الآيات المحكمة والآيات المتشابهة
آية محكمة:-
تعني آية قرآنية ذات معنى واضح لا يختلط معناه على القارئ أو المستمع.
وجميع الآيات التشريعية هي آيات محكمة لا يخفى معناها على أحد لسببين:-
الأول أن [الفطرة] دينٌ موروث لا يسمح لأحد من المؤمنين بخطأٍ في [فقهٍ] أو [فهمٍ] لنصِّ آيةٍ تشريعية.
الثاني أن الآيات التشريعية لا تحتمل معانٍ تختلط على القارئ أو المستمع لأنها لا تتحدث عن أحداث لم نشهدها في الزمن الماضي أو المستقبل.
"وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ ۖ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ ۙ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ ۖ ..{20}" محمد47
"هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ [الْكِتَابَ] مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ [أُمُّ الْكِتَابِ] وَأُخَرُ [مُتَشَابِهَاتٌ] ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ [تَأْوِيلَهُ] إِلَّا اللهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ{7}" آل عِمران3
آية متشابهة:-
تعني آية قرآنية ذات معنى يستعصي أو يختلط على القارئ أو المستمع، لسببين أولهما عدم ورود علم أو أدلة كافية حول الموضوع الذي تذكره الآية، إذ يمكن أن يكون في الماضي الذي لم يشهده أحد، أو في المستقبل حيث لا يعلم أحداث المستقبل إلا الله سبحانه وتعالى وما التنبؤ به إلا معرفة ظنية، وهو الذي يحيطنا علما ببعض الأحداث التي لم نشهدها، والله سبحانه وتعالى يُخفي أحيانا حقيقة علمية داخل آية أو أكثر في زمن معين، لتظهر وتتضح في زمن آخر، لأن الإفصاح عن تلك الحقيقة في غير أوانها يسبب قلقا ولا يُطمئن القلوب، مثل ما جاء في وصف رفع السماوات حيث قال بشأنها:-
"اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ۖ..{2}" الرعد13
"خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ۖ..{10}" لقمان31
حيث يفهم الذي لا يعلم بوجود أعمدة فهمًا يتفق مع رؤيته، بسبب تركيب الجملة حيث تُنسب جملة "تَرَوْنَهَا" إلى الفعل "رَفَعَ" أو الفعل "خَلَقَ" وتصبح الجملة في محل نصب مفعول لأجله يعني "خلق الله السماواتِ رؤيةً بغير أعمدة".
أما الذي لديه علم بأن السماوات مرفوعة بأعمدة قوى الجذب والطرد المركزي معا طبقا لقوانين <نيوتن> أو لقوانين النسبية لـ<أينشتاين> مشَكِّلة مدارات بين الأجرام ثابتةً ثباتا تاما، هذا الشخص يفهم الآية على حقيقتها من نسب جملة "تَرَوْنَهَا" إلى "عَمَدٍ" لتصبح الجملة في محل جر صفة المجرور ويكون المعنى "خلق الله السماواتِ بغيرِ أعمدةٍ مرئيةٍ"، وفي الحقيقة لم يقل الله هذا عبثا -وسبحانه وتعالى عن العبث- بالتعبيرات، ونلاحظ ذلك في النسب الأول الذي ينتج عنه المفهوم بأن "الله خلق السماوات رؤية بدون أعمدة" لنجد أن من يرى بعينيه فقط لا يجد أعمدة ولكن الذي يرى من خلال الدراسة والبحث فيختلف الأمر معه حيث أنه يعلم بوجود هذه الأعمدة، وعلى هذا فالآية ليست كاذبة في النسب الأول على الذي لا يعلم، ولكنها تُخفي في طياتها البلاغية معنى يسوءُ غيرَ العالمين إذا انكشف لهم بوضوح كما حدث لـ<جاليليو> من الذين سمعوا منه بدوران الأرض حول الشمس[1] وهم يظنون بأن الشمس هي التي تدور حول الأرض، كما قال <أرسطو>.
<!--
جاليليو جاليلي
وتأكيدا لما ذهبت إليه فقد جاء في تفسير "الدر المنثور في التفسير بالمأثور لـ<جلال الدين السيوطي>"، فيما يختص بالآية 2 الرعد13 ما يلي:-
أخرج ابن جرير وابن المنذر، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في قوله"رفع السماوات بغير عمد ترونها" قال: وما يدريك لعلها بعمد لا ترونها.
وثاني السببين عدم الإلمام بقواعد النحو أو معاني التعبيرات المستخدمة في نص الآية يُغَيِّب المعنى، وليس القرآن وحده الذي يستعصي على [الفهم] إذا لم يكن هناك إلمام بقواعد النحو، فمثلا إذا كان القارئ غيرَ مُلِمٍّ بقواعد اللغة الإنجليزية فلن يقدر على فهم أي نص مكتوب بالإنجليزية.
ومما سبق فالواجب على قارئ الكتب السماوية ألا يخوض فيما لا علم له به حتى لا يخطئ ويُضِل من يقرأ له.
[1] ولد <جاليليو جاليلي> في مدينة بيزا بإيطاليا 15 فبراير عام 1564م حيث تعرض للمحاكمة أمام المجلس البابوي بالكنيسة الكاثوليكية بروما في 22 يونيو عام 1633م، وأجبر على التنازل عن إعلانه في عام 1616م بصحة نظرية <كوبرنيكوس> 1473_1543م القائلة بأن الأرض والكواكب يدورون حول الشمس وليس العكس، ومع هذا حكم عليه بالسجن مدى الحياة وهو في السبعين من عمره، ثم خفف الحكم إلى الإقامة الجبرية في روما ثم فلورنسا حيث فقد بصره عام 1638م وتوفي يوم 8 يونيو عام 1642م.
ومن العجيب أنه في مطلع القرن 21 اعترفت الكنيسة بخطئها بحقه وأسقطت التهم التي وجهت إليه، أي بعد حوالي أربعة قرون.. (من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة).