وا إسْلاماه بين الصليب والتتار( المغول ){ الفصل السابع عشر } الوَرْدَة وأسْرارُ القُلوبِ
بِيْعَ قطز إلى/ الملك الصالح نجم الدين أيوب، فوَهَبَه الملك بِدَوْره/ لِعِز الدين أيبك الصًّالحِى أحدُ أمَرائه المُقرَّبين، فما لبِثَ أنْ اعْتمَدَ عليه واصْطفاهُ لِما وَجَدَ فيه من إخْلاصِِ وأمانةِ وشجاعة وصِدْق.ـ.وكان أيبك كغيره من أُمراءِ المماليك مَعْنِيًا باصْطِناع الرِّجال الأُمَناء والأتْباع المخلصين وشراء ولائهم، ليتقوَّى على مُنافسيه فى السُّلْطة ومُنازعيهِ فى الحُظْوَة لدَى موْلاهُم الملك الصالح، الذى كان أيضا يسْتكْثِرُ من المماليك، وبَنىَ لهم القصورَ فى جزيرة الروْضة، وآثرَهُم بالمناصب والرُّتب،ليتقوَّى بِعَصَبيتِهِم له على مُنازِعِيهِ المُلْكَ من إخوانه وأبناءِ عُمُومَتِهِ من الأمَراء الأيوبيين. وكذلك فعل مماليكه نسْجاً على مِنْواله!!!فاستكثروا من المماليك ليكونوا لهم قُوَّةً على مَنْ سِواهم من الأمراء.ـ.واصطلحوا على تسْمِية مماليك كل أمير( خشْداشِيَّة ) وكل منهم خِشْداش أخيه( أى زميله ) كنوْع من النسب المُصْطنَع!! ومنذُ وطِئَ قطز أرضَ مصـــر بدأ يفكر فى طريقة للبحث عن حبيبتـــــه جُــــــلْنار.ـ.فتارة يبحث عن أصدقاء الشيخ/ غانم المقدسى، وتارة يغْشى سُوْقَ الرقيق، ليسْأل النخَّاسين. وذات يوْم مرَّ به شيخٌ قد اشتعل رأسه شَيْبا. فأدْهشه أن وقف الشيخ يتفرَّسُ فيه ثم دعاهُ باسْمِهِ! فتعجَّب قطز وبقى حائرا ـ فقال الشيخ: أنسيتنى ياقطز؟.فقال قطز:لا أذكر أنى أعْرفك. فمن أنت؟ فتأوَّه الشيخ قائلا:أما تذكر جبلَ الأكْراد وسوق الرقيق بحلب؟. فتذكَّر قطز النخاسَ الذى اشتراه من لصوص جبل الأكْراد. وباعه فى حلب،فصافحه بحرارة وشوْق،وداربينهما حديث طويل، عرف منه قطز أن بيبرس القبجاقى الأشقر الأزْرق العينين خِشْداشٌ تحت إمْرته خمسون فارسا،عند أستاذه أيبك..فقال قطز:لكنى لم أره فى خشداشية أستاذى أيبك،فقال النخاس: فسلْ أستاذك عنه. سلْه عن/ رُكْن الدين بيبرس البُنْدُقْدارى، يدُلُّك عليه،ثم أرْدف النخاس:إذا شئت أن ترانى فسلْ عنى/ موسى شاكر العطار فى سوق العطارين.ـ.فاستوْقفه/ قطز قائلا::معذرة لقد حدَّثْتنى عن رفيقى بيبرس،ولم تُحدِّثْنى عن رفيقتى/ جُـــــــلْنار،أما تعرف أين هى؟؟فقال النخاس، إنى قد أعرف الغِلْمان،أما الجوارى فتحجُبُهُن عَنِّى القصورُ.ألم تكن معك عند الوجيه الدمشقى/ الشيخ غانم المقدسى؟ فتنهَّد قطز:بَلىَ.لكنهم باعوها بعد وفاته لِرَجُل من مصــــر.ثم ودَّعَ النخاسَ.وعاد قطز إلى أستاذه فسأله عن رُكْن الدين بيبرس البُنْدُقْدارى.ـ.فقال الأمير أيبك:دَعْكَ منه فإنه من جماعة/ فارس الدين أقطاى الجمدار،( خصْم أيبك اللدود )
