تقييم الختان
مقدمة
الختان من الأعراف الاجتماعية؛ التي تداخلت مع تعاليم الأديان المختلفة فأخذت ثوب القدسية عند كثير من الشعوب، واختلفوا بشأنها اختلافا كبيرا؛ تدرَّج من الوجوب إلى الإنكار.
فماذا تعرف عنه؟ وهل هو في الحقيقة-- واجب؟-- أم جائز؟-- أم محرم؟
كل ما عليك هو أن تدع ما لديك من أفكار جانبا لبعض الوقت.. وتتذكر معي هذه الآيات:-
جاء في العهد القديم سفر تثنية الإصحاح الثلاثون الآيات من (11- 14):-
"(11)إنَّ هذه الوصيةَ التي أُوصِيكَ بها اليوم ليست عَسِرَةً عليك ولا بعيدةً منك. (12)ليست هي في السماءِ حتى تقولَ من يصعدُ لأجِلنا إلى السماءِ ويأخذُها لنا ويُسْمِعُنا إيَّاها لنعملَ بها. (13)ولا هي عَبْرَ البحرِ حتى تقولَ من يعبرُ لأجلِنا البحرَ ويأخذُها لنا ويُسْمِعُنا إيَّاها لنعملَ بها. (14)بلْ الكلمةُ قريبةٌ منك جدا في فمِك وفي قلبِك لِتَعْمَلَ بها".
وجاء في القرآن الكريم:-
"فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ{30}(2/4ح41ج21)* ۞مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ{31} مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ{32}" الروم30
الختان من الناحية الجغرافية
بالنسبة للإناث يحدث بشكل مكثف في كل دول حوض النيل..

1- Most women are infibulated
معظم النساء يخضعن لرتق المهبل أو إغلاقه جزئيا
2- Circumcision and Excision widespread
ختان الذكور والإناث منتشر على نطاق واسع
3- Some cases reported
تقارير عن بعض الحالات
4- Circumcision practiced among groups
الختان يحدث في جماعات
ووسط وشرق أفريقيا وشمال العراق وبعض قبائل دول الخليج الجنوبية وإندونيسيا وقليل جدا من الأمريكيين والأوروبيين والآسيويين والاستراليين، ولا تحدث في باقي دول العالم إلا نادرا.
بالنسبة للذكور يحدث في دول حوض النيل ووسط وشرق أفريقيا و البلدان التي احتكت باليهود وتأثروا بهم، وقد ترك قدماءُ المصريين أدوات الختان شاهدا عليهم ويمكن لزائر متحف دار الآثار في القاهرة أن يشاهدها، وتنكره معظم دول أوروبا وأمريكا وآسيا واستراليا إلا قليلا من بعض قبائل شعوبهم.
ومن الواضح أن قارة أفريقيا هي أكثر القارات نسبة.. حيث أن الختان نشأ فيها أولا ثم انتشر منها إلى باقي القارات؛ عن طريق مصر الفرعونية، وعندما خرج منها الإسرائيليون مع نبي الله موسى أخذوا معهم عاداتهم التي اعتادوا عليها، منها عبادة العجل والختان.
ومن اليهود انتشرت في بابل أثناء السبي، ومنهم أيضا إلى الأراضي الجديدة، مثل استراليا وأمريكا الشمالية حيث هاجر اليهود، ومنهم انتقل الختان إلى المذاهب الإسلامية عن طريق نقل قصص الختان من التوراة إلى الأحاديث التي يؤمن بها المذهبيون الإسلاميون.
تبين الخريطة التالية نسب حدوث ختان الذكور في دول العالم الآن..

خريطة تبين نسب ختان الذكور عالميا

خريطة تبين نسب الإصابة بالإيدز على مستوى العالم
والملاحظ أن اليابان أقل نسبة في ختان الذكور وأقل نسبة في الإصابة بالإيدز مما يدحض فكرة أن الختان يقي من الإيدز.
الختان من الناحية التاريخية

ختان الذكر والأنثى عادةُ من ذُكروا على اختلاف أديانهم من قديم الزمن، وقد أظهرت الرسوم الفرعونية هذه الطقوس، وهناك علامات الختان على بعض مومياوات الفراعنة وتماثيلهم في متحف دار الآثار بالقاهرة منذ 2300 سنة ق.م، أي منذ حوالي أكثر من 4300 سنة، وكان الكهنة هم الذين يقومون بالختان، وأما التماثيل الموجودة بالموصل بمحافظة نينوى بالعراق للإنسان الموجود في نفس فترة حكم الفراعنة يتضح فيها عدم وجود الختان؛ كما لاحظت ذلك بنفسي في أواخر ثمانينات القرن الماضي في أحد متاحف مدينة الموصل بشمال العراق، ومع هذا كانت هناك بعض الآثار البابلية الدالة على أن عادة ختان الذكور كانت موجودة في بابل منذ دخول اليهود إليها أثناء السبي؛ مما يؤكد تأثير اليهود على الشعوب الذين احتكوا بهم، مع أنه لم يكن مطلبا دينيا عند اليهود في ذلك الوقت[1]، ولكن بعد عودة اليهود من المنفى (بعد عام 500 ق م) تغير الوضع، فأضافوا قصة ختان الخليل إبراهيم إلى التوراة لتصبح مطلبا دينيا وأصبحت القلفة كلها تُقطع بعد أن كان الختان مجرد شق في القلفة من أعلى فقط، وبعد ظهور التلمود في الفترة (500- 650م) أصبح مص الدم من العضو المختتن أمرا ضروريا واستمر هذا حتى نهاية القرن التاسع عشر، ونظرا لحالات الوفاة بسبب تلف المخ من التلوث الناتج فقد توقف هذا الإجراء عند الغالبية ودعوا إلى الاكتفاء بجمع نقطة واحدة من الدم مصا، ثم ظهرت جماعات تناهض الختان وتُحوِّل المراسم الدموية إلى مراسم سلمية بدون إراقة دماء.
