WA-WEEKLY

 

 

 

      قد نصاب في كثير من الأيام بنوبات غضب وغيظ نتيجة ما نصادفه من تصرفات وسلوكيات عجيبة.. غيظ قد يصل بنا إلى حد الغليان والفوران.. حينها يهيج مارد الغضب داخلنا ويثور.. وإذا ما حاولنا التفكير والتعليل قد نصاب بالأحباط وساعتها نشعر بأن العقل طار.. والماء قد لا يجدي في إطفاء ما بداخلنا من نار.. تشتعل بنا في بعض الأيام المرار.. أيام أحداثها كئيبة لا نجد لها فرار.. ونادرا ما نجد إغاثة من الأبرار الأخيار.. آملين أنٍ نعثر على ضالتنا لصلاح الأمور ممن لديهم علم ودراية بالأخبار..
وقد يترأى لنا في بعض الأحيان أن الباطل والفاسد والعاطل أصبح هو السيد الفائز.. وعلى معظم المكاسب حائز.. ونتعجب هل انقلبت الموازين وتبدلت المعايير والمكاييل!.
يشتعل الغيظ فينا مع سماع الأخبار اليومية وإنكشاف الحقائق.. أو ربما تكون جزء من الحقائق.. عن بعض من كان يمثل شخصية هامة في المجتمع.. تماماً مثلما يحدث في الأفلام والمسلسلات التليفزيونية.. حيث تنكشف النهايات عن شخصيات كنا نتصور أنها رمز للفضيلة والخلق الحضاري الراقي..وفي النهاية يتبين أنه غير ذلك.. حيث كان ينشر الفساد ويسعى لجمع الملايين والمليارات ويعدها بالعداد.. أملاك متعددة من مساحات الأراضي، عقارات، فيلات، شليهات، أرصدة في البنوك في الداخل والخارج.. ويومياً تتوالى المفاجآت الدرامية المثيرة للغيظ من خلال نشر أخبار أبطال أعمال السلب والنهب.. أبطال سئمنا رؤية وجوهم ومللنا إلى حد السقم من سماع تفاصيل حياتهم حتى بعد انتهاء أدوارهم الهامة في المجتمع.. ويتصاعد دخان الغيظ مع الاستمرار في الإعلان والتنويه عن كم الأموال التى نهبت والحقوق التى سرقت.. والعلم بأن هذا الكم الهائل من الفساد كنا نعيش في ظله دون كلمة أعتراض، بل كان يتوجب علينا أن نكون حامدين لله شاكرين فضله على ما بنا من نعمة وإلا سينقلب بنا الحال إلى نقمة..
وتزداد حدة الغيظ مع استمرار سماع أخبار الحوادث وأعمال الشغب والبلطجة وترديد إشاعات مثيرة للفتن وحقن مشاعر العداء بين أفراد المجمتع.. فالحدث العادي البسيط قد يتحول إلى حدث جلل بعد تنقاله من عدة أفواة زادت علية بعضاً من المؤثرات وعوامل التشويق والإثارة.. وبسبب كثرة سماعنا لهذه الحوادث أصبحنا نتشوق لسماع خبر سعيد يبشر بالسلام والأمان.. الأمان الذي أصبحنا نفقده حتى ونحن وسط أهالينا.. وذلك مع توالي أخبار الفارين من السجون.. توالي أعمال البلطجة والاعتداءات على دور العبادة.. وعلى أملاك الدولة.. ومع تزايد نسبة الخارجين عن القانون..
يشتعل الغيظ ويتصاعد الدخان مع سماع أخبار توافد خبراء الإجرام والتطرف.. وهجرة معظم أصحاب العلم والفكر.. فصاحب العلم الذي كد واجتهد وقضي معظم حياته في التحصيل والدراسة لا يتم تقديره (في حالات كثيرة) بالصورة التى تليق به أدبياً ومعنوياً ومادياً.. فيبدوا أن العلم والبحث العلمي لا يلاقيا التقدير المناسب والاهتمام الكافي بإنمائه وتطويره.. هذا علاوة على وجود فئات مهنية (كالميكانيكي، السباك، بواب العمارة.. الخ) تحصل على عائد مادي يساوي أو يفوق ما يحصل عليه حامل مؤهل دراسات عليا.. والحقيقة أن سياسة النظام التعليمي كله تشعل الغيظ في النفوس والرؤوس.. فكم من المرات تم تغير منهج التعليم الابتدائي.. وتم إلغاء السنة السادسة للمرحلة الابتدائية.. كم من المرات تم تغير نظام التعليم الثانوي.. ومعاناة الأهالي لم تنتهي أو تخف حدتها.. ناهيك عن انتظار خطاب القوي العاملة الذي قد يحمل لمنتظره خبية أمل تحطم أحلامه التى كان يرسمها لمستقبله..
هل الخطأ فينا أم في النظام؟.. سؤال يشعل مزيد من الغيظ لما ينطوي عليه من حيرة في تحديد على من تقع مسئولية الخطأ.. فمن المؤكد أن كلً منا يقع عليه درجة (صغرت أو كبرت) من المسئولية لتسيير النظام.. ولكن ما يشعل نار الغيظ حقا هو وجود إناس لا ترغب في بذل أي جهد لتحمل المسؤلية والمشاركة في العمل وبذل بعض الجهد.. فهي ترغب فقط في حصد المكافآت والفوز بالتصفيق تقديرا على جهود غيره التي نسبت إليه.. مشكلة الجهاز الإداري ونظام العمل من المشاكل الكبري التى لها تأثير كبير على التنمية وتطور المجتمع..
يشتعل فينا الغيط حينما نتعامل مع الأخرين بتلقائية وصفاء نية.. ثم نفاجئ أن هناك من يوالنا بالطعنات من خلفنا.. واعتقد أن مهارتنا في الطعنات الخلفية تفوق في بعض الأحيان مهارتنا في أداء الأعمال.. وعلى ذكر أداء الأعمال فهناك ما يثير الغيظ أيضاً.. ففيما يبدوا أننا نتكلم أكثر مما نعمل.. نستخدم كثيرا "الهاء والسين".. في عقد النية في القيام بالأعمال.. "هانعفل وسنفعل" كلمتان ربما كان لهما أثر سلبي مباشر على عجلة التنمية البشرية.. سواء على المستوى الفردي أو المجتمعي.   
وتتوالى المواقف والأساليب التى تثير الغيظ وتزيد من فوران الغضب.. منها المرور وما يحدث خلال الحركة المرورية من مشاجرات ومعارك.. ومنها النمذجة والتطابق المقلد لملابس الشباب من كلا الجنسين.. ومنها الهمجية الحوارية في برامج ما يسمى "بالتوك شو".. ومنها الخرس الحواري في البيوت الذي يؤدي إلى نمو الشعور بالعزلة والغربة.. ومنها قصص ومشاهد العنف المتكررة ضد الطفل والمرأة وكبار السن.. ومنها تزايد كم الأفلام والمسلسلات التجارية المطولة والمملة التى تستخف بالعقول.. ومنها.. ومنها..
وكثيراً ما تمر علينا أيام نشعر فيها بعدم التوفيق وأن كل شيء مصاب بعقدة لا نعرف سببها.. ففجأة كل شيء يسير في الاتجاه المعاكس وكأن هناك من يقصد تعثر حظنا.. ونظل نتمنى أحيانا كثيرة عودة الزمن لنتمكن من محو بعض من المسالك الخاطئة التى انطلقت بناءً على قناعات قد تكون مرضية ومنطقية حينما تم تبنيها.. ولكننا نكبر ويكبر معنا عقلنا ومنطقنا عن مختلف الأشياء.. وعلينا أن نتعلم من تجاربنا ونهتم بدراسة أخطاءنا.. حتى يمكننا الاستمرار والنضال في حياتنا.. والعمل على تحويل ما يثير الغيظ إلى سياسيات إيجابية بعيدة عن السلبية قدر الإمكان بقدرة الملك العزيز الرحمن..    

