قُطوفٌ من هامش السيرة { الفصل العشرون } العامِرىُّ يسْألُ الرسولَ
قال العامِرىّ: أشْهدُ بالله الذى لا إله غيرُه إنَّ أمْركَ حقٌ. فأنبئنى بأشياء أسْألكَ عنها.قال الرسول(ص): ـ سَلْ عَنْك ـ وكان النَّبِىُّ(ص) قبْلَ ذلك يقولُ للسائل: سَلْ عما شِئت وعما بدا لك ، فقال للعامِرىِّ يومئذ:((سَلْ عنْك)) لأنها لُغَةُ بنى عامر، فَكَلَّمَهُ بما عَلِم ـ فقال له العامِرىّ: أخبرنى يابن عبد المُطلب ما يزيدُ فى العلْم؟ قال النبىُّ صلى الله عليه وسلَّم :التَّعَلُّم. قال: فأخبِرْنِى ما يَدُلُّ على العِلْم ؟ قال النبىّ(ص): السؤال قال: فأخْبِرْنِى ماذا يزيدُ فى الشرِّ؟ قال: التمادى. قال: فأخْبِرْنى هَلْ ينْفَعُُ البِِرُّ بعد الفُجور؟ قال :(( نَعَم : التَّوْبةُ تغْسِلُ الحَوْبَة(الإثم) ، والحسناتُ يُذْهِبْنَ السيئاتِ ، وإذا ذكر العبدُ ربَّه عِنْدَ الرَّخاءِ أغاثه عِنْدَ البلاءِ.)) قال العامِرِىُّ: وكيْفَ ذلك يابنَ عبد المُطلب؟ قال: (( ذلك بأنَّ الله يقول: لا وعِزَّتى وجلالى لا أجْمَعُ لِعبْدِى أمْنيْن ، ولا أجْمَعُ له أبدا خَوْفَيْن: إنْ هو خافَنى فى الدنيا أمِنَنِى يوْم أجْمَعُ فيه عِبادى عِنْدِى فى حظيْرَةِ القُدْسِ فيدومُ له أمْنُهُ، ولا أمْحَقُهُ فِيمَن أمْحَق(أُهْلِك). وإنْ هُوَ أمِنَنِى فى الدُّنْيا خافنى يوْمَ أجْمَعُ فيهِ عِبادى لمِيقاتِ يوْمٍ مَعْلوم فيَدومُ له خَوْفُهُ.)) قال:يابن عبد المطلب، أخْبِرْنى إلامَ تَدْعُو ؟ قال:(( أدْعو إلى عِبادَةِ اللهِ وحْدَهُ لا شَريكَ له، وأنْ تَخْلَعَ الأنْدادَ وتكفُرَ باللاتِ والعُزَّى، وتُقِرَ بما جاءَ من اللهِ مِنْ كِتابٍ أو رسول، وتُصلِىَ الصلواتِ الخمْسَ بحقائقِهِن، وتصومَ شهْرا مِنَ السنةِ، وتُؤدِىَ زكاةَ مالِك يُطَهِّرُكَ الله بها ويَطِيْب لك مالك، وتَحُجَّ البيتَ إذا وجدتَ إليْهِ سبيلا، وتغْتَسِلَ مِنَ الجنابة، وتؤمِنَ بالموْتِ وبالبعْثِ بعْدَ الموْتِ، وبالجنَّةِ والنار.)) قال: يابنَ عبد المطلب، فإذا فعَلْتُ ذلك فما لى ؟ قال النبىُّ صلى الله عليه وسلم:(( جنَّاتُ عدْن تجْرى من تحتها الأنهارُ خالدين فيها وذلك جزاءُ مَنْ تزكَّى.)) قال: يابنَ عبد المطلب، هل مع هذا من الدُّنيا شىْء فإنه يُعْجِبُنى الوَطاءةُ(النِّعْمة) مِنَ العيْش؟ قال النبى صلى الله عليه وسلم:(( نَعَمْ النَّصْرُ والتمكينُ فى البلاد.))
قُلْتُ لِمُحَدِّثِى: إنَّ هذا النبأ لعَجيْب !!! فَمَنْ لِهذا الشيخ العامرىّ بما كان يعْلم من أمْر إبراهيم وموسى وعيسى وغيْرهم مِنَ الأنبياء؟ قال: كان كثيرٌ من هؤلاء العرب يلْقون اليهودَ ويلْقون النَّصارَى ، فيعلمون منهم عِلْمَ الأنبياء، وينتهون إلى نُفور من ديْنهم القديم فى غير اطمئنان إلى يهودية اليهود ونصرانية النَّصارى، فأخْرجَهم الله بالإسلام من حيْرَتِهم تلك.
قُلْتُ لِمُحَدِّثِى : فكيف انتهى (وصل) حديثُ مَكْحُول الأزْدِىّ البصرىّ إلى أهل الشام؟ قال: أما عَلِمْتَ أنَّ شدَّادَ بن أوْس سكن فلسطين وأنفق شطْرا طويلا من حياته فى بيت المقدس يُعَلِّمُ الناسَ ويُحَدِّثُهُم، فقدْ وعَدَهُ بذلك النبىّ صلى الله عليه وسلم؟ فقدْ تحدَّثوا أنََّ شدَّاد بن أوْس كان عنْدَ رسول الله صلى الله عليه وآلِهِ وسلَّم وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ( عنْدَ المَوْتِ ) فقال: ما لك يا شدَّادُ؟ قال: ضاقتْ بِىَ الدُّنْيا. فقالَ(( ليْسَ عليك ـ لا تحْزَنْ ـ، إنَّ الشام سَيُفْتَحُ ، وبيتُ المقْدِس سَيفْتَحُ، وتكونُ أنت وولَدُكَ مِنْ بعْدُ أئِمَّةً فيهم إنْ شاءَ اللهُ تعالى)) ...
تمَّ الكلامُ ورَبُّنا المحمـــودُ...........ولهُ المَكارمُ والعُلا والجُــــودُ
وعلى النَّبِىِّ محمدٍ صـلواتُهُ.............ما ناحَ قِمْرِىُّ وأوْرقَََ عُــــودُ
عبد القدوس عبد السلام العبد.. موبايل 01092255676
ساحة النقاش