الختان من وجهة نظر الطب الحديث
من ناحية الأنثى جميع أطباء العالم أجمعوا على أنه عملية إجرامية ضارة جدا بالمرأة، ولكم في هذه الأسماء -وهم دكاترة وخبراء في الطب- أعلى وأوضح الرؤى عن الختان عموما وهم دكتور <محمد فتحي> مترجم كتاب (الزواج المثالي للدكتور فان ديفيلد)، ودكتور <خالد المنتصر> صاحب موقع ديوان العرب، ودكتور <محمد فياض> ودكتورة <نوال السعداوي> ودكتورة <سهام عبد السلام>، وغيرهم كثير، حيث أنه يتم في الختان على الأقل قطع البُظْر، وبذلك يتم إفقاد الأنثى استمتاعها باللقاء الجنسي وحرمانها من الوصول إلى حالة قمة النشوة التي يليها حالة الاسترخاء والهدوء العصبي، مما يؤدي إلى اضطرابات نفسية خطيرة، تصيب الأسرة بعدم الاستقرار، وتؤدى إلى الانفصال أو القتل، وتصيب الأبناء بإصابات نفسية سيئة، وينعكس كل هذا بالضرر على المجتمع ككل.
وبالنسبة للذكر فعلماء الطب انقسموا إلى قسمين، أحدهما أباحه، والقسم الآخر والأغلب حرمه لعدم كشف الأعضاء الحساسة في الذكر ووقاية هذه الأعضاء من فقد حساسيتها وخشونتها وكذلك التهيج بدون داعٍ في فترة البلوغ الجنسي، وبسبب الحرمان من حوالي 80% من المساحة الحساسة في العضو، وكذلك بما تحتويه من غدد تفرز مواد ملينة ومضادة للفطريات والبكتريا.
وهناك قاعدة علمية تقول بأن "الطبيعة لا تسرف في الأعضاء[2]".
بمعنى أن الكائن الحي لا يملك أعضاء زائدة وكل أعضائه تتكامل في وظائفها.. كما ورد على لسان العلامة المترجم إسماعيل مظهر في مقدمة أصل الأنواع لداروين، حيث قال بأن الطبيعة تسرف في المواليد والأموات ويبقى ما هو قادر على البقاء، ولكن الطبيعة لا تسرف في الأعضاء؛ حيث أنه لو وجد عضو زائد في أي كائن حي لكان وبالا عليه؛ ولأدى ذلك إلى هلاكه بسرعة.. فكل الأعضاء تتكامل في وظائفها بلا زيادة.
[1] نقلا عن الموقع http://salem-news.com/articles/july022011/circ-motivators-rm.php
[2] مقدمة إسماعيل مظهر مترجم أصل الأنواع لداروين.
أشكال الختان وآثاره

في الأنثى يختلف باختلاف مكان الفاعل واعتقاده ودينه،
النوع TYPE I عند البعض يتم قطع قلفة البظر فقط أو قلفة البظر والشفرين الصغيرين أو قطع قلفة البظر مع البظر كليا أو جزئيا.
النوع TYPE II في الجزء الشمالي من وادي النيل الختان عند البعض قطع البظر بعمق والشفرين الصغيرين وحولهما كليا أو جزئيا.
النوع TYPE III في جنوب وادي النيل ووسط وشرق أفريقيا يقطعون كل أعضاء الأنثى الخارجية (البظر وغلافه وهو مناظر لرأس عضو الذكر حسيا، والشفرين الصغيرين ، والشفرين الكبيرين) ويضُمُّون فَخْذَيْ الأنثى المختونة ويربطونها حتى تلتئم القطوع على جانبي الفرج ليصبح الفرج ملتصقا؛ أو يخيطونه؛ ويُترك له فتحة صغيرة من الخلف ليُمـكن أن تتبول منها وعند الزواج يتم فتحه مرة أخرى، ويسمونه الختان الفرعوني.
وكل الحالات يحدث فيها تشوه في الأعضاء الجنسية الخارجية للأنثى، وتشوه نفسي خطير، وكثير من الأمراض مثل سلس البول، وأمراض عدوى مختلفة، وحالات موت، أو مشاكل كبيرة إلى حد الموت عند الزواج والولادة.
في الذكر هو قطع القلفة التي هي غلاف الحشفة[1] بما يضمن كشف رأس العضو في حالة عدم الانتصاب.
وفي بعض الشعوب يسلخون العضو تقريبا كله أو من الأعلى فقط، وهناك حالات فقد العضو الذكري أثناء الختان أو تشويهه كليا أو جزئيا، وحالات وفاة.
وفي بعض الشعوب يشْرُطون الغلفة (القلفة) فقط، وفي شرق آسيا البعض يحشون الغلفة بحصى صغيرة.
===
حُجَجُ المؤمنين بالختان
في الذكر يقولون:-
أولا: التجميل حيث أن الجلدة زائدة وشكلها قبيح، ولا يعتبر الذكر ذكرا إلا بعد ختانه (قال لي أحد زملائي بأنه لم يشعر بأنه أنجب ولدا إلا بعد أن رآه مختتنا).
ثانيا: النظافة حيث تتراكم القاذورات تحت الجلدة، (باعتبار أن الشعوب البدائية التي ابتدعت الختان لا تعرف الغسل ولا التطهير بالماء فعادة ما يقضون حاجتهم ولا يغتسلون؛ هم وأولادهم).
ثالثا: الوقاية من الأمراض مثل الإيدز (حسبما ورد في بعض الأبحاث المغرضة، وغير الإيدز مثل الأمراض الناشئة عن تراكم القاذورات).
رابعا: الإطالة الجنسية فقطع هذه الجلدة يؤدي إلى الإطالة في مدة اللقاء الجنسي (لأن الختان يسبب فقد نسبة لا تقل عن 80% من الأعصاب الحساسة للعضو).