واصَلَ قطز بحْثه عن بيبرس،حتى وَجَدَهُ فى جماعة من كبار مماليك الصالحية المُتَشَيِّعِين لأقْطاى الجمدار.وحين لقيه مدَّ قطز يده ليُصافِحَهُ، فأنكره/ بيبرس بِلَهْجَةٍ خَشِنة:من أنت ياهذا؟ فقال قطز: أنا رفيقك يابيبرس. وذكَّرَهُ بِحَلَب والحلْوى والطعام، فعانقه بيبرس مُرَحِّبا، ثم سأله:أين أختك تلك الصغيرة التى كانت معنا؟وَزَفَرَ قطز: جـــــلنارـ أجل أين هى؟ فتنهَّدَ قطز: إنها بنت خالى، وقد بيعت لرجل من مصـــر.ثم خانته دُموعُهُ.ـ.فقال بيبرس:ماذا ياقطز؟أتُحِبُّها؟ فأجابه قطز:نعم، أما رأيتها هُنا أو سَمِعْتَ بها قط؟ ـ إنى لم أسمع باسم جـــلنار هنا وحاول التسرية عنه.ودار بينهما حديث.ـ.فقال قطز إنى فى خدمة أستاذى عز الدين أيْبك.. واتفقا على الإبقاءِ على الصداقة بينهما.رغم ما بين أستاذيهما من العداوة. وهكذا توطَّدَتْ الصداقة بينهما، على تبايُن المِزاج والأخلاق.وتفاوُت الرُّتبة. ولِثِقَةِ عز الدين أيبك بتابعه قطز، أصبح يبْعَثهُ برسائله الخاصة إلى السلطان.ـ.فصار قطز يترَدَّدُ على قلعة الجبل، حتى أصبح قطز معروفا عند رجال القصر السلطانى وَحَرَسِهِ وموْضِعَ ثِقَتِهِم!!فكان ينطلق فى دهاليز القصر وممراته دون حارس أو رقيب.ـ.وذات يوْم كان مارا بالدهْليز المُطِلِّ على مقْصــــورة الملكةِ شجرة الدُّرِّ زوْجة السلطان.. إذ ـ بِوَرْدَةٍ ـ تسقُطُ أمامَهُ فى الدهليز!! وَهَمَّ بالتقاطها، لكنه خشى ذلك فتركها مُرْتجِفاً لِما عَلِم من شِدَّةِ غيرةِ السلطان على حريمه وإمائه.ـ.وتكرر ذلك للمرة الثانثة وهو لا يلتقط الوردة ولا ينظرُ إلى المقصورة.ـ.وعجب قطز وأخذ يفكِّرُ فى الأمْر مَلِيَّا فتحققَ أنه مقصود بها.ـ.وأنها لم تقع مُصادفة،وبقى قطز أياماً يفكِّرُ فى أمْرـ الوردة ـ حتى جاء اليوْم المُنْتظر..فذهبَ إلى قلعة الجبل بِقلبٍ خافِق يُنازعُهُ الخَوْفُ والرجاءُ.ـ.وتلعب به الهَواجسُ(الظنون والمخاوف)فلما وقعت الوردة أمامه للمَرَّةِ الثالثة التقطها سريعا ورماها فى جيب قميصه دون أن يرفع بصره إلى المقصورة!!!وحين خلا بنفسه فى غُرْفَتِهِ أخْرج الوردَةَ ونظر إليها كأنه يستنطِقُها سِرَّها.ـ.وتذكَّر الماضى البعيد حين سقط عن جَوَاِدِه وأصابته الجراح وحين أفاق. ليجد جــــــــهاد بجوار سريره وفى يدها باقة من الورد.ـ.فجالَ بخاطِرهِ أنَّ الفاعل رُبّما يكون حبيبته وتوْءَم رُوحِهِ بنت خاله جــــــــــــهاد(جلنار)قد ساقتها الأقْدار فجعلتها من جَوارى القصْر!! فأخذ ينظر إلى الوردة، ويبتسمُ ابتسامة حزينة.ـ.وأخذ يُقَبِّلُ الوردة. ثم أخذ يسأل نفسه: أيُمْكِنُ أن تطْوىَ هذهِ القلعةِ الشامِخَةِ بين جُدْرانِها أمَليْهِ العظيميْن اللذين يحْلُمُ بِهِما طول حياته[ مُلْكُ مصْــــــرَ وجـــــــلنار ]
أخذ قطز يُحَدِّثُ نفسه: احترس ياقطز فإنك فى مأوى الأســـد!!!!! وفى الغدِ كان قطز فى طريقه إلى قلعة الجبل,ـ,وعزم أن يسْترقَ النَّظرَ إلى المقصورةِ(النافذة) ـ ووقعت الوردة الرابعة ـ فرفع بصره فرآهــــا وعرفهــــــا وابتسمت له فابتسم لها، ثم اختفت ، فانطلق فى سبيله ومضَى!!!!!.نكمل إن شاء الله.ـ.
وقد يجمـــع الله الشتيتين بعدما.#.يظُنان كُلَّ الظن ألا تلاقيـــــا
عبد القدوس عبد السلام العبد موبايل 0192255676
ساحة النقاش