authentication required

 

عبد الآخر حماد | 27-02-2012 14:12

تحت عنوان ( الثقافتان ) ومنذ ما يقرب من عشرين عاماً وتحديداً فى يوم 19/4 /1994 كتب الدكتور فؤاد زكريا مقالاً بجريدة الأهرام يصف فيه المشهد الثقافى فى مصر بأنه موزع بين ثقافتين لا تكاد تربط إحداهما بالأخرى إلا أضعف الروابط ، فأما الثقافة الأولى فهى الثقافة العلمانية المفتوحة التى ينفتح أصحابها على ثقافات العالم ويؤمنون بجدوى الانتفاع من تجارب الغير ،وأما الثقافة الثانية فهى الثقافة المغلقة التى يؤمن أصحابها بثقافة قد اكتملت منذ أمد بعيد ولم يعد أمام البشر بعد ذلك إلا ممارسة بعض الاجتهادات التى لا تمس الأصول ،وإطارهم الفكرى ينتمى إلى الماضى الذى يعودون إليه فى حل مشكلاتهم .

وكان المقال فى مجمله انحيازاً واضحاً للفكرة العلمانية التى كان نظام مبارك يمثل تجسيداً حياً لها ، ورغم ذلك الانحياز إلا أنى أذكر أنى كتبت يومها فى بعض الدوريات الإسلامية أقرر أننا مع اختلافنا البين مع الدكتور زكريا فى توجهاته الفكرية إلا أننا نقر تماما بصحة ما قاله من وجود هاتين الثقافتين فى مصر وأنهما على طريفى نقيض وأن الخلاف بينهما خلاف جذرى مهما حاول البعض التقليل من شأنه .

أعاد هذا المقالَ إلى بؤرة الشعور مقالٌ نشر مؤخراً بالأهرام أيضاً للدكتور جابر عصفور بعنوان : (الدولة المدنية المكروهة والعلمانية الملعونة ) وذلك فى عدد يوم الإثنين 13 /2/2012.

والظاهر أن الدكتور فؤاد زكريا كان أكثر جرأة ووضوحاً فيما يدعو إليه فقد وصف الواقع كاملاً ولم يُخفِ انحيازه إلى الفكر العلمانى الذى هو فى حقيقته إحياء للمنطق الأرسطى الذى يتصور الله سبحانه وتعالى مجرد خالق خلق ثم ترك الخلق يدبرون أمورهم كيفما يشاءون ، وهو يعى تماماً الفرق بين ذلك المنهج ومنهج النبيين الذى يصف أتباعه بأن إطارهم الفكرى ينتمى إلى الماضى الذى يعودون إليه فى حل مشكلاتهم .

أقول كان الدكتور فؤاد زكريا أكثر جرأة ووضوحاً رغم اختلافنا معه ،بينما نجد الدكتور جابر عصفور فى مقاله المشار إليه يحاول أن يثبت عدم مناقضة العلمانية للأصول الدينية ،وهو فى سبيل ذلك يتجنى على الحقيقة اللغوية والحقيقة التاريخية أيضاً ليأتينا بمفهومٍ جديدٍ للعلمانية لم يعرفه حتى دعاتها ومؤسسوها فى بلاد الغرب ، وذلك أنه فى معرض رده على بعض من يهاجمون العلمانية ممن يسميهم بالمتعصبين دينياً الذين وصل بعضهم إلى حد اعتبار تهمة العلمانية مرادفة للكفر والإلحاد ،يقول : (( الواقع والتحليل اللغوى للكلمة ينفى ذلك ( أى ينفى ما يقوله أولئك المتعصبون ) , فالعلمانية( بفتح العين وسكون اللام) هى من العلم( بفتح العين وسكون اللام) أى الدنيا والنسبة إليها علمانى مثل عقل وعقلانى ومعنى النسبة التركيز على شئون الدنيا, ولكن دون أن يعنى ذلك بالضرورة إغفال شئون الآخرة, فنحن المسلمين نعمل لدنيانا كأننا نعيش أبداً, دون أن يتناقض هذا مع كوننا نعمل لآخرتنا كأننا نموت غداً, ففى النهاية نحن أدرى بشئون دنيانا, وعلينا أن ندير حياتنا بما يحقق لنا السعادة القصوى فيها, مؤمنين أنه حيثما وجدت مصلحة الأمة فثم شرع الله. قد يقول البعض: ولكن الاتهام مقرون بكلمة العلمانية المنسوبة إلى العلم بكسر العين.ولكن من قال إن النسبة إلى العلم تخرج الإنسان من دينه خصوصا إذا كان هذا السائل ينتسب إلى دين سمح أول ما أنزل من كتابه العزيز هو فعل الأمر اقرأ.... إلخ )).