خامسا: الاستطاعة الجنسية فالجلدة تعيق العمل الجنسي، (حسبما يرى من لا يدرك حقيقة ميكانيكية العمل الجنسي للذكر، لأنهم لم يروا عضوا سليما من قبل).
سادسا: سنة عن الرسول!، (طبقا للأحاديث، على أنها وحي من الله تعالى!!؛ ونقلا عن التوراة التي أضيف إليها قصص الختان لاحقا سنة 500 ق.م.).
قصة ختان إبراهيم وتطور تاريخ الختان
http://salem-news.com/articles/july022011/circ-motivators-rm.php
PRE 500 BC
Circumcision was not a religious demand prior to the Jewish return from Babylonian exile. The procedure was a small slit on the top side of the foreskin that aided retraction and cleansing. [15] This is termed a Partial Dorsal Slit. The Full Dorsal Slit is also performed in medicine [16] and is the Philippine type circumcision during their Tuli ceremony.
500 BC
The Milah was more likely than not instituted after the Jewish return from Babylon and only involved removing the foreskin. This period saw many changed in the Jewish Testament. Abraham's circumcision story was added at this time. The Milah was practiced at the time of Jesus. Jesus, the Apostles and most, if not all, other religious members mentioned in the Jewish and Christian Testaments had their prepuce covering the glans.
لم يكن الختان مطلبا دينيا قبل عودة اليهود من المنفى في بابل قبيل سنة 500ق.م.
أضيفت قصة ختان إبراهيم بعد عودتهم سنة 500ق.م من المنفى في بابل.
حجج المؤمنين بالختان في الأنثى
يقولون:-
أولا: التجميل فالأعضاء الطبيعية شكلها قبيح جدا، (طبقا للنظرة التي اعتادها أهل الختان ولأنهم لم يعتادوا على منظر الأعضاء الطبيعية).
ثانيا: الحد من شهوة الأنثى حتى لا تنحرف وتجلب العار، (طبقا لرؤية قاصرة عن غير وعي حقيقي بما هو حاصل فعلا، لأن الشهوة لا تتحدد بالأعضاء؛ بل بالهرمونات).
ثالثا: دفع استنكار الناس للحالات غير المختتنة، ولمزهن بألفاظ مؤذية، ورفض الزواج بهن، (طبقا للعادات وليس للحقائق).
رابعا: سنة عن الرسول حيث كانت شائعة في عهده وأقرها، (مع أن القرآن الكريم ينسخ ما يخالفه).
السُّنَّة والختان
لفظ سنة يعني طريق أو منهج، وسنة الله تعالى قوانينه وتعليماته وسنة الرسول (له الشكر وعليه الثناء) تعني الطريقة التي اتبعها في تطبيق تشريعات القرآن الكريم، مثل الصلاة والحج والعمرة.
وطبقا لتحليلات السند لا المتن وبدراسة أبواب الختان في كتب الحديث اتضح أن جميع الأحاديث الواردة بشأنها إما ضعيفة أو لا تأمر بختان، مما جعل المعلقين على الأحاديث يقولون بأن السنة ((اصطلاحا (حديثا) وليس مصطلح السنة (قديما) الذي كان يقصده الرسول)) لم تأمر به في الأنثى نهائيا وفي الذكر لم يرد بشأنه أمر قطعي ليثبت كسُنَّة(ح)، وحرمه الشيخ <محمود شلتوت> في كتابه "الفتاوى" تحريما قاطعا بالنسبة للأنثى وقال بأنه لم يرد بشأنه شيء مؤكد بالنسبة للذكر، وكذلك قال الشيخ <سيد سابق> في فقه السُّنَّة(ح)[2] حيث ذكر في أول باب الختان: "لم يرد في هذا الباب خبرٌ يُرجع إليه أو سنة تُتَّبع".
وأقر علماء الحديث والسنة برفض الحديث إذا انطبق على متنه ما يلي:-
التعارض مع القرآن الكريم ومع العلم ومع العقل ، وعدم القابلية للتطبيق.
وقد صدرت فتوى من (الأزهر الشريف!) بتاريخ أول فبراير 1990م ونشرت في جريدة الأحرار المصرية بتاريخ 5 أغسطس 1993م تقول[3]: "إن الإيجاب والتحريم لا يثبتان إلا بالدليل اليقيني القطعي الثبوت والدلالة، وهذا بالنسبة للسنة لا يتحقق إلا بالأحاديث المتواترة، وحيث أنها تكاد تكون غير معلومة لعدم اتفاق العلماء عليها؛ فإن السنة لا تستقل بإثبات الإيجاب والتحريم إلا أن تكون فعلية (وهي المتواترة كالصلاة والحج والعمرة) أو تضاف إلى القرآن الكريم (أي يقوم عليها دليل مستقل من القرآن تنضم إليه)".
وقد قال فضيلة الدكتور <محمد حجازي السقا> في كتابه لا رجم للزانية: "بأن السنة توافقُ القرآنَ ولا تُكَمِّلُه.."، وقال: "وأما قولهم بأن الأحاديث تخصص عام القرآن؛ فهذا الذي اختلفوا فيه، لأن القرآن قطعي الثبوت والحديث ظني الثبوت وراوي الحديث واحد عن واحد عن واحد، ولا يصح تخصيص عام القرآن بخبر الواحد".
وقال شيخ الإسلام <فخر الدين الرازي>: "بأن القرآن قاطع في متنه وخبر الواحد ظني، والمقطوع راجح على المظنون".
وقال الشيــخ <محمود شلتوت> في كتابه (الإسلام عقيدة وشريعة) ص 525: "وإنما لا تثبت العقيدة بالحديث، لأن العقيدة ما يُطلب الإيمان به، والإيمان معناه اليقين الجازم. ولا يفيد اليقين الجازم إلا ما كان قطعي الورود والدلالة، وهو المتواتر. والأحاديث المروية لم تتوفر فيها أركان التواتر، فلا تفيد بطبيعتها إلا الظن، والظن لا يثبت العقيدة."
