أبحاث وفكر

أبحاث منطقية في القرآن الكريم، وموقف القرآن من قضايا العادات الموروثة

 

العدل والظلم

*- العدل هو إثبات وإعطاء [الحق] لمن يستحق وتمكين المستحِق من حقه.

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ۚ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ۚ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللهُ ۚ..،..{282}" البقرة2

فالكتابة يجب على الكاتب أن يؤديها دون تزييف ليثبت غير ما اتفق عليه؛ مخالفا ما [يعلم] [بفطرته] التي صممها الله -سبحانه وتعالى- في [نفسه] بأن هذا التزييف [باطل].

"وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا{3}" النساء4

والآية السابقة تبين أنه إن لم يكن هناك نظام لإقامة العدل (تُقْسِطُوا) في اليتامى فانكحوا من طيبات النساء من أمهات اليتامى أو اليتيمات أو من غيرهن؛ مثنى وثلاث ورباع، وبينت الآية أن انعدام العدل بين الزوجات المتعددة أمر حتمي؛ فإن كان الزوج خائفا من هذا الانعدام في العدل (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا) كأن تكون الزوجة الحالية [طيبة] ولا ترضى بالتعدد فيلتزم بما أمر الله -سبحانه وتعالى- بأن تكون واحدة بلا تعدد، أما إن لم يكن الزوجُ خائفا من انعدام العدل ذلك؛ كأن تكون الزوجة الحالية راضية بالتعدد؛ أو يكون بها علة تمنعها من تأدية حقوق الزوج ولا تستوجب الطلاق؛ ولا هي ترضى بالطلاق، فله أن يعدد الزوجات بنفس الشروط لكل واحدة، و[العدل] هو إعطاء كل زوجة حقها كما للأخرى؛ ولن يحدث هذا بالتساوي حتى مع الحرص؛ لأن ما في النفس لا يمكن تفادي عدم التساوي فيه، كالحب الذي هو من حق كل واحدة أن تتساوى فيه مع الأخريات، لأن هناك ميل بحبه لإحداهن دون الباقيات لاختلاف الميزات، كما ذكرت الآية التالية:-

"وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ۖ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ ۚ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا{129}" النساء4

"ذو عدل" أي صحيح الخُلق والدين وكامل الأهلية:-

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ۚ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ[1] ذَٰلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ ۗ عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ ۚ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ ۗ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ{95}" المائدة5

*- الظلم هو سلب أو منع [حق] عن صاحبه أو مستحقه.

---------------------------------------------------------------------

القسط

*- نظام أو منظومة أو آلية لضمان استقامة ودقة وسلامة المعاملات ومنها المكاييل والموازين والحقوق.

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ۚ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ۚ...،...،... ۚ وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا ۚ وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَىٰ أَجَلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَىٰ أَلَّا تَرْتَابُوا ۖ..،..{282}" البقرة2

أي أن هذا النظام الذي هو الكتابة بشهود أحسن النظم عند الله (أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ)، وأقوم للشهادة، وأقرب شيء لعدم التحير والتخبط بشأن الديون.

"وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللهُ أَمَرَنَا بِهَا ۗ قُلْ إِنَّ اللهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ ۖ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ{28} قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ ۖ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ۚ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ{29}" الأعراف7

"إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا ۖ وَعْدَ اللهِ حَقًّا ۚ إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ ۚ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ{4}" يونس10

أمر الله بالقسط.. أي شرع وحض المؤمنين على إنشاء المنظومات؛ التي تضمن سلامة المعاملات؛ وعدم الاعتداء على حقوق الناس؛ وعدم تخريب المجتمعات؛ بإشاعة الفواحش المدمرة والمفسدة.

ليجزي الذين عملوا الصالحات بالقسط.. أي أن الله العلي الخبير لديه منظومة دقيقة تحفظ حقوق المؤمنين الذين عملوا الصالحات؛ ليجزون بها عند إعادة خلقهم في الآخرة، وأن هذا الوعد حق، وفي المقابل فإن الكافرين يجزون بالعذاب الأليم طبقا لنفس المنظومة.

*- "قائما بالقسط" أي مُنشئا منظومة دقيقة لضمان سلامة الملكوت ولإقامة العدل وقائما على استمرار هذه المنظومة.

"شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ{18}" آل عمران3

*- "وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى" أي وإن خفتم ألا تحققوا منظومة لضمان حقوق اليتامى، من حيث العطف عليهم أو ضمان وصول أموالهم إليهم، وإقامتهم وتعليمهم ورعايتهم.

"وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا{3}" النساء4

*- "وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ" أي وأن تنشئوا منظومة دقيقة لضمان وصول حق اليتامى معنويا وماديا إليهم.

"وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ ۖ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِي [الْكِتَابِ] فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَىٰ بِالْقِسْطِ ۚ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا{127}" النساء4

*- " كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ" أي كونوا مُعَدِّلين لأنفُسِكم في منظومات مترقية تجاه الكمال لضمان [الحق] و[العدل] والدقة والإتقان لكل أمور حياتكم، واضمنوا حماية المنظومة بقوة كقوة الحديد واعلموا أن الله -سبحانه وتعالى- يراقبكم.

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَنْ تَعْدِلُوا ۚ وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا{135}" النساء4

"لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ [الْكِتَابَ] وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ۖ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ۚ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ{25}" الحديد57

*- "كونوا شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ" أي شكِّلوا رقابة صارمة على نظم الدقة والإتقان والعدالة لضمان استمرار ترقِّيها وعدم تدنِّيها.

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللهَ ۚ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ{8}" المائدة5

*- "وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ" أي تحت مظلة نظام معايرة دقيقة للمكاييل والموازين وتحت رقابة مشددة.

"وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۖ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۖ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ{152}" الأنعام6

"وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ{6} وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ{7} أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ{8} وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ{9}" الرحمن55

"وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ{85}" هود11

*- "فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُواْ" أي أعطوا كل فئة حقها ثم أقيموا نظاما دقيقا يحقق ضمان استمرار وصول [الحق] لصاحبه من الطرفين.

".. ۚ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ{9}" 9//الحجرات49

القِسْطَاس

أضبطُ الموازينِ والمكاييل والنظمِ وأقومُها؛ المنشأةِ على نظامِ ضبطٍ ومعايرةٍ محكمٍ.

"وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا{35}" الإسراء17

"أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ{181} وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ{182}" الشعراء26


[1] مثله في المقدار أو القيمة.

 

SaidAM

عدم تعريف الألفاظ يربك القارئ

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 103 مشاهدة
نشرت فى 4 أكتوبر 2019 بواسطة SaidAM

سعيدعبدالمعطي حسين عبدالمعطي

SaidAM
مواطن مصري يحب بلده، ويحب العالم كله، له فكر مستقل حر، درس القرآن منذ عام 1967م وحتى الآن، له العديد من المؤلفات والاختراعات الهندسية الالكترونية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

51,137

تعريفات التعبيرات

عندما يكتب معبرٌ ما نصًا؛ ولا يُعَرِّفُ معاني تعبيراتِه يُصبحُ النصُّ كلُّه غامضًا.