إن ما يحدث بمصرنا الحبيبة الأن : ليدعو القاصى و الدانى إلى الرثاء و البكاء حزنا على ما آلت إليه أحوال البلاد و العباد .
و بنظرة سريعة متأنية للأمور و مجرياتها منذ اندلاع الثورة حتى الأن ، نجد أن كل مرحلة من مراحل هذه الثورة ، لم يكن النجاح حليف أى من هذه المراحل ، فلم يتحقق على الأرض مطلبا واحدا من المطالب التى ثار الشعب من أجلها ، و ذلك لسببين ، هما : انعدام القيادة ، و سوء التخطيط ، و إن غفرنا للشعب الثائر على غرة هذين الخطأين ، فلن نغفر للشركاء فرقتهم و عدم التوحد حول الفكرة بعد تنحى المخلوع عن السلطة ، مما أدى إلى الدخول بثورتنا نحو النفق المظلم .
لقد تفرق الثوار الحقيقيون ، و تركوا الساحة للطامعين و الموتورين و الخارجين من تحت الأرض ، تركوها لأصحاب الأهواء و أصحاب الأجندات الخارجية ، تركوها لبعض الصبية الذين وجدوا فيها تنفيسا و إثباتا لذات من العدم ، تركوها لمن سرق مصر طوال ثلاثين عاما ليعيدوا توفيق أوضاعهم ، فهرب منهم من هرب بما استحوذ ، و بقى منهم من بقى بما يضمر ..
و نتيجة لذلك : بدأ نزيف النفس ، و الدم ، و الأعصاب ، و الإقتصاد ، و روح الثورة الطاهرة .. و من ثم تم استنزاف كل مقدرات و مطالب الثورة ، فلم نعد نقوى على التوحد حول كلمة ، و أصبح كلا منا يخون الأخر ، فانعدمت الثقة فى القيادات المفروضة علينا ، و انعدمت الثقة فيما بيننا ، و أصبح كل من يملك بوقا اعلاميا ، هو القادر على استقطاب مجموعة من أفراد الشعب ، إما لجهله بالمرحلة و مقدراتها و عدم التمرس فى المرحلة الديمقراطية ، أو لأغراض خاصة لا يعلمها إلا الله .. أصبح للبلطجة مقاما ساميا ، لم يسلم من التلوث بها طبقة المثقفين أو الرعاع .
و طبقا لهذه المعطيات .. فقدت الثورة بريقها و هدفها ، و أصبح الكل مدانون بالفعل الفاضح تجاه الوطن ، الكل أصبح على باطل ، و خفى على الجميع أن الشعب قد أدرك أهداف كل هؤلاء من حوله ، و أصبح يحلم أن يغمض عينيه و يفتحها ، فيجد " القوى الأمين " هو من يقود المسيرة ، فيجتمع حوله بلا تردد أو تشكك ، هى اللحظة الفارقة فى أمانى هذا الشعب الذى يحبو نحو حياة حرة كريمة .. فهل يستجيب الله للداعين بالخير لهذا الوطن ؟
ساحة النقاش