اختلاف القول في أمر الختان
* أولا اختلاف مع العلم
قالوا -مجرد قول[4]- بالنسبة لختان الذكر وهو قطع الجلدة التي تغطي الحشفة، لئلا يجتمع فيها الوسخ!، وليمكن الاستبراء من البول!، ولئلا تنقص لذة الجماع!، مع أن تجمع الوسخ لا يحدث إلا نتيجة عدم الغسل بعد التبول، وبخصوص عدم المقدرة على الاستبراء من البول فمجرد الغسل بعد التبول يبرئ منه، ولو أردنا تتبع أثر البول وإزالته لوجب نزع الكليتين والحالبين والمثابة ومجرى البول كله!!، وأما بشأن زيادة أو نقص لذة الجماع، فهذا مجرد ظن، وفي أحسن الأحوال يتم فقد 80% من الإحساس الجنسي، وهناك حالات فقد للعضو تماما وتشويهات وقتل تصل إلى 1.5% من حالات ختان الذكور، وأعتقد أنها أعلى وأخطر بكثير مما لو تركوهم بدون ختان مع النظافة التي فرضها الله تعالى.
وقالوا في ختان الأنثى هو قطع الجزء الأعلى من الفرج لأنه سُنَّة قديمة قد أقرها الرسول، مع أنها ليست سنة قديمة حيث ورد عن عم النبي الشهيد حمزة بن عبد المطلب ذما لمبارِزِه سِباع بن أم أنمار؛ بمهنة أمه وهي قطع البظور أي الختان[5].
فإذا كانت سنة كما ادعوا فكيف يكون منتهجها مذموما كما ورد في الحديث صحيح السند في صحيح البخاري وصحيح بن حيان!.
وأيضا كلمة سنة هي الطريقة التي طبق بها الرسول هذا القرآن[6].. أي أن السنة هي تطبيق عملي لنصوص الكتاب.. وليست خروجا عليه.
والمدهش أنه يوجد نسبة ممن يُخَتَّنَّ يَمُتْن أثناء الختان وأثناء الزواج وأثناء الولادة بسببه؛ ولا يوجد من يدافع عنهن ممن يعتبرون أنفسهم حراسا للتراث.. ولا نسمع لهم أي تعليق!
فأين العلم وأين السنة من هذا السكوت عن مصائب الختان وضحاياه؟!!!. فهل اتباع السنة تنفي الرحمة وتلغي الشفقة في حق الأطفال الذين لم يقترفوا وزرا.؟!
وأما وجه الاختلاف مع العلم يأتي من هذه القاعدة العلمية التي تقر بأن الطبيعة لا تسرف في الأعضاء[7]، وهذا يعني أن كل عضو في جسم أي كائن يتكامل في وظائفه مع باقي الأعضاء، ولا يوجد عضو زائد بلا وظيفة.
* ثانيا اختلاف فيما بينهم
1- قال <الشافعي> والعترة بوجوب الختان للجنسين، وبعض أتباع الشافعي أوجبوا ختان الميت!!!، (كبعض المذاهب الصهيونية الذين قالوا بأن غير المختتن نجِس ولا يدخل الجنة).
2- قال <الناصر> والإمام< يحيى> بوجوبه للذكر دون الأنثى.
3- قال <مالك> و<أبو حنيفة> و<المرتضى> و<النووي> أن الختان سُنَّة للذكر والأنثى.
4- قال <أحمد بن حنبل> إمام مذهب الحنابلة و<البيهقي> كحديث، أن الختان سُنَّة للذكر ومكرُمة للأنثى.
5- قال <الشوكاني> والشيخ <محمود شلتوت> أن الختان حرام للأنثى ولا يوجد ما يؤكد إباحته للذكر.
6- قال <ابن المنذر> وأكده الشيخ <سيد سابق>[8] أنه ليس في الختان خبرٌ يُرجَعُ إليه في القرآن ولا سُنَّة تُتَّبع في الأحاديث (أي الأمر متروك للعادة).
وترى مما سبق أن ما قيل أشبه "بالمزحة" التي يقول قائلها: (أتدري ماذا تحمل هذه المرأة في بطنها؟، ويجيب بأنها تحمل في ولد أو بنت أو ولدين أو بنتين أو ولد وبنت!!!)، أين إذن الحقيقة من بعد كل هذا التدرج بين الوجوب وبين عدم القطع بالتحريم؟
الأحاديث التي ذكرت الختان:-
نقلا عن موقع ديوان العرب بقلم الأستاذ الدكتور<خالد المنتصر>.. بتصرف.
الحديث الأول هو "الختان سنة للرجال مكرمة للنساء". وهذا الحديث منقول عن الحجاج بن أرطأة، ويقول <القرطبي> و<بن حجر> بأن الحجاجَ ليس ممن يُحْتَجُّ به.
الحديث الثانى والذي قيل بصيغ مختلفة من ضمنها "إذا التقى أو مس أو جاوز الختانُ الختانَ فقد وجب الغسل".
الحديث الثالث وهو أشهرهم ويستخدمه مؤيدو الختان، وله ثلاث روايات مع امرأة تختن الجواري، ففي..
الرواية الأولى دون ذكر اسم امرأة أو مع ذكر اسم أم عطية وأم أيمن وأم طيبة، وفي رواية أخرى ذكر فيها اسم أم حبيبة وأم حبيب، وقد جاء في سنن <ابن داوود> أن امرأة كانت تختن بالمدينة، فقال لها النبي لا تنهكي فإن ذلك أحظى للرجل وأحب للبعل، وقد علق عليه <ابن داود> في سننه الجزء الخامس قائلا: "ليس بالقوي وقد رُوي مرسلاً، ومحمد بن حسان مجهول، وهذا الحديث ضعيف"، وفي..
