سرقة (قصة قصيرة)
بعد ليل طويل من الأرق، لم يذق فيه طعم الكرى، أخذته سنة خاطفة، رأى نفسه خلالها يصارع غمرات الموت، وأطفاله يبكون عند قدميه، وأهله يمسحون العرق عن جبينه، والطبيب يهز رأسه أسفًا وهو يهم بالرحيل، عندها انتفض بكل قوته وصرخ فزعًا؛ طالبًا أن يمهلوه فهو ما زال على قيد الحياة!
تناهى إلى سمعه صوت رخيم يؤذن للصلاة، تثاءب وتمطى، جر قدميه للحمام متثاقلًا، تذكر وهو يغتسل؛ أنه لم يطأ المسجد منذ رمضان الماضي، طأطأ رأسه خجلًا؛ وانطلق قاصدًا المسجد المجاور، متمتمًا باستغفار طويل.
في غبش الفجر لمح رجلًا نحيلًا ضعيف البنية، يحاول عبثًا تحريك سيارة ضخمة، أحب أن يبدأ يومه متقربًا إلى الله؛ بإعانة عبد ضعيف ليكون الله في عونه، لم ينتظر حتى يستنجد به الرجل؛ بل انطلق يدفع السيارة، ويرشد الغريب إلى الخطوات الصحيحة حتى ارتفع هدير المحرك، وانطلق يفرك يديه جزلًا، والرجل يبتعد بالسيارة حتى غابت عن ناظريه.
فاتته ركعة من الصلاة قضاها، وخرج منشرح الصدر، وحين اصطدمت عينه بمنظر المتسول مبتور الساقين، الرابض عند عتبة المسجد؛ لم يملك إلا أن يفرغ جيبه في راحته، شاكرًا ربه على نعمة الصحة والعافية. 
قاد سيارته، وانخرط في الزحام حتى مقر عمله، هناك راح يرتشف قهوته، ويطالع صحف الصباح، لأول مرة يخطر على باله دعوة عامل (البوفيه) الكهل؛ ليسأله عن صحته، وأحوال أهله وأولاده، ويأمر له بمكافأة تشجيعيه؛ لمحافظته على نظافة المكتب، حتى إن الرجل ذهل من المفاجأة وراح يلهج بالدعاء له.
تفقد أحوال العاملين، وسأل عن غائبهم، وامتدح جهدهم، وطلب كشف المرتبات لتوقيعه، وأمر بتعجيل الصرف، ووعدهم بصرف أرباح تعادل مرتب شهر؛ بمناسبة التصديق على الميزانية السنوية.
أحس أن صخرة عظيمة أزيحت عن صدره، وعاد ميممًا شطر البيت؛ وقلبه يرقص طربًا من السعادة، رابه تحلق جمع غفير من الناس قرب منزله، أوقف السيارة، ونزل يستطلع الخبر ؛ وقد انقبض قلبه متوجسًا.
راعه تكالبهم على رجل غريب، يسبونه بأقذع الألفاظ، ويكيلون له الضربات في كل أنحاء جسده، حين اقترب منهم فرقهم عن الرجل، وخلصه من أيديهم؛ وقد أوشك على الهلاك، أخبروه أن الرجل لص خطير، وأنهم أمسكوا به متلبسًا بسرقة منزله، وأن له شريكين هربا في سيارة مسروقة، وهم يحاولون إجباره على استدعاء شريكيه قبل وصول الشرطة.
في المخفر طلبوا شهادته للتعرف على الجناة والمضبوطات، كان من بينهم ذلك الكهل الضعيف الذي عاونه في الفجر على تحريك السيارة! 
أحمد عبد السلام - مصر
في غبش الفجر لمح رجلًا نحيلًا ضعيف البنية، يحاول عبثًا تحريك سيارة ضخمة، أحب أن يبدأ يومه متقربًا إلى الله؛ بإعانة عبد ضعيف ليكون الله في عونه، لم ينتظر حتى يستنجد به الرجل؛ بل انطلق يدفع السيارة، ويرشد الغريب إلى الخطوات الصحيحة حتى ارتفع هدير المحرك، وانطلق يفرك يديه جزلًا، والرجل يبتعد بالسيارة حتى غابت عن ناظريه.
فاتته ركعة من الصلاة قضاها، وخرج منشرح الصدر، وحين اصطدمت عينه بمنظر المتسول مبتور الساقين، الرابض عند عتبة المسجد؛ لم يملك إلا أن يفرغ جيبه في راحته، شاكرًا ربه على نعمة الصحة والعافية. 
قاد سيارته، وانخرط في الزحام حتى مقر عمله، هناك راح يرتشف قهوته، ويطالع صحف الصباح، لأول مرة يخطر على باله دعوة عامل (البوفيه) الكهل؛ ليسأله عن صحته، وأحوال أهله وأولاده، ويأمر له بمكافأة تشجيعيه؛ لمحافظته على نظافة المكتب، حتى إن الرجل ذهل من المفاجأة وراح يلهج بالدعاء له.
تفقد أحوال العاملين، وسأل عن غائبهم، وامتدح جهدهم، وطلب كشف المرتبات لتوقيعه، وأمر بتعجيل الصرف، ووعدهم بصرف أرباح تعادل مرتب شهر؛ بمناسبة التصديق على الميزانية السنوية.
أحس أن صخرة عظيمة أزيحت عن صدره، وعاد ميممًا شطر البيت؛ وقلبه يرقص طربًا من السعادة، رابه تحلق جمع غفير من الناس قرب منزله، أوقف السيارة، ونزل يستطلع الخبر ؛ وقد انقبض قلبه متوجسًا.
راعه تكالبهم على رجل غريب، يسبونه بأقذع الألفاظ، ويكيلون له الضربات في كل أنحاء جسده، حين اقترب منهم فرقهم عن الرجل، وخلصه من أيديهم؛ وقد أوشك على الهلاك، أخبروه أن الرجل لص خطير، وأنهم أمسكوا به متلبسًا بسرقة منزله، وأن له شريكين هربا في سيارة مسروقة، وهم يحاولون إجباره على استدعاء شريكيه قبل وصول الشرطة.
في المخفر طلبوا شهادته للتعرف على الجناة والمضبوطات، كان من بينهم ذلك الكهل الضعيف الذي عاونه في الفجر على تحريك السيارة! 
أحمد عبد السلام - مصر

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 36 مشاهدة
نشرت فى 15 يناير 2016 بواسطة WWWkolElkhwater

مجلة كل الخواطر

WWWkolElkhwater
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

506,359