مذكرة بدفاع
السيد / محمد سعيد رياض حماد ( مدعٍ )
ضد/
السيد/ محمود إبراهيم محمد إسماعيل( مدعى عليه )
في دعوى البطلان المقيدة برقم 1087 لسنة 73قأمام الدائرة (13) مدني
محكمة استئناف الإسكندرية والمحدد لنظرها جلسة 11/ 5/ 2017م
أولاً: الأسباب القانونية لانعدام الحكم الصادر في الاستئناف رقم 4947/71ق:
لما كان الثابت كما ورد بصحيفة الدعوى أن المدعى عليه قد تعمد أو تجاهل عدم وصول إعلان صحيفة دعوىالاستئناف رقم 4947/71ق. وإعادة الإعلان فيه لم يتحقق بهما علم المدعى وكذلك الدعوى الابتدائية رقم 754 لسنة 2015 م د( 29) م. ك اسكندرية. وليس بسبب راجع إليه، الأمر الذي فوّت عليه فرصة الحضور أمام المحكمة بدرجتي التقاضي، وهو ما يجعل الحكم قد صدر في خصومة لم تنعقد بما يعدم الحكم الصادر فيها.
ولما كان الإعلان بأصل صحيفة الدعوى لم يصل إلى من وجه إليه على وجهه الصحيح قانوناً ولم يقدم المدعى عليهما يفيد أنه قد تم إعلان خصمه وتسلم الإعلان بشخصه أو بتابعه أو من ينوب عنه،أي أن الغاية من الإعلان والتي تغياها المشرع لم تتحقق، ومن ثم لم تنعقد الخصومة. فمن المقرر أن: " الغاية من الإعلان هي إعلام المعلن إليه بمضمون الورقة المعلنة؛ وذلك بتمكينه من الاطلاع عليها وتسليمه صورة منها ودعوته للحضور أمام محكمة معينة لإبداء دفوعه تحقيقاً لمبدأ المواجهة بين الخصوم، وهذه الغاية تتحقق بمجرد تسليمه هو أو من ينوب عنه تلك الصورة، أو بحضور جلسات المرافعة أو تقديمه مذكره بدفاعه " (النقض المدني – مستشار محمد وليد الجارحى – طبعة نادي القضاة ص 470 ) .
وهذه الغاية، كما يبين من أوراق الدعوى، وقد خلت من كل ما يثبت تحصل العلم اليقيني أو الظني لدى المدعى، وتراكمت الإجراءات الخاطئة متتابعة، ونتيجة لذلك لم يتمكن المدعى بالبطلان من حضور أي من جلسات المحكمة، ولم يتمكن من تقديم دفوعه أو مذكراته أو تقديم مستنداته.و بنى الحكم المدعى ببطلانه قضاؤه على عدم حضور المدعى عليه وعدم رده لادعاءاتخصمه، وهو ما اعتبرته المحكمة قرينة على التسليم بما جاء في صحيفة الدعوى، مما أدى إلى صدور الحكم فاقداً حجيته لعدم انعقاد الخصومة أصلاً بين أطرافها، وهو ما يضحى معه الحكم منعدماً جديراً بالإلغاء.
الدلائل على عدم تحقق الإعلان:
1-لم يثبت حضور المدعى بالبطلان أي من جلسات الاستئناف الطعين رقم 4947/71ق ولا الحكم الصادر في الدرجة الأولى ولم يتمكن من تقديم مذكرات أو مستنداتٍ أو يبد دفوعه.
2-قدم المدعي بالبطلان شهادة من هيئة البريد (س6مراسلات) تفيد إقرار الهيئة المذكورة بأن الملفات عن عام 2015 والذي تم فيه الإعلان قد تم إعدامها، بما لم يتوافر معه سبب للقول بأن المدعى بالبطلان قد تم إعلانه إعلاناً صحيحاً قانوناً بصحيفة الاستئناف رقم 4947/71ق.المدعى ببطلانه، وكذا وإعادة الإعلان فيه بعد شهرمن ذات التاريخ.
3- وإضافة لذلك قدم المدعي بالبطلان (تعزيزاً لشهادة س6مراسلات) صورة ضوئية من عقد بيع الشقة التي تم عليها هذا الإعلان الباطل، والعقد موثق ومعتمد رسمياً بشعار الجمهورية ومودع بصندوق إسكان أفراد القوات المسلحة بتاريخ 7/9/2015م أي قبل تاريخ الإعلان الباطل وهو ما يثبت عدم إقامة المعلن إليه في هذا العنوان ليس بتقصير منه وإنما لسبب طبعي هو تغييره محل إقامته وهذا ما يفسر السبب وراء عدم وصول الإعلان إلى من أرسل إليه، ووروده بإجابة، ((عدت بدون إعلان المراد إعلانه لتركه محل الإقامة إلى جهة غير معلومة)).
4- لم يقدم المدعى عليه في الدعوى الماثلة ثمة دليل يثبت حصول العلم اليقيني أو الظني للمدعى بصحيفة الاستئناف الطعين رقم 4947/71ق سوى أصل الصحيفة وإعادة الإعلان فيها ممهوراً بخاتم هيئة البريد بعبارة (أرسل بالبريد رقم كذا...). ولا يمكن اعتبار ذلك دليلاً على وصول الإعلان إلى من وجه إليه بشخصه أو بصفته أو لمن ينوب عنه؛ إذ أن ذلك نصف دليل فقط يفيد بأن الإعلان تم إرساله ولا يفيد بأية حالٍ أن الإعلان تم تسليمه للمعلن إليه أو لغيره. وبالتالي؛ إذ ادعى المستأنف في الاستئناف الطعين رقم 4947/71ق بأنه أرسل الإعلان وإعادة الإعلان بالبريد رقم كذا... فعليه عبء تكملة دليل الإعلان وإثبات أنه أعلن خصمه قانوناً وألا يكتفي بتقديم رقم إرسال البريد الدال على الإرسال؛ لأن الإرسال في حد ذاته لا يعني الوصول ولا التسليم وتاريخه... وإنما يعني ذلك أنه اتخذ خطوة إجرائية غير كاملة في سبيل إعلان خصمه، مع أن الإعلان هو التزام قانوني بتحقيق غاية لا مجرد بذل عناية. ولم يقدم المحكوم له الدليل على تمام وصول الإعلان وتسليمه، إذ كان يتحتم عليه إرساله بالبريد الموصى عليه بعلم الوصول كي يمسك الدليل النهائي على الوصول والتسليم، أو أن يطلب من المحكمة التصريح له باستخراج شهادة من البريد تثبت وصول الإعلان وتسليمه على النحو الصحيح قانوناً، أو أن تفيد هيئة البريد بأن الإعلان قد ارتد.
والخلاصة مما سبق أن عبء إثبات وصول الإعلان وتسليمه يقع على عاتق من ادعى الإعلان، ولا يمكن أن ينقلب عبء الإثبات بالنفي على الطرف الآخر دون أن يقدم مدعى الإعلان الدليل الكامل عليه؛ فمجرد الإرسال بالبريد رقم كذا لا يعد دليلاً كاملاً على الإعلان الصحيح قانوناً ولا يحمل تاريخ تسليمه إلى من وجه إليه لا إلى جهة الإدارة، ولا يعتبر مسوغاً لنقل الباقي من عبء الإثبات إلى نفي وصول الإعلان وتسلّمه من قبل الطرف الآخر؛ لأن المرسل لم يثبت أصلاً وصول الإعلان وتسليمه، وكان عليه إثبات ما ادعى به؛ فالقاعدة تقول أن الدليل على من ادعى واليمين على من أنكر.حتى وإن كان للمحكوم عليه أن يثبت بكافة طرق الإثبات القانونية أنه لم يتصل علمه بواقعة الإعلان لسببٍ لا يرجع إلى فعله أو تقصيره. لكن الأصل أن على المدعى بصحة الإعلان إثبات من تسلّمه في تاريخه؛ إذ أن الإعلان بصحيفة الدعوى لا يمكن اعتباره التزاماً ببذل عناية ليكتفي المعلن بإرساله على جهة الإدارة، وإنما هو التزام بتحقيق غايةهي وصول الإعلان إلى من وجه إليه أو من يمثله قانوناً وتسليمه صورة منه ليعتبر الإعلان قد تم على وجهه الصحيح وتحققت الغاية منه وهي علم من وجه إليه بمضمونه، وتنص المادة رقم 20 مرافعات على أنه: يكون الإجراء باطلا إذا نص القانون صراحة علي بطلانه أو إذا شابه عيب لم تتحقق بسببه الغاية من الإجراء . ولا يحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء."
وقد قررت محكمة النقض بهيئتا المواد الجنائية، والمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها مجتمعتين برئاسة السيد المستشار/ فتحي عبد القادر خليفة، بجلسة 18/5/2005م في الطعن رقم 5985 لسنة 66ق "هيئتان"
حيث ورد في هذا الحكم مبدأ موجزاً في عبارة؛ " في حين خلت الأوراق من ثمة دليل على استلام الطاعن أو من يمثله لورقة الإعلان من جهة الإدارة- التي أعلنه عليها المحضر بسبب غلق مسكنه- أو من استلام الكتاب المسجل الذي يخبره فيه المحضر بتسليم تلك الورقة للجهة المشار إليها حتى يمكن القول بتحقق الغاية من الإجراء بعلم الطاعن بالحكم،كما لم يقم المحكوم له بإثبات هذا العلم رغم إجراء الإعلان مع جهة الإدارة، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون فيما قضى به من سقوط حق الطاعن في الاستئناف قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث سائر أوجه الطعن"
وما يستفاد من هذا الحكم أن المحكوم له هو المسؤول عن تقديم الدليل على إعلان خصمه إذا ما تمسك المحكوم عليه بنفي حصول هذا العلم دون أن ينتقل إليه عبء إثبات النفي، بل يظل عبء إثبات تمام الإعلان على عاتق من ادعى حصوله على الوجه الصحيج قانوناً؛ حيث قررت المحكمة أنه ((ليس هناك دليل على استلام الطاعن أو من يمثله لورقة الإعلان))، ولم تقل المحكمة ( دليل على عدم استلام الطاعن) فدليل الاستلام يختلف عن دليل عدم الاستلام، والمحكوم له هو المسؤول عن تقديم دليل استلام الإعلان. ثم قررت المحكمة في العبارة الثانية؛ (( كما لم يقم المحكوم له بإثبات هذا العلم رغم إجراء الإعلان مع جهة الإدارة)) ولم تقل المحكمة دليل عدم العلم يقدمه المحكوم عليه.
