بكاء القلم :
لا تبك ياقلمي فالقوم قد رحلوا
واذكُرْ محاسنَهم من طيب ما فعلوا
من سيل دمعي نزيف الحبر ياقلمي
والرّحل منهم عن الأوجاع ما سألوا
ألهبتَ جوفي ونار البعد تلذعني
والقلب مُقْتَصَلٌ من يوم ما رحلوا
فكيف للقلب أن تُشْفى مواجعه
إذ لا دواء سيشفيه إذا غفلوا
مدادك الدّمع من عيني أجود به
من مجمر العين قد هملت به المُقَل
سوداء قلبي من الأحشاء قد قُطِعَت
سيول دمعي بها الأهداب تُغْتَسَل
فاذرفْ مِدادَك من دمع يسيل دما
من مدمع العين والأحداق تكتحل
هجرانهم وجع والرُّوح مُسْحَمَة
في القلب أنشدهم والجوف يشتعل
يكفي فؤادي وما يشكوه من ألم
شلّال دمعي كما الأنهار ينسدل
إن سال حبرك فاذكرني أيا قلمي
إيّاك نسيان أنّي خائف وجِلُ
أخشى بأن يفقدوا ذكري ويفقدني
طيبُ المقام مع الأحباب والأمل
فهم ورود من الخَفّاق منهلهم
وكم من الروح دَنَّ الحُبِّ قد نهلوا
فاذرف دماء بديل الدمع ياقلمي
وانحت رقيما لما في القلب قد فعلوا
ورتِّلِ الحرف ترتيلا ترِقُّ به
بحق ما علموا وحق ما جهلوا
إِنْ جُدْتَ ياقلمي فاقفي بملحمة
عَمّنْ إلى اللّحد مع أطيابهم نزلوا
وفي القريض إذا نُبِّئتَ عن خبر
عِدْني بتِبيانِ عودتِهم إذا قفلوا
فلا ورود سواهم في مخيِّلتي
وأسود العين منهم ظلّ يكتحل
إِنْ أشتكي ألما لا شيء يذبحني
إلّا عن الشوق في أخلادهم غفلوا
جُدْ في دموعك وابكيهم أيا قلمي
إنِّي وإيّاكَ في الهجران نثتمل
لم يكف دمعا على الخدّين ياقلمي
نزيف جرحي ولا في العمر يندمل
.........................................
بقلمي : غسان الضمان