قُطوفٌ من هامش السيرة { الفصل الثامن عشر } زُوَّارٌ من السماء ( 1 )
قال مَكْحُول الأزْدِى البَصْرِى: حَدَّثَنِى شَدَّاد بن أوْس قال: بينما نحنُ جُلوسٌ عند رسول الله( ص ) إذ أقبلَ شَيْخٌ من بنى عامر، وهو مِدْرَةُ( كبيرُ ) قَوْمِهِ وسَيِّدُهُم،شيْخٌ كبيرٌ يتوَكأ على عَصَاً، فَمَثُل(حضَرَ) بين يَدَىْ النَّبِى( ص) قائماً،وَنَسَبَهُ إلى جَدِّهِ فقال:يابنَ عبد الُمطلب،إنى أُنْبِئتُ(أُخْبِرْتُ) أنك تزعُمُ أنك رسولُ الله إلى الناس،أرْسلكَ بما أرْسل بِهِ إبْراهيمَ وموسى وعيسى وغيْرَهُم مِنَ الأنْبْياءِ.ألا وإنَّكَ فَوَّهْتَ بِعَظيم!!! وإنما كانت الأنْبِياءُ والخُلَفاءُ فى بيتين من بَنِى إسرائيل،وأنت ممن يَعْبُدُ هذه الحجارةَ والأوْثان. فمالك وللنُبُوَّةِ؟؟ولكن لِكُلَّ قوْلٍ حقيقة فأنْبِئْنِى بِحَقِيقَةِ قوْلِك وبَدْءِ شأنِك.قال: فأعْجِبَ النبى(ص)بمَسْألته،ثُمَّ قال:((يا أخا بنى عامر إنَّ لهذا الحديثِ الذى تسْألُنى عنه نبأ ومَجْلِسًَا،فاجْلس))فثنى رِجْليْهِ ثم بَرَكَ كما يبْرُكُ البَعِيرُ.ـ.فاستقبله النبىُّ(ص)بالحديث فقال:((يا أخا بَنِى عامر! إن حقيقة قوْلِى وَبدْءَ شأنى أنى دَعْوَةُ أبى إبراهيم وبُشْرَى أخى عيسى بن مَرْيَم،وأنى كُنْتُ بِكْرَ أُمِّى ، ثم إنَّ أمى رأت فى المنام أنَّ الذى فى بطنها نور.قالتْ: فجَعَلْتُ أتبع بَصَرِى النورَ، والنورُ يسْبِقُ بَصَرِى،أضاءتْ مشارقُ الأرْضِ ومغاربُها.ثم إنها ولدتنى فنشأتُ.فلما أنْ نشأتُ بَغَّضَتْ إلَىَّ أوْثانَ قريش وبُغِّضَ إلَىَّ الشِّعْرُ.وكُنْتُ مُسْتَرْضَعا فى بنى لَيْث بن بكر.فبينا (فبينما) أنا ذاتَ يَوْم مُنْتَبِذ من أهْلى فى بَطْنِ وادٍ مع أتْرابٍ لِى(فى مثل عُمْرى) من الصِّبْيان نتقاذف بيننا بالجَلَّة(البَعْر) إذ أتانا رَهْطٌ(جماعة)ثلاثة معهم طَستٌ من ذهب مُلِئ ثلْجا، فأخذونى من بين أصحابى،فخرج أصحابى هُرَّابا حتى انتهوا إلى شفير الوادى ،ثم أقبلَ علىَّ الرهط(جماعة الصبيان)فقالوا:ما أربكم(حاجتكم) إلى هذا الغلام فإنه ليس منا،هذابن سيد قريش وهو مُسْترْضَعٌ فينا من غلام يتيم ليس له أب؟ فماذا يردُّ عليكم قتلُهُ؟ وماذا تُصيْبون من ذلك؟ ولكن إن كنتم لابد قاتليه فاختاروا منا أيُّنا شئتم فليأتكم مكانه فاقتلوه،ودعوا هذا الغُلامَ فإنه يتيم.
فلما رأى الصبيانُ القوْمَ لا يحيرون إليهم جوابا(لا يُجيبونهم)،انطلقوا هُرَّابا مُسْرِعين إلى الحَىِّ يؤذِنُونَهُم(يُخْبِرونهم) ويسْتصرخونهم على القوْم. فعَمَدَ أحدُهُم فأضجعنى على الأرض إضجاعا لطيفا، ثم شقَّ ما بين مَفْرقَ صَدْرى إلى مُنْتهى عانتى( أسفل بطنى ) وأنا أنظر إليه لم أجد لذلك مَسَّا،ثم أخرجَ أحْشاء بطنى ، ثم غسلها بذلك الثلج فأنعم غسلها، ثم أعادها مكانها. ثم قام الثانى منهم فقال لصاحبه تَنَحَّ(ابتعد) فنَحَّاهُ عنى، ثم أدْخَلَ يده فى جَوْفى فأخرج قلبى، وأنا أنْظُرُ إليه، فصَدَعَهُ(شَقَّهُ)، ثم أخرج منه مُضْغَةً سَوْداء فرمى بها، ثم قال بيده( أهْوَى بها ) يَمْنة(جهة اليمين) كأنه يتناول شيئا، فإذا أنا بِخاتم فى يده من نور يحار(يتحير)الناظرون دونه، فختم به قلبى فامتلأ نورا ، وذلك نورُ النُّبُوَّةِ والحِكْمَةِ، ثم أعاده مكانه، فوَجَدْتُ برْدَ ذلك الخاتم فى قلْبى دهْرا ( زَمَنا ). ثم قال الثالث لصاحبه:تنحَّ. فتَنَحَّى عنى(ابتعد) فأمَرَّ بيده ما بين مَفْرقَ صَدْرى إلى مُنْتهى عانتى( أسفل بطنى ) فالتأم ذلك الشق بإذن الله . ثم أخذ بيدى فأنهضنى من مكانى إنهاضا لطيفا!!!!! ثم قال للأول الذى شقَّ بطنى :: ـ ماذا قال للأول ؟ نكمل إن شاء الله .
عبد القدوس عبد السلام العبد موبايل 01092255676
ساحة النقاش