مما سبق يتبين عدم علم المدعى في الدعوى الماثلة إذ لم يصل علمه بصحيفة الاستئناف الطعين رقم 4947/71ق وهو موضوع هذه الدعوى ولم يتحقق العلم اليقيني أو الظني ولم يثبت المحكوم له ذلك ولم يحضر المحكوم عليه أي من جلسات الاستئنافف المذكور ولا حضر كذلك أمام محكمة أول درجة ولم يقدم مذكراته أو مستنداته ولم يبد دفوعه مما يعني أن الخصومة لم تنعقد وهو ما يثبت انعدام الحكم الصادر فيها رقم 4947/71ق والذي أيد الحكم الابتدائي الصادر في الدعوى رقم 754 لسنة 2014م د(29) م ك. اسكندرية بتاريخ 27/8/2015م والقاضي منطوقه بالفسخ ورد الثمن لعدم التسليم.وإذا كان الثابت أمام المحكمة أن الطالب لم يتم إعلانه بصحيفة الدعوى في أول درجة ولا في الاستئناف ولم يعلن إعلاناً صحيحاً ولم يتسلم أي إعلانات للغش الذي شاب إجراءاتها، الأمر الذي يؤكد انعدام الخصومة من أساسها.
ومن المقرر في قضاء محكمة النقض :لئن كان المشرع قد حصر طرق الطعن في الأحكام ووضع لها آجالاً محددة وإجراءاتٍ معينة بحيث يمتنع بحث أسباب العوار التي قد تلحق بالأحكام إلا عن طريق التظلم منها بطرق الطعن المناسبة لها، فإذا كان الطعن غير جائز أو كان قد استغلق فلا سبيل لإهدار تلك الأحكام بدعوى بطلان أصلية وذلك تقديراً لحجية الأحكام باعتبارها عنوان للحقيقة إلا أنه استثنى من هذا الأصل العام حالة تجرد الجكم من أحد أركانه الأساسية.(الطعن رقم 221 بجلسة 21/4/1981م.)
ومن ثم تكون كافة الأحكام السابقة باطلة ومنعدمة آثارها لعدم انعقاد الخصومة فيها بدرجتي التقاضي. مما دفع الطالب لإقامة دعوى البطلان هذه، وهي لا تتقيد بمواعيد الطعن وتنفتح بها سلطة المحكمة مرة أخرى لنظر الموضوع؛ إذ أن كافة الأحكام السابقة لم تحُز حجيتها لعدم انعقاد الخصومة فيها.
ثانياً:
من حيث موضوع الدعوى: بطلانالاستئناف رقم 4947/71ق؛
إذ تنفتح سلطة المحكمة لنظره وتحقيقه مرة أخرى؛
أولاً؛ الـــوقــائـــع
كان طرفي هذه الدعوى قد أبراما عقد بيع ابتدائي مؤرخ في 03/09/2014م وموضوعه شقة سكنية كائنة بنهاية شارع البيطاش – العجمي – الإسكندرية، وذلك في مقابل مبلغ مالي وقدره 57000 جنيه سددها المشتري كاملة بمجلس العقد.ولما كان العقد قد ولّد التزاماً على عاتق المدعيفي الدعوى الماثلة ( البائع ) بتسليم العين المبيعة فوراً وهو ما اتفق عليه الطرفان وفقاً للقانون،وكان هذا الاتفاق ثابت في حق المدعي ( البائع ) وهو ما قام به بالفعل بتسليم العين المبيعة بحالتها بعد أن عاينها المدعى عليه ( المشتري) وقبلها على حالتها، ولم يقم بينهما اتفاق ضمني أو صريح على تأجيل أو تأخير تسايم العين المبيعة لأجل مسمى أو غير مسمى، ومن تاريخ تحرير العقد الحاصل في 03/09/2014 انقطعت صلة البائع بالمبيع والمشتري .إلا أن المدعي ( البائع ) فوجئ في 31/07/2016 بإعلانه بصورة من حكم ابتدائي صادر في الدعوى رقم 754لسنة 2014م د(29) م ك. اسكندرية بتاريخ 27/8/2015م والقاضي منطوقة بالفسخ ورد الثمن لعدم التسليم. وقد تأيد هذا الحكم بالاستئناف رقم 4947/71ق.دون علمه وهو موضوع دعوى البطلان الماثلة.
ثانياً: الدفاع
السبب الأول :بطلان الحكم الابتدائي رقم 754لسنة 2015م د(29) م ك. اسكندرية لانعدام الخصومة وبطلان صحيفة الدعوى الابتدائية لعدم إعلانها قانوناً خلال ثلاثة أشهر:
بطلان وانعدام الحكم الابتدائي رقم 754لسنة 2015م د(29) م ك. اسكندرية لبطلان الإجراءات؛ لما كان نص المادة ( 157 / 1 ) من القانون المدني قد نص على أنه : " فى العقود الملزمة للجانبين، إذا لم يوف أحد العاقدين بالتزامه، جاز للطرف الآخر بعد إعذاره أن يطالب بتنفيذ العقد أو فسخه ... " وقد فسرت محكمة النقض هذا النص بأنه يفيد وجوب حصول هذا الأعذار كشرط لانتفاء الفسخ القضائي، وذلك يفيد وجوب حصول هذا الإعذار كشرط لانتفاء الفسخ القضائي، وذلك بقصد وضع المدين قانوناً فى موضع المتأخر فى تنفيذ التزامه، على أن يكون هذا الإعذار بورقة رسمية من أوراق المحضرين.
وإذا كان من المقرر أن مجرد رفع الدعوى بالفسخ يعد إعذاراً إلا أن شرط ذلك أن تشتمل صحيفتها على تكليف المدين بالوفاء بالتزامه ( طعن رقم 829 لسنة 60 ق بجلسة 09/06/1994 م )
1- بطلان الإعذار :
لما كان الإعذار شرطاً صريحاً لقبول دعوى الفسخ؛ إذ أن الإنذار بتسليم المبيع لا يعد تنازلاً من الدائن عن حقه فى الفسخ، بل إن الغاية منه وضع المدين فى موضع المتأخر وحثه وتعجيله للوفاء بإلتزامه إذا لم يكن قد وفّـى به بعد .
وفي حالتنا هذه لم يكن الأطراف قد اتفقوا على الشرط الفاسخ صراحة أو ضمناً ولا الإعفاء من الإعذار، وبالتالي فإن الفسخ القضائي لا يصح بدون الإعذار على وجهه الصحيح قانوناً. وحيث أن المدعى عليه لم ينذر المدعى بالتسليم أو بتنفيذ إلتزامه إنذاراً صحيحاً؛ فقد ورد تقرير المحضر على أصل الإنذار بأن: " عدت بدون إعلان المنذر إليه لتركه محل إقامته ورحل إلى جهة غير معلومة". ولم يتم إعلانه على جهة الإدارة أو بالبريد المسجل، وهذا ما يؤكد عدم وصول الإنذار إلى من أرسل إليه .
ولما كانت محكمة النقض قد أجازت أن يتضمن الإعلان بأصل صحيفة دعوى الفسخ إنذاراً شريطة أن يكون واضحاً وصريحاً. وهو ما لم يحدث في حالتنا هذه؛ إذ لم يصل إليه الإعلان بأصل الصحيفة ولم يتضمن الإعلان معنى الإنذار بالوفاء بالالتزام بأي معنى. ولم يتم إعلانه إعلاناً صحيحاً قانوناً.
وبناء على ما سبق، فإن هذا الإعذار والذى تم على هذه الطريقة دون أن يصل إلى من وجه إليه أو تابعه ولم يصل إلى علمه أى خبر عنه، فيكون الإنذار على هذه الصورة إجراءاً باطلاً يبطل ما بُنى عليه؛ وإذا كان المدعى عليهقد حصل على حُكم في غيبة كاملة من خصمه ولم يتحقق شرط الإعذار الواجب قانوناً وبطريقة صحيحة قانوناً، فيكون الحكم المبني عليه باطل لابتتائه على إجراء باطل .
2-بطلان الإعلان بأصل الصحيفة الابتدائية:
لما كان الإعلان بأصل صحيفة دعوى الفسخ لم يصل إلى من وجه إليه على وجهه الصحيح قانوناً ولم يقدم المحكوم لصالحه ابتداءاً إفادة من هيئة البريد تثبت أنه قد تم إعلانه وتسلم الإعلان بشخصه أو تابعه أو من ينوب عنه، أى أن الغاية من الإعلان والتى تغياها المشرع لم تتحقق، ومن ثم لم تنعقد الخصومة. فمن المقرر أن : " الغاية من الإعلان هى إعلام المعلن إليه بمضمون الورقة المعلنة؛ وذلك بتمكينه من الاطلاع عليها وتسليمه صورة منها ودعوته للحضور أمام محكمة معينة لإبداء دفوعه تحقيقاً لمبدأ المواجهة بين الخصوم، وهذه الغاية تتحقق بمجرد تسليمه هو أو من ينوب عنه تلك الصورة، أو بحضور جلسات المرافعة أو تقديمه مذكره بدفاعه " ( النقض المدني – مستشار محمد وليد الجارحى – طبعة نادي القضاة ص 470 )
وهذه الغاية، كما يبين من أوراق الدعوى وصحيفتها، وقد خلت من كل ما يثبت تحصل العلم اليقيني أو الظني لدى الطالب، وتراكمت الإجراءات الباطلة متتابعة، ونتيجة لذلك لم يتمكن المدعى في الدعوى الماثلة من حضور أى من جلسات المحكمة، ولم يتمكن من تقديم دفوعه أو مذكراته، ولم يتمكن من إثبات أنه وفّي بالتزامه فور انعقاد العقد وفى حينه. ومن ثم، بنى الحكم قضاؤه على عدم حضور المدعى عليه وعدم رده لادعاءات خصمه، وهو ما اعتبرته المحكمة قرينة على التسليم بما جاء في صحيفة دعواه، مما أدى إلى صدور الحكم فاقداً حجته لعدم انعقاد الخصومة أصلاً بين أطرافها، وهو ما يضحى معه الحكم معيباً بالبطلان جديراً بالإلغاء .
3-عدم إعادة إعلانالمدعى عليه بأصل الصحيفة الابتدائية:
لم يثبت المدعى عليه فى إعادة إعلانه بصحيفة الدعوى الابتدائية أنه أعلن خصمه بها، ولم يقدم أية دليل من ورقة المحضرين أو من جهة الإدارة أو من هيئة البريد تفيد أنه تم إعلان خصمه بمضمون صحيفة دعواه ومواعيد جلساتها، ومن ثم يكون الحكم الصادر فى دعوى الفسخ بناءاً على إنذار لم يصل وإعلان لم يصل وإعادة إعلان لم تتحقق أيضاً، معيباً بالبطلان، لأن ما بنى على باطل فهو باطل.
