WA-WEEKLY

authentication required


كبر في نفسها سؤال منذ الطفولة, سؤال صار يكبر معها ويحيل حياتها قتامة وظلاماً، ترى والدتي من أي صنف من النساء؟ لا أشعر أنها تفرح لي  ولا تبادلني  مشاعري ولا تكترث كثيرا لأمري ، كل يوم يتأكد لي شعور أنها تعتبرني عبء عليها، تبدي الامتعاض لأي طلب أطلبه حتى لو كان صغيراً، ولا تقبل حتى تجرعني الذل والهوان بكلمات أتمنى لو أموت دون أن أسمعها، وإن قبلت فعلى مضض.. أتردد ألف مرة قبل أن أطلب حاجتي الضرورية.. يستولي نفسي شعور مريب.. هل تكرهني، هل هي نادمة أن أنجبتني؟ إن مرضت لا تواسيني بل تتظاهر بالشكوى من آلام جسدها وكأنها تريد أن تحسسني أنها أكثر مرضا مني.

اكتشفت مع الأيام أنني لست وحدي التي تعاني من هذا الشعور. فجميعنا يعاني ويكتم آهاته ويصمت ، لأن أحداً منا لو أفصح عن شعوره تكتئب وتتظاهر بالمرض والإعتلال، فنلوذ بالانزواء عنها والابتعاد عن طريقها.

ليتني كنت حجراً ، أمي تحب الحجر أكثر من البشر.. نعم ، منذ أن وعيت للدنيا، وشغلها الشاغل بيتها، أنفقت كل مدخرات والدي على هذا البيت، أفسدت حياته وكل خططه، كانت حزينة ومكتئبة طوال الوقت، فقط عندما يستجيب لطلباتها لتعمير هذا البيت تكون سعيدة، سعادة وقتية ثم لا تلبث أن تعود لحالتها.. لتبحث عن إنجاز آخر في ذلك البيت.. فرحها وسعادتها مرتبطة ببناء دور جديد، تركيب بلاط جديد، أو تغيير طلاء جدار .. تموت حسرة لو سمعت أن أحدهم اقتنى بيتا أحسن من بيتها، أو أحدثت صديقة أمراً في بيتها، يجن جنونها، تأكلها الغيرة أو ربما هو الحسد ، وتأكل قلب والدي حتى يستجيب لرغبتها وتنال ما تريد.. عشرون عاماً مضت من عمري، لم أنل من اهتمامها ما يناله ذلك البيت ولو مرة.. حتى أخواني وأخواتي عندما تزوجوا، لم تفرح كما يجب، لم تبتهج كأي أم، كان همهما فقط أن تظهر لمعارفها أنها مهتمة، ولكنها ما أن تخلو بنا حتى تنقلب إلى امرأة مهمومة مغمومة، لا يعنيها أن تبحث مع ابنة شئون زواجها، أو تتواصل مع أهل زوجة أبن بدون ضرورة ترفع بها الشره عنها. تمضي ليلها ونهارها تفكر في بيتها، حتى عندما يحضر إخوتي لزيارتها، تتلقاهم بالتتباهى عليهم بما استحدثته من فرش وما غيرته من ستائر، وكأنها تشعر بالانتصار عليهم، ينسيها شأن بيتها حتى أن تسألهم عن مستجدات حياتهم.

أنا لا يهمني أمر ذل البيت البغيض، أنا أريد قلبها الذي لم ألاقيه، إحساس أمومتها الذي افتقدته منذ عرفتها  .. أكره هذا البيت ، يزعجني ذكره ، يشعرني بدونيتي وقلة شأني، الحجارة الجامدة الخرقاء سرقت قلب أمي طيلة عمري، لم أهنأ بقربها يوما ، لم تحتضنني دون أن أطلب منها ، لم تقبلني من تلقاء نفسها... غريبة الأطوار، تحب الحجر أكثر مما تحب البشر... لقد مات والدي حسرة وغماً، فهو لم يساوي لديها إلا مقدار المال الذي يلبي رغبتها في العناية بهذا البيت.. حتى حاجاته العاطفية لا ينالها إلا بهذا المقابل .. بالنسبة لها مجرد وقت وتنفض يدها منه.

لم أندم على فقد أمي فقد ماتت وهي توصي ببيتها .. ماتت نادمة أنه سيؤول إلى غيرها.. ماتت وهي غير عابئة بي، وأنا ابنتها الوحيدة في البيت التي لم تتزوج. ليتني كنت حجراً.  

 

WA-WEEKLY

صحيفة " الوطن العربى الأسبوعية " المستقلة الشاملة - لندن ، المملكة المتحدة .. رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير : د. علاء الدين سعيد

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 182 مشاهدة
نشرت فى 9 مايو 2011 بواسطة WA-WEEKLY

رئـيـــــــس مـجــلـــــــس الإدارة و رئـيــــــس الـتـحـــــــــريــــــر د. عـــلاء الـديــــن ســــــعــيــد

WA-WEEKLY
* السـنة الرابعة * العدد رقم ( 208 ) - ************ الخميس الموافق 27 نوفمبر 2014 تصــدر مـن الـقـاهـرة - جمهـورية مصــر العربيـة ====================== ALWATANULARABY JOURNAL ********* Chairman and Editor in Chief : ALAUDDIN SAID ====================== No. 208 - 27 of Nov 2014 ====================== CAIRO - ARAB REPUBLIC OF EGYPT »

ابحث

إشترك فى قائمتنا البريدية ليصلك كل جديدنا ضع ايميلك هنا ثم اضغط للإشتراك

Delivered by FeedBurner

لا تنسَ الرجوع إلى أيميلك لتفعيل الإشتراك

لمراسـلتنا بأعمالكم و أخبارِكم و آراءِكم .. إيميلات إدارة النشر بالصحيفة 

  [email protected]
أو إلى
[email protected]
أو إلى
[email protected]

 برسـالة متضمنة السيرة الذاتية الموجزة موضحة بها بياناتكم وعنوانكم وجنسيتكم وصورة شخصية مختارة للنشر مع موضوعاتكم ، مع خالص تحياتنا وتمنياتنا 

  

أهم و آخر الأخبار

================================

  •   مفتي تونس: 16 تونسية سافرن الى سوريا ل"جهاد النكاح" الذي اعتبره "بغاء"
  •  طلاب إماراتيون يصممون سيارة تقطع ألف كم بلتر واحد من الوقود
  •  طيران الامارات يرعى بطولة فرنسا المفتوحة للتنس خمسة أعوام ..
  •  الأمم المتحدة تطلق تقريرها السنوي للتنمية البشرية لعام 2013
  • عاطف عبدالعزيز وقراءة في" الحياة السرية للآباء " للشاعر صلاح فاروق
  • أقـلامٌ و آراءٌ حُـرّة

    =================================

  • الكاتب العراقى دكتور : عزيز العلي ، يكتب : ثورة ربيع العراق ، والمعركة الاستخبارية الدبلوماسية
  •  الكاتب السورى دكتور غسان شحرور ، يكتب : لغتنا الجميلة في عيدها .. هل اقترب نعيها ؟!
  •  الكاتب السورى دكتور غسان شحرور ، يكتب : في يوم "داون" العالمي ، دعوة إلى مواجهة التحديات
  • حينما توشك الدولة على الافلاس ، هل يمكن انقاذها - بقلم الكاتب المصرى دكتور : حسين الكاشف

  • كُتـَّاب ٌ و أعمـِدَةٌ و أقلام

    ============================
     

    ضع هنا التعليق المناسب

    ضع هنا التعليق المناسب

    ضع هنا التعليق المناسب

    ضع هنا التعليق المناسب

    ضع هنا التعليق المناسب

    ضع هنا التعليق المناسب

          

      شاركونـا صفحاتنـا 
    على المواقع الأخرى

    مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  /// مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  /// مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  /// مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  ///  
    مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  ///  مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  ///مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  /// مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  /// 
    مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  ///  مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  ///  مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  ///  مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  /// 
    مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  ///  مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  ///  مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  /// مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  ///  

    تقارير و دراسات

    =========================

  • مصر- نقيب عمال مصانع الطوب:اصحاب مصانع الطوب اعلنوا توقف المصانع نهائيا بعد ان فوجئوا بان التفاوض كان حبرا على ورق ...
  • خاص " الوطن العربى "- اليمن : قضية صعده من وجهة نظر(الحوثيين) في ورشة عمل بصنعاء  
  • ننشر القائمة الأُولى لأسماء افراد جماعة الاخوان الذين إحتلّوا مناصب الدولة خلال 7 أشهر فقط 
  •  تقرير لـ"سي آي إيه" يُلمح إلى استخدام إسرائيل السلاح النووي في حرب 1973 ضد مصر وسوريا
  •  إسرائيل خططت لقتل خال صدام لنصب فخ لاغتياله خلال جنازته