الرواية الثانية عن <أنس بن مالك> قال: قال رسـول الله (له الشكر وعليه الثناء) لـ أم عطيــة: "إذا خفضت فأشمي ولا تنهكي فإنه أسـرى للوجه وأحـظى عند الزوج"، وقد قال <ابن داود> عن هذا الحديث بأنه "رُوي من أوجه كثيرة، وكلها ضعيفة معلولة مخدوشة ولا يصح الاحتجاج بها"، وهناك..
الرواية الثالثة المشهورة باسم رواية أم حبيبة وهى أكثر الروايات ترديداً في مصر، وأشهر من ذكرها الشيخ الراحل <جاد الحق> في فتواه[9] عام 1994م ولم يذكر مصدرها وقد قال في فتواه الغريبة وقتها وهى أن" ترك الختان يوجب قتال تاركيه!"، وكذلك ذكرها د.<حامد الغوابي> في كتابه (ختان البنات)، والرواية تقول: "عندما هاجر النساء كانت فيهن أم حبيبة، وقد عرفت بختان الجواري، فلما رآها رسول الله قال لها: ((يا أم حبيبة هل الذي كان في يدك هو في يدك اليوم؟، فقالت: نعم يا رسول الله، إلا أن يكون حراماً فتنهاني عنه، فقال رسول الله: بل هو حلال، فادن منى حتى أعلمك، فدنت منه، فقال: يا أم حبيبة، إذا أنت فعلت فلا تنهكي، فإنه أشرق للوجه وأحظى للزوج.))"
عرضنا للأحاديث التي تناولت الختان وتعليقات علماء الحديث والفقهاء القدامى عليها.
ولكن ماذا قال فقهاء زماننا ومفكرو عصرنا الإسلاميون عن هذه الأحاديث؟. بالنسبة..
للحديث الأول يقول <د.سليم العوا>: "ليس في هذا النص حجة لأنه نص ضعيف، مداره على راوٍ لا يحتج بروايته، فكيف يؤخذ منه حكم شرعي بأن أمراً معيناً يكون من السنة أو من المكرمات؟!، وأقل أحوالها أن تكون مستحبة، والاستحباب حكم شرعي لا يثبت إلا بدليل صحيح"،..
والحديث الثاني التقاء الختانين يقول عنه <د.سليم العوا>: "لا حجة في هذا الحديث الصحيح (سندا) على ذلك، لأن اللفظ هنا جاء من باب تسمية الشيئيين باسم الأشهر منهما، أو باسم أحدهما على سبيل التغليب، ومن ذلك كلمات كثيرة في صحيح اللغة العربية منها العمران (أبو بكر وعمر) والقمران (الشمس والقمر) والعشاءان (العشاء والمغرب)... فلفظ الختانين لا دلالة فيه على مشروعية ختان الإناث، والحديث وارد فيما يوجب الغسل وليس وارداً في أمر الختان أصلاً"..ثم إلى أشهر الأحاديث وهو:
الحديث الثالث، والذي استُخدم في الرد على كل وزير صحة يتجرأ ويمنع الختان فتجلده الألسنة بأنه مارق عن الدين، فيبدأ في التراجع..
يقول عنه <د. سليم العوا>: "حديث أم عطية بكل طرقه لا خير فيه ولا حجة تستفاد منه، ولو فرضنا صحته جدلاً، فإن التوجيه الوارد فيه لا يتضمن أمراً بختان البنات، وإنما يتضمن تحديد كيفية هذا الختان إن وقع"، وهنا محاولة لتقريب المعنى الذي قصده <د. سليم العوا>: "وهو أنني لو أمرت مريضا عندي بأن يخفض السجائر التي يدخنها إلى خمس سجائر فقط بعد أن كان يدخن علبتين، فهل يعنى هذا أنني قد أمرت بتدخين السجائر وأدعو إليها؟، أم أنني أتماشى مع عرف سائد وأريد منعه على مراحل!!، وعن هذا المعنى يقول <أنور أحمد> في كتابه (آراء الدين): من يتدبر الحديث المنسوب إلى النبي يمكن أن يتصور أن النبي لم يرد أن يصادر عرفاً جرت عليه العرب، وعادة تأصلت في نفوسهم، فأراد أن يخفف من غلوائها ويحد من أضرارها، فجرى حديثه للخاتنة بهذا التوجيه الكريم الرحيم"، وعن حديث أم حبيبة فهو مكذوب أيضا عند <د. سليم العوا> ويقول عنه: "هذا الحديث لا يوجد في كتب السنة، وليس هناك ذكر فيها لامرأة بهذا الاسم كانت تقوم بهذا العمل، فكلامهم هذا لا حجة فيه، بل لا أصل له"
ويقول الإمام <محمود شلتوت> معلقاً على هذه الأحاديث جميعاً في فتاواه الصادرة 1959م: "وقد خرجنا من استعراض المرويات في مسألة الختان على أنه ليس فيها ما يصح أن يكون دليلا على السنة الفقهية فضلاً عن الوجود الفقهي، وهى النتيجة التي وصل إليها بعض العلماء السابقين، وقال: "ليس في الختان خبر يرجع إليه ولا سنة تتبع"، وأن كلمة سنة التي جاءت في بعض المرويات معناها -إذا صحت- الطريقة المألوفة عند القوم في ذلك الوقت، ولم ترد الكلمة على لسان الرسول بمعناها الفقهي الذي عرفت به فيما بعد. والذي أراه أن حكم الشرع لا يخضع لنص منقول وإنما يخضع في الذكر والأنثى لقاعدة شرعية عامة وهى أن إيلام الحي لا يجوز شرعاً إلا لمصالح تعود عليه، وتربو على الألم الذي يلحقه".