4-تعمد الغش في الإعلان
لما كان الأصل فى الخصومة هو حسن النية؛ أي أن يتناضل الخصوم في جمع ولملمة وسائل الإثبات ودعمها، دون أن يسع أحدهما في تضليل خصمه لتفويت فرصة حقت له. وعلي ما يبين من أوراق الدعوى المطروحة أمام الهيئة الموقرة، وهو ما ينم صراحة عن سوء نية مبيتة لدى المدعى عليه فى إعلان خصمه؛ إذ أنه يعلم يقيناً أن خصمه المدعي يعمل طبيب أشعة بمستشفى مبرة العصافرة بالكيلو 21 – العامرية، ولديه مركز خاص للأشعة التشخيصية فى أول شارع البيطاش – العجمي – الاسكندرية .
وقد أقر المدعى عليه بصفة خصمه ومقر عمله فى أكثر من موضع سنفصلها على النحو التالي :
1-بتاريخ 15/02/2015 م حرر المدعى عليه مذكرة إلى السيد / رئيس نيابة العامرية أول، ضمنها إدعاءه بحدوث واقعة نصب ( عن ذات العقد موضوع الدعوى الماثلة)، وذكر وكيل المدعى عليهأن المشكو فى حقه يعمل طبيب أشعة، ومقر عمله مستشفى مبرة العصافرة " قسم الأشعة " غرب – الكيلو 21 – قسم العامرية ( سطر 3 – الصفحة الأولى من المذكرة ). وتأشر على المذكرة المقدمة من وكيل المدعى عليه، من النيابة العامة إلى قسم الشرطة بإتخاذ اللازم قانوناً.
2-حرر وكيل المدعى عليهمحضراً في ذات اليوم مؤرخ في 15/02/2015 برقم 84 جنح عامرية أول، وذكر في المحضر للمرة الثانية أن المشكو فى حقه يعمل طبيب أشعة ومقر عمله مستشفى مبرة العصافرة " قسم الأشعة " – غرب – الكيلو 21 – العامرية، وبموجب هذا المحضر أسندت النيابة العامة إلى المستأنف جنحة نصب وقيدت برقم 34351 جنح العامرية أول، وحصل على البراءة بجلسة 12/03/2016 م تأسيساً على أن تحريات المباحث لم تتحقق من حدوث واقعة النصب المدعى بها.
الغاية هى أن المدعى عليهأقر فى أكثر من محرر رسمي بعلمه بصفة المدعى ومقر عمله، فعندما حرر ضده جنحة النصب – سالفة الذكر – ذكر فيها مقر عمله تفصيلاً حتى مكانه فى المستشفى التي يعمل بها " قسم الأشعة " !!، وعندما أراد أن ينذره بالفسخ أو الوفاء بالتسليم في نفس اليوم، ذكر عنوانا قديماً لا يقيم فيه منذ زمن. وبناءاً عليه ارتد المحضر بدون إعلان المنذر إليه لتركه محل الإقامة لتغيير محل إقامته.
وعلى هذا المنوال، استمرت كافة الإعلانات، وإعادة الإعلان على ذات العنوان القديم مع يقين المدعى عليهأن خصمه غير موجود بهذا العنوان، ومع علمه التام بصفته ومقر عمله تفصيلاً بقسم الأشعة بمستشفى مبرة العصافرة – الكيلو 21 – غرب العامرية أول، إلا أنه دأب على إرسال إعلاناته على العنوان الذى لا يقيم فيه خصمه عدا الإعلان بصورة الحكم الابتدائي بعد صدوره، فقد تأكدت مصلحته بصدور الحكم، وهنا قرر إعلانه على مقر عمله الخاص – مركز الأشعة – أول شارع البيطاش – بجوار حلواني علاء الدين !! .
وهو ما يثبتسوء النية وتدبير الحصول على حكم في غيبة خصمه ثم إعلانه بصورة الحكم بعد أن صار الحكم نهائياً، قاصداً من ذلك تفويت الفرصة عليه للتقاضي أمام الدرجة الأولى وكذلك الحال أمام الدرجة الثانية،. وهو ما يعيب الحكم ويجعله مشوباً بالبطلان جديراً بالإلغاء؛إذ أن الحكم لم يبن فقط على إجراءات باطلة، ولم يأت وفق صحيح القانون، برغم أن الأصل في الإجراءات بمقدماتها، وليس بما انتهت إليه، وما بُني علي باطل فهو باطل.بل جاء ذلك عن قصد وتعمد من المحكوم لصالحه من أجل الوصول إلى غايته والحصول على حكم بالفسخ فى غيبة خصمه، ويجعل الحكم الصادر فاقد لحجيته فى مواجهة الكافة. وقد قُضي في ذلك أن صحيفة افتتاح الدعوى هى الأساس الذى تقوم عليه كل الإجراءات ويترتب على عدم إعلانها عدم انعقاد الخصومة، ومن ثم لا يترتب إجراء أو حكم صحيح؛ إذ يعتبر الحكم فيها منعدماً، فلا تكون له قوة الأمر المقضى، ويكفي إنكاره والتمسك بعدم وجوده ( طعن رقم 2509 لسنة 60 ق بجلسة 27/02/1996 م ) .
