مفتتح :
ليست لديه رغبة فى النوم على الرغم من جسده المكدود المهدود المشدود بقوة التعب إلى سريره الذى لم يكن - ذات يوم - مريحاً ..
فى الختام:
يعود ليلاً بعد نهار شاق وملابسه ملتصقة بجسده الذى امتلأ بفعل الزمن وطبيعة العمل التى تجبره على الجلوس طيلة وقته ناظراً فى أوراق متراكمة تفوح رائحتها المثيرة لشعيرات الأنف والمملوءة بأشياء فارغة وتفاصيل لا علاقة لها بأى شىء .. يزهد الكلام ويتمنى لو تعامل معه الكون بلغة الإشارة فقد أنهكه الكلام الذى يردده يومياً وبشكل آلى وبنفس الإحساس المهم أحياناً والمغتاظ كثيراً .. يمل الابتسام بعدما ابتسم طيلة نهاره بداع أو بدون فى وجوه كثيرة ومتنوعة لكنها تتكرر أمامه بطريقة تلقائية .. تضع زوجته الطعام وقد ترهلت وبانت عليها ملامح مختلفة تشبهه إلى حد كبير فيتناول طعامه الليلى بتثاقل تفرضه اللحظة تاركاً متعة التلذذ به ومنشغلاً بالنظر فى وجه زوجته الطيب الذى اكتشف أنه لولا الشارب الذى يحتفظ به لكان نسخة من وجهه ومفكراً فى اللحظة التالية للحظات الطعام الرتيبة، حيث يحاول ككل مرة مداعبتها وتطييب خاطرها ببعض كلمات لا تختلف نهائيا عن كلمات سابقة إلا فى النبرة والرغبة التى تجتاحه فيقطع الكلمات ويحتضنها فى إصرار على أن تكون اللحظة ساخنة، فيجول بيديه فى مناطق عدة وتسحب هى يده إلى مناطق أخرى حتى يفرغ تماماً ويستلقى على ظهره وقد أصيب جسده بلزوجة يومية ..

فى لحظة ما:
يقف صامتاً ناظراً إلى الشجرة التى شهد لحظة ميلادها ومقاومتها للموت، على الرغم من ضعف جزعها ونحافة غصونها وهزال أوراقها فقد طالت وارتفعت فنقش فى جزعها قلباً يخترقه سهم فى أوله حرف وفى آخره حرف .. يبتسم ويبحث عن القلب فلا يجده .. يجلس سانداً رأسه إلى السور الحديدى المتطاول .. لا يحول عنها عينيه مستمتعاً بالهواء الذى يجعلها تتراقص فى هدوء لذيذ .. تبتسم له وهى على الوضع المنتشى فاردة أغصانها باتساع الكون .. تتسرب الابتسامة إلى قلبه عبر مسامه المفتوحة فينكشف كل مستور .. ينتشى ويعلو صوته مردداً (أخذتم فؤادى وهو بعضى فما الذى يضركم لو كان الكل)
ثم يغمس عينيه فيها مكتشفاً عريها الجذاب ويستعيد لحظة قديمة فيقف فارداً ذراعيه تاركاً للنسيم حرية تجريده مما علق به .. يتعرى تماماً وتتسع ابتسامتها / ابتسامته وتلمع عيناها / عيناه وتتفتح كل الأبواب فيدخل فى غير صعوبة حتى يمتزجا تماماً ويظل هكذا حتى يقطعوا الشجرة فتتطاير أوراقه فى كل مكان ..
فى ساعة متأخرة:
يحمل جسده الثقيل بفارغ الصبر ويلقى به بين جدران عالية لا نوافذ لها ويتركه حتى الصباح غير عابئ بما تجمع حوله من أشياء دحرجتها اهتزازات عنيفة لا يعرف لها مصدراً .. يفتح عينيه فلا يرى إلا صوراً كثيرة معلقة على الجدران تتوسطها صورته وقد وضعوا عليها شارة سوداء.

المصدر: عادل العجيمى ، الكاتب والشاعر سمير احمد القط
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 231 مشاهدة
نشرت فى 8 يونيو 2013 بواسطة SAMIRALSHEIR

مجلة (( نسمات عربية )) لشعبة المبدعين العرب

SAMIRALSHEIR
مجلة الكترونية ناطقة لحال الشعبة العامة للمبدعين العرب رئيس مجلس الادارة سمير عبد الرازق رئيس التحرير سمير احمد القط »

تسجيل الدخول

ابحث

عدد زيارات الموقع

39,410