وأقول : إن الحقيقة أن كلمة العلمانية سواء نطقناها بفتح العين أو بكسرها ،لا يعنى بها أصحابها مجرد التركيز على شئون الدنيا دون إغفال لأمر الآخرة ، وذلك أن هذه الكلمة إنما تعنى عند من وضعوها إقامة الحياة بعيداً عن الدين، أو الفصل الكامل بين الدين والحياة ؛فقد جاء فى دائرة المعارف البريطانية فى تعريف كلمة (( Secularism )) وهى التى تترجم خطأ بالعلمانية : (( هى حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس عن الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بالحيـاة الدنيا وحدها )).

ومن الناحية التاريخية فإن المناخ الذى نشأت فيه الأفكار العلمانية فى الغرب يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن العلمانية كانت ثورة على الدين ورجاله ، والثورة الفرنسية التى كانت ثمرتها قيام أول حكومة علمانية كانت بالأساس ثورة ضد تحالف الملكية والكنيسة حتى كان شعارهم الذى أطلقه ميرابو ورددته الجماهير من خلفه : (اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس ).

وفولتير الذى كانت كتاباته وأفكاره من أهم ما مهَّد لقيام الثورة الفرنسية كان معروفاً بانتقاداته اللاذعة للكنيسة وللمعتقدات النصرانية ،وهو القائل : (( إن التوحيد بين الدين والدولة لهو أبشع نظام، لذلك يجب إلغاؤه وإقامة نظام آخر يخضع فيه رجال الدين لنظم الدولة، ويخضع فيها الراهب للقاضى )). وللحديث بقية بإذن الله

 

 

اشتراكك في خدمة أخبار المصريون العاجلة على الموبايل يصلك بالأحداث على مدار الساعة

لمشتركي فودافون : أرسل حرفي mo إلى 9999 ـ الاشتراك 30 قرشا لليوم
لمشتركي اتصالات : أرسل mes إلى 1666 ـ الاشتراك 47 قرشا لكل يومين (23.5 قرشا لليوم)

 

 

اضف تعليقك
الاسم :

عنوان التعليق:

التعليق:

أرسل التعليق

تعليقات حول الموضوع

الشيطان فى الترجمه ياسيدى 3

مصرى أمريكى | 27-02-2012 19:14

ومن أشد النفاق أن من يتبع العلمانيه اليوم لا يعلن صراحه عداؤه للدين بل منهم من يحاول ان يكون متدين علمانى الشيطان فى الترجمه وليت الذين يتبعون هواهم يستخدمون من وقتهم القليل لدارسه دينهم الذى لا يفقهونه أو معنى علمانيتهم التى لايعرفونها..فأكثر الناس جهلاً وأشدهم خطراً على الأمه ليس من لا يعرف القراءه والكتابه بل هو من يقرأ ويكتب دون أن يفهم مايقرأه ودون أن يعى مايكتبه وهؤلاء من يسمون أنفسهم مثقفين متنورين وهم فى الجهاله يعمهون وسيعلمون يوم الدين أى منقلب ينقلبون

 

 

الشيطان فى الترجمه ياسيدى 2

مصرى أمريكى | 27-02-2012 19:12

وقديماً سمى المسلمون أصحاب هذا الفكر (بالدهريون) أى من قالوا لايهلكنا إلا الدهر ...فكلمه دهريون هى أنسب وأقرب تعريب لكلمه (Secular) التى عربها الشياطين إلى علمانيه لأن من يتكلم العربيه يعرف معنى دهرى ودهريون ..وأيضا هذه الكلمه كان الهدف من إستخدامها إيجاد فكر جديد ليبعد الناس عن الدين وتأثيره فى حياتهم ويجعل من حق الناس أن يشرعوا لأنفسهم مايريدون ويحلون أو يحرمون مايشاؤن دون تدخل دين أو عقيده مسيحيه كانت أم إسلاميه...

 

 

الشيطان فى الترجمه ياسيدى 1

مصرى أمريكى | 27-02-2012 19:11

Secularism هى التى عربها الكاذبون إلى علمانيه من العلم والعالميه ولكن الكلمه أصلها لاتينى وتعنى حرفياً (حقبه من الزمن مقدارها عشر سنوات تقريبا) أى عقد من الزمان..فنحن نقول الرجل فى العقد الرابع من العمر أى فى الأربعين ..وأول من إستخدمها كاتب يهودى فى محاوله للرد على تسلط الكنيسه الكاثوليكيه وكأن للكنيسه الروحانيات ولنا أيامنا لنتحكم فيهاوتعنى أيضا ( الغير مقدس) أى أن للدين التحكم فيما هو مقدس ولنا ماهو دنيوى غير مقدس

 

 

تناقض الثقافتان

الثائرالحق | 27-02-2012 18:52

لافض فوك يادكتور عبد الآخر ـ ومن الواضح أن العلمانيين يلجأون الى النفاق كى يسعفهم من إجتياح الثقافة الإسلامية لفكرهم العلمانى بقصد التلبيس على الناس وإيهامهم انه لافرق بين الثقافتين

 

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 41 مشاهدة
نشرت فى 27 فبراير 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

305,636