كذلك يؤكد الشيخ <سيد سابق> على نفس المعنى قائلا: " الختان لا يجب على الأنثى ، وتركه لا يستوجب الإثم، ولم يأت في كتاب الله ولا في سنة رسوله عليه السلام ما يثبت أنه أمر لازم، وكل ما جاء عن رسول الله في ذلك الأمر ضعيف لم يصح منه شيء ولا يصح الاعتماد عليه، والواجب لا يكون واجبا إلا إذا كانت هناك آية قرآنية توجبه، أو حديث صح سنده ومصدره، أو إجماع من الأئمة، وهذا الأمر لم يرد فيه آية ولا حديث صحيح ولم يجمع عليه العلماء"،
وأيضا يقول الشيخ <محمود خضر> 1997م في معرض رده على الشيخ <جاد الحق>: "قول الرسول: إن كنت فاعلة،.. يدل على أن الأمر من أوله لآخره مكروه، وأن الأفضل البعد عنه نهائيا"،
وأما فتوى الشيخ <سيد طنطاوي> رداً على طلب وزير الصحة السابق <على عبد الفتاح> 1994م فيقول فيها عن ختان البنات: "لم يرد بشأنه حديث يحتج به، وإنما وردت أثار قد حكم المحققون من العلماء عليها بالضعف. وقد ذكر هذه الأحاديث جميعها الإمام < الشوكاني> في كتابه (نيل الأوطار)، وحكم عليها بالضعف. وقال صاحب كتاب (عون المعبود في شرح سنن أبى داود) بعد أن ذكر ما جاء في الختان وحديث ختان المرأة روي من أوجه كثيرة، وكلها ضعيفة ومعلولة، مخدوشة لا يصح الاحتجاج بها"، ويقول في نهاية فتواه: "أما بالنسبة للنساء فلا يوجد نص شرعي صحيح يحتج به على ختانهن، والذي أراه أنه عادة انتشرت في مصر من جيل إلى آخر. ومن الأدلة على أنها عادة ولا يوجد نص شرعي يدعو إليها، أننا نجد معظم الدول الإسلامية الزاخرة بالفقهاء قد تركت ختان النساء، ومن هذه الدول السعودية ومعها دول الخليج وكذلك دول اليمن والعراق وسوريا وشرق الأردن وفلسطين وليبيا والجزائر والمغرب وتونس.. إلخ"،
وقد اتفق معه في الرأي د. <سيد رزق الطويل> عميد كلية الدراسات الإسلامية وقتها وأيد كلام د. <سيد طنطاوي> ورفض فتوى <جاد الحق> قائلا: "إنني أستغرب كلامه بمحاربة القرية التي لا تلتزم بالختان فمعنى ذلك أن علينا أن نحارب العالم كله ما عدا مصر والسودان!!"،
ومن العلماء غير المصريين الذين أدلوا بدلوهم في القضية الشيخ <عبد الغفار منصور> مستشار الفقه الإسلامي في مكة المكرمة في بحثه الذي ألقاه في مؤتمر السكان بالقاهرة، وقال: "إننا لا نعرف عادة الختان في مكة لا قبل ميلاد الرسول ولا بعد بعثه، وأن الرسول لم يقم بإجراء الختان لبناته، وحتى يومنا هذا فإن عادة الختان غير معروفة في مكة". انتهى الاقتباس بتصرف من موقع ديوان العرب للدكتور خالد المنتصر.. مع جزيل الشكر له.
* ثالثا الاختلاف مع القرآن
القرآن لم يتعرض لحادثة الختان خاصة، ولكنه بَيَّنَ بصفة عامة بأن أي جرح محرم، وأي اعتداء على جسم الغير محرم، وأي تغيير في الخلق في النفس أو الجسم سواء في لون الجلد أو جرحه أو قطع جزء منه هو من عمل الشيطان، وفاعله مخلد في النار وبَيَّنَ أن خلقَ الإنسانِ في الصورةِ التي هو عليها إنما هي أفضل صورة وأحسن تقويم، وإن كنتَ مؤمنا بالله بلا شرك فيحرم عليك أي تغيير في الخلق في جسمك أو نفسك أنت أو أجسام أو أنفس غيرك، هكذا أكد القرآن الذي أُهمل من قِبل مقلدي أهل العادات تماما وكأنه غير مُنَزَّل من عند الخالق الذي خلق ما يفتون بشأنه، أكد على حصانة كاملة لجسم الإنسان ونفسه وعرضه وماله.. راجع الآيات "41-48 المائدة5" في تحريم الجروح والقطوع.
"وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ۚ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ ۚ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ{45}" المائدة5
والآيات "116-121 النساء4" في تحريم أي تغيير في الخلق، وأن هذا التغيير في الخلق من أمر الشيطان ومن يأتمر بأمر الشيطان فقد أشرك بالله شيطانا مريدا، ومن يشـرك بالله لا يُغفر له شركه، وهو من الخاسرين ومأواه في جهنم ليس له منها مهرب.
"وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ ۚ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا{119} يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ ۖ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا{120} أُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا{121}" النساء4
والآيات "4-8 التين95"، والآية "64 غافر40" تبين من حيث شكل الجسم والنفس بأنه أحسن تقويم وأحسن صورة وأن هذا التقويم يرتد إلى السفالة عند غير المؤمنين العاملين صالحا، وذلك بالإضرار بأجسامهم وتشويهِها بالوشم والجروح والقطوع والإتلاف للأعضاء والإتلاف للنفس بالسُّكْرِ والفواحش، ومصيرهم جهنم، إلا المؤمنين الذين عملوا صالحا فلهم أجر غير ممنون.
"لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ{4} ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ{5} إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ{6}" التين95
"اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ ذَٰلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ ۖ فَتَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ{64}" غافر40
والآية "87 المائدة5" تأمر المؤمنين بالله ألا يحرموا طيبات ما أحل الله لهم والاستمتاع بما هو طيب من الزينة والروائح الطيبة والأكل والشراب الطيب والملابس الأنيقة والشعر المصفوف والاستمتاع بالجنس في الحلال، كل ذلك من الطيبات وأمرهم ألا يعتدوا بتحريم أيٍّ من الطيبات أو الأرزاق الحلال ثم أمر بالتقوى بعد أن بَيَّنَ أن الله لا يحب من يعتدي.
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ{87}" المائدة5
والآيات "32-33 الأعراف7" تُبَيِّن أن الزينة والطيبات من الرزق ليست محرمة على عباد الله المؤمنين وهي خالصة لهم يوم القيامة، أما الحرام فليس إلا الفواحش والإثم والبغي بغير الحق -وهو الاعتداء على الآخرين بدون حق، كالختان بدون إذن من الله- والشرك بالله ما لم ينزل به سلطانا، وأن يقال على الله ما لا يُعلم.
"قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ۚ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ{32} قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ{33}" الأعراف7
والآية "140 الأنعام6" تُسمِّي قتل الأطفال أو تحريم الرزق والنعم -الذي هو كافة المتع الحسية من أكل وشرب وأعضاء جسم- افتراء على الله وضلالا، حيث يقول لسان حال المُخَتِّن عندما يقطع الأعضاء التي لا تعجبه، ويرميها للقطط أو يدسها في التراب!!، "هذه الخِلْقة نقمةٌ وقبحٌ وقذرٌ، تجلب العار والمرض، ونحن لا نريدها من وجه خالقها، ونطهر أنفسنا منها".
"قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللهُ افْتِرَاءً عَلَى اللهِ ۚ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ{140}" الأنعام6
والآية "223 البقرة2" تؤكد أن النساء متعة للرجال، والاستمتاع بهن وقتما يشاءون بعد طهرهن حقٌّ لهم، ويرشدنا الله سبحانه وتعالى في نفس الآية إلى أن يقدموا لأنفسهم، والتقديم يكون بالغَزَل والمداعبة والإثارة، فكيف يحدث هذا وقد أزيلت هذه الأعضاء، لن يصلا للمتعة التي أرادها الله للإنسان السوي بسبب هذا الاعتداء الآثم.
"نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۖ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ{223}" البقرة2
تعقـــيب المؤلــــف
يتضح من كل ما سبق أن موضوع الختان هو أمر عرفي منحرف عن شرع الله سبحانه وتعالى الذي جاءنا به رسوله (له منا الشكر وعليه الثناء) انحرافا ظاهرا، حيث حرَّم اللهُ بصورة قاطعة الدلالةِ أيَّ اعتداءٍ على الآخرين بالأذى أو الجرح أو القطع بغير الحق، أي وضع جسم ونفس كل إنسان في حصانة كاملة، ولم يُجِزْ الأذى أو الجرح أو القطع أو القتل إلا في حالات هي على سبيل الحصر:-
الأذى:- لرَجُلَيْن يأتيان الفاحشة معا، الآية 16 النساء4.
الجَلْد:- عقوبة الزنى وشهادة الزور على الزنى، الآيات 2 النور24، 4 النور24.
الجرح:- قصاص من الذي جرح آخر، الآية 45 المائدة5.
القطع:- قصاص بالمثل من الذي بتر عضوا من غيره، أو عقوبة لسارق محترف أو عقوبة لمفسد من الدرجة الثالثة، الآيات 45 المائدة5، 38 المائدة5، 33 المائدة5.
القتل:- قصاص من قاتل أو مفســـد من الدرجة الأولى والثانية[10]، الآيات 32-33 المائدة5.
وهذا هو الحق من الله سبحانه وتعالى، فلم يبح أي بتر آخر أو أي أذى بلا ذنب، بل قد نهى بكل شدة عن أي اعتداء على النفس أو على الغير، وقد أكد الرسـول عليه صـلوات الله وسلامه في حديث يُروَى عنه بأن "كـلُّ المسـلمِ على المسـلمِ حـرامٌ: مالُه، وعرضُه، ودمُه. حَسْبُ امرِئٍ من الشَّرِّ أن يحَقِّرَ أخاه المسلم"[11].
وقد اتضح أن الختان ضرر بالغ التحقير والخطورة على المختتنة ولمن يتزوجها من أوجه عديدة منها أنها تصبح عاجزة عن متابعة زوجها في طلباته الجنسية وتُصاب بصدمة نفسية _إن نجت بجسدها حية_ يصعب علاج آثارها إن لم يكن مستحيلا، فهي لن تنسى كيف استدرجوها بالخداع والغش والكذب وانقَضُّوا عليها كالوحوش الضارية وكيف شدوا وثاقها كالذبيحة وبلا أدنى درجة من الرحمة ولم تأخذهم بها رأفة، وكيف تجمدت قلوبهم الميتة وكيف نفَّذوا جريمتهم الشنيعة رغم توسلاتها الضائعة وصراخها الذي يفتت الصخر، وتتساءل في نفسها ما ذنبي الذي فعلتُه لكي يحرمونني مما خلق الله لي؛ وبهذه الوحشية التي لا يفعلُها الحيوان بصغاره، ولماذا أُعذَّب كل هذا العذاب، وتتساءل كيف أصبحت من كانت منذ قليل أمي الحنونة والآن هي من زبانية جهنم؛ وصمَّت أذنيها عن تأوهاتي وصراخي؛ بل وتوصي المجرمَ الفاعلَ ألا يترك لي شيئا ويتشدد في القطع، وحرَّمت عليَّ رحمةَ الله.
