القصة التى تحتفظ «الشروق» بمستندات تثبت صحتها بدأت بمعلومة تلقتها مباحث التموين تفيد بوجود نحو 60 طنا من اللحوم الفاسدة بمخازن ثلاجات شركة أمريكانا مصر للتبريد بطريق مصر الاسماعيلية وعلى اثرها تم تشكيل لجنة من مباحث التموين بمشاركة الأطباء البيطريين فى 23/3/2011 وقام الطبيب البيطرى المرافق للحملة بفحص اللحوم التى تم الإبلاغ عنها وتبين بعد الفحص الظاهرى وجود لحوم بقرية بالعظم مجمدة عبارة عن «إربع» عجول أمامية وخلفية، الربع يتراوح وزنه ما بين 70 و90 كيلو جراما مستوردة من ولاية بجنوب استراليا باستيراد الشركة الدولية للأغذية وعنوانها سموحة بالاسكندرية وأوضح الفحص أن اللحوم ذات لون أحمر داكن وأن الضلوع ممتلئة بالدم الداكن كما أن الرقبة ذات لون أحمر مائل للسواد وأنها إنتاج أكتوبر 2010 وبصلاحية لمدة 12 شهرا وأشار التقرير إلى أن اللحوم مشكوك فى صلاحيتها من حيث جودة الإدماء وبالرجوع إلى رأى مصدر بيطرى أكد أن الإدماء مقصود بها أنها لم تذبح وفقا للشريعة الإسلامية.

قامت اللجنة بسحب عينات من اللحوم لتحليلها فى معامل بحوث صحة الحيوان التابع لوزارة الزراعة للوقوف على مدى صلاحيتها وجودتها بعد أن قامت بالتحفظ على اللحوم وإجراء محضر بالواقعة.

اللحوم فاسدة

وكانت المفاجأة تقرير مركز بحوث صحة الحيوان الصادر فى 3/4/2011 بأن اللحوم فاسدة ولا تصلح للاستهلاك الآدمى وأن عينات اللحوم غير محتفظة بخواصها الطبيعية حيث وجد بها تغير فى اللون ونسبة حمض التيوباربيتيوريك (1.6 مجم مالونندهايد/كجم من العينة) أعلى من الحدود المسموح بها وأشار التقرير إلى أنه قد تم عزل الميكروب القولونى النموذجى وأن العينات غير صالحة للاستهلاك الآدمى لكن أصحاب الشركة وهم محمد أشرف الغنيمى وإيهاب الغنيمى وعمر زكريا لم يرتضوا بالنتيجة وبالضغط استصدروا قرارا بأن يتم تحليل اللحوم المستوردة فى المعامل المركزية لوزارة الصحة باعتبارها الجهة المختصة بذلك وطلبوا أن تفحص الرسالة لتأتى المفاجأة الثانية بتأييد نتائج معامل صحة الحيوان بعدم صلاحية اللحوم للاستهلاك الآدمى طبقا للقانون 10لسنة 1966 وغير مطابقة للمواصفات القياسية 1522 لسنة 2005 وأفاد التقرير بأن هناك تغيرا فى الخصائص الطبيعية للحوم مشيرا إلى تغير لون السطح إلى اللون الأحمر الداكن واسوداد فى بعض الأجزاء ووجود أوردة ممتلئة بالدم غير تامة الإدماء «وكانت الفحوصات قد أجريت وفقا لثلاث اختبارات وهى الفحص البكترولوجى والفحص الكيماوى وفحص السموم وقد أثبت الأخير أن جميع العينات سلبية لاختبارات التسمم الحاد ولم يستدل على وجود تركيزات من المبيدات ولكن اللحوم غير صالحة للاستخدام الآدمى.

