لما كان الإيمان ثابتا وراسخا في قلوب الصحابة الكرام وكان الصدق والإخلاص يملأ النوايا بحسن المعرفة والبيان استنار درب الصحابة بمتابعتهم للنبي ألأمين وتمسكوا بسنته وعضوا عليها بالنواجذ قبل فوات الأوان ولم يقدموا عليها قولا أو رأيا لأي كان فأحسنوا ألتلقي عن من لا ينطق عن الهوى فأحسنوا الفهم وأحسنوا تطبيق العمل وفهموا كلام الله وفق مراد الله وفهموا كلام رسول الله وفق مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبذلك استقامت عقولهم وسلم لهم دينهم ومن جاء بعدهم سار على منهجهم إلا من زاغ وانحرف وقدم الأقوال والآراء على قول خير البشر فاضطربت عقولهم وتشتت دينهم فلا سلم لهم دينهم ولا صحت لهم عقولهم وما أجمل قول الشاعر في هذا المقام نرقع دنيانا بتمزيق ديننا فلا ديننا يسلم ولا ما نرقع ولو تركوا عقولهم ترجع إلى فطرتها السليمة كما قال الله تعالى فطرة الله التي فطر الناس عليها لعلموا إن ما اخبر الله به عن نفسه وما اخبر رسول الله به عن ربه ,لهو حق وصواب فكل الصفات الفعلية والذاتية التي جاءت في الكتاب وألسنه هي صفات حقيقية تليق بالله ت
عالى على أكمل وجه وأحسنه ولا يجحدها أو يحرفها عن حقيقتها إلا جاهل بحقيقة نفسه وجاهل بعظم خالقه فأهل التوحيد وألسنه يثبتون ما أثبته الله تعالى لنفسه وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم وفق قول الله وهو السميع البصير فيثبتون صفة السمع والبصر لله وكذلك بقية الصفات وفق ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم وهذا الإثبات لا يلزم منه المماثلة أو المشابهة فكل ذلك منفي عن الله تبارك وتعالى وفق قول الله ليس كمثله شي وهذا هو النفي الذي نفاه الله تعالى عن نفسه ونفاه عنه رسوله وينفاه عنه عباده الصادقون المخلصون فلا شي يشبه الله تعالى أو يماثله أو يساويه لا من قريب أو بعيد فالله واحد في ذاته العلية فلا ذات تشبه ذاته العلية أو تماثلها أو تساويها والله واحد في صفاته فلا تشبه صفاته صفات المخلوقين الضعفاء المحتاجين والله واحد في أفعاله ,فأفعاله لا تشبه أفعال المخلوقين العاجزين فكل عيب ونقص الله منزه عنه وكل كمال وجمال الله أحق به فأهل ألسنه والجماعة لا ينفون الصفات ويجحدونها ويجحدون دلالتها ومعانيها ولا يحرفون الصفات عن معانيها الحقيقية ولا يثبتونها بتشبيه أو تمثيل ولا يجعلون لها كنه معلومة أو يسألون عنها بكيف وقاعدتهم في ذلك قول الإمام مالك عندما سأله احد أهل الأهواء عن الاستواء فقال أمام دار ألهجره الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعه فأهل ألسنه يثبتون الصفات إثباتا مفصلا من غير تمثيل أو تشبيه على حد قوله تعالى وهو السميع البصير وينفون نفيا إجماليا ومن غير تعطيل أو تحريف على حد قوله تعالى ليس كمثله شيء فإثباتنا للصفات الذاتية والفعلية يكون إثباتا من غير تعطيل أو تحريف ولا تكييف أو تمثيل وهذا هو صحيح المنقول الموافق لصريح المعقول .