وا إسلاماه بين الصليب والتتار( المغول ){ الفصل الخامس } ثأرٌ وانتصار

عاش السلطانُ جلال الدين فى مملكته الصغيرة بالهند عيشةً حزينةً وذكرياتٍ أليمةً.[مُلْكَهُ الذاهبَ.وأهلَه الهالكين] من أبٍ مات فى الغُرْبة شريداً.وإخوةٍ ذبحهم التتارُ.وجدَّاتٍ وعماتٍ ساقهن التتارُ سَبايا إلى طاغيتهم.وأمٍ كريمةٍ وزوْجةٍ بارةٍ.وأخواتٍ عقائل(فيهن الحُسْنُ والعفاف)أمر بإغراقهن فى نهر السند أمام ناظريه.وكان يجِدُ سَلْواهُ(عزاءه)الوحيدة فى ولديْه الحبيبين( محمـود وجهـاد)فينزل إلى عالمِهِمَا الصغير ويصادقهما ويشترك معهما فى ألعابهما وأحاديثهما البريئة.وأحلامهما الصافية. فيَجِدُ لذةً تُنْسيه هُموم الحياة وآلامها. وكان مع ذلك يُحْسِنُ تدبيرَ مملكته،وتقوِيةَ جيْشِهِ وتعزيزَ هيْبته.فيُحاربُ أمراءَ الممالك الصغيرةِ فى مملكةِ لاهور.!! يدْفعُ غاراتهم ويغزوهم أحيانا..ويترقبُ حركاتِ التتار بمملكته القديمة.انتظارا لِفُرْصَةِ الانقضاض عليهم والانتقام منهم. وكان لجلال الدين فى مملكته القديمةِ أعوانٌ لايُحْصون كثرةً يُراسِلونه سِراً بأخبار البلادِ وأعوان التتار فيها.وكان أعوانه يحُضُّونه على العَوْدةِ إليْهم ويعِدونه بالنصر والتأييدِ وبالثوْرةِ العارمةِ على حُكْمِ التتار إذا ما عاد إلى بلاده وذكروا لهُ أنَّ جنكيز خان مشغولٌ عنْهم بِحُروبٍ طويلةٍ فى بلادِهِ مع قبائل الترْكِ..

عَزَمَ جلالُ الدين على اغْتِنامِ الفُرْصَةِ فتَجَهَزَ وكتمَ خبَرَة مُسْتعينا بالله يُساعِدُهُ فى ذلك قائدُهُ الكبير ( بهلوان أزبك )إذ استنابَه( جعله نائبه)على ما يمْلِك بالهند. وترك له جيْشا يكفى لحمايته... وسار فى خمسة آلافٍ قسمهم عشر فِرق على كلٍ منها أمير..فساروا خلفه على دفعات من طُرُقٍ مُختلفة لإخفاء خبَره..وكان جلال الدين قد أعَدَّ الصبيين لحياةٍ خَشِنةٍ فدَرَّبَهُما على الفُروسيَّةِ والقتال ورُكوبِ الأخْطار... وأمدَّ محمود بذخيرةٍ معْنويَّةٍ من بُطولاتِ أبيه الأمير( ممدود) وبُطولات أجْدادِهِ، وكيْفَ كان والدُهُ يُجَنْدِلُ الأبطالَ والأُمراءَ فى الحرْبِ والمُبارزةِ ،حتى جُرحَ ومات شهيداً فى معركةِ(هراة)..!! خرج جلال الدين ومعه الطفلين الحبيبين فلا طاقة لهم على الفِراق، وكان قد جَهَّزَ سُفًنا لتنقُلَ جيْشَهُ وخيْله وعَتادَهُ إلى الشاطئ الغربى من نهر السند العظيم، فِرْقَةً بعْدَ فِرْقة، حتى التقوا جميعاً فى مَمَرِّ خَيْبَر.. ثم اقتربوا سِرَّاً من ( كابل ) فبَعَثَ جلال الدين إلى أشْياعِهِ(أنصاره) فَوَثبوا على حاكمها وأشياعه فقتلوهم ودخل جلال الدين المدينة فمَلكَها بِدون قتال... واستعد أعْوانُ التتار فى المُدُن والعواصِم الأُخْرى لمُلاقاةِ جلال الدين وطلبوا المدد من جنكيز خان..لكن جلال الدين عاجَلَهُم قبْلَ أنْ يأتيهم مَدَدُ التتار(المَغول) فمَضَى يفْتحُ المدينة بعد المدينةِ بغير عناءٍ يُذْكر. لأنَّ أهْلها ثاروا على الطُّغاةِ من أعوان التتار، ففروا إلى جنكيز خان. حتى وصَلَ جلال الدين إلى كرمان، ثُمَّ الأهْواز. ثم أذربجان. حتى دانت(خضعت) له سائرُ بلاد ( إيران ) ..!!!!!

وكان محمــود وجهــاد لا يُفارقان جلالَ الدين فى تنقُّلاته ويقومُ بِخِدْمَتِهما الشيخُ سلامة( وسِيرون) السائس(من يقومُ على تدريب ورعاية الخيْل)..وما كان أشد فرح محمود وجهاد وهما يتنقلان مع السلطان من مدينة إلى مدينة. فتُفْتَحُ الأبوابُ وتُدقُّ الطُّبول وتصْطفُّ الجاهيرُ تحيَّةً، وتعْلوا الأصْواتُ بالهتافِ للسلطان وولىِّ عهدِهِ محمود!! فيسْأل محمودُ خاله: أين التتارُ أعْداؤنا؟ متى يخْرُجون إلينا لنقاتِلَهم؟ فيبتسمُ السلطانُ ويقول:: لا تستعجل الشرَّ يا بُنَىَّ.!! إنهم آتون إلينا قريباً، فناصِرُنا اللـــهُ عليهم إنْ شاء اللـــه.ـ.

عادتْ المياهُ إلى مجاريها،وخُطِبَ للسلطان جلال الدين ابن خوارزم شاه وولى عهده محمـــود ابن ممدود على منابر البلادِ،فأحْيا جلال الدين ذِكْرَى والدِهِ العظيم فسار فى موْكبٍ مهيبٍ لزيارة الجزيرةِ التى دُفِنَ فيها. فبكى عِنْدَ قبْر أبيه وترحَّمَ عليْه.ثم أمَرَ بِنَقْل رُفاتهِ( بقايا الميِّتِ ) فدفنه فى قَلْعَةِ( أرْدهن ) فى مشهدٍ حافل مهيبٍ حَضَرَهُ العُلماءُ والكُبَراءُ من جميع الأصْقاع(البلاد البعيدة) وبنى عليه قُبَّةً عظيمة..!! فماذا بعد نُكْمِلُ إن شاء الله .ـ.  عبد القدوس عبد السلام العبد .. موبايل  01092255676

المصدر: كتاب وا إسلاماه للأستاذ ( على أحمد باكثير )
abdo77499

مدير مرحلة تعليمية بالمعاش بدرجة مدير عام

  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 407 مشاهدة
نشرت فى 19 فبراير 2011 بواسطة abdo77499

ساحة النقاش

Abd Elkodous Abd Elsalam

abdo77499
»

فهرس موضوعات المقالات

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

75,664