جريمة تحايل

على أثر ذلك قررت النيابة العامة فى القضية رقم 1288/2011 إعدام الـ60 طنا لكن اللجنة اكتشفت عن طريق التحريات أن بأمريكانا ثلاث ثلاجات موزعة عليها رسالة لحوم الشركة الدولية للأغذية فقامت بالتحفظ على الكمية المحفوظة بالثلاجات الأخرى والتى قدرت بـ200 طن وأشارت المعلومات إلى أن الـ200 طن التى تم ضبطها تمثل ثلث الرسالة الواردة من استراليا لحساب الشركة حيث قامت باستيراد 600 طن فى أكتوبر 2010 بما يعنى أن ثلثى الشحنة تم تسريبها بالفعل للأسواق دون رقابة عليها كما كشفت التحريات أيضا أن استيراد الرسالة تم من بلد من غير المنشأ حيث ثبت أن دولة استراليا التى تشير الأوراق أنها بلد المنشأ لم يتم الاستيراد منها منذ 10سنوات ولم تسافر اليها أى لجنة بيطرية منذ عام 2001 فى وقت تداوم اللجان البيطرية زيارة البلاد التى يتم الاستيراد منها على الأقل مرة كل ثلاث سنوات للتأكد من سلامة وكفاءة المجازر التى يتم فيها الذبح وهو ما يشير إلى جريمة تحايل ارتكبتها الشركة لإدخال هذه الشحنة إلى مصر بعد الفحص الجمركى بتاريخ 8/1/2011 لتصدر النيابة العامة قرارها باعدام الـ200 طن التى تم ضبطها.

محرقة البساتين 

بعد أن أصدرت النيابة قرارها واجه المسئولون عن ضبط الشحنة مشكلة الخلاص من اللحوم الفاسدة فاستبعدوا دفنها خوفا من أن يأتى أصحابها ويخرجونها ويدفعون بها للسوق من جديد ففكروا فى حرقها فلجأوا إلى مجزر البساتين واكتشفوا أن طاقته فى الحرق اليومى لا تزيد على طن ونصف يوميا وهى مشكلة حيث لا توجد محرقة لها طاقة استيعابية تزيد على ذلك إلا أنه وأثناء مرحلة التفاوض مع المجزر لتحديد جدول زمنى لكميات اللحوم المراد إحراقها كانت المفاجأة إبلاغ النيابة العامة اللجنة بتأجيل إعدام اللحوم الفاسدة لمدة 48 ساعة إلا أنه وبعد مضى المهلة صدر قرار من مكتب النائب العام بعدم إعدام اللحوم وتسليمها للشركة التى استوردتها مشيرة إلى أنها قبلت طعنا ثالث من الشركة المستوردة وأن اللحوم تم تحليلها فى معمل خاص بكلية الزراعة رغم أن معامل الجامعة غير معتمدة وبالفعل تم تسليم الكميات المتحفظ عليها إلى الشركة الأسبوع الماضى.

ضغوط متنوعة

علمت «الشروق» من مصدر رفض الاعلان عن اسمه ان الشركة تعمل تحت غطاء شخص «متنفذ» هو من ضغط وألغى قرار الإعدام للحوم الفاسدة التى تسربت للأسوق مخالفا للتقارير المعملية المعترف بها ولقرارات النيابة السابقة التى اعتمدت نتائج التحاليل واشار المصدر إلى محاولات لإرهاب الأطباء البيطريين الذين قدموا تقريرهم بعدم صلاحية اللحوم باستدعائهم للتحقيق معهم فضلا على استدعاء رئيس المعامل المركزية بوزارة الصحة للتحقيق معه واتهامه باضطهاد الشركة صاحبة الشحنة وهى الواقعة الأولى من نوعها والغريب أن رئيس المعامل تم نقله من موقعه لاصراره على موقفه بأن هذه اللحوم تشكل خطورة على صحة المصريين ــ بحسب المصدر ــ ليطرح السؤال نفسه: هل ثورة 25 يناير فشلت فى تطهير البلاد من سطوة رجال الأعمال ومن يحمونهم من فلول النظام القديم؟ وكيف تصدر قرارات ملزمة لم يتم التراجع عنها دون الاستناد إلى تقارير رسمية تنفى أو تؤكد وقائع الفساد خاصة لو كانت تمس صحة وحياة المصريين بشكل مباشر.

المصدر: الشروق المصرية / ماجدة خضر
  • Currently 35/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
11 تصويتات / 418 مشاهدة

ساحة النقاش

TAHA GIBBA

TAHAGIBBA
الابتسامة هي اساس العمل في الحياة والحب هو روح الحياة والعمل الصادق شعارنا الدائم في كل ما نعمل فية حتي يتم النجاح وليعلم الجميع ان الاتحاد قوة والنجاح لا ياتي من فراغ »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

755,578

السلام عليكم ورحمة الله وبركات

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته