كان ادريس كعادته صباح مساء . يسلك طريقه الضيق . عند العودة والذهاب . مختصرا طريقه بعد عناء العمل . لينتهز بعض الوقت للراحة . والتقاء بعض الاصدقاء . في المقهى المجاور على الشارع . لياخد كعادته الصحيفة وفنجان قهوى . وينتظر صديق الطفولة والدراسة احمد . الدي لا يستغني عنه في استشارته . في العمل والبيت . كان بالنسبة له احمد اكثر من اخ . كان كلما سلك الطريق . يجد امراة كبيرة في السن تتسول . كانت تضع امامها منديلا ابيضا . وعلى يمينها عكازها وبعض الحاجيات . في كيس من ثوب خشن ازرق . وكان كل ما مر عليها يمدها بشيء . حتى ان تلك العجوز اعتادت عطاءه . واعتادت رؤيته صباح مساء . حتى احست في قرارتها . انها تربطها به صلة رحم او ما شابه ذلك . اعتادته واحبته دون ان يعلم . كان يعطف عليها دئما . بما جاد الله به عليه . لقد اعتاد رؤيتها ودخلت قلبه . وفي يوم لم يراها . كان فكره مشوشا عليها . فسال احد الباعة المجاورين لمكانها . فقال له اغمي عليها . واخدوها للمستشفى لاسعافها . فلم يشعر ادريس . واخد سيارة اجرة لزيارتها بالمستشفى . وصاحب المحل يراقبه عن كثب . دخل المستعجلات سائلا عن تلك العجوز . واذا باحد الممرضين يخبره عن وفاتها بعد وصولها ببعض اللحظات . وحزن ادريس لوفاتها حزنا عميقا . وجهه الممرض الى مستودع الاموات ليريه جتتها . لما راها بدا الحزن والاسى على وجهه . ولمح الممرض حالته وتاسف . واذا بالطبيب يدخل عليهما . فاخد الطبيب يواسي ادريس فقال له الطبيب انتظر لحضة . فعاد وبيده ذلك الكيس الازرق واعطاه اياه . فقال له ادريس لا لا ياسيدي . اني اعرفها لانني امر عليها صباح مساء . وتعودت على رؤيتها ولم اجدها بعد عودتي فسالت احدهم ودلني على انها اخدت للمستشفى بعد اغمائها . ولذلك اردت زيارتها . فقال له الطبيب ياسيدي المراة العجوز قبل وفاتها بقليل اعطتني هذا الكيس واوصتني ان اعطيه لاول من يسال عنها . وكنت انت اول من سال عنها . خد هذا لك سيدي فهو حقك . فاستغرب ادريس وادمعت عيناه . فقام بدفنها وترحم على روحها . ولم يفتح الكيس الا ان عاد الى بيته بعد ان اخد قسطا من الراحة . ولما فتحه وجد داخله مالا وبعض الاوراق من بين تلك الاوراق عقد هويتها فوجدها من اقارب امه واستغرب اشد الاستغراب . وتمنى على الله لو كانت امه حية لسالها عن تلك المراة العجوز .