ولما كانت المادة رقم ( 19 ) مرافعات ترتب البطلان على عدم انعقاد الخصومة أمام محكمة أول درجة لعدم إعلان صحيفة الدعوى إعلاناً صحيحاً، أن تقف محكمة الاستئناف عند حد القضاء ببطلان الحكم الابتدائي الصادر في الدعوى لبطلان إعلان صحيفتها، دون المضى في نظر الموضوع، ودون إعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة.
( طعن رقم 2966 لسنة 67 ق بجلسة 24/03/1998 م ) ..
السبب الثاني: موضوعي:
بطلان الحكم الابتدائي لقضاءه بالفسخ دون تحقُق أسبابه:
لما كان العقد شريعة المتعاقدين، وقد اتفقا على أن الدفع كاملاً، والاستلام مقابله يتم فوراً في مجلس العقد، والنقطة الجوهرية هى كون التسليم في مجلس العقد بمجرد الدفع. وهو ما أقره وأكده المدعى عليهفى متن إنذاره الذي أرسله بعد مرور ستة أشهر على واقعة إبرام العقد مدعياً عدم تسلّمه الشقة المبيعة. فقد ادعى المدعى عليهعدم تسلمه الشقة المبيعة موضوع العقد برغم أن الاتفاق جاء بأن التسليم فور انعقاد العقد، ولم يذكر المدعى عليهفى طلبه الفسخ ، لم يذكر سبباً ارتكن إليه في ادعاءه بعدم التسليم ولم يقدم مبرراً لتأخر التسليم طيلة ستة أشهر، ولم يقل أن التسليم قد تأخر أصلا عن ميعاده،ولم يذكر نوعاً أو صنفاً من أنواع التعرض التى تمت وحالت دون استلامه الشقة موضوع العقد، فهو فقط ادعى شفاهة أو كتابة بأن التسليم لم يتم حتى تاريخه، ولم يُقم الدليل على صدق ادعاءه، ولم يثبت حتى كون البائع مازال شاغلاً للشقة رافضاً إخلائها، ولم يثبت أن أحداً من الغير قد حاججه أو عارضه فى ملكيتها أو حيازتها أو تعرض له في استغلالها أو أن أحداً منعه من دخولها ، بل ولم يثبت أي سبب لادعئه بعد استلام الشقة موضوع العقد، ولم يقدم أي دليل على عدم استلامه العين المبيعة.
وإن كان الأصل في العقود الملزمة للجانبين، أنه علي كل طرف أن يثبت وفاءه بالتزامه، فعلي المشتري أن يثبت دفعه كامل الثمن، وعلي المشتري أن يثبت تسليمه عين البيع. لكن متي يقع علي عاتق البائع إثبات الوفاء بالتزامه بالتسليم ؟. ليس بمجرد أن يثبت المشتري دفعه الثمن كاملاً، ثم يدعي عدم التسليم، فالعقد الذي قدمه المدعى عليهفي دعواه يثبت فعلاً دفعه الثمن، لكنه ليس قرينة أو دليلاً علي عدم التسليم. فهو بالفعل قد دفع الثمن، وتسلم المبيع في ذات الوقت، ولا يجوز لكل مشترٍ أن يتسلم المبيع أكثر من مرة بمجرد ادعائه عدم تسلمه من قبل. فيقع عليه إضافة إلي إثبات دفعه الثمن أن يقدم دليلاً علي ادعائه بعدم تسلم المبيع في موعد استحقاقه.أو أن المبيع المعين لا زال في يد البائع أو في يد الغير .وبخاصة إذا كان موعد استحقاقه هو وقت إبرام العقد.
فقد أقام المدعى عليهدعواه طالباً الفسخ واسترداد الثمن بمجرد الادعاء القولي دون دليل يستند عليه، برغم أن رسولنا الكريم ( صلى الله عليه وسلم ) قال : " لو يعط الناس بدعواهم، لادعى أناس دماء قومٍ وأموالهم، فالبينة على من ادعى واليمين على من أنكر " ومن ثم، لم يقم المدعى دليلاً على ادعاءه، والادعاء ليس دليلا وإنما هو رغبة مجردة في الحصول علي شيء ما، فالدليل سلطان على العقل. وبالتالي، لا يصح أن يكون مجرد الادعاء الشفوي سنداً لدعوى قضائية يحوز بها حكماً قضائياً فى مواجهة خصمه وفى غيبته وتجهيله عن جلسات المحكمة وحتى صدور حكم في مواجهته . وإلا جاز لكل مشترٍ أن يتسلم ما اشتراه ثم يدعى بعدم استلامه ليحصل على مقابل عنه مرة أخرى.
فقد أقرت محكمة النقض الفرنسية بين مبادئها الراسية في أروقة القضاء أنه : " إذا كان القلم مُقيد، فاللسان طليق ... " أى لا ضابط له، وقد أقام المدعى عليهدعواه استناداً إلي ادعاء محض، وتارة أخري أقامه علي قرينة دفعه الثمن، برغم أن واقعة دفع الثمن ليست دليلاً علي عدم تسلمه المقابل، وإنما فقط دليل علي انعقاد العقد بطريقة صحيحة، فقد أثبت المدعى عليهوفاءه بالتزامه وأقامه قرينة علي عدم وفاء البائع بالتزامه المقابل، وكان يجب عليه احتراماً لعقلية المحكمة الموقرة، أن يقيم الدليل علي عدم وفاءالبائع بالتزامه؛ أي إخلال الطرف الآخر بالتزامه، ومجرد الادعاء ليس دليلا كما سلف البيان .
