وا إسلاماه بين الصليب والتتار( المغول ){ الفصل السابع } انتقامُ السماءِ

رأى جلالُ الدين أن يبدأ بالمَلِكِ الأشْرَفِ،الذى أغْلَظ فى الردَِّ وكان من جَوَابهِ:[أنه لا فرْقَ عِنْدَه بين جلال الدين وبين التتار المُتَوَحِشين].وأقسم جلال الدين:[ليغْزُوَنَّ بلاد الأشْرَفِ ولفْعَلَنَّ بها الأفاعيل حتى ليَصْدُقَنَّ قوْلُ الأشْرَفِ فيهِ] فهَجَمَ على(خلاط)وقتلَ ونهبَ وخرَّب. وأغار على(حرَّان والرَّها) وما يليها فاسْتباحها،وظفر بِغَنائم عظيمه. وزلزلها وروَّعها نهباً. وفعَلَ بها فِعْلَ التتار.ـ.وكان ينوى مُواصلة الغزْوِ على هذا النحْوِ حتى يعْصِفَ ببلاد الشام ويخْلُصَ إلى مصر. لوْلا أن جاءته كُتُبٌ من بِلادِهِ تُنْبِئهُ بِسَيْر جنكيزخان إليْه.. فطارَ إلى بِلاده على عَجَل..ليفرُغَ لِخَصْمِهِ العنيد.جنكيزخان.ـ.وكأنَّ اللهَ شاءَ أن يُعاقِبَهٌ على سوءِ ما فعل بالمسلمين!!!وما أنْزَلَ ببلادهم من الخَسْفِ والتدمير.وما ارتكبَ فى أهلها من العظائم وأتى(فعل) ما يأتيه التتار مِنْ قتْل الرجال وسَبْىِ النساءِ واسترقاق(استعباد) الأطْفال.ونهبِ الأموالِ.!!! فقدْ أعْماهُ هَواهُ عن رُؤية الحق!! فافتقد فى طريقه ثمَرَتىْ قلبه(محمـــود و جهــــاد) حين كان يجتاز بلادَ الأكْرادِ!!!قافلاً(راجعاً) إلى بلادِه..فبَحَثَ فى كُلَّ مكان. وكأنهما ابتلعَتهُما الأرضُ!! وغابَ مَعَهُما الشيخ سلامة وسيرون السائس. وبَثَّ رجاله بحْثا وتفتيشا فلم يعثُروا لهم على أثر!!!إلا أنهم فى اليوم التالى عثروا على جُثَّة(سيرون)السائس مُلْقاةً فى مُنْحَدَرٍ ضَيِقٍ بين جبليْن!! وقد مُزَّقَ صَدْرُهُ بالخناجر وهُشِّمتْ رأسُهُ وأطرافُهُ بالحجارةِ. وكأنه أُلْقِىَ من سَفْحِ أحدِ الجبلين بعد أنْ مُزِّقَ صَدْرُهُ بالخناجر!!!فتحَقَقَ جلالُ الدين أنَّ الأميريْن اُخْتُطِفا مع خادِمَيْهِما فقُتِلَ سيرون لمُقاومتِهِ!. فعَزَمَ ألا يُغادِرَ المكانَ حتى يجِدَ الأميْرَيْن.ـ.واسْتمَرَّ فى البَحْثِ دُونَ فائدةٍ.فكادَ يموتُ مِنَ الغم!وامْتَنَعَ عن الطعام!.وكانت الرَّسائلُ تتوالى عليه من نُوَّابِهِ ببلادِهِ تخْبِرُهُ أنَّ جنكيزخان قدْ عبَرَ النهر وانْقضَّ على( بُخارَى)فدمَّرها وانتقم من أهْلِها شرَّ انتقام لمُهاجمة فريق منهم مؤخرة التتار فى معركة(مَرْو) وأنَّ التتارَ فى طريقهم إلى(سَمَرقند).لكن جلال الدين كان فى شُغْل شاغِل عنهم بأمْر محمـــود و جهـــاد.ـ.فأحْياناً يُعْرضُ(يمتنع)عن الرَّدِّ وأحْياناً يَعِدُ بِقُرْبِ المَسِير!. تغَيَّرَتْ طِباعُ جلال الدين وساءَ خُلُقُهُ، وأصابه جُنُونُ الحَيْرَةِ والقلق! فَلَجَأ إلى الشراب وعَكفَ على الخمْر(أُم الخبائث) فأدْمَنها!! فأصبح لا يفيق من سُكْرهِ ـ ويصيحُ ليل نهار:(محمــود ـ جهـاد أين أنتما)

هكذا أمْضَى جلالُ الدين أيامَهُ السُّودَ فى مَجاهِل بلادِ الأكْرادِ، فيقضى يوْمَه هائما على وجْهِهِ فى بُطون الأوْدِيَةِ،ورُءوس الجبال.يبحثُ عن وَلَدَيْهِ الضائعيْن وقدْ فقدَ صَوابه،وأنْهَكهُ السَّهَرُ والخمْرُ والحُزْنُ، فيبكى حيناً ويضحكُ حيناً كالمجنون!!! فإذا نال منه الإعْياءُ وَقعَ على الأرض مغْشِيا عليه!! فيحمله رجاله إلى مضجعه(مكان نوْمه) حتى يرْجِعَ إلى حاله فيعود إلى طوافه كما بدأ نهارا، ويعودُ إلى أُم الخبائثِ ليلا!! ورأى أباه( خوارزم شاه محمد ابن تكش) فى هيئة رَجُلٍ صالح من بخارى( بملابس الحج) وقد تبَرَّأ من عمله وهو يقول::( إنى أبْرأ إلى الله من عملك بالمسلمين) ولو استطعتُ لتبرَّأتُ منك!!! كيف تسْتحِلُّ دماءَ المسلمين وتسْبى نساءهم وتسْترِقُّ أطفالهم؟!!!

مَرَّتْ الأيامُ على جلال الدين وما يزيد حاله إلا سوءاً، فيئس رجاله من رُجوعه إلى صَوابه ونفذ صبْرُهم من شُذوذه وجُنونه، فتسللوا من حوْله ولحقوا بإخوانهم المُجاهدين البُخاريين والسمرقنديين، الذين انفصلوا من قبل عن جلال الدين حين رأوه يقاتل إخوانهم المسلمين واختاروا منهم أميراً عليهم.ـ. فلقوا طلائع التتار فى( تبريزـ وديار بكر) فقاتلوهم قتالاً شديداً حتى هزموهم، وقَوِىَ أملهم فى النصر بعد ذلك إذ علموا أنَّ جنكيزخان قد قفل راجعاً إلى بلاده لِعِلَّةٍ شديدة أصابته(مرض) فخشى أن يموت فى غيْر مَسْقطِ رأسه. وقد بلغه ما صار إليه خصمه جلال الدين من سوءِ الحال. فأمر رجاله بأن يقبضوا على جلال الدين حيَّاً لينتقم منه بنفسه! وتدفق التتار كالسَّيْل وانتشروا كالجراد، وأيقن المسلمون أنهم لا قِبَلَ لهم بِمُلاقاتهم! لكنهم تعاهدوا على الشهادة فى سبيل الله ـ فوقفوا للعدو كأنهم  البنيانٌ المرصوص، فلم يتقدم التتار إلا على جُثثِ وأشلاء المجاهدين المسلمين!!! وسَال طوفان التتار بعد انكسار السَّدِ المنيع! فطمَّ (غمَرَ) البلاد والقُرَى ، وليس كالتتار سُرْعة وحركة ومهارةً فى التجسس! واسْتِطلاع أحْوال العدو!! فلهم فى ذلك أمورٌ تشبه الخَوَارقَ !! فعرفوا مكان جلال الدين!!!!! فماذا بعد؟؟؟ نكملُ إن شاء الله.

عبد القدوس عبد السلام العبد ـ موبايل  01092255676

المصدر: كتاب وا إسلاماه للأستاذ ( على أحمد باكثير )
abdo77499

مدير مرحلة تعليمية بالمعاش بدرجة مدير عام

  • Currently 17/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
6 تصويتات / 158 مشاهدة
نشرت فى 21 فبراير 2011 بواسطة abdo77499

ساحة النقاش

Abd Elkodous Abd Elsalam

abdo77499
»

فهرس موضوعات المقالات

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

75,664