المصدر: د. نهلة أحمد درويش دكتوراة في الآداب - علم الاجتماع
WA-WEEKLY

صحيفة " الوطن العربى الأسبوعية " المستقلة الشاملة - لندن ، المملكة المتحدة .. رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير : د. علاء الدين سعيد

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 160 مشاهدة

رئـيـــــــس مـجــلـــــــس الإدارة و رئـيــــــس الـتـحـــــــــريــــــر د. عـــلاء الـديــــن ســــــعــيــد

WA-WEEKLY
* السـنة الرابعة * العدد رقم ( 208 ) - ************ الخميس الموافق 27 نوفمبر 2014 تصــدر مـن الـقـاهـرة - جمهـورية مصــر العربيـة ====================== ALWATANULARABY JOURNAL ********* Chairman and Editor in Chief : ALAUDDIN SAID ====================== No. 208 - 27 of Nov 2014 ====================== CAIRO - ARAB REPUBLIC OF EGYPT »

ابحث

إشترك فى قائمتنا البريدية ليصلك كل جديدنا ضع ايميلك هنا ثم اضغط للإشتراك

Delivered by FeedBurner

لا تنسَ الرجوع إلى أيميلك لتفعيل الإشتراك

لمراسـلتنا بأعمالكم و أخبارِكم و آراءِكم .. إيميلات إدارة النشر بالصحيفة 

  [email protected]
أو إلى
[email protected]
أو إلى
[email protected]

 برسـالة متضمنة السيرة الذاتية الموجزة موضحة بها بياناتكم وعنوانكم وجنسيتكم وصورة شخصية مختارة للنشر مع موضوعاتكم ، مع خالص تحياتنا وتمنياتنا 

  

أهم و آخر الأخبار

================================

  •   مفتي تونس: 16 تونسية سافرن الى سوريا ل"جهاد النكاح" الذي اعتبره "بغاء"
  •  طلاب إماراتيون يصممون سيارة تقطع ألف كم بلتر واحد من الوقود
  •  طيران الامارات يرعى بطولة فرنسا المفتوحة للتنس خمسة أعوام ..
  •  الأمم المتحدة تطلق تقريرها السنوي للتنمية البشرية لعام 2013
  • عاطف عبدالعزيز وقراءة في" الحياة السرية للآباء " للشاعر صلاح فاروق
  • أقـلامٌ و آراءٌ حُـرّة

    =================================

  • الكاتب العراقى دكتور : عزيز العلي ، يكتب : ثورة ربيع العراق ، والمعركة الاستخبارية الدبلوماسية
  •  الكاتب السورى دكتور غسان شحرور ، يكتب : لغتنا الجميلة في عيدها .. هل اقترب نعيها ؟!
  •  الكاتب السورى دكتور غسان شحرور ، يكتب : في يوم "داون" العالمي ، دعوة إلى مواجهة التحديات
  • حينما توشك الدولة على الافلاس ، هل يمكن انقاذها - بقلم الكاتب المصرى دكتور : حسين الكاشف

  • كُتـَّاب ٌ و أعمـِدَةٌ و أقلام

    ============================
     

    ضع هنا التعليق المناسب

    ضع هنا التعليق المناسب

    ضع هنا التعليق المناسب

    ضع هنا التعليق المناسب

    ضع هنا التعليق المناسب

    ضع هنا التعليق المناسب

          

      شاركونـا صفحاتنـا 
    على المواقع الأخرى

    مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  /// مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  /// مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  /// مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  ///  
    مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  ///  مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  ///مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  /// مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  /// 
    مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  ///  مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  ///  مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  ///  مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  /// 
    مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  ///  مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  ///  مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  /// مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  ///  

    تقارير و دراسات

    =========================

  • مصر- نقيب عمال مصانع الطوب:اصحاب مصانع الطوب اعلنوا توقف المصانع نهائيا بعد ان فوجئوا بان التفاوض كان حبرا على ورق ...
  • خاص " الوطن العربى "- اليمن : قضية صعده من وجهة نظر(الحوثيين) في ورشة عمل بصنعاء  
  • ننشر القائمة الأُولى لأسماء افراد جماعة الاخوان الذين إحتلّوا مناصب الدولة خلال 7 أشهر فقط 
  •  تقرير لـ"سي آي إيه" يُلمح إلى استخدام إسرائيل السلاح النووي في حرب 1973 ضد مصر وسوريا
  •  إسرائيل خططت لقتل خال صدام لنصب فخ لاغتياله خلال جنازته