وتارة أخرى أقام الدليل على زيف ادعائه. فقد اعتمد المدعى عليهفى إثبات حقه على واقعة الدفع لثمن المبيع كاملاً في مجلس العقد، وكما جاء في التحقيق المرفق بالجنحة رقم 34351 لسنة 2015 جنح العامرية أول، وعلى أقوال الشهود الذى اعتمدهم، وإذ دار محور التحقيق حول واقعة دفع الثمن كاملاً وتسليمه الشقة المبيعة، ولم يقم دليلاً على واقعة عدم استلامه الشقة، برغم تسلمه إياها فور انعقاد العقدثم تخليه هو عنها لسبب آخر، حيث أنه تسلمها بالفعل وقام ببيعها لمشترٍ جديد أو ربما تعرض له الغير في حيازتها تعرضاً مادياً لا يضمنه البائع، وقد يكون ذلك واقعاً بسبب إهماله وتقصيره فى حماية وحراسة حقه، ومن ثم لا يجوز لكل من أهمل أو قصر فى حماية حقه أن يعود على البائع بدعوى عدم التسليم إلا إذا أقام الدليل فعلاً على أن التسليم لم يتم وأنه ما قصر في السعي على حقه والحفاظ عليه؛ إذ أن الحق مطلوب لا محمول.
وكما بين من محضر التحريات التى أجريت بناءاً على طلبه المؤرخ في 26/02/2015 وأرفقه بالمحضر رقم 84 لسنة 2015 جنح العامرية أول، قد بينت التحريات بالمعاينة أن الشقة موضوع العقد خالية من أي أشخاص أو شواغل، وأنها قائمة بالفعل فى الدور السابع رقم 2 يسار السلم الصاعد بالعقار المذكور في العقد، وأكدت المعاينة أن باب الشقة كان مفتوحاً وأنها خالية تماماً وجدرانها على المحارة والضهارة عدا الحمام والمطبخ على الطوب الأحمر، مما يثبت خلوها وإخلائها تماماً من جانب البائع وبراءة ذمته منها وقد تمت المعاينة بطلب المدعى عليه وبحضور وكيله، الموقع علي محضر المعاينة، وأقر بالمعاينة التي تمت في حضرته علي النحو السالف البيان.
وهو ما يؤكد للمحكمة زيف الادعاء برفض البائع التسليم أو عدم حدوثه، والذى كان مقرراً فور انعقاد العقد. وبرغم تحقق واقعة التسليم الفعلي ثم تخلي المشتري عن الشقة المبيعة بقيامه ببيعها مجدداً ثم قرر العودة علي المدعيالبائع بدعوي الفسخ بقالة عدم التسليم.
فقد أقام ضد المدعي الجنحة – سالفة الذكر – برقم 34351 لسنة 2015 جنح العامرية أول وأرفق بها محضر التحريات بعد رفع دعوى الفسخ بيوم واحد، في محاولة للحصول على ثمن الشقة مجدداً بعد أن قام ببيعها، فأقام الدليل ضد نفسه، إذا أقام الجنحة المذكورة ادعاء بحصول واقعة نصب من البائع المدعى بعد رفع دعوى الفسخ بيوم واحد؛ ادعاءً بأنه يحمل توكيلاً مزيفاً بالبيع للنفس والغير ولا يملك الشقة التي باعها بموجب هذا التوكيل، ولم يثبت صدق ادعاءه، ولم يقم الدليل علي تزوير أو تزييف التوكيل المذكوروكأن ادعاءه الشفوي هو الدليل وله الحجية علي ورقة رسمية حررها موظف مختص قانوناً، وادعى ثانية بأن البائع المدعي لا يملك الشقة المبيعة استناداً إلى تلك العبارة الموجودة على باب الشقة، وأقامها قرينة على واقعة عدم امتلاك البائع المدعي للشقة المبيعة وعدم تسليمها له، وذلك فى جنحة النصب – سالفة الذكر – وأقامها دليلاً على واقعة عدم تسليمه الشقة في دعوى الفسخ !! برغم أن الشقة خالية ومهجورة وبابها مفتوح وفقاً لما جاءت به التحريات والمعاينة بطلبه وبحضور وكيله. الأمر الذى يتبين معه أن البائع المدعي هنا قد أخلى له الشقة وأتاح له فرصة استغلالها والانتفاع بها وفقاً للقانون، ولذا قضت محكمة الجنح ببراءته من التهمة المسندة إليه، وهو ما يحمل قضاءً ضمنياً وحتمياً بحجية التوكيل بالبيع وملكية البائع للشقة، وبحدوث واقعة التسليم وانقطاع صلة البائع بالشقة المبيعة، وإن كان المشتري المدعى عليه قد تخاذل عن شغل وحيازة الشقة لستة أشهر، سجالاً مع الغير وجدالاً حول الربح المنتظرلإعادة بيعها ، فلا يجوز له أن يرجع على البائع بدعوى الفسخ لعدم التسليم؛ تأسيساً على أن باب الشقة الخشبي المفتوح مشغولاً بعبارة " ملك الحاج حسن لطفي ".