هذا بعض الوصف لبعض المشاعر المتفجرة في نفس الأنثى أثناء وبعد ختانها فهي آلام مُركَّبة يصعُب إزالةُ آثارِها، حيث كان من الأجدر بمن فعلوا بها هذا أن يحموها من الأضرار التي يُحتمل أن تصيبَها من غيرهم؛ لا أن يفعلوا هم بها هذا الفعل الأسود المُهين، فهذه الحادثة المُفجعة تجعلُها تفقد الثقةَ في أهلِها أولاً ثم في المجتمع، وتخاف من كل شيء حتى لو أظهرت غير ذلك -مع اختلاف الشخصيات-، إنها تكون كالقتيلةِ أو المشوهة وتظلُّ أصداءُ التساؤلاتِ والآلام تتردَّدُ في داخلِها زمنا طويلا أو إلى مماتها.
فيصبح هذا الفسادُ مؤثرا سلبيا في العلاقةِ الزوجية لأنها لن تكون مرتاحةً أو مريحة لزوجِها، وتظن أنه غيرُ قادرٍ على إشباعها، مما يدفعُ إليهما مشاعرَ الضجرِ والضِّيقِ والكراهية والعداءِ المؤديةَ إلى جرائم أسرية أو انفصالٍ يتحملُ أوزارَه الأطفال، وهذا ينعكس على المجتمعٍ كله وتمتلئُ المحاكمُ بقضايا نحن في غنًى عنها.
وأيضا نجد حالات كثيرة أصيبت بعاهات مثل سلس البول نتيجة فساد عضلة التحكم في البول، مما يصيبها بأضرار نفسية خطيرة وإزعاج مستمر، إضافة إلى أمراض عدوى خطيرة تنتقل عبر المشارط الملوثة والأيدي القذرة إلى الضحايا، غير حالات القتل التي تحدث ولا يتم الإبلاغ عنها؛ وتحتسب ميتة بهبوط في الدورة الدموية؛ دون الكشف الطبي عليها، لأن الأهل يريدون التكتم على الجريمة، وكذلك ضيق فتحة المهبل بسبب الختان الجائر؛ مما يؤدي إلى مضاعفات سيئة كثيرة.
وهذه المرأة التي أصيبت في نفسها وجسدها -إن نجت- كيف تُخرِج لنا أجيالا من الأصحاء أخلاقيا؛ إذا كانت هي قد تعلمت درسا في سوء الخلق؛ من غش وكذب وخداع؟!!! كذب على الله ورسوله؛ وغش عندما خدعوها بالباطل على أنه حق.. وهذا التشوه الخطير يحدث في المرأة التي قال في شأن إعدادِها شاعرُ النيلِ العظيـــم..
<حافـــظ إبراهيــــم>:-
الأمُّ مدرســـــةٌ إذا أعدَدْتَــــها *** أعدَدْتَ شـــعبًا طيبَ الأعراقِ
فهل هذا الطريق بكل هذه المصائب هو الإعداد القويم!!؟ أظن أن العقلاء لا يُقِرُّون هذا أبدا، فهذا ليس هو الإعداد القويم الذي ينادي به المصلحون أمثال حافظ إبراهيم.
نـــــــداء
يا أيها المشرعون عليكم أن توقفوا هذه الجرائم؛ فالمسئولية في أعناقكم أمام الله تعالى، وليبين العلماء للذين يريدون وجه الله أين هو الطريق القويم الذي يُرضي اللهَ، ويبينوا أن الطرقَ الأخرى لا تؤدي إلاَّ إلى جهنم وبئس القرار، وأنه من أراد الله سبحانه وتعالى فلا يخشى أحدا غيرَه، وتذكروا أن الآخرة ليست ببعيد؛ وأن الجنة ليست إلا للمتقين، ولا أريد أن ينطبق القول علينا بأننا من الذين كانوا لا يتناهون عن منكرٍ فعلوه؛ فينزل علينا غضبٌ من الله لا مرد له، فلنكن يدا واحدة فلنأمر بالمعروف ولنَنْهَ عن المنكر والبغي بغير الحق، ولندْعُ إلى سبيل ربِّنا بالحكمة والموعظة الحسنة، ونتذكر بأن الحساب في الآخرة لن يكون على معيار الكليني ولا على معيار البخاري أو غيرهم.. ولكن سيكون على معيار واحد تعلمونه جيدا.
يا أيها العلماء بيِّنوا للناس أن الشركَ لا يُغفر، فالذي يفعل هذه الجريمة على أنها حلال ومباحة فقد أشرك بالله سبحانه وتعالى قولا لم يُنزِّل به سلطانا، وعقابُه هو عقاب المشركين، وقولوا لهم هل ذكرتم الله عند الختان وقلتم بسم الذي أمرنا بهذا -إن كان قد أمركم بها هو أو رسوله؟!-، وإن لم يكن الله سبحانه وتعالى أو رسوله قد أمروا بها فاحذروا غضبَ اللهِ عليكم، اذكروا آل لوط عندما أصرُّوا على بشاعةِ فعلِهم ماذا كان مصيرُهم، واذكروا عادًا وثمودَ وغيرهم، إنهم كانوا يصرون على ما اعتادوا عليه ميراثا عن آبائهم.
"وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۗ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ{170}" البقرة2
"وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۚ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ{104}" المائدة5
"قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ ۚ مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ۚ أُولَٰئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ{60}" المائدة5
"وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ{112} وَلِتَصْغَىٰ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ{113}" الأنعام6
فلا يجب أن نكونَ مقلدين، فالقردة يقلدون تقليدا أعمى؛ ولا يدركون نفعا لما يفعلون من عمل تقليدي.
والإسلام يحترم كل الديانات غيره، فإن كان دينُك يحتم عليك الختانَ فافعله في نفسك لا في أبنائك فهم أمانة بين يديك فلا تخن الأمانة؛ وللمجتمع حقٌّ فيهم فلا تبخس حقَّ المجتمع.
وأدعو الجهات التشريعية ألا تترك الأمر لفئة ما ليثقبوا سفينة المجتمع كله، وأن يعطوا حق التعويض لكل زوج يجد شريك حياته مختتنا ممن فعلوا هذا وأجازوه.


