخلية جزء منها، والتى يصنعها المصريون من دون اتفاق جماعى، فلا أحد اليوم بات قلبه على البلد، إنما على ما يحصل عليه لنفسه منه.

كل الأحداث الكبيرة منذ 11فبراير 2011 ننسبها للمؤامرة على مصر الثورة، وبنينا حساباتنا، وقناعاتنا على أنها مؤامرات، وقد لا تكون كذلك، إنما قد تكون ناتجة عن الفوضوية، والعشوائية، والاتكالية المصرية، وبالتالى تكون كل تشخيصاتنا، واستنتاجاتنا خطأ فى خطأ، وألا يكون هناك عدو، لا من الداخل، ولا من الخارج. لا من "طره" ، ولا من فلولهم. لا من المجلس العسكرى، ولا الداخلية. لا من إسرائيل، ولا من أمريكا. لا من السعودية، ولا من إيران. لا من حزب الله، ولا من حماس. إنما يكون عدونا هو صراعاتنا، وخلافاتنا، وانقساماتنا العلنية الواضحة على أتفه التوافه. أن نكون نحن أعداء أنفسنا، أن نكون نحن الذين نخلق العداوة، ونفجر الأحداث بما نقوله لبعضنا البعض يوميًا فى الشارع، وفى الاجتماعات، وفى الإعلام، وفى كل مكان.

قد نكون نحن صناع المؤامرة، والمحرضين عليها، والمنفذين لها بسلوكياتنا التى هى نقيض تمامًا لما كانت عليه أثناء الثورة.

ستكون هى أطرف نكتة مصرية إذالم يكن ما يحصل مؤامرة، وهنا يجب أن نموت من الضحك على أنفسنا، وعلى أننا كنا من المغفلين الكبار.

[email protected]

 

 

 

اشتراكك في خدمة أخبار المصريون العاجلة على الموبايل يصلك بالأحداث على مدار الساعة

لمشتركي فودافون : أرسل حرفي mo إلى 9999 ـ الاشتراك 30 قرشا لليوم
لمشتركي اتصالات : أرسل mes إلى 1666 ـ الاشتراك 47 قرشا لكل يومين (23.5 قرشا لليوم)

 

 

اضف تعليقك
الاسم :

عنوان التعليق:

التعليق:

أرسل التعليق

تعليقات حول الموضوع

الدليل

مصطفى على | 19-02-2012 11:45

الدليل على انها مؤامرة أسرد لكم منه الشواهد التالية: 1-وجود أدوات القتل مع القتلة قبل المباراة 2- نزول الجمهور حول الملعب قبل انتهاء المباراة 3- لم يحدث هذا الحدث من قبل 4- فريق النادى المصرى لاينافس على الدورى 5- عدم ضبط الجناة حتى الآن 6-الضرب بقصد القتل 7- نتيجة المباراة لصالح المصرى 8- الجمهور شارك فى الحدث كشعور جماعى

 

 

معلهشى معرفشى.

عابر سبيل | 19-02-2012 09:45

لا اوافق على هذا الكلام الخطير. كلام فلول مع كل الاحترام. هناك دائما مسئولا ومشاركا ومنظما ومتهما ومذنبا ومجرما وضحيه. حتى فى حالة صحة الاتهام عن فوضويتنا وخلافه ستبقى المعطيات ساريه عن المسئولين والمتواطئين والمتسببين واصحاب المصالح والمتواطئين. لقد حان وقت الحساب. والكاتب يسقط فى خطأ هو يهاجمه تكون نهاية الحكم فيه: معلهشى معرفشى.

 

 

حرام عليك

دغاده مأمون | 19-02-2012 07:32

كلامك معناه ان اهل محافظة كاملة قتلة وهذا مستحيل0لكن الطبيعى لم يتم اتهام احد لان الداخلية هى الفاعل والشهود والقائم بالتحريات وهى المنوط بها تقديم الجناة للعدالة 0نحن جميعا نتحمل ليس تراخى ورفض اباطرة الداخلية العمل فقط بل ايضا مؤامراتهم التى اصبحت جنائية صرفة

 

 

كل الأحداث الكبيرة منذ 11فبراير 2011 ..... قد تكون ناتجة عن الفوضوية، والعشوائية، والاتكالية المصرية،

خبير أمني من منازلهم | 19-02-2012 06:57

هذا هو بالضبط الهدف من الأحداث الكبيرة منذ تنحي المخلوع: تزييف أدلة لإستخدامها للدفاع عن مبارك والعادلي وأعوانهم وما حدث في عهدهم من قتل وظلم وتعذيب وتجاوزات أمنية ضد الشعب. لأن هذه كانت الطرق الوحيدة - والكلام لمحامي الدفاع- للتعامل مع شعب فوضوي عشوائي مخرب سفاح. عرفتوا ليه المتهمين الحقيقين في كل هذه الأحداث بعد الثورة لن يظهروا أبد؟؟؟؟

 

 

الموضوع بسيط جدا ياأستاذ..... هذا مايحدث عادة إذا اسندنا التحقيق لأحد المشتبه فيهم أو الشركاء في الجريمة

يســـــرا حبيب | 19-02-2012 06:38

فالشرطة هي التي تحدد المشتبه فيهم وتحقق معهم ثم تقدم المتهمين للنيابة.والشرطة متهمة من الجميع بتهاونها واهمالهاالمتعمد فكيف يسمح لها بالتحقيق في ظروف المذبحة؟ هذه جريمة لم تقع في الظلام ولكن أمام الآلاف من الناس وفي وجود التليفزيون وعشرات الكاميرات التي تسجل ما يجري في كل مكان بالإستاد. أمام العشرات من الشهود المدربين على ملاحظة كل شيئ بدقة والمئات من رجال الشرطة الذين برغم سلبيتهم رأوا كل شيئ ولم يفعلوا أي شيء لوقف الجريمة أو القبض على المجرمين متلبسين. هل هذا إهمال أم تواطؤ أم مشاركة؟

 

 

كل هذا نتيجه الجهل

ابن حميدو | 19-02-2012 05:26

نحن اعداء انفسنا وسندمر بلدنا بايدينا وبجهلنا وستتلاعب بنا الدول من حولنا...كفانا فتن واعتصامات وافيقوه قبل فوات الاوان والا سندفع الثمن غالى جميعا ولن ينفع الندم بعد ذلك

 

 

كلام فاضى

طلعت الحداد | 19-02-2012 03:47

طبعا كلام فاضى وتسطيح متعمد للمأساه وصانعيها ، فشعب بور سعيد له تاريخ طويل من التعصب الأعمى الذى لاحظته السينما المصرية وأشارت إليه فى فيلم أبو العربى والذى إستثمره مجرمى النظام وخونة الداخلية ولعبوا عليه بنجاح حتى سقطت الضحايا وسالت الدماء وتفرق إثمها مشاعا بين أطراف معلومة ولكنها مازالت قابضة بقوة على مجريات الأمور وصنع القرار.

 

 

نحن أعداء أنفسنا !!!!!

خ . أ | 19-02-2012 01:19

***

 

 

كلامك صح

Ahmed al sabagh | 18-02-2012 23:06

المشكله الأساسيه في سلوكيات الناس فالموامره فى داخلهم

 

 

موافقة جدا

نهى | 18-02-2012 16:49

موافقة جدا موافقة جدا

 

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 43 مشاهدة
نشرت فى 4 مارس 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

305,668