ولما كان الأصل في القانون أن البائع لا يضمن التعرض المادي إن حدث، وهو فقط يضمن التعرض القانوني. ولم يقدم المدعى عليهما يثبت امتناع البائع عن تسليم الشقة المبيعة أو استمرارشغله لها أو التصرف فيها للغير أو حتى تعرض الغير له فيها قانونياً أو مادياً، وإن كان في هذه الحال، له أن يعود على من تصرف فيما لا يملك، برغم أن تلك العبارة المجهلة القائمة على باب الشقة، لا تخدش حياءه ولا تمثل أى نوع من التصرف أو التعرض مادياً أو قانونياً. فكان يجب على المدعى عليه قبل اللجوء إلى القضاء وتحريك دعوى الفسخ وجنحة النصب أن يثبتأن للشقة المبيعة حائز أو مالك غيره، إلا إذا كان المشتري قد باعها ثانية ثم قرر مقاضاة البائع الأصلي بقالة عدم التسليم.
غير أنه لم يقدم مبرراً علي تأخر استلامه الشقة عن يوم إبرام العقد مدة ستة أشهر، مع أن الشقة خالية وغير مؤهولة وغير جاهزة للسكني، وقد عاينها وقبلها علي حالتها، فما منع استلامه لها؟ ولم يكن بها ساكن أو حائز أو مستأجر، أو أي مانع له من استغلالها وقت المعاينة، حتى وإن شهد زيفاً أحد الجيران كما ذكر بأن الشقة ملك الحاج حسن متولي وأنه مقيم فيها، فقد أثبتت المعاينة أن الشقة غير كاملة التشطيب ووضعها على المحارة أن الحمام والمطبخ لا زالا بالطوب الأحمر أي أنها غير صالحة للإقامة على وضعها الحالي دون أية مرافق أو خدمات. وأن بابها كان مفتوحاً ولم يعترض أحد دخولها.
وقد استقر قضاء النقض على أن : " مؤدى نص المادة 430 من القانون المدني ... أن تسليم المبيع يتم بوضعه تحت تصرف المشتري بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به بغير حائل مع إعلام المشتري أن المبيع قد وضع تحت تصرفه، ولم يشترط المشرع التسليم الفعلي بل افترض تمام التسليم متى توافر عنصراه ولو لم يستول المشتري على المبيع استيلاءً مادياً، فإذا تم التسليم على هذا النحو انقضى التزام البائع به وبرئت زمته منه ( طعن رقم 1425 لسنة 56 ق بجلسة 29/11/1988 م ) .
وقضى أيضاً بأن تسليم المبيع يتم بوضعه تحت تصرف المشتري بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به بغير حائل "
( طعن رقم 583 لسنة 35 ق بجلسة 17/03/1970م ) .
لما كان ذلك، وكان المدعى عليه قد حرك دعوى الفسخ يوم 14/02/2015 طالباً فسخ العقد واسترداد الثمن لعدم التسليم، وفي اليوم التالي 15/02/2015 م حرك دعوى جنائية ضد البائع المدعي متهماً إياه بالنصب والاستيلاء علي الثمن وادعي تزوير التوكيل وزيف الملكية وانتفاء الحق في البيع دون دليل. وقضت محكمة الجنح ببراءة البائع المدعي في الدعوى الماثلة مما نسب إليه وفقاً لما جاء بمحضر التحريات والمعاينة، وهو ما يحمل قضاءً ضمنياً بحدوث واقعة التسليم وتقاعس المدعى عليه عن حيازة الشقة المبيعة أو تخليه عنها بإرادته، أو رغبته في بيعها والرجوع في التعاقد دون مبرر قانوني أو قيامه ببيعها أو التصرف فيها بأي شكل من التصرفات، يكون بذلك قد أقام الدليل ضد نفسه، ليثبت عكس ما ادعى به. إذ أن موعد التسايم هو مجلس العقد بتاريخ 3/9/2014، وإذا افترضنا جدلاً أن المشتري لم يتسلم الشقة فور انعقاد العقد، فما جعله ينتظر طيلة هذه المدة من سبتمبر 2014 وحتى منتصف فبراير 2015م ليقوم فجأة بإرسال إنذارات بعيداً عن محل إقامة البائع ويقوم بقيد دعوى فسخ وفي اليوم التالي يقوم بتحريك دعوى جنائية ضده دون فارق زمني !! ودون أن يقدم سبباً لتأخره طيلة المدة السالفة، وهذا ما يقطع بأن المدعى عليه (المشتري) تسلم الشقة بالفعل وتصرف فيها بأي نوعٍ من التصرفات.
ثالثاً اللبات
1)- بقبول دعوى البطلانشكلاً.
2)- وبصفه مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم الصادر في الاستئناف رقم 4947/71ق لسنة 2015م استئنافعالياسكندرية، وما ترتب عليه من آثار من بينها الحكم الصادر في الدعوى الابتدائية رقم 754 لسنة 2015م مؤقتاً لحين الفصل فيموضوع الدعوى المطروحةحالياً.
3)- وفي الموضوع القضاء ببطلان وانعدام الحكم الصادر في الاستئناف رقم 4947/ 71ق لسنة 2015م وما قبله وما بعده وما ترتب عليه من آثار، وكذا بطلان وانعدام الحكم الابتدائي الصادر في الدعوى رقم 754 لسنة 2015م.ك. وما ترتب عليه من آثار، لبطلانه بعدم انعقاد الخصومة من بدايتها، واعتباره كأن لم يكن لمخالفته النظام العام. وإلزام المدعى عليه بالمصروفات وأتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي مع حفظ كافة حقوق الطالب الأخرى.
ا/ محمد مبروك